الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات

منبر المحراب-العدد 1021-4 صفر 1434 هـ الموافق 18 كانون الأول 2012 م
الصبر مفتاح الخيرات"الامام الكاظم عليه السلام نموذجاً"

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

محاور الموضوع
1- معنى الصبر وأنحاؤه
2- درجات الصبر
3- الاختبار الإلهي
4- طرق الاختبار
5- من عوامل النجاح في الامتحان الإلهيّ
6- نماذج صابرة

الهدف:

الحثّ على الصبر والالفات الى صبر الامام الكاظم عليه السلام

تصدير الموضوع:
يقول تعالى: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون1.

تمهيد:
نقرأ في هذه الآية أربع أوامر تمثل مفتاح السعادة ومصدر الخيرات والبركات على الإنسان في حياته المادية والمعنوية.
الأوّل: الصبر والاستقامة والصمود أمام الحوادث والمشكلات والمصائب والموانع الّتي يجدها الإنسان في حركته الدنيوية لتحديات الواقع وصعوبة الظروف.

الثاني: المصابرة، وهي من باب "مفاعلة" وتأتي بمعنى الصبر والاستقامة مقابل صبر واستقامة الآخرين، وفي الحقيقة فإنّ الدستور الأوّل ناظرٌ إلى الصبر والاستقامة أمام أنواع المشكلات والحوادث الّتي يفرضها الواقع على الإنسان، أما الدستور الثاني فناظرٌ إلى الصبر والاستقامة أمام الأعداء، وعليه فكلّما بذل الأعداء جهداً في سبيل المقاومة في ميدان القتال، فعلى المؤمنين أن يبذلوا جهداً أكبر من ذلك ويعيشوا الصبر بأقوى ممّا لدى العدو كي ينالوا النصر والغلبة عليه.

معنى الصبر وأنحاؤه
الصبر على ثلاثة أنحاء:
الصبر على الطاعة: أي المقاومة أمام المشاكل الّتي تعتري طريق الطاعة.
الصبر عن المعصية: أي الثبات أمام دوافع الشهوات العاتية وارتكاب المعاصي.
الصبر على المصيبة: أي الصمود أمام الحوادث المرّة وعدم الانهيار وترك الجزع والفزع.

فعن رسول الله صلى الله عليه وآله:"الصبر ثلاثة، صبر عند المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية"2.

درجات الصبر
حسب ما يُفهم من الأحاديث الشريفة إنّ للصبر درجات. ويختلف الأجر والثواب عليه على ضوء مراتبه.فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "... فمن صبر على المصيبة حتّى يردّها بحسن عزائها، كتب الله له ثلاثمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء والأرض، ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش، ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش"3.

الاختبار الإلهيّ
يقول تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون4.

إنّ نظام الحياة نظام تكامل وتربية، وكلُّ الموجودات الحيّة تطوي مسيرة تكاملها، حتّى الأشجار تُعبِّر عن قابليّاتها الكامنة بالأثمار، من هنا فإنَّ كلّ البشر، حتّى الأنبياء عليهم السلام، مشمولون بقانون الاختبار الإلهيّ، يقول سبحانه: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ5.

ويعرض القرآن نماذج لاختبارات الأنبياء عليهم السلام إذ يقول: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّه6.ويقول في موضع آخر بشأن اختبار النبيّ سليمان عليه السلام: ﴿فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي ءأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُر7.

وعن لقمان: "إنّ الذهب يُجرّب بالنار، والعبد الصالح يُجرّب بالبلاء، فإذا أحبَّ الله قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى, ومن سخط فله السخط"8، وعنه أيضاً: "يا بنيّ، الذهب والفضّة يُختبران بالنار، والمؤمن يُختبر بالبلاء"9.وإذا كان جميع الناس مبتلين فعلى الإنسان المؤمن أن يصبر على البلاء حتّى ينجح في هذا الامتحان الإلهيّ.

طرق الاختبار
هناك مظاهر عديدة للاختبار الإلهيّ، بالخوف والجوع والأضرار الماليّة والموت.
ولا ينحصر الاختبار الإلهيّ بالأمور السلبيّة ـ الشرّ ـ بل يعمّ الأمور الإيجابيّة ـ الخير ـ، كما يقول سبحانه: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً10.
وينبغي الإشارة إلى أنّه ليس من الضروريّ أن يُختبر جميع الناس بجميع وسائل الاختبار، بل من الممكن أن يكون اختبار كلّ فئة بلون من الامتحان يتناسب مع الوضع الفرديّ والاجتماعيّ لتلك الفئة، فقد يُمتحن بعض الناس بوفرة المال، وبعض آخر بقلّة المال، وبعض بالكرسيّ والمنصب، وآخرون بالنساء، وغير ذلك من الامتحانات. أجارنا الله ممّا لا طاقة لنا به. هذا على المستوى الفرديّ، وأمّا على المستوى الجماعي فقد تُبتلى الأمّة كأمّة بقائد أو بإمام، أو بعدوّ ليرى مدى نجاح الأمّة كأمّة بهذا الامتحان؟

من عوامل النجاح في الامتحان الإلهيّ:
إذا كان الامتحان الإلهيّ عامّاً لجميع البشر، وله مظاهر وطرق، فما هو السبيل لإحراز النجاح؟

1ـ أهم عامل للنجاح هو الصبر ولذلك يقول تعالى في الآية: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ.
فعن الإمام علي عليه السلام: "لا يعدم الصبور الظفر، وإن طال به الزمان"11.
وعنه عليه السلام: "حلاوة الظفر تمحو مرارة الصبر"12.

2ـ الالتفات إلى أنّ نكبات الحياة ومشاكلها مهما كانت شديدة وقاسية فهي مؤقّتة وعابرة، وهذا ما يؤكِّده القرآن الكريم: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً 13.

3ـ قوّة الإيمان بالله تعالى والعلم بأنّا إليه راجعون، ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ14.

4ـ الالتفات إلى أنّ الله سبحانه عالم بكلِّ مجريات الأمور، عامل آخر في التثبيت وزيادة المقاومة. حين واجه النبيُّ نوح عليه السلام أعظم المصائب والضغوط من قومه وهو يصنع الفلك، جاءه نداء التثبيت الإلهيّ ليقول له: ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا15.

وعبارة "بأعيننا" كان لها وقع عظيم في نفس هذا النبيِّ الكريم، فاستقام وواصل عمله حتّى المرحلة النهائيّة دون الالتفات إلى تقريع الكفّار واستهزائهم.وقد ورد عن سيّد الشهداء الإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام أنّه قال عند تفاقم الخطب أمامه في كربلاء، واستشهد أصحابه وأهل بيته: "هوّن عليّ ما نزل بي أنّه بعين الله"16.

5 ـ التدقيق في تأريخ الأسلاف، وإمعان النظر في مواقفهم من الاختبارات الإلهيّة، عامل مؤثِّر في إعداد الإنسان لاجتياز الامتحان الإلهيّ بنجاح.

نماذج صابرة:
أ ـ الصبر على المصيبة: وهنا نذكر صبر ومصابرة إمامنا الكاظم عليه السلام -ونحن في اجواء ولادته- امام اعدائه وتحمله السجن: اتفقت كلمة المؤرخين على أن هارون الرشيد قام باعتقال الإمام الكاظم عليه السلام وإيداعه السجن لسنين طويلة مع تأكيده على سجانيه بالتشديد والتضييق عليه. قال ابن كثير: فلما طال سجن الإمام الكاظم عليه السلام كتب إلى الرشيد: أما بعد يا أمير المؤمنين إنه لم ينقض عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك يوم من الرخاء، حتى يفضي بنا ذلك إلى يوم يخسر فيه المبطلون17.

ولم يزل ذلك الامر بالإمام عليه السلام ينقل من سجن إلى سجن حتى انتهى به الأمر إلى سجن السندي بن شاهك، وكان فاجراً فاسقاً، لا يتورع عن أي شيء تملقا ومداهنة للسلطان، فغالى في سجن الإمام عليه السلام وزاد في تقييده حتى جاء أمر الرشيد بدس السم للامام الكاظم عليه السلام فأسرع السندي إلى انفاذ هذا الأمر العظيم واستشهد الإمام عليه السلام بعد طول سجن ومعاناة في عام 183 هجري.
فالسلام عليه يوم ولد ويوم صبر وصابر ويوم استشهد سجينا مظلوماً مسموماً، ويوم يبعث حياً.

ب ـ الصبر عن المعصية: لقد خلّد لنا القرآن تجربة مهمّة في هذا المجال، مرّ بها النبيُّ يوسف عليه السلام حيث صبر عن معصية الله المشرّعة أمامه حيث دعته إليها امرأة العزيز، مع ملاحظة الأسباب الّتي تقوى معها دواعي الموافقة.

إنّ الشباب المؤمن بحاجة ـ وخاصّة في هذه الأيّام ـ الّتي تنتشر فيها دواعي الفساد إلى الاقتداء بالنبيِّ يوسف العظيم عليه السلام، بإرادته وصبره وجهاده لنفسه فإنّه نعم القدوة والأسوة.
﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ 18.

ج ـ الصبر على الطاعة: مثاله صبر النبيّ إبراهيم عليه السلام وابنه النبيّ اسماعيل عليه السلام وهذا نموذج رفيع من نماذج الصبر، حيث يُقدّم الإنسان ابنه لله فإنّ ذلك يحتاج إلى صبر وإرادة عظيمين. وأبرز مثال على ذلك صبر الإمام الحسين عليه السلام على تنفيذ أمر الله تعالى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقدّم نفسه وأولاده وأرحامه وأصحابه، قرباناً لله سبحانه وطاعة لأمره.

ولن ننسى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الّذي كان قمّة الصبر، وهو أسوتنا وقدوتنا: يقول تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً19.

خاتمة
يوجد في التأريخ من النماذج الصابرة غير المعصومة الكثير، وفي الحاضر نماذج مهمّة في الصبر كما في علمائنا الأبرار أمثال الامام الخميني والمقاومين المجاهدين، الّذين نسمع عن قصص بعضهم في السجون وفي الحروب ما يُحيِّر ويُدهش العقول." اِنَّما يُوَفّى الصَّابِرُونَ اجْرَهمِ بِغَيْرِ حِسَاب"20.."سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارُ"21.


1- آل عمران: 200.
2-أصول الكافي، الكليني، ج 2، ص 91.
3-أصول الكافي، ج 2، كتاب الإيمان والكفر، باب الصبر، ص91، ح 15.
4-البقرة: 155 و 156.
5-العنكبوت: 2
6-البقرة: 124.
7-النمل: 40.
8- حكمة لقمان، محمد الري شهري، ص 81.
9 ـ م. ن، ص 81.
10- الأنبياء, الآية: 35.
11 ـ نهج البلاغة، الحكمة: 153.
12 ـ ميزان الحكمة محمّد الري شهري، ج 2، ص 1559.
13- الشرح: 4 و 5.
14-البقرة: 155 و 156.
15- هود: 37.
16-بحار الأنوار، ج 45، ص 46.
17 - البداية والنهاية 10 / 183.
18-العنكبوت، الآية: 69.
19- الأحزاب، الآية: 21.
20-الزمر، الآية 10
21- الرعد، الآية 24.

21-12-2012 | 04-46 د | 3320 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net