محاور الموضوع ألرئيسة:
1- مقدمة حول دعاء العهد.
2- الدعاء ومعرفة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف .
3- النور الذي لم ولن يطفأ.
4- المهدي وارث النبوات.
5- استلهام دعاء العهد في حياة المؤمنين.
الهدف:
بيان بعض جوانب شخصية الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف من خلال دعاء العهد والتشويق لتعهد قراءته.
تصدير الموضوع:
"اللّهُمَّ رَبَّ النُّورِ العَظِيمِ وَرَبَّ الكُرْسِيِّ الرَّفِيعِ وَرَبَّ البَحْرِ المَسْجُورِ وَمُنْزِلَ التَّوْراةِ وَالانْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَرَبَّ الظِّلِّ وَالحَرُورِ وَمُنْزِلَ القُرْآنِ العَظِيمِ...".
مقدمة حول دعاء العهد:
ورد في كتب الأدعية كما في مفاتيح الجنان دعاء عُرف بدعاء العهد مروياً عن الإمام الصادق عليه السلام حيث قال: "من دعا إلى الله تعالى أربعين صباحاً بهذا العهد، كان من أنصار قائمنا، فإن مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره، وأعطاه بكل كلمة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة، وهو هذا: ..." ثم أورد الدعاء.
ودعاء العهد من الأدعية المعروف عن المؤمنين الملتزمين أنهم لا يلتزمون بقراءته فقط أربعين صباحاً في طول العمر، بل إنَّ لهم في كل عام أربعين صباحاً يوقفونها على قراءته، والبعض الآخر يواظب على قراءته وبشكل يومي وهؤلاء يعتبرون التحديد باستحباب قراءته بأربعين صباحاً هو أقل المطلوب.
إذ إنهم يرون في أمثال هذا الدعاء من الأدعية والزيارات وسائل وألواناً من المواصلة والتواصل مع ولي الأمر وإمام الزمان ومعشوق القلوب يتيح لهم التلذذ بذكره وانعاش الأمل في نفوسهم وتربيتها وتزكيتها، ومن أهم ما يستفيدونه هو بعض مراتب ودرجات المعرفة بالإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف والمعايشة الشعورية معه ومع وجوده وقضيته.
الدعاء ومعرفة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف
قلنا فيما سبق أن دعاء العهد يقدم لقارئه حاجة من ضروريات الإيمان وهي معرفة إمام الزمان "اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني". ولأننا لا نستطيع استقصاء كل سبل وألوان المعرفة التي يقدمها دعاء العهد عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف نقتبس منه بعض ذلك فنذكر أولاً:
النور الذي لم ولن يطفأ:
يبدأ دعاء العهد بقول الإمام الصادق عليه السلام : "اللهم رب النور العظيم" ولمعرفة معنى هذه الفقرة نقف عند كلماتها كلمة كلمة... أما قوله: "اللهم" فهو بدأ بالدعاء متوجهاً باسم الله الذي هو جامع لكل أسمائه الحسنى ثم يعطف بعدها إلى اسم آخر وهو الرب فكلمة الرب في جذورها آتية من معنى التدبير، فكلما أضيفت إلى شيء كانت مشيرة إلى تدبير ما أضيفت إليه؛ وبالتالي فإن معناها في هذه الفقرة من الدعاء هو تدبير وجود خاص هو النور الموصوف بالعظيم فالله مبدع الموجودات والظواهر الكونية كلها وهي تفتقر إلى تدبيره الحكيم والمحكم ومما يحتاج إلى التدبير "النور العظيم" فما هو النور العظيم وما معنى تدبيره ورعايته؟
فقد وردت كلمة النور في القرآن في مواضع مختلفة كقوله تعالى: ﴿يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ﴾ حيث يرمز النور إلى كل ما هو ايجابي وحق في مقابل الظلمات التي ترمز إلى كل ما هو سلبي وباطل، وهناك موارد أخرى كالنور الذي يرافق المؤمنين في الآخرة وقد فسرَّ بأنه ضياء يهتدي به المؤمنون. ولكن لا بدَّ لمعرفة معنى هذه الفقرة من أن نأتي البيوت من أبوابها وأبواب العلم هنا هم أهل بيت النبوة عليه السلام . وقد فسرها الإمام الصادق عليه السلام بالإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف حيث قال عليه السلام : "لم تخل الأرض منذ كانت من حجة عالم، يحيي فيها ما يميتون من الحق، ثم تلا هذه الآية: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾1..."2.
فالنور العظيم المقصود من الآية هو الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف والذي تعهد المولى من موقع ربوبيته له وللعوالم كافة بابقائه نيراً حاملاً كل الخير ومظهراً لكل خير مهما حصل وجرى ومهما فعل المعادون؛ وإنَّ جهد المعادين الساعين لإطفاء النور المهدوي أضعف من جهد من يريد اطفاء نور الشمس بنفخة. وبقوله عليه السلام بعد ذلك: "ربَّ الكرسي الرفيع... الخ" إشارة إلى قدرته تعالى وهيمنته على كل العوامل والظواهر والموجودات فهو عليه السلام يشير بالكرسي إلى الملك خصوصاً بالعطف على ما قرن به الكرسي من حفظ السموات والأرض بقوله ﴿وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾ تصبح الإشارة إلى هيمنة "رب النور العظيم" على حفظه ورعايته ليظهر بتمام نوره دون أن يناله كيد من يكيد ومكر من يمكر. وهذا وعد بحفظ الإمام المهدي واظهاره وانتصاره وظهوره على عدوِّه.
المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وارث النبوات::
مما ورد في دعاء العهد: "ومنزل التوراة والإنجيل والزبور... منزل القرآن العظيم..". وهذا الذكر للكتب السماوية من التوراة إلى الإنجيل إلى الزبور... ترمز إلى الرسالات التي تشكل هذه المذكورات كتبها...
فهو إشارة: إلى ما عبَّر عنه القرآن من إيمان المؤمنين إضافة إلى الغيب بالرسالات السماوية. وتخصيص القرآن من بين الكتب بصفة العظيم تمييز للقرآن عن غيره من الكتب لأنه أتمها وأكملها والمهيمن عليها فهو كتاب ختام الرسالات؛ وورود ذلك في دعاء إنما أنشئ لأجل الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف الذي تكون به تمام الفائدة من الدين الخاتم لعله للإلفات إلى أن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف هو الممثل لرسالات السماء جميعاً وهو المحقق لتمام أهدافها عندما يظهر، فهو المدخر لهذه المهمة وكتابه الذي يحقق ذلك هو القرآن العظيم. فالإمام المهدي يحقق في نهضته العبودية الكاملة لله والعدالة الشاملة التامة لعالم المخلوقات وهما أسمى أهداف النبوات.
خاتمة:
استلهام دعاء العهد في حياة المؤمنين:
عندما ترد عبارة "اللهم بلغ مولانا الإمام الهادي المهدي القائم بأمرك صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين عن جميع المؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها سهلها وجبلها وبرها وبحرها وعني وعن والدي من الصلوات زنة عرش الله ومداد كلماته وما أحصاه علمه وأحاط به كتابه".
نستفيد أن بركات وجود الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف في بركة وجوده وآثار هذا الوجود الشريف يعم العالم والناس بل الخلق بالخير لذا فإنَّ كل ما ذكر في هذه الفقرة مدينون لوجوده المبارك ولا بدّ من إيفائه شيئاً من حقه بالدعاء إلى الله أن يصلي عليه من خلال طلب صلوات زنة العرش ومداد الكلمات الإلهية التي لا تنفد وما أحاط به علمه وأثبته كتابه... فإن الذين من شأنهم الصلوات عليه لبركة وجوده هم المؤمنون أين ما كانوا لا لأنها غير مطلوبة من غيرهم بل لأنها لا تقبل إلا منهم ولأنهم المستفيدون من هذا الوجود المبارك..
وثانياً: ثمة تدريب لنا نحن المؤمنين بتكرارنا لهذا الدعاء سرٌ للخروج من أنانياتنا ولا ندعو فقط للآخرين بل أن نقوم ببعض العبادات ومنها الصلاة على صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف نيابة عن النفس والأرحام بل عن جميع المؤمنين لأننا في التنعم ببركاته سواءٌ ولنردد مع ما علمنا الإمام الصادق عليه السلام في دعاء العهد: "اللهم أرني الطلعة الرشيدة والغرَّة الحميدة وأكحل ناظري بنظرة مني إليه...".
1- سورة الصف، الآية: 8..
2- إكمال الدين، الصدوق، ص221.