أسباب كثرة الطلاق وعلاجه
محاور الموضوع ألرئيسة:
1- الزواج بناء يحبه الله.
2- لا تهدم بنياناً يحبه الله.
3- أسباب كثرة الطلاق.
4- كيف نعالج هذه المشكلات.
الهدف:
التنبيه على خطورة كثرة الطلاق والإضاءة على أسبابه وطرق العلاج.
تصدير الموضوع:
عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "ما بُني بناء في الإسلام أحبّ إلى الله عزَّ وجلَّ من التزويج"1.
مقدمة:
الزواج بناء يحبه الله:
عندما أراد الله عمارة الأرض استخلف فيها مخلوقاً هو الإنسان، والإنسان بداهة لا يختص بالذكور دون الإناث، بل إن الإستخلاف كان لكلا الجنسين، الرجل والمرأة.
ولذا ذكر القرآن الكريم أنه كانت مع أول رجل امرأة، وكانا معاً في الجنة، وهبطا معاً إلى الأرض.
فالعلاقة بين الرجل والمرأة علاقة ابتدأت مع بداية الحياة الإنسانية، فبهما معاً كانت صورة الإنسانية.
وإذا حاولنا قراءة الرؤية القرآنية للإنسان، رجلاً وامرأة نعثر على آيات كثيرة منها قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾2 فمسألة الزوجية كانت منذ البدء لا بالمعنى العددي وإنما كنظام ونوع من التدبير الإلهي، من موقع الربوبية لمساعدة البشر للوصول إلى كمالاتهم اللائقة، والتي استحقوا عليها التكريم الإلهي، وهذا التدبير المُعبّر عنه بالزواج له درجة عالية من الأهمية أبرزتها الآيات والروايات والتي تكشف عن عظيم الآثار والبركات، فقد جاء عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "ما بُني بناء في الإسلام أحب إلى الله عزَّ وجلَّ من التزويج"3 بل إنّ الله تعالى تولى الرعاية لهذه الرابطة بين الرجل والمرأة فقال: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾4. حيث عبّر عن الزواج بأنه آية وعلامة على التدبير الإلهي الحكيم، وفي نفس الآية بيَّن الموازين العامة التي يفترض أن تحكم هذه الرابطة، وهي المودة والرحمة، وهذا ما يرفع الزواج كرابطة وعلاقة إلى درجة القداسة.
لا تهدم بنياناً يحبه الله:
بناء على ما سبق فإن ما يؤدي إلى ضرب هذه الرابطة، سواءً من جهة المفهوم أو العمل، إنما يعمل ضد المشروع الإلهي، ويضاد الحكمة الإلهية وهو بالنتيجة يضرب معاوله الهدّامة في أساس البنيان الذي أشاده الله ليظلِّل بنيانه الحياة الإنسانية برداء المودة والرحمة لتمتلئ نفوس الآدميين سكينة وطمأنينة.
فالطلاق يصبح عملية يهدم فيها الإنسان أحب بنيان إلى الله يشيده الإنسان في مسيرة حياته على الأرض ومن هنا نفهم لماذا كان الطلاق مبغوضاً.
كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما أحل الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق"5.
وقد روى الإمام الصادق عليه السلام عن جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "ما من شيء أبغض إلى الله عزَّ وجلَّ من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة"6.
أسباب كثرة الطلاق:
إنّ من الأمور التي تثير القلق هو تزايد نسبة الطلاق وكثرة حصوله في المجتمعات الإسلامية ففي إحدى المدن الإسلامية تقع حالات الطلاق بمعدل واحدة كل ثلاث ساعات. وقد بينت إحدى الدراسات أن أسباب الطلاق كثيرة يمكن اجمالها بما يلي:
1- عدم الإنسجام والتفاهم بين الطرفين.
2- سوء المعاملة وإيذاء أحد الزوجين لشريكه كثيراً.
3- التأثر بآراء الآخرين.
4- سوء الاختيار من البداية.
5- كثرة الغياب عن البيت وعدم تخصيص وقت للترفيه عن العائلة.
6- التقصير في الواجبات المالية.
7- علاقات خارج الزواج.
إضافة إلى أسباب أخرى منها ما له علاقة بالمستوى الثقافي، أو الصفات الأخلاقية كالطيش أو سرعة الغضب أو التأثر بالاعلام أو قلة الاستعداد للصبر والتحمل أو فارق السن، أو التقصير في العلاقة الخاصة أو الإدمان على الكحول أو المخدرات أو المسكّن7.
كيف نعالج هذه المشكلات:
لا شك أننا عندما عدَّدنا وسردنا الأسباب التي ذكرتها الدراسة القائمة على استطلاع رأي المطلقين لم نسردها للعلم فقط، وإنما ذكرناها لنستفيد منها في ايجاد العلاج والدواء الناجع لهذه الآفة الخطرة ولا يختلف الخبراء على أن نصف العلاج أن تعرف أسباب العلة.
إذ إِن العلاج البسيط لكل ما ذكرنا من أسباب الطلاق ومفسدات العلاقة الزوجية ومخرباتها هو الابتعاد عنها واجتنابها بل الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك وهو التحلي بأضدادها.
ويمكن أن نسرد بعض العناوين العامة لعلاج حالة كثرة الطلاق.
1- العمل على تأجيل قرار الطلاق: من وسائل الإصلاح والعلاج. ولعل التشريع الإلهي أراد ذلك عندما شدد على شروط الطلاق فلا طلاق في الحيض ولا في النفاس، ولا بدّ من شاهدين عدلين، وفي طهر لم يتم المواقعة فيه...
2- الإلتزام بالشرع الحنيف: ولا نقصد فيه الأحكام وإنما نقصد بذلك التخلق بأخلاق الشرع بمعنى احترام الحدود في العلاقات وفي كل شؤون الحياة وعدم تجاوزها. وفيما نحن فيه القاعدة هي المعاشرة بالمعروف، ومعنى المعاشرة بالمعروف ليس فقط أداء الحق للشريك وإنما أيضاً أداؤه بالتي هي أحسن وبالطريقة التي فيها لياقة واحترام ومحبة.
3- تنظيم الوقت وتوزيع الإهتمام: بمعنى أن تكون الحياة الأسرية والعلاقة الزوجية من الأولويات فلا يتم التضحية بها لحساب غيرها من الأمور ويأتي في هذا الإطار أيضاً محاولة عدم نقل الهموم والمشاغل الخارجية إلى أجواء المنزل والأسرة.
4- حسن الاختيار من الأول: كثيراً ما يقدم الرجل أو المرأة على الإقتران بحسن النية وحسن الظن ويهمل السؤال والبحث عن صفات الآخر، ثم ما يلبث هذا الأمر أن يطفو على السطح وتبدأ المشاكل، ولذا على الإنسان أن يسأل ويبحث عن وضع الطرف الآخر. وبعد ذلك يقدم على الزواج، فمسألة عدم التدقيق بصوابية الاختيار والإهمال سيوصلان إلى الفراق أو لا أقل إلى النزاع.
5- ابقاء المشكلات العائلية والزوجية في أضيق دائرة ممكنة: والعمل على تقليل نسبة التدخلات الخارجية.
6- التعاون على الأعمال المنزلية والأسرية: فقد روى علي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له: "يا علي من كان في خدمة عياله في البيت ولم يأنف كتب الله اسمه في ديوان الشهداء... يا علي ساعة في خدمة البيت خير من عبادة ألف سنة"8... وعدد ثواباً كثيراً إلى أن قال صلى الله عليه وآله وسلم: "يا علي، لا يخدم العيال إلا صديق أو شهيد أو رجل يريد الله به خير الدنيا والآخرة"9.
7- عدم الإيذاء وعدم العنف: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "من كان له امرأة توذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتى تعينه وترضيه وإن صامت الدهر"10. ومن العنف العنف النفسي فقد جاء من قول النبي عن المرأة: "ولا يقبح لها وجهاً". أي أن لا يهينها، ومن العنف، العنف الجسدي، والإيذاء الجسدي بالضرب وغيره فعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إني لأتعجب ممن يضرب امرأته وهو بالضرب أولى منها"11.
خاتمة:
بادر للعلاج:
إن المشكلات إذا تركت وأهملت لا يحلها الزمن كما يتصور البعض وإنما قد تركن في زوايا النفوس وتتراكم مرة بعد أخرى حتى تصل إلى حد الإنفجار الذي لا ينفع معه علاج ولذا فإنَّ على كلا الطرفين أن يبادرا إلى علاج المشكلات وعدم تأجيلها وتركها للزمن، وأن يعالجاها بأنفسهما بالتي هي أحسن وعليهما أن يتفكرا ملياً بعواقب الطلاق، وإن أعيتهما الحيلة وضاق بهم الأمر لا بد من اللجوء إلى أهل الخبرة والإختصاص ولتتم استشارة الناصح الأمين والمحب والمخلص.
1- وسائل الشيعة، ج14، ص3.
2- سورة النساء، الآية: 1.
3- وسائل الشيعة، ج14، ص3.
4- سورة الروم، الآية: 21.
5- ميزان الحكمة، الريشهري، ج2.
6- نفسه.
7- نقلاً عن دراسة أعدها مركز أمان.
8- مستدرك الوسائل، ج13، ص42.
9- نفس المصدر.
10- ميزان الأخلاق، ج2.
11- جامع الأخبار.