1- تبيين مفهوم الامامة
2- تبيين ان الامامة استمرار للنبوة
3- تبيين دور الامام
4- تبيين من يختار الامام
5- التاكيد على وجود النص على الامام
6- ايراد حديث الغدير
الهدف: تبيين أهمية الامامة ودورها ووظيفتها من خلال حديث الغدير
تصدير الموضوع: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِين﴾َ( المائدة: 67 )
مفهوم الامامة
نبدأ بذكر الإمامة بحسب اللغة؛ لأنّ ذلك يوضّح معنى الإمامة في العقيدة.
الإمامة في اللغة الرئاسة العامة وكل من يتصدى لرئاسة جماعة يسمى "إمام".
ومن هذا المعنى اللغويّ، كان معنى الإمامة في العقيدة، فالإمام في العقيدة هو من له الرئاسة العامّة في أمور الدين والدنيا، فتشمل كافّة النواحي الحياتيّة للإنسان، وهذا المنصب ثابت للأئمّة عليهم السلام بما أنّهم خلفاء عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)، فلهم ما كان لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) من الولاية على الناس وعلى شؤونهم.
الإمامة استمرار للنبوة:
إن الخلافة سنَّة مستمرة بين الأنبياء عليهم السلام حتى لا تخلو الأرض من حجة ولحفظ ما أنجزه الأنبياء وإتمام دورهم في هداية الناس إلى كمالهم الروحي والأخلاقي وكل ما يرتبط في حياتهم وآخرتهم ويكون ذلك على يدي إنسان يتمتع بنفس مواصفات النبي من الكفاءة والمؤهلات ويمتلك كل مناصب النبي إلا النبوّة والرسالة، يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم للَّه بحجة، إما ظاهراً مشهوراً وإما خائفاً مغموراً، لئلا تبطل حجج اللَّه وبيناته"1.
وقال الإمام الباقر عليه السلام: "إن اللَّه لم يدع الأرض بغير عالم، ولولا ذلك لم يعرف الحق من الباطل"2.
دور الإمام
من خلال التعريف المتقدِّم للإمام، وكونه خليفة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وبملاحظة ما تقدَّم من دور الأنبياء عليهم السلام، يتّضح لنا دور الأئمّة عليهم السلام وهو عبارة عن:
أ ـ بيان المعارف الدينيـّة والإلهيـّة، من العقائد والمفاهيم والأحكام الشرعيّة. باعتبارهم يشكّلون المرجعيّة الدينيّة.
ب ـ إدارة المجتمع الإسلاميّ، والدولة الإسلاميّة، من خلال الحكم بين الناس وإقامة العدل، وحفظ الثغور، لأنّهم يمثّلون المرجعيّة السياسيّة والإداريّة.
ج ـ تربية النفوس وتزكيتها، بتربية الناس على التقوى والعمل الصالح، واتّخاذهم أسوة يُقْتَدى بها.
من يختار الإمام
إن مسألة الإمامة ليست مسألة سهلة بل لها من الأهمية والخطورة بحيث لا يمكن أن يقوم بها وبمهامها إلا من اختصه اللَّه تعالى بصفات خاصة لذلك لم يترك أمر اختيار أصحابها إلى الناس_ فهي ليست مقاما دنيويا كرئاسة الجمهورية أو الوزراء أو النواب- بل يعيّنون من قبل اللَّه تعالى على لسان من سبقهم من الأنبياء والأئمة عليهم السلام، يقول تعالى مخاطباً النبي إبراهيم عليه السلام: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين﴾3.
وهذه الآية المباركة تدل على أن الذي يتصدى لهذا المنصب يجب أن يكون مقبولاً ومرضياً عند اللَّه سبحانه وتعالى لأن مسألة الإمامة هي عهد من اللَّه وصاحب هذا العهد عليه أن يتمتع بصفات ومؤهلات كثيرة كالعصمة...
يقول الإمام الرضا عليه السلام: "هل يعرفون قدر الإمامة ومحلّها من الأمّة فيجوز فيها اختيارهم؟! إنّ الإمامة أجلّ قدراً، وأعظم شأناً، وأعلى مكاناً، وأمنع جانباً، وأبعد غوراً من أن يبلغها النّاس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماماً باختيارهم إنّ الإمامة خصّ الله بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النّبوّة، والخلّة مرتبة ثالثة، وفضيلة شرّفه بها، وأشاد بها ذكره، فقال عزَّ وجلَّ: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ فقال الخليل عليه السلام: سروراً بها ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾ قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين﴾ فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة، وصارت في الصّفوة، ثمّ أكرمه الله عزَّ وجلَّ بأن جعلها في ذريّته أهل الصّفوة والطّهارة فقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾ فلم يزل في ذريّته يرثها بعض عن بعض حتَّى ورثها النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال الله عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِين﴾ فكانت له خاصّة فقلّدها صلى الله عليه وآله وسلم عليّاً بأمر الله عزَّ وجلَّ على رسم ما فرضها الله عزَّ وجلَّ، فصارت في ذريّته الأصفياء الّذين آتاهم الله العلم والإيمان بقوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُون﴾ فهي في ولد عليّ عليه السلام خاصّة إلى يوم القيامة إذ لا نبيّ بعد محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، فمن أين يختار هؤلاء الجهّال؟!4"
النص على الإمام عليه السلام:
قلنا إن منصب الإمامة هو استمرار للنبوة فلذلك ما كان لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم- وهو خاتم النبيين - أن يترك المجتمع يعيش في فراغ بعد رحيله حيث تقع فيه الخلافات والنزاعات ويرجع الناس إلى عهد الجاهلية، بل إن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وهو الذي بعث رحمة للعالمين وسيد العقلاء الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، كان قد نصَّ – بالاضافة الى الايات القرانية الكثيرة الدالة على امامة الامير - على ولاية وإمامة علي عليه السلام في مناسبات كثيرة منذ انطلاق الدعوة الإسلامية،كحديث الدار عندما جمع عشيرته ولم يؤازره على أمره غير الإمام علي عليه السلام فقال عندها صلى الله عليه وآله وسلم: "أنت أخي ووصيي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي"5 ثم أكد على هذه الولاية في العديد من النصوص لاحقاً إلى أن وصل الامر إلى حديث الغدير.
حديث الغدير
قبل ذكرنا لحديث الغدير نذكر لكم الاية الكريمة التي لها علاقة بهذا الحديث والتي مهدت له،يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِين﴾6.
فما هو هذا البلاغ العظيم والمهم الذي توقف عليه تبليغ الرسالة وان لم يفعله الرسول لم يكمل تبليغه؟البلاغ العظيم والخطير هو تعيين الامام علي اماما بعد رسول الله.
فعندما قام رسول الله بهذا التبليغ الخطير نزلت هذه الاية المباركة: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَم ديناً﴾7.
فهذه الاية تعني ان الدين قد كمل على يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم والنعمة قد تمَّت،بتنصيب الامام علي وليا واماما وخليفة لرسول الله ؟!
يقول الكثير من المؤرخين إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله أدّى فريضة الحجّ في آخر سنة من سنوات عمره الشريف، وبعد الانتهاء من الحجّ، رجع ومعه جماعات غفيرة من أصحابه القدامى والجدد والمسلمين المولعين به، الذين كانوا قد اجتمعوا من مختلف نقاط الحجاز ليلحقوا برسول الله صلى الله عليه وآله في أداء فريضة الحجّ، وعند وصولهم إلى مكان بين مكّة والمدينة اسمه "الجحفة"، تقدّمهم نحو "غدير خمّ" حيث كانت الطريق تتفرّق، فيتفرّق عندها الناس كلّ إلى وجهته.ولكن قبل أنْ يتفرّق الناس من هناك إلى الأنحاء المختلفة، أمر الرسول صلى الله عليه واله الناس بالتوقّف ,أقيم لرسول الله منبر من أحداج الإبل، فارتقاه، وبعد أنْ حمد الله وأثنى عليه، كان من جملة ما قال:"... أمّا بعد أيّها الناس، اسمعوا منّي أبيّن لكم فإنّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا. أنا مسؤول وأنتم مسؤولون. تُرى كيف تشهدون لي"؟ رفع الناس أصواتهم قائلين: نشهد أنّك قد بلغّت ونصحت جاهدت فجزاك الله خيراً.
فقال النبيّ صلى الله عليه وآله: "أتشهدون بأنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وأنّ محمّداً رسول الله، وأنّ الله سيبعث من في القبور يوم القيامة"؟. فقالوا جميعاًً: نعم نشهد بذلك. فقال: "الّلهم اشهد"! ثمّ سألهم: "أيها الناس، أتسمعون صوتي"؟
قالوا: نعم. ثمّ نظر النبيّ صلى الله عليه وآله إلى أطرافه كأنّه يبحث عن شخص، فلما وقع بصره على عليّ عليه السلام انحنى وأمسك بيده ورفعها حتّى بان بياض إبطيهما، فرآه الناس وعرفوه.وارتفع صوت النبيّّ صلى الله عليه وآله وهو يقول: "أيّها الناس، مَن أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم"؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم.فقال: "إنّ الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فعليّ مولاه". وكرّر هذا القول ثلاث مرات. وقال بعض الرواة إنّه كرّره أربع مرّات، ثمّ رفع رأسه الشريف إلى السماء وقال:"الّلهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحبَّ من أحبّه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار".ثم قال: "ألا هل بلّغت"؟ قالوا: نعم.
قال: "فليبلّغ الشاهد الغائب". وقبل أن يتفرّق الجمع نزل جبرائيل الأمين بالآية التالية على رسول الله صلى الله عليه وآله: ﴿اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأتْمَمْتُ عَلَيكُم نِعْمَتي...﴾.
فقال النبيّ صلى الله عليه وآله: "الله أكبر، الله أكبر، على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الربّ برسالتي والولاية لعليّ من بعدي".
فحصل هرج ومرج بين الناس وراحوا يتزاحمون لتهنئة عليّ عليه السلام بالولاية، وكان منهم أبو بكر وعمر، اللذان تقدّما إلى عليّ عليه السلام يقولان: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة!8
الخاتمة
ايها المؤمنون الموالون لرسول الله واهل بيته الاطهار، بخ بخ لكم فأنتم تتولون من اراده الله لكم وليا،طوبى لكم جنة الخلد التي توعدون .
ولكن اية موالاة هذه التي يريدها الله ورسوله واهل بيته، لنسمع لامامنا أبي جعفر ماذا يقول لجابر: يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير، وكانوا امناء عشائرهم في الأشياء. قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة، فقال: يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب الرجل أن يقول: أحب عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا ؟ فلو قال: إني أحب رسول الله فرسول الله صلى الله عليه وآله خير من علي عليه السلام ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله عز وجل وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته، يا جابر والله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة وما معنا براءة من النار ولا على الله لاحد من حجة، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع9.
1-نهج البلاغة، حكمة 147.
2 ـ الكافي، ج1، ص178.
3 -البقرة: 124.
4-عيون أخبار الرضا عليه السلام، الشيخ الصدوق، ج1، ص217.
5 ـ الإرشاد، ج 1، ص 50.
6 ـ المائدة: 67.
7-المائدة: 3.
8-انظر: بحار الأنوار، ج23، ص141.
9-الكافج ج2 ص75.