بالحسين يسعد المسلمون ولكن من يتجرد عنه يشقى. ذلك لأن أخلاق الإمام الحسين (عليه
السلام) وبرعاية جده سيد المرسلين وأبيه إمام المتقين وأمه سيدة نساء العالمين قد
اتسمت بالحكمة الإلهية، فكانت شخصيته كاملة.. وهكذا، فإذا كان النبي (صلى الله عليه
وآله) على خلق عظيم - كما وصفه الله في محكم كتابه الكريم - فإن سبطه الحسين (عليه
السلام) امتداد له في الأخلاق العظيمة والفضائل الرسالية كما هو امتداده العضوي.
وانك تجد في قراءتك لسيرة الجد والسبط (محمد والحسين) ذلك الامتدادين الواضحين وضوح
الشمس والقمر.
عن ربيعة السعدي، قال: لما اختلف الناس في التفضيل، رحلت راحلتي، وأخذت زادي حتى
دخلت المدينة، فدخلت على حذيفة بن اليمان، فقال لي: ممن الرجل؟ قلت: من أهل العراق!
فقال: من أي العراق؟ قلت: رجل من أهل الكوفة. قال: مرحبا بكم، يا أهل الكوفة. قلت:
اختلف الناس في التفضيل، فجئت لأسألك عن ذلك؟ فقال لي: على الخبير سقطت، أما إني لا
أحدثك إلا بما سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي: خرج علينا رسول الله (صلى
الله عليه وآله) - كأني أنظر إليه كما أنظر إليك الساعة - حامل الحسين بن علي على
عاتقه - كأني أنظر إلى كفه الطيبة واضعها على قدمه يلصقها بصدره - فقال: "يا أيها
الناس، لأعرفن ما اختلفتم بعدي. هذا الحسين بن علي: خير الناس جدا وخير الناس جدة:
جده محمد رسول الله، سيد النبيين. وجدته خديجة بنت خويلد، سابقة نساء العالمين إلى
الإيمان بالله ورسوله. هذا الحسين بن علي: خير الناس أبا، وخير الناس أما: أبوه:
علي بن أبي طالب، أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووزيره، وابن عمه، وسابق رجال
العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله. وامه فاطمة بنت محمد، سيدة نساء العالمين. هذا
الحسين بن علي: خير الناس عما، وخير الناس عمة: عمه جعفر بن أبي طالب، المزين
بالجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء. وعمته أم هانئ بنت أبي طالب. هذا الحسين بن
علي: خير الناس خالا، وخير الناس خالة: خاله القاسم بن محمد رسول الله. وخالته زينب
بنت محمد رسول الله. ثم وضعه عن عاتقه، فدرج بين يديه، وحبا. ثم قال: يا أيها الناس:
هذا الحسين بن علي: جده وجدته في الجنة، وأبوه وامه في الجنة، وعمه وعمته في الجنة،
وخاله وخالته في الجنة، وهو وأخوه في الجنة. إنه لم يؤت أحد من ذرية النبيين ما
أوتي الحسين بن علي ما خلا يوسف بن يعقوب"1. ويقول المحدث الشيخ عباس
القمي (قدس سره) في كتابه (نفس المهموم): إعلم أن مناقب مولانا الحسين (صلوات الله
عليه) واضحة الظهور، وسناء شرفه ومجده مشرق النور، فله الرتبة العالية والمكانة
السامية في كل الأمور، فما اختلف في نبله وفضله واعتلاء محله أحد من الشيعة ولا
الجمهور.. فكما وصفه مولانا وإمامنا المهدي (صلوات الله عليه) في زيارة الناحية
المقدسة: "وفي الذمم رضي الشيم، ظاهر الكرم، متهجدا في الظلم، قويم الطرائق، كريم
الخلائق، عظيم السوابق، شريف النسب، منيف الحسب، رفيع الرتب، كثير المناقب، محمود
الضرائب، جزيل المواهب، حليم رشيد، منيب جواد، عليم شديد، إمام شهيد، أواه منيب
حبيب مهيب، كان للرسول (ص) ولدا، وللقرآن سندا، وللأمة عضدا، وفي الطاعة مجتهدا،
حافظا للعهد والميثاق، ناكبا عن سبل الفساق، باذلا للمجهود، طويل الركوع والسجود،
زاهدا في الدنيا زهد الراحل عنها، ناظرا إليها بعين المستوحشين عنها " - إلى آخر ما
قال فيه (صلوات الله عليه)
* الشيخ عبد العظيم البحراني - بتصرف
1- مختصر تاريخ دمشق، لابن منظور: 7 / 5 - 126. أقول وعدم شبهه بيوسف ربما من حيث السلطان الدنيوي.