تحميل

محاور الموضوع
1- تمهيد في تسمية المولود وتسمية أولياء الله تعالى
2- ذكر بعض أسماء تسعة أسماء سيدتنا الزهراء عليها السلام ومعانيها

الهدف:
إظهار فضل فاطمة عليها السلام وكرامتها على الله تعالى من خلال أسمائها

تصدير الموضوع
قال الإمام الصادق عليه السلام: "لفاطمة تسعة أسماء عند الله عز وجل: فاطمة والصدِّيقة والمباركة، والطاهرة، والزكية، والراضية والمرضيّة، والمحدَّثة، والزهراء..."


تمهيد
تُعتبر تسمية الطفل المولود أو التسمية (بصورة عامة) من سنن الله تعالى الأولى، وقد سمَّى الله تعالى آدم وحوَّاء يوم خلقهما، فالتسمية لا بدَّ منها عند البشر، أما أولياء الله فإنَّ التسمية تعتبر عندهم ذات أهمية كبرى، وإذا أمعنا النظر نجد أنَّ الله قد يتولّى تسميتهم ولا يكلها إلى الأبويْن.

وفي الأحاديث التي تذكر اسم السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، وأنها إنما سُميت بفاطمة لأسباب ومناسبات، وليست هذه التسمية ارتجالية،بل روعي فيها مناسبة الاسم مع المسمّى، بل صدق الاسم على المسمَّى، وبهذه الأحاديث يتضح ما نقول.

من أسماء سيدتنا فاطمة عليها السلام

قال الإمام الصادق عليه السلام: "لفاطمة تسعة أسماء عند الله عزّ وجل: فاطمة والصدِّيقة والمباركة، والطاهرة، والزكية، والراضية والمرضية، والمحدَّثة، والزهراء..."¹

1- فَاطمَة عليها السلام
عن الامام أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: "لما ولدت فاطمة عليها السلام أوحى الله عزّ وجل إلى ملك فأنطق به لسان محمدصلى الله عليه وآله فَسمَّاها فاطمة ثم قال: إني فطمتك بالعلم. وفطمتك عن الطمث ثم قال أبو جعفر عليه السلام: والله لقد فطمها الله تبارك وتعالى بالعلم وعن الطمث بالميثاق".²

قال الإمام الصادق عليه السلام: "أتدرون أيُّ شيء تفسير فاطمة"؟" قلت: أخبرني يا سيدي قال: "فُطمت من الشر. ثم قال: لولا أن أمير المؤمنين تزوَّجها لما كان لها كفء إلى يوم القيامة على وجه الأرض، آدم فمن دونه"³

وكان هذا الاسم محبوباً عند أهل البيت عليهم السلام يحترمونه ويحترمون من سُمِّيت به. سأل الإمام الصادق عليه السلام أحد أصحابه - وقد رزقه الله بنتاً - بِم سمَّيتها قال الرجل: سميتها فاطمة. قال الإمام الصادق: "فاطمة؟ سلام الله على فاطمة أما إن سميتها فاطمة فلا تلطمها ولا تشتمها وأكرمها".

2- الصِّدِّيقة
الصدِّيقون هم الذين يعتقدون الحق ويؤمنون به، ويعملون على ضوء تلك المعتقدات، وهؤلاء عددهم قليل ونادر في كل زمان وفي كل مكان ومرتبة الصدِّيقين في عداد مراتب الأنبياء والشهداء قال تعالى: ﴿وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا⁴﴾، وذكر الله تعالى من الصديقين ابراهيم عليه السلام وادريس ومريم عليهما السلام إن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام قد بلغت مرتبة الصدِّيقين، وسمَّاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالصدِّيقة.

وسأل المفضل بن عمرو عن الإمام الصادق عليه السلام قال: قلت: من غسَّل فاطمة عليها السلام ؟ قال: "ذاك أمير المؤمنين عليه السلام فكأنني استعظمت ذلك من قوله"، فقال كأنك ضقتَ بما أخبرتك به؟ فقلت: قد كان ذلك جعلت فداك قال: "لا تضيقنَّ، فإنها صدِّيقة، ولم يغسِّلها إلا صدِّيق، أما علمت أن مريم لم يغسِّلها إلا عيسى"⁵

3- المُبَارَكَة
البركة: النماء والسعادة والزيادة، ولقد بارك الله في السيدة فاطمة عليها السلام أنواعاً من البركات وجعل ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من نسلها، وجعل الخير الكثير في ذريَّتها، فإنها ماتت وتركت ولدين وابنتين فقط، وهم: الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السلام وزينب وأُم كلثوم عليهما السلام،ولم يتعرض نسل على وجه الارض الى ما تعرض له نسلها المبارك من قتل ومجازر ومع ذلك جعل الله البركة فيه.

وفي تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ أن المقصود من الكوثر هي الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السلام، فقد ذكر الطبرسي في (مجمع البيان) في تفسير سورة الكوثر: قال: قيل: الكوثر هو الخير الكثير، وقيل: هو كثرة النسل والذرية، وقد ظهرت الكثرة في نسله - رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - من وُلد فاطمة حتى لا يحصى عددهم، واتصل إلى يوم القيامة مددهم.

4- الطّاهِرَة
من جملة أسماء الزهراء عليه السلام الطاهرة، وقد أثبت الله لها ذلك في آية التطهير، وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾، والأمر الذي لا شك فيه أن آية التطهير تشمل الصدِّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليه السلام قطعاً، وبإجماع المفسرين والمحدِّثين من الشيعة والسنَّة، إلاَّ من شذَّ وندر.

5- الزّكِيّة
الزكاة: النموّ والزيادة، وقد ذكرنا الشيء اليسير مما يتعلق بهذا الموضوع حول اسمها عليها السلام: المباركة.

6- الراضِيّة
الرضا بما قدَّر الله تعالى لعبده يعتبر من أعلى درجات الإيمان بالله عز وجل، وقد رضيت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام بما قدر لها من مرارة الحياة، وهذا التاريخ كله يحدثك عن المصائب والنوائب التي انصبّت على فاطمة الزهراء عليها السلام منذ نعومة أظافرها إلى أن فارقت الحياة في عنفوان شبابها، وهي في جميع تلك المراحل راضية بثواب الله وقضاء الله في الدنيا.

7- المرضيّة
إن درجة المرضيين عند الله تعالى درجة عالية، ومن جملة الذين فازوا بتلك المنزلة الرفيعة والدرجة الراقية هي سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام فإن الله تعالى قد رضي عنها، فكانت مرضية عند الله عز وجل، مرضية أعمالها التي عملتها مرضية رضي عنها ربها بما عملت من طاعته.

8- المُحَدّثَة
قبل كل شيء ينبغي أن نعلم: هل تتحدث الملائكة مع غير النبي؟ وهل يراهم غير النبي؟ أو يسمع أصواتهم؟ للإجابة على هذه الأسئلة نراجع القرآن الكريم للتحقيق عن الجواب الصحيح.

قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ *  يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾⁶

إن صريح هذه الآية أن الملائكة خاطبت مريم. قال سبحانه: ﴿وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ *  قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ﴾⁷

بعد هذه المقدمات سوف لا يصعب عليك أن تعرف أن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام كانت محدَّثة، إذ ليست سيدة نساء العالمين وبنت سيدة الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله وسلم بأقلِّ شأناً من مريم بنت عمران أو سارة زوجة إبراهيم أو أم موسى، وليس معنى ذلك أن مريم أو سارة أو أم موسى كنَّ من الأنبياء، وهكذا ليس معنى ذلك أن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام كانت نبية ولكنها ولية من أولياء الله المقربين.

وقد روى الشيخ الصدوق في (علل الشرائع) عن زيد بن علي قال: "سمعت أن أبا عبد الله (الصادق) يقول إنَّما سمِّيت فاطمة محدَّثة (بفتح الدال) لأن الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران، فتقول الملائكة: يا فاطمة إن الله اصطفاك وطهَّرك واصطفاك على نساء العالمين "⁸

9- الزّهرَاء
عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "وأما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة مني وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي وهي روحي التي بين جنبيّ، وهي الحوراء الإنسية متى قامت في محرابها بين يدي ربها (جل جلاله) زهر نورها لملائكة السماوات كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض"⁹ وبهذا الحديث اتضح لنا سبب تسميتها عليها السلام الزهراء، وهناك أحاديث أخرى بهذا المضمون، وإنها كانت تتمتع بوجه مشرق مستنير زاهر.ولسيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام أسماء غير التي مرّت عليك وكل اسم يدل على فضيلة ومزية امتازت بها السيدة الزهراء منها: البتول، العذراء الحانية (من الحنان) بسبب كثرة حنانها على أولادها، وكنيتها، أم أبيها، وهي من أفضل كناها.

^{1- بحار الأنوار: ج10
2- بحار الانوار ج 43 ص 13
3- بحار الانوار ج 43 ص 10
4- سورة النساء، الآية:69
5- بحار الانوار ج 43 ص 206
6- سورة آل عمران: 42-43
7- سورة هود: الآيات 71- 73
8- بحار الانوار ج 43 ص 78
9- بحار الانوار ج 43 ص 12}