9 ـ التوسل بأولياء الله:
يستفاد من الآية المباركة في قول يوسف (ع) عندما اظهر اخوته الندامة له: (يغفر الله
لكم) وفي قول يعقوب (ع) لابنائه عندما اعترفوا بالذنب وطلبوا منه الاستغفار قال:
(سوف استغفر لكم ربي...)، يستفاد ان طلب الاستغفار من الآخرين جائز وغير مناف
للتوحيد، ـ كما يتصور البعض ـ بل هو سبيل الى الوصول الى لطف الله سبحانه، والا
فكيف يمكن ليعقوب ان يستجيب لطلب ابنائه في ان يستغفر لهم وان يجيبهم جوابا مثبتا
على توسلهم به.
وهذا الأمر يدل على ان التوسل باولياء الله جائز....
10 ـ الدعاء للفرج من الشدة:
ومن دعاء يوسف (ع) للفرج، وضع خده على الارض ثم قال:
«اللهم ان كانت ذنوبي قد اخلقت وجهي عندك، فاني اتوجه اليك بوجه آبائي الصالحين:
ابراهيم، واسماعيل، واسحاق، ويعقوب، ففرج الله عنه.
فقيل لابي عبد الله (ع): جعلت فداك اندعوا نحن بهذا الدعاء؟ فقال: ادع بمثله:
«اللهم ان كانت ذنوبي قد اخلقت وجهي عندك فاني اتوجه اليك بنبيك نبي الرحمة محمد
(ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة» ـ فرج عنا يا الله.
وكان من دعاء يعقوب (ع) ايضا:
«يا من لا يعلم احد كيف هو وحيث هو وقدرته الا هو، يا من سد الهواء بالسماء وكبس
الارض على الماء، واختار لنفسه احسن الاسماء، ائتني بروح من عندك وفرج قريب».
فما انفجر عمود الصبح حتى اتي بالقميص وطرح على وجهه فرد الله عليه بصره وولده.
11 ـ براءة يوسف (ع):
واعلم ان العامة والمنحرفين عقائديا، نسبوا الى يوسف (ع) روايات مختلقة لا يليق
للمؤمن نقلها، فكيف باعتقادها، واتهموه بانواع التهم لا اطيق ذكرها.
نذكر هنا وباختصار الادلة على براءته وعصمته:
ان الذين لهم تعلق بهذه الواقعة هم: يوسف (ع)، وامرأة العزيز، وزوجها، والشهود،
والنسوة، ورب العالمين، وابليس، وكل هؤلاء قالوا ببراءة يوسف من الذنب:
1 ـ اما يوسف، فقوله: (هي راودتني عن نفسي) وقوله: (رب السجن احب الي مما يدعونني
اليه).
2 ـ واما العزيزة، فقولها: (ولقد راودته عن نفسه فاستعصم)، وقالت: (الآن حصحص الحق
انا راودته عن نفسه).
3 ـ واما زوجها العزيز، فقال: (انه من كيدكن ان كيدكن عظيم).
4 ـ واما النسوة، فقولهن (امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا انا
لنراها في ضلال مبين)، وقلن: (حاش لله ما علمنا عليه من سوء).
5 ـ واما الشهود، فقوله تعالى: (شهد شاهد من اهلها ان كان قميصه قد من قبل. ..)
الآية.
6 ـ واما شهادة الله بذلك، فقوله عز من قائل: (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه
من عبادنا المخلصين).
7 ـ واما اقرار ابليس بذلك، فقوله: (لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين). فقد
اقر ابليس بانه لم يغوه.
وبعد هذا نقول لهؤلاء الجهال الذين نسبوا الى يوسف (ع) الفضيحة، ان كانوا من اتباع
دين الله، فليقبلوا شهادة الله بطهارته، وان كانوا من اتباع الشيطان وجنوده،
فليقبلوا اقرار ابليس بطهارته.!
12 ـ بكاء يوسف (ع):
روي انه لما كان يوسف في السجن، وقال للفتى: (اذكرني عند ربك). اتاه جبرئيل
فضرب بجناحه الارض حتى كشط له عن الارض السابعة.
قال له: يا يوسف، انظر ماذا ترى؟ فقال: ارى حجرا صغيرا، ففلق الحجر، فقال: ماذا
ترى؟ قال: ارى دودة صغيرة، قال: فمن رازقها؟ قال: ربي.
قال: فان ربك يقول: لم انس هذه الدودة في ذلك الحجر في قعر الارض السابعة، اظننت
اني انساك، حتى تقول للفتى: (اذكرني عند ربك)، لتلبثن في السجن بمقالتك هذه بضع
سنين.
قال: فبكى يوسف عند ذلك، حتى بكى لبكائه الحيطان، فتأذى به اهل السجن، فصالحهم على
ان يبكي يوما، ويسكت يوما، فكان في اليوم الذي يسكت به اسوأ حالا.
* السيد مرتضى الميلاني - بتصرف