بسم الله الرحمن الرحيم
في سكوته
صلى الله عليه وآله:
كان (صلى الله عليه وآله) سكوته على أربع: على الحلم والحذر والتقدير والتفكير،
فأمّا التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس، وأمّا تفكّره ففيما يبقى ويفنى،
وجمع له الحلم والصبر فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزّه، وجمع له الحذر في أربع: أخذه
بالحسن ليقتدى به، وتركه القبيح لينتهى عنه، واجتهاده في الرأي في صلاح اُمّته،
والقيام فيما جمع له خير الدنيا والآخرة.
في بكائه:
كان يبكي حتّى يبتلّ مصلاّه خشيةً من الله عزّ وجلّ من غير جرم. كان
يبكي حتّى يغشى عليه، فقيل له: أليس قد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟
فقال: أفلا أكون عبداً شكوراً، وكذلك كان غشيان عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)
وصيّه في مقاماته.
في استغفاره:
كان لا يقوم من مجلس وإن خفّ حتّى يستغفر الله عزّ وجلّ خمساً وعشرين
مرّة. كانت من أيمان رسول الله ـ أي قسم ـ: لا وأستغفر الله
في حلمه:
كان أبعد الناس غضباً وأسرعهم رضاً، وكان أرأف الناس بالناس، وخير الناس
للناس، وأنفع الناس للناس.
في تواضعه:
كان (صلى الله عليه وآله) يجالس الفقراء ويؤاكل المساكين ويكرم أهل
الفضل في أخلاقهم، يتآلف أهل الشرف بالبرّ لهم، يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على
من هو أفضل منهم، لا يجفو على أحد، يقبل معذرة المعتذر إليه.
في زهده وصفات أخرى:
كان (صلى الله عليه وآله) يرقّع ثوبه ويخصف نعله، ويحلب شاته، ويأكل مع
العبد، ويجلس على الأرض، ويركب الحمار ويردف ولا يمنعه الحياء أن يحمل حاجته من
السوق إلى أهله، ويصافح الغنيّ والفقير، ولا ينزع يده من يد أحد حتّى ينزعها هو،
ويسلّم على من استقبله من غنيّ وفقير وكبير وصغير، ولا يحقّر ما دعي إليه ولو إلى
حشف التمر، وكان خفيف المؤونة كريم الطبيعة، جميل المعاشرة طلق الوجه، بسّاماً من
غير ضحك، محزوناً من غير عبوس، متواضعاً من غير مذلّة، جواداً من غير سرف، رقيق
القلب رحيماً بكلّ مسلم، ولم يتجشّأ من شبع قطّ، ولم يمدّ يده إلى طمع قطّ.
في عنايته بمظهره:
كان ينظر في المرآة ويرجّل جمّته ـ مجتمع شعر الناصية ـ ويمتشط، وربما
نظر في الماء وسوّى جمّته فيه، ولقد كان يتجمّل لأصحابه فضلا على تجمّله لأهله.
وقال: إنّ الله يحبّ من عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيّأ لهم ويتجمّل.
في جلوسه:
كان (صلى الله عليه وآله) يجلس ثلاثاً: القرفصاء، وهو أن يقيم ساقيه
ويستقبلهما بيده ويشدّ يده في ذراعه، وكان يجثو على ركبتيه، وكان يثني رجلا واحداً
ويبسط عليها الاُخرى ولم يُرَ متربّعاً قط.
السيد عادل العلوي - بتصرف