لا يخفى أن وجود الرجل تعقلي وبالنتيجة فإنه أعقل من المرأة، وأن وجود المرأة عاطفي وبالمحصلة فإن عاطفتها تغلب على عاطفة الرجل.
هذا الفارق ليس تمييزاً وحسب بل هو معلم وآية من آيات الباري ـ جلت قدرته ـ ومنشأ السكون والمحبة والرحمة بين الرجل والمرأة.
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.
المرأة غير ناقصة العقل
قال المرحوم العلامة الطباطبائي، إن قضية ذكر الإسلام لمسألة خلق المرأة والنقص في عقلها ملاصق لها هي قضية خطط لها الغربيون. والجدير بالإشارة إليه أنه ليس في عقل المرأة نقص، والعراقيل والإشكالات التي قد تصدر من المرأة مرجعها للتأثير العاطفي الشديد الذي تتسم به النساء على السواء مما يجعلها تفقد السيطرة على زمام الأعمال التي تتصف بالحلول العقلانية. لهذا منع الإسلام المرأة من ممارسة التكاليف التي تتسم بتحكيم العقل مجرداً عن العاطفة من مثل القضاء والجهاد والحكومة.
فالمرأة من هذه الناحية تتفاضل مع الرجل في كونها سبب السكينة والهدوء وإزاحة القلق والاضطراب، بينما الرجل وبسبب إنجازه للأعمال الاجتماعية المختلفة وإدارة المنزل يحظى بأفضليته عليها، وعليه فالرجل والمرأة وجهان لوجود واحد، إذن يجب أن يسعيا معاً فمن جهة وجود الرجل "الوجود التعقلي" وتدبيره وإدارته مالياً وتربوياً للأسرة، ومن جهة أخرى المرأة "الوجود العاطفي" التي يلزم أن تكون متواضعة ومطيعةً وأذناً صاغية قبالة الرجل "الوجود التعقلي".
صفات الزوجة المثالية
لقد أشارت أغلب الأحاديث إلى صفتين من صفات الزوجة المثالية، وهنا نعرض صفات أخرى.
1- الزوجة ظهير لزوجها
من الصفات الحسنة للزوجة المثالية أنها لا تستبدل بزوجها كل عالم المخلوقات، ولهذا الأمر عدة حالات:
أولاً: في الحالات التي يمكن أن يتقول أقاربها ومعارفها على ما لا صحة له ولا يليق بزوجها، ترد ما يفترون رداً مؤدباً جريئاً مهذباً يحفظ الحق على أهله.
ثانياً: سلوكها وعملها يتساويان في الغنى والضنك، بل تتقرب إلى زوجها وتتواضع له أكثر حينما يمر بحالات الفقر والفاقة وضنك العيش، مستعينةً بالصبر، محافظةً على توازنها قبالة المشاكل المادية.
ثالثاً: عدم طرح الخلافات والأخطاء الخاصة بالأسرة خارج نطاقها.
﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ﴾1.
لقد وهب الله سبحانه وتعالى المرأة الجديرة أو اللائقة صفتين:
2- التواضع والطاعة
إن من صفات المرأة اللائقة هو الالتزام بتنفيذ أوامر الزوج والتواضع له وعدم ملاسنته أو الرد عليه وترك المسائل أو القضايا التي تجر إلى المخاتلة، وعدم مخالفتها لما فطرها الله عليه.
المرأة المسلمة حقاً هي المطيعة المصغية لأوامر زوجها ونواهيه، فهو رب الأسرة الذي له أن يدير شؤونها، لكن من غير امتهان وتسلط.
3- تقديم حق الاستمتاع
للزوج أن يأمر زوجته، ولكن ليس في مجال تنظيف الملابس أو تهيئة الغذاء وشبههما، لأنه ليس للرجل حق في هذه الأمور فحقه الاستمتاع فقط.
ومع أنه ليس للزوج حق في إصدار أوامره لزوجته في تهيئة الغذاء أو كي الملابس أو مناولته قدح ماء، فإنّ على الزوجة أن تطهو الطعام وتهيئ اللباس النظيف والجو الحياتي اللازم لمعيشة هادئة، ذلك ما تقتضيه المحبة الصادقة والذوق السليم من الزوجة الصالحة.
وليس الأمر مرتبطاً بما للرجل على المرأة من حقّ شرعيّ يجب أن تنفذه فقط وإنما هو أوسع من ذلك وأعمق، فلو طلب أي منهما شيئاً خارج ذلك الحق كان على الآخر تنفيذه انطلاقاً من المحبة والتعاون لا من الوجوب الشرعي.
4- العفة
إن الصفة الثانية من صفات المرأة المسلمة هي "العفة"، في الخلاء وفي الجلاء أي: في السر والعلن، فتحفظ زوجها في حضوره وغيابه.
من واجبات المرأة المسلمة التهيؤ لاستقبال زوجها قبل حضوره المنزل والتبسم في وجهه ساعة دخوله وإظهار السرور به والمودة له والإصغاء لما يقول وإشعاره بالرضا عنه.
من الخصال التي تجدر النساء بها ثلاث هن: البخل، والخوف، والزهو.
ولذا قال أمير المؤمنين عليه السلام في معرض حديثه عن صفات المرأة المحمودة.
"خصال خيار النساء، خصال شرار الرجال: الزهو والجبن والبخل.
فإذا كانت المرأة ذات زهو لم تمكن من نفسها، وإذا كانت بخيلة حفظت مالها ومال بعلها، وإذا كانت جبانة فرت من كل شيء يعرض لها"2.
فزهو المرأة وتكبرها في مواجهة الأجنبي يشبه إلى حدٍ ما زهو الرجل وتكبره في مواجهته للعدو.
وفي الأساس، ليس هناك من داع أن تتواضع المرأة للرجل الأجنبي، بل لابد لها من أن تكون نهاية في الغرور والتكبر، لما للابتسامة والتواضع للرجل الأجنبي من دواعي الفساد.
والجبن: صفة أخرى حميدة من صفات المرأة، ولا يستلزم أن تكون المرأة شجاعة تخرج على سبيل المثال ليلاً لوحدها، فتوقعها الشجاعة في شراك الضعفاء والذين في قلوبهم مرض، فتجني على نفسها ما يبعث على إراقة ماء الوجه والدخول في مشكلات هي في غنىً عنها.
أجل، الصبر على الشدائد ومواجهة المشاكلات يدخل ضمن الشجاعة ولكن يختلف عما ذكرنا آنفاً.
والجبن هذا الذي نعنيه محمود في حفظ العفة والناموس.
والبخل كذلك، صفة محمودة في النساء، لما لها من آثار إيجابية في حفظ أموال الزوج والسعي في عدم الإسراف اعتباطاً.
5- حسن تربية المرأة
قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "إياكم وخضراء الدمن".
قيل: يا رسول الله وما خضراء الدمن؟
قال: "المرأة الحسناء في منبت السوء"3.
ومن منظار إسلامي، أسرة وضيعة لا يتحكم فيها الدين، ولا تتحكم فيها الآداب والأخلاق، لقد جاء في الخبر:
"إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه"4.
لقد شخص الحديث الشريف معيارين أصليين للزواج السليم هما "الدين" و"حسن الخلق" سواءً كانت المرأة أو الرجل.
وإذا انتخب الرجل امرأة ذات ثروة وجميلة ومن أسرة شريفة وذات أدب، فذلك أمر حسن، غير أن الشرط الأهم هو التدين والأخلاق الحسنة.
نقرأ في الروايات أن من تزوج امرأة ذات مال وجمال غير مهتم بدينها وأخلاقها لم يفلح في زواجه هذا.
ولقد أثبتت التجارب أيضاً أن الجمال قد يحرف المرأة الجميلة إذا لم يحكم دين سليم وخلق كريم.
عدم الأبهة في الزواج
من المسائل المهمة الأخرى التي تشجع على الزواج وزيادة النسل وأوصى بها الإسلام كثيراً هي "عدم الأبهة" في الزواج.
إن الإسلام بشكل عام يخالف الأبهة أساساً، لأنها سد مانع لتقدم الإنسان، وعلى الخصوص في مسائل الزواج. "فالمهر الكثير" و"الجهاز المفصل" و"تشدد الطرفين" و"التحجج غير المعقول" كلها عوامل تساعد في عدم تسريع أمر الزواج والذي هو مرفوض بنظر الإسلام المقدس.
ناهيك عما تسببه "الأبهة" من فقدان روح المحبة والألفة بين الرجل والمرأة، وحينما لا تنعقد روح المحبة والألفة بين الزوجين سيصبح المحيط الأسري جافاً وبارداً يفتقد النشاط والفعالية. وسيكون أبناء أسرة كهذه فاقدين للمحبة والألفة والفعالية، ويعيشون عالة على المجتمع وأعضاء غير مفيدين.
ضخامة المهر من دواعي الضرر البالغ في الحياة الاجتماعية، إذ يتلف الناس كثيراً من الوقت في التفاوض على كمية المهر وكيفيته وزيادته ونقصانه. وتتصاعد الأصوات فيه عالياً، فهذا يأتي بـ"واسطة" وذلك "يمن" على فلان.
قل أنت بالله عليك: أهم إزاء حاجة تباع وتشترى أم إزاء إنسان كرَّمه الله ورفع قدره؟
كل هذا وذاك يرفضه الإسلام، لأنه يسلب "المودة" و"المحبة" من قلبي الرجل والمرأة، ويبث بذور الفرقة بينهما.
وكم هي الاختلافات الأسرية التي بدأت من هذا المشروع!
وكذلك "الجهاز" وما ينشأ عنه من الأخطاء والاشتباهات. وإذا ما كان الجهاز ـ لا سمح الله ـ فيه نقص واضح أو غير واضح، فسيكون دافعاً للخلافات التي ستقوم بين أسرتي الخطيبين.
ما أسعد الحياة بعودتها إلى سنة الزواج على صدر الإسلام، التي كانت تتم بشكل بسيط بعيداً عن كل هذه التشريفات الكاذبة.
لقد كان مهر الزهراء عليها السلام 500 درهم فأي قدوة للرجال والنساء من المسلمين أسمى من الزهراء وعلي عليهما السلام.
وليمة الزواج
وبصدد (الوليمة) أيضاً علينا أن نجدد النظر، مقتدين بزواج أمير المؤمنين عليه السلام والزهراء عليها السلام، فقد كان هناك ابتهاج عم الوجود كله، لكن لم يكن للتشريفات منه من أثر.
"الوليمة" مستحبة، أما التشريفات فلا.
في حكاية عن شخص جاء أمير المؤمنين عليه السلام وقال: عقدنا العزم على أن نقيم "وليمة" في زواج ولدي الليلة، أرجوك أن تحضر الوليمة فسأله الإمام: مَنْ دعوت؟ فذكر له أسماء عدد من الأشراف والأعيان، فقال له الإمام عليه السلام: لماذا لم تدعُ الفقراء والمساكين؟
فأجاب، اليوم ندعوك أنت ومن ذكرت لك، ومساء غد ندعو الفقراء والمساكين.
فأجابه الإمام عليه السلام: أنا كذلك سأكون في ليلة الغد مع الفقراء.
فقال: يا أمير المؤمنين، أنا لا أعرف فقيراً أدعوه.
فقال الإمام حينها: سآتيك ليلة غد بصحبة الفقراء، وفي الموعد المقرر جاء الإمام عليه السلام مصطحباً معه 50 نفراً من الفقراء والمساكين من الذين لا يملكون عشاء ليلتهم ليحضروا مجلس الوليمة.
وليمة عرس أمير المؤمنين عليه السلام
قال أمير المؤمنين عليه السلام بصدد "وليمة" عرسه:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي إن ترتيب القرية وإعداد اللحم والخبز لوليمة عرسك كفلتها لك، وجلب التمر والزيت تكفله أنت، لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شخصياً يساعد في إعداد الطعام، بعدها أمرني بأن أدعو للوليمة من أحب.
ذهبت إلى المسجد، وللوليمة دعوتهم، كان المسجد يغص بالمصلين الذين كان أكثرهم من المساكين، حضروا الوليمة في بيتنا وكانوا لكثرتهم وقلة الطعام باعثاً على خجلي حينها، وعندما انتبه إليّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعلم بحالي قال: سأدعو لك الله تعالى بأن يبارك لك في طعامك هذا.
1-النساء: 34
2- سفينة البحار، مجلد 2 صفحة 208.
3- وسائل الشيعة ، ج14 ، ص19.
4- وسائل الشيعة ، ج14 ، ص51 .