الخطاب الثقافي التبليغي رقم (29): الشائعات وطرق المواجهة
الشائعات معلومات وأفكار يتناقلها الناس من دون الاستناد إلى مصدر موثوق. أو ترويج لخبر مُختلَق، وقد يحتوي جزءاً ضئيلاً من الحقيقة. كما تنطبق على الخبر الذي زيد في ضخامته، ليشكّل ضرراً على المجتمع، كالمبالغة في حجم قوّة العدوّ.
وهي من أخطر الرذائل؛ إذ تدمّر المجتمعات، وتُضعف الثقة بين أبنائها، وتشكّل إحدى أهمّ ألوان الحروب النفسيّة السلبيّة على المجتمعات.
وتهدف إلى:
- إضعاف المعنويّات، ومحاولة تدميرها في الجبهتين: العسكريّة والمدنيّة، وصولاً إلى الإرهاب النفسيّ.
- التمويه والتعتيم لإخفاء الحقيقة.
- زعزعة ثقة المجتمع بالقيادة، والعمل على فكّ الارتباط بينهما.
وتتعدّد أنواعها طبقاً للأهداف، ومنها:
1. شائعات الخوف: لإثارة القلق والرعب في النفوس، كالكلام على قوّة العدوّ وغطرسته، وقدرته على غلبة الحقّ، ومن جهة أخرى التقليل من قوّة الحقّ وشأنه، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾.
2. شائعات الأعراض: وتؤدّي إلى هتك الكرامات والانتقاص منها، وقد تتسبّب بقتل الأنفس، وقد نهت الشريعة عن المسّ بالأعراض، بل عن إشاعة الفاحشة حتّى مع وقوعها، عن الإمام الكاظم (عليه السلام): «يا محمّد، كذّب سمعَك وبصرَك عن أخيك، وإن شهد عندك خمسون قسّامة، وقال لك قولاً، فصدّقه وكذّبهم، ولا تُذيعَنَّ عليه شيئاً تشينه به وتهدم به مروءته، فتكون من الذين قال الله في كتابه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾».
كيفيّة التعاطي مع الشائعات
1. التبيّن: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾.
2. كتمان السرّ: عن الإمام الباقر (عليه السلام): «يُحشَر العبدُ يومَ القيامة، وما ندى دماً [أي لم يُصِب منه شيئاً]، فيُدفع إليه شبهُ المحجمة، أو فوق ذلك، فيُقال له: هذا سهمك من دم فلان! فيقول: يا ربِّ، إنّك لتعلم أنّك قبضتني وما سفكتُ دماً! فيقول: بلى، سمعتَ من فلانٍ روايةَ كذا وكذا، فرويتَها عليه، فنُقِلت حتّى صارت إلى فلانٍ الجبّار، فقتله عليها، وهذا سهمك من دمه!». وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «المجالس بالأمانة، وليس لأحدٍ أن يُحدِّث بحديث يكتمه صاحبُه، إلّا بإذنه، إلّا أن يكون ثقةً أو ذكراً له بخير».
3. اليقظة والحذر: ﴿وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ﴾.
4. الإهمال: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾.