الخطاب الثقافي التبليغي رقم (15): يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ
لقد وضع الإسلام منهجاً متكاملاً في العلاقات بين البشر، يقوم على أساس مراعاة حقوق أفراد المجتمع، وبثّ روح التعاون والخدمة، فقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾. وإنّ التقيّد بهذا الأمر الإلهيّ يعصم الإنسان عن التقصير في حقوق الناس، ويدفعه للعمل الدؤوب في خدمتهم، وأداء مسؤوليّته تجاههم، وقد حثّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كلّ مسلم ليكون مسؤولاً في بيئته الاجتماعيّة، عبر الاهتمام بأمور المسلمين ومشاركتهم آمالَهم وآلامَهم، فقال (صلّى الله عليه وآله): «مَن أصبح لا يهتمّ بأمور المسلمين، فليس بمسلم»، وحينما سُئل (صلّى الله عليه وآله): أيّ الأعمال أحبّ إلى الله عزّ وجلّ؟ قال: «اتّباع سرور المسلم»، قيل: يا رسول الله وما اتّباع سرور المسلم؟ قال: «شبع جوعه، وتنفيس كربته، وقضاء دينه».
وفي الروايات أنّ خدمة المؤمنين بعضَهم وتعاونهم وترابطهم المادّيّ والمعنويّ أفضل من بعض العبادات المستحبّة، عن الإمام الصادق (عليه السلام): «لَقضاء حاجة امرئ مؤمن، أحبّ إلى [الله] من عشرين حجّة، كلّ حجّة ينفق فيها صاحبها مئة ألف».
وإنّ التكافل الاجتماعيّ -وخصوصاً في الأزمات- جزء من عقيدة المسلم والتزامه الدينيّ، وهو نظام أخلاقيّ يقوم على الحبّ والإيثار وابتغاء مرضاة الله تعالى، عن الإمام الصادق (عليه السلام): «لا والله، لا يكون [المؤمن] مؤمناً أبداً، حتّى يكون لأخيه مثل الجسد؛ إذا ضرب عليه عرق واحد تداعَت له سائر عروقه». وقد نفى الرسول (صلّى الله عليه وآله) كمال الإيمان وتمامه عمّن يبيت شبعان وجاره جائع، فقال: «ما آمن بي مَن بات شبعان وجاره جائع.
وفي ظل حالة المواجهة التي نعيشها مع هذا العدو الهمجي لا بد وان تكون روح التكافل والتعاضد في توفير ما يحتاج اليه الناس وكلّ واحد بحسب ما يمكنه فرضا لازما وان يكون ذلك ابتغاء الثواب عند الله عز وجل وامتثالا لما أمر به.