خير خلق الله:
روي انه اجتمع ولد آدم (عليه السلام) في بيت فتشاجروا، فقال بعضهم: خير خلق الله
ابونا آدم، وقال بعضهم: الملائكة المقربون، وقال بعضهم: حملة العرش، اذ دخل عليهم
هبة الله فقال بعضهم: لقد جاءكم من يفرج عنكم، فسلم ثم جلس فقال: في اي شيء كنتم؟
فقالوا: كنا نفكر في خير خلق الله فاخبروه، فقال: اصبروا لي قليلا حتى ارجع اليكم،
فاتى اباه فقال: يا ابت اني دخلت على اخوتي وهم يتشاجرون في خير خلق الله، فسألوني
فلم يكن عندي ما اخبرهم، فقلت: اصبروا حتى ارجع اليكم.
فقال آدم (عليه السلام): يا بني وقفت بين يدي الله جل جلاله فنظرت الى سطر على وجه
العرش مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم محمد وآل محمد خير من برأ الله. « اي محمد وآل
محمد: خير خلق الله »[1].
شر خلق الله:
روي عن علي بن محمد بن موسى الدقاق رضي الله عنه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
انه قال: « من شر خلق الله خمسة: ابليس، وابن آدم الذي قتل اخاه، وفرعون ذو
الاوتاد، ورجل من بني اسرائيل ردهم عن دينهم، ورجل من هذه الامة يبايع على كفر عند
باب لد »[2] قال: ثم قال: اني لما رأيت معاوية يبايع عند باب لد، ذكرت قول رسول
الله (صلى الله عليه وآله) فلحقت بعلي (عليه السلام) فكنت معه.[3]
العلم كله في اربع كلمات
اوحى الله تعالى الى آدم (عليه السلام): اني اجمع لك العلم كله في اربع كلمات:
واحدة لي، وواحدة لك، وواحدة فيما بيني وبينك، وواحدة فيما بينك وبين الناس.
فاما التي لي: فتعبدني لا تشرك بي شيئا.
واما التي لك: فاجزيك بعملك احوج ما تكون اليه.
واما التي فيما بيني وبينك: فعليك الدعاء وعلي الاجابة.
واما التي فيما بينك وبين الناس: فترضى للناس ما ترضى لنفسك[4].
فضل الركوع لله:
عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال:
لما اعطى الله تبارك وتعالى ابليس ما اعطاه من القوة، قال آدم: يا رب سلطت ابليس
على ولدي، واجريته فيهم مجرى الدم في العروق، واعطيته ما اعطيته، فما لي ولولدي؟
فقال: لك ولولدك السيئة بواحدة والحسنة بعشرة امثالها، قال: يا رب زدني، قال:
التوبة مبسوطة الى ان تبلغ النفس الحلقوم، قال: يا رب زدني، قال: اغفر ولا ابالي،
قال: حسبي.
قال: قلت: جعلت فداك بماذا استوجب ابليس من الله ان اعطاه ما اعطاه؟ فقال: بشيء كان
منه، شكره لله عليه، قلت: وما كان منه جعلت فداك؟ قال: ركعتين ركعهما في السماء في
اربعة آلاف سنة[5].
فضل السجود لله:
عن ابي جعفر صلوات الله عليه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ان الله
عزوجل حين اهبط آدم (عليه السلام) من الجنة امره ان يحرث بيده، من كدها بعد نعيم
الجنة، فجعل يجأر[6] ويبكي على الجنة مائتي سنة، ثم انه سجد لله سجدة، فلم يرفع
رأسه ثلاثة ايام ولياليها[7].
الانوار الخمسة:
قال الامام الحسين (عليه السلام):... ان الله تعالى لما خلق آدم وسواه وعلمه اسماء
كل شيء وعرضهم على الملائكة، جعل محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين اشباحا خمسة في
ظهر آدم، وكانت انوارهم تضيء في الآفاق من السموات والحجب والجنان والكرسي والعرش،
فأمر الله الملائكة بالسجدة لآدم تعظيما له، انه قد فضله بان جعله وعاء لتلك
الاشباح التي قد عم انوارها في الآفاق، فسجدوا الا ابليس ابى ان يتواضع لجلال عظمة
الله وان يتواضع لانوارنا اهل البيت وقد تواضعت لها الملائكة كلها فاستكبر وترفع
وكان بإبائه ذلك وتكبره من الكافرين[8].
عن الباقر (عليه السلام) قال: ان آدم لما بنى الكعبة وطاف بها فقال: « اللهم ان لكل
عامل اجرا، اللهم واني قد عملت، فقيل له: سل يا آدم، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي،
فقيل له: قد غفر لك يا آدم، فقال: ولذريتي من بعدي، فقيل له: يا آدم من باء[9] منهم
بذنبه هاهنا كما بؤت، غفرت له[10].
«بمعنى: من حج بيت الله الحرام او اعتمر وتاب الى الله تعالى من ذنوبه وخطاياه، تاب
الله عليه وخرج من ذنوبه كمن ولدته امه وليس عليه ذنب ». كما ذكر في الاحاديث
المعتبرة، روي عن امير المؤمنين (عليه السلام) قال: . .. وحج البيت والعمرة، فانهما
ينفيان الفقر ويكفران الذنب، ويوجبان الجنة»[11].
قلة الكلام
وروي ان آدم (عليه السلام) لما كثر ولده وولد ولده كانوا يتحدثون عنده وهو ساكت،
فقالوا: يا ابة مالك لا تتكلم؟ قال:
يا بني ان الله جل جلاله لما اخرجني من جواره عهد الي وقال: اقل كلامك ترجع الى
جواري[12].
«بمعنى انه قلة الكلام تقربك من الله تعالى، وكثرة الكلام بدون فائدة والثرثرة
تبعدك عن الله تعالى، وقد قيل: خير الكلام ما قل ودل».
روي انه كان جبرئيل (عليه السلام) يتردد على آدم دائما، وكان اذا لم يأته جبرئيل
(عليه السلام) اغتم وحزن، فشكا ذلك الى جبرئيل فقال: اذا وجدت شيئا من الحزن فقل:
لا حول ولا قوة الا بالله.
قال آدم (عليه السلام) بعد ان رفع رأسه من السجود لله تعالى: اي رب الم تخلقني؟
فقال الله: قد فعلت، فقال: الم تنفخ في من روحك؟ قال: قد فعلت، قال: الم تسكني
جنتك؟ قال: قد فعلت، قال: الم تسبق لي رحمتك غضبك؟ قال الله: قد فعلت، فهل صبرت او
شكرت؟ قال آدم: (لا اله الا انت سبحانك اني ظلمت نفسي فاغفر لي انك انت الغفور
الرحيم) فرحمه الله بذلك وتاب عليه انه هو التواب الرحيم[13].
السيد مرتضى الميلاني – بتصرف يسير
[1] البحار: ج 11 ص
114.
[2] لد: قرية قرب بيت المقدس من نواحي فلسطين.
[3] الخصال: ج 1 ص 319 باب الخمسة.
[4] نفس المصدر.
[5] تفسير القمي: 2035.
[6] جأر الى الله: التضرع والدعاء ورفع الصوت الى الله تعالى.
[7] البحار: ج 11 ص 210 عنه قصص الانبياء ص 49.
[8] البحار: ج 11 ص 150.
[9] باء بذنبه: اي رجع الى الله واعترف بذنبه.
[10] نفس المصدر ص 179.
[11] ميزان الحكمة: ج 2 ص 268.
[12] نفس المصدر.
[13] تفسير العياشي، عنه البحار: ج 11 ص 212.