الخطاب الثقافي التبليغي رقم (36): لتعارفوا
إنّ الانزواء والانغلاق من المشكلات التي يقع بها كثيرون، فلا يفتحون طرق التواصل مع الآخرين من غير المتديّنين أو غير المسلمين، ولذلك آثار سلبيّة كبير على المدى البعيد، إذ يجعل المسلم في حالة جهالةٍ من الآخر، وقد دعا الله تعالى الناس جميعاً للتعارف، ولم يُقيّد بدينٍ أو عرقٍ أو نسب: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
وإنّ بعض الصفات والأفعال جاذبة بذاتها، ولا يمكن نفي تأثيرها، فالناس عادة ما يتأثّرون بالمظاهر، وبما يجذب مشاعرهم ويستميل أذواقهم؛ لذا دعا الإسلام إليها وحثّ عليها، منها:
مظهر المؤمن: إنّ للمظهر تأثيراً كبيراً في التواصل مع الآخر، وعلى المؤمن أن يتّخذه أمراً أساسيّاً، ولا يستهين به. والمظهر يشمل الترتيب والنظافة الشخصيّة والجماعيّة، عن رسول الله (ص): «إنّ الله طيّب يحبّ الطيّب، نظيف يحبّ النظافة»، وعنه (ص): «تنظّفوا بكلّ ما استطعتم؛ فإنّ الله تعالى بنى الإسلام على النظافة، ولن يدخل الجنّة إلّا كلّ نظيف».
الرفق واللين: وهما من أبرز الصفات التي تُسهم في جذب الآخر، وفتح طرق الوصال معه، وبذلك استطاع الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) استمالةَ قلوباً كانت من أشدّ المعاندين له، قال سبحانه: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾.
بشاشة الوجه: فلا يكون المرء عبوساً مقطّب الجبين، بل إنّ بِشر الوجه من صفات المؤمن، عن أمير المؤمنين (ع): «الْمُؤْمِنُ بِشْرُه فِي وَجْهِه، وحُزْنُه فِي قَلْبِه».
النظام: وبه أوصى أميرُ المؤمنين (ع): «أوصيكما وجميعَ ولدي وأهلي ومَن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم». ويأتي ضمنه ما يرتبط بالعقود والمعاملات واتّباع القوانين والأنظمة، وفي مناحي الحياة الاجتماعيّة كلّها، الفرديّة والجماعيّة.