الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
آداب النبيّ (صلى الله عليه وآله) والتأسّي به
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

في مكارم الأخلاق عن الإمام الصادق (عليه السلام): إنّي لأكره للرجل أن يموت وقد بقيت عليه خلّة من خلال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يأتِ بها1.

ونقصد من السنّة أو الأدب في هذه الوجيزة هو العمل المستحبّ الذي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدأب ويداوم عليه في سيرته الشريفة، وهي كثيرة ومتناثرة في مئات الكتب ضمن آلاف الأخبار والأحاديث الشريفة، وقد تصدّى لضبطها وجمعها بعض الأعلام جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين ونبيّهم الأعظم خيراً، وقد قسّمها بعض إلى ثلاثة أقسام.

1 ـ سننه وآدابه (صلى الله عليه وآله) مع ربّه في العبادات والأذكار.
2 ـ ومع الناس، أي آداب العشرة.
3 ـ آدابه الفردية، كتناوله الطعام وملابسه.


ولمّا كانت السنخيّة علّة الانضمام كما يقول الفلاسفة، وأنّ الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) قال: أشبهكم بي فهو معي في الجنّة، وأنّ المقصود من الحياة الدنيا هو التكامل والوصول إلى الله قاب قوسين أو أدنى، والحشر مع أوليائه وأنبيائه في مقعد صدق، في جنّة عرضها السماوات والأرض، اُعدّت للمتّقين، ومن التقوى الاستنان بسنن الأنبياء والأوصياء والتخلّق بأخلاقهم، والاقتداء بهم والتأسّي بسيرتهم من أجل الحياة الطيّبة.

﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ2
﴿إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ3.
﴿يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ4.
﴿اُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ5.
﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ6 من سائر الأنبياء والأوصياء والأولياء ومن يحذو حذوهم.
﴿إنَّ أوْلَى النَّاسِ بِإبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ7.

إلى غيرها من الآيات والأحاديث الشريفة، فلمّا كان المقصود سعادة الدارين، وأنّ من أسبابها الرئيسيّة هو التأدّب بآداب النبيّ (صلى الله عليه وآله) والتأسّي به، عزمت بعد الاتّكال على الله أن أجمع جملةً منها ـ مع حذف الأسانيد ـ لأعمل بها وأنظر إليها بين حين وآخر، لتكون ملكة راسخة في وجودي، لأنتفع بها في آخرتي، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم، والله وليّ التوفيق، وإنّه خير ناصر ومعين.

وأبدأ بذكر شمائل نبيّنا وشفيع ذنوبنا وطبيب نفوسنا الرسول الأكرم محمّد (صلى الله عليه وآله) كما بدأ به السلف الصالح من علمائنا الأعلام كالشيخ الطبرسي في (مكارم الأخلاق)، والعلاّمة الطباطبائي في (سنن النبيّ).

1 ـ إنّه (صلى الله عليه وآله) كان فخماً مفخّماً، وفي العيون معظّماً، وفي القلوب مكرّماً، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أزهر منوّر اللون مشرّباً بحمرة، لم تزريه مقلة، ولم تعبه ثجلة ـ عظيم البطن ـ أغرّ أبلج ـ طليق الوجه ـ أحور أدعج ـ شدّة سواد العين ـ أكحل أزج ـ دقّة الحاجب ـ عظيم الهامة، رشيق القامة مقصداً، واسع الجبين أقنى العرنين ـ الأنف ـ أشكل العينين، مقرون الحاجبين، سهل الخدّين صلتهما، طويل الزندين، شيح الذراعين عظيم مشاشة المنكبين، طويل ما بين المنكبين، شثن الكفين ـ غليظ ـ ضخم القدمين، عاري الثديين، خمصان الأخمصين، مخطوط المتيتين، أهدب الأشفار، كثّ اللحية ذا وفرة، وافر السبلة ـ الشعر على الشفة ـ أخضر الشمط ـ شيب اللحية ـ ضليع الفم، أشمّ أشنب ـ رقّة الأنياب ـ مفلّج الأسنان، سبط الشعر، دقيق المسربة ـ شعر الصدر ـ معتدل الخلق، مفاض البطن، عريض الصدر، كأنّ عنقه جيد دمية في صفاء الفضّة.. . كان إذا رضي وسرّ فكأنّ وجهه المرآة، وكان فيه شيء من صور يخطو تكفّؤاً، ويمشي هويناً، يبدو القوم إذا سارع إلى الخير، وإذا مشى تقلّع كأ نّما ينحطّ من صيب، إذا تبسّم يتبسّم عن مثل المنحدر من بطون الغمام، وإذا افتر افتر عن سنا البرق إذا تلألأ، لطيف الخلق، عظيم الخُلق، ليّن الجانب، إذا طلع بوجهه على الناس رأوا جبينه كأنّه ضوء السراج المتوقّد، كأنّ عرقه من وجهه اللؤلؤ، وريح عرقه أطيب من ريح المسك الأذفر، بين كتفيه خاتم النبوّة.. .

2 ـ كان (صلى الله عليه وآله) متواصل الأحزان، دائم الفكر، ليس له راحة، طويل السكت، لا يتكلّم في غير حاجة، يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه، يتكلّم بجوامع الكلم فصلا لا فضول فيه، ولا تقصير، دمثاً ليس بالجافي ولا بالمهين، تعظم عنده النعمة، وإن دقّت لا يذمّ منها شيئاً، غير أنّه كان لا يذمّ ذوّاقاً ولا يمدحه. ولاتغضبه الدنيا وما نالها، فإذا تعوطي الحقّ لم يعرفه أحد، ولم يقم لغضبه شيء حتّى ينتصر له، إذا أشار أشار بكفّه كلّها، وإذا تعجّب قلبها، وإذا تحدّث اتّصل بها، فضرب راحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى، وإذا غضب أعرض وانشاح، وإذا غضب غضّ طرفه، جلّ ضحكه التبسّم، يفتّر عن مثل حبّ الغمام.

3 ـ إذا آوى (صلى الله عليه وآله) إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزءاً لله، وجزءاً لأهله، وجزءاً لنفسه، ثمّ جزّأ جزءه بينه وبين الناس، فيردّ ذلك بالخاصّة على العامّة ولا يدّخر عنهم منه شيئاً، وكان من سيرته في جزء الاُمّة إيثار أهل الفضل بأدبه، وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم، والاُمّة من مسألته عنهم وبإخبارهم بالذي ينبغي ويقول: ليبلغ الشاهد منكم الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته، فإنّه من أبلغ سلطاناً حاجة من لا يقدر على إبلاغها ثبّت الله قدميه يوم القيامة، لا يذكر عنده لا ذلك ولا يقبل من أحد غيره، يدخلون روّاداً ولا يفترقون إلاّ عن ذواق ويخرجون أحلّة.

4 ـ كان يخزن لسانه إلاّ عمّا كان يعنيه، ويؤلّفهم ولا ينفّرهم، ويكرم كريم كلّ قوم ويعلّيه عليهم، ويحذّر الناس، ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه، ويتفقّد أصحابه، ويسأل الناس عمّا في الناس، ويحسّن الحسن ويقوّيه ويقبّح القبيح ويوهنه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا ويميلوا، ولا يقصّر عن الحقّ ولا يجوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، أفضلهم عنه أعمّهم نصيحةً للمسلمين، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مؤاساة ومؤازرة.

5 ـ كان لا يجلس ولا يقوم إلاّ على ذكر، لا يوطّن الأماكن وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، ويعطي كلّ جلسائه نصيبه، ولا يحسب أحد من جلسائه أن أحداً أكرم عليه منه، من جالسه صابره حتّى يكون هو المنصرف، من سأله حاجة لم يرجع إلاّ بها ميسور على القول، قد وسع الناس منه خلقه فصار لهم أباً وصاروا عنده في الخلق سواء، مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة، ولا ترفع فيه الأصوات ولا تؤبن فيه الحُرم، ولا تثنى فلتاته، متعادلين متواصلين فيه بالتقوى، متواضعين، يوقّرون الكبير ويرحمون الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب.

6 ـ كان (صلى الله عليه وآله) دائم البشر سهل الخُلق ليّن الجانب ليس بفظّ ولا غليظ ولاضحّاك ولا فحّاش ولا عيّاب ولا مدّاح يتغافل عمّا لا يشتهي فلا يؤيس منه، ولا يخيب فيه مؤمّليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء والإكثار وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذمّ أحداً ولا يعيّره ولا يطلب عثراته ولا عورته، ولا يتكلّم إلاّ فيما رجا ثوابه، إذا تكلّم أطرق جلساؤه، كأنّ على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلّموا، ولا يتنازعون عنده الحديث، من تكلّم أنصتوا له حتّى يفرغ، حديثهم عنده حديث أوّلهم، يضحك ممّا يضحكون منه، ويتعجّب ممّا يتعجّبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في مسألته ومنطقه، حتّى إن كان أصحابه يستجلبونهم، ويقول: إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه، ولا يقبل الثناء إلاّ من مكافئ، ولا يقطع على أحد كلامه حتّى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام.

* سماحة السيد عادل العلوي- بتصرّف يسير


1- وسائل الشيعة ( آل البيت )، الحر العاملي، ج 21، ص 13.
2- سورة التوبة، آية 128.
3- سورة آل عمران، آية 31.
4- سورة الأنفال، آية 24.
5- سورة الأنعام، آية 90.
6- سورة الممتحنة، آية 4.
7- سورة آل عمران، آية 68.

18-01-2014 | 14-42 د | 2592 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net