الخطاب الثقافي التبليغي رقم (17): ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ
قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ)
إنّ بلوغ الأهداف الكبرى في الحياة يستلزم تضحيات كبرى مكافئة لها؛ إذ لا ريب في أنّ سموّ الأهداف ونبل الغايات يقتضي سموّ التضحيات وشرفها ورقيّ منازلها. وإذا كان أشرف التضحيات وأسماها هو ما يكون في ابتغاء رضوان الله تعالى وتحصيله، فإنّ الذودَ عن حياض هذا الدين، والدفاع عن مقدَّساته، يتبوّأُ أرفع درجات هذا الرضوان.
وإنّ للتضحيات ألواناً كثيرة، تأتي في ذروتها التضحية بالنفس، وبذل الروح رخيصةً في سبيل الله تعالى، لدحر أعدائه ونصرة دينه، وهذا ما جسّده شهداء المقاومة الإسلاميّة، من المجاهدين والقادة على امتداد سنوات الجهاد وسوحه، ولا سيّما القائد الجهاديّ الكبير الحاج عماد مغنيّة، وسيّد شهداء المقاومة السيّد عبّاس الموسويّ، وشيخ شهدائها الشيخ راغب حرب، وكوكبة الشهداء القادة في الجهاد ضدّ التكفيريّين.
وفي هذه المعركة ضدّ الصهاينة كانت أغلى التضحيات أيضاً، إذ ارتقت مجموعة من القادة شهداء سعداء، وعلى رأسهم سماحة الأمين الشهيد السيّد حسن نصر الله (رضوان الله عليه)، فكانت أعظم التضحيات في أشرف سوح الجهاد؛ وهذا لأنّ الجهاد في ثقافتنا بابٌ فتحه الله لخاصّة أوليائه، ولأنّ الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله، ولأنّ الشهادة حياة، كما يخبرنا الله تعالى في كتابه الكريم، إذ يقول: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾.
وهؤلاء من الذين وصفهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بقوله: «أفضل الشهداء الذين يقاتلون في الصفّ الأوّل، فلا يلفتون وجوههم حتّى يُقتَلوا».
كيف لا، وهم الذين باعوا أنفسهم لله تعالى، وضحَوا بها في سبيله، يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.