الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
انتشار القيم في المجتمع الإنساني
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

يوجد عدّة أفعال يمارسها البشر تتفشّى من خلالها القيم الاجتماعية الصحيحة أو الخاطئة، منها:

 التنافر ويقابله التعارف، والتحسين ويقابله التقبيح، والاستنقاص ويقابله الامتداح، والسخرية والاستهزاء والتهكّم ويقابلها الاحترام والتوقير والتبجيل، واللمز والغمز والطعن ويقابله الفخر والتعريف والتجميل، النبز ويقابله الاستصلاح، التذمّر والتنفّر ويقابله الانجذاب والميل، التوهين والإهانة ويقابله المعاضدة والمساندة.

هذه الأفعال عندما يمارسها المجتمع، فهي تشير إلى تفشّي وانسياب وتمحور قيمة معيّنة في المجتمع، وعندما يقبّح المجتمع معنىً معيّناً فإنّ في هذا دليل على أنّ هذا المعنى قد سلب من هذا المجتمع، إذن القيم قد توجد في هذا المجتمع، وقد تفقد من هذا المجتمع سواءً كانت هذه القيم قيماً سامية تمثّل الفضيلة أم قيماً هابطة تمثّل الرذيلة
 
إذا استهزء المجتمع بقيمة ما، فإنّه يتخلّص منها ويبعدها
الآية المذكورة في سورة الحجرات التي تتكلّم عن الاستهزاء، وهي: ﴿لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْم عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاء عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ يمكن الاستفادة منها أنّه إذا استهزء مجتمع ما بقيمة معيّنة، فإنّ هذه القيمة تذبّل وتتلاشى وتبتعد عن هذا المجتمع، وفي المقابل فإنّ الفخر والتضامن والاحترام والتبجيل والمساندة والمعاضدة والتجميل والتحسين والاستصلاح والتوقير كل هذه الأُمور تبعث على تركيز القيمة في المجتمع، فإن كانت هذه القيمة قيمة حسنة، فإنّ تثبيت هذه القيمة من خلال احترامها وتبجيلها ومساندتها أمر حسن وممدوح ويرضي الله تعالي، أمّا إذا كانت القيمة التي احترمها ذلك المجتمع قيمة هابطة ورذيلة، فإنّ هذا الأمر يبعث على غضب الله، وفساد الفرد والمجتمع، وستتبدل هوية المجتمع من مجتمع صالح إلى مجتمع فاسد عدم العمل بالحق، وعدم التناهي عن الباطل هو سبب ثورة الحسين(عليه السلام), وهذا الأمر نفسه كان سبباً رئيسياً في ثورة سيد الشهداء(عليه السلام)، حيث يقول: "ألا ترون أنّ الحق لا يعمل به، وأنّ الباطل لا يتناهى عنه"1 فهو يشير(عليه السلام) إلى لزوم تأصيل قيم الحق والخير في المجتمع، وإزالة قيم الباطل والشر عن البيئة الاجتماعية.

وقد قال الله تعالى: ﴿لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْم عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاء عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ2، ولكن ما هو معيار الخيريّة ومعيار الشريّة، ومعيار الحسن ومعيار القبح، وهل هو الفطرة والعقل الاجتماعي؟
 
لا يمكن أن نطمئن إلى الفطرة الجماعية والعقل الجماعي إذا كانا ملوّثين
المدارس المنطقية المختلفة قد تعتمد في تصويب الأمر المعيّن أو تخطئته في أيّ علم من العلوم حتى في العلوم الإنسانية والاجتماعية، على الجانب الفكري فقط، ويستنتجون ويقولون: إنَّ هذا استنتاجٌ عقليٌ لا ريب فيه، أمّا في مدرسة المنطق التي تنتمي إلى فكر الإسلام وأهل البيت(عليهم السلام)، فإنّها تعتمد على أنّ النفس الإنسانية ليست جانباً فكرياً تجريبياً فقط، بل إنّ النفس الإنسانية تؤثّر فيها مجموعة قواها، مثلا: إذا أحب أحدكم شيئاً أصمه وأعمى بصره، كما أنّ بغض الشيء يُعمي ويُصم، وكذلك تربية الإنسان تؤثّر في تفكيره وإدراكه لما هو حسن وما هو قبيح، ولا يمكن أن نطمئن لاستنتاجاتنا إذا كانت نفوسنا ليست في حالة الطهارة; لأنّه حتى البديهيات والفطرة الإنسانية تكون ممسوخة ومقلوبة، وحتى العقل الجماعي في المجتمع غير المؤمن يكون عقلا مقلوباً منكوساً، وحينها تتبدل الأعراف والسير الإنسانية، وحينها يأتي آت ويقول: "هذا عامل متغيّر في المجتمع، فيجب قراءة النص على وفق العقل الجماعي"، وكيف نستطيع التعامل مع عقل منكوس ومقلوب وممسوخ، ونغيّر النص إلى فكر منحرف، وحيث إنّ المجتمع قد احترم القيم الهابطة أصبح مجتمعاً هابطاً فاسداً فلابدّ أن يكون تقييمه وعقله وقضاؤه وآراؤه فاسدة، وحينها تكون قراءة النص وفق نظرة المجتمع المنحرف انحرافاً، ولا يجدي التبرير بأنّ الدين يجب أن يواكب العصر والأعراف المختلفة والتغيّرات الاجتماعية; لأنّ الدين يواكب المتغيّرات إذا لم تكن تصطدم مع ثوابته، ولا يمكنه أن يواكب قيم الانحراف والهبوط الفكري والأخلاقي والرذيلة.
وفي الحديث: "لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليستعملنّ عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم"3، وفي الحديث: "... كل مولود يولد على الفطرة، فما يزال عليها حتّى يعرب عنها لسانه فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه"4 إذن الفطرة قد تتلوّث فتصير فطرة منكوسة، وهكذا بالنسبة للعقل الجماعي.
 
من أبعاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إذن من أبعاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن نقبّح القبيح وأن لا نستحسن القبيح أو نحترم القبيح أو نجمّل القبيح، حيث إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقتصر على كلمة نطلقها هنا أو هناك، بل هو تقبيح القبيح والاستهزاء به ونبذه ورفضه ونكرانه والتهكّم به والسخرية به وطعنه ولمزه وغمزه، وهذا ضمن الحدود الشرعية، لأنّنا لسنا في مقام الدعوة إلى إسقاط شخصيات بغير مبرر شرعي.
 
المجتمع مسؤول عن الحفاظ على قيم المعروف
الأمر بالمعروف يعني أنّه هناك مجموعة من القيم السامية الإلهية يكون المجتمع مسؤول عنها وعن الحفاظ عليها وعن تسليمها للأجيال القادمة بنقائها وصفائها، وأن نفتخر بالمعروف ونعزّزه في المجتمع وندعوا إليه.
والاستهزاء بالمنكر ورفضه ونبذه يشكّل مصداقاً من مصاديق النهي عن المنكر، وإذا افتقد المجتمع هذه الحالة فإنّه يمر في حالة خطيرة جدّاً تهدّد علاقته بالله تعالى وبمباديء الدين وقيمه. والآيات "9 ـ 13" من سورة الحجرات تعالج موضوع العولمة من جهات مختلفة، وتوازن بين جهات الوفاق وجهات الاختلاف.
 
القرآن الكريم يأمر بالإصلاح المبني على العدل
ومن الآيات التي تكلّمت حول بحث العولمة، هي قوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الاُْخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِىءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ5.

لِمَ قيّد القرآن الكريم الإصلاح بالعدل؟ وهو يعني: إنهاء القتال والمواجهة العسكرية، والتراضي لا عن طريق الضغط العسكري أو الضغط الإعلامي، والقرآن لايدعو إلى الصلح بأيّ طريقة، وإنّما الصلح القائم على العدل والقسط.

* آية الله الشيخ محمد السند – بتصرّف يسير


1- ميزان الحكمة 8: 359، الحديث 22114.
2- الحجرات (49): 11.
3- ميزان الحكمة 5: 1945، الحديث 12728.
4- ميزان الحكمة 2: 781، الحديث 4916.
5- الحجرات (4)): 9.

23-04-2015 | 15-37 د | 1961 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net