الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1644 23 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 26 تشرين الثاني 2024 م

ضياع القِيم في عصر الغَيبة

وللمظلوم عوناًالكلّ يحتاج إلى الصبر مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة
من نحن

 
 

 

التصنيفات

منبر المحراب- السنة الخامسة عشرة- العدد: 805- 27 شوال 1429 هـالموافق 28تشرين أول2008 م
مفهوم نظم الأمر في الإسلام

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تحميل

محاور الموضوع الرئيسة:
- دور النظم وآثاره على الحياة الشخصية
- التربية على الانضباط في الحياة الفردية
- الانضباط في العلاقات الاجتماعيّة

تصدير الموضوع:
أوصى الإمام علي عليه السلام ولديه الحسن والحسين عليهما السلام: أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم1

خلق الله عزّ وجلّ هذا الكون على أساس منظّم، فوضع كل شيء في موضعه وجعل له مهمّة عليه أن يؤدّيها في هذه الدنيا. ويحبُّ الله عزّ وجلّ الذي خلق هذا الكون بهذا النظم العجيب أن يكون الإنسان منظّماً في حياته الشخصيّة والعامة. وقد بيَّن طريق ذلك في رسالات السماء وبالخصوص دين الإسلام وأمر برعاية ما بيّنه وأنزله.

وقد أوصى الإسلام بنظم الأمور في مختلف جوانب الحياة الإنسانية، بأبعادها الفردية والاجتماعية بهدف الوصول إلى حياة أفضل وتحقيق امتثال التكليف الإلهي. ويتجلى الالتزام بالنظام والانضباط بالتربية والالتزام بتعاليم الدين الحنيف التي جاءت لتنظيم الحياة الإنسانية وتأمين السعادة للمجتمع البشري كله، وهو ما أشار إليه الإمام علي عليه السلام في وصيته حيث قرن التقوى التي تعبّر عن أعلى مراتب الإيمان والالتزام العملي بأحكام الشريعة وقوانينها بالوصية بنظم الأمر، لأنه لا يمكن أن يكون الإنسان مؤمناً يتحلى بالتقوى دون أن يربّي نفسه على النظام، والالتزام بالحقوق والواجبات تجاه الله والناس، وإلا لابتلي بالنفاق والكذب ما يؤدي إلى ضعف الإيمان والتدين، ولا يبقى عندها أي قيمة للتقوى.

1- التربية على النظام في الحياة الفردية
وتشتمل الحياة الشخصيّة للإنسان على النظافة والصحّة وترتيب اللباس ونظافة الشعر والوجه...

ونشير بشكل مختصر إلى هذه الموارد:

أ- استحباب التجمّل للإخوان: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كلما أراد الخروج إلى المسجد أو إلى لقاء أصحابه ينظر في المرآة ويرتَّب شعره ويتعطَّر وكان يقول:(إن الله يحبُّ من عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيَّأ لهم ويتجمَّل)2.

ب- النظافة مما أمر به الإسلام: رعاية الطهارة والنظافة في اللباس والبدن فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إن الله طيّب يحبُّ الطيب، نظيف يحبُّ النظافة)3
وفي كلام آخر له عليه السلام: "تنظَّفوا بكلِّ ما استطعتم فان الله تعالى بنى الإسلام على النظافة ولن يدخل الجنة إلا كلّ نظيف"4. وعن الإمام الرضا عليه السلام: "من أخلاق الأنبياء التنظف" 5

ج- تسريح الشعر والسواك: إن تسريح الشعر ونظافة اللباس ونوع الحذاء من الأمور التي أمر الإسلام بالاهتمام بها وهي علامة الانضباط في الحياة الشخصيّة للمسلمين. فإن تعاليم الإسلام أمرتنا مضافاً إلى رعاية النظافة والطهارة بترتيب اللباس وعدم إطالة الشعر وقص الأظافر والإستياك والمشي بهدوءٍ ووقار.

فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه رأى رجلاً شعثاً قد تفرق شعره، فقال: " أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره"6. وعن الإمام الرضا عند تفسيره قول الله تعالى: ﴿خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال عليه السلام: من ذلك التمشيط عند كل صلاة.7

د - الزينة و اللباس الحسن: وفي رواية عن ابن القدّاح قال:(كان أبو عبد الله عليه السلام متكياً عليَّ، فلقيه عبّاد بن كثير- وكان من الزهّاد المرائين-وعليه ثياب مروية حِسان فقال: يا أبا عبد الله إنك من أهل بيت النبوّة وكان أبوك وكان... فما لهذه الثياب المزينة عليك؟ فلو لبست دون هذه الثياب. فقال له أبو عبد الله عليه السلام: ويلك يا عبّاد: من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيّبات من الرزق. إن الله عزّ وجلّ إذ أنعم على عبد نعمة أحبَّ أن يراها عليه8. وعن الإمام الرضا عليه السلام عند تفسيره قول الله تعالى: ﴿خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ، قال عليه السلام: من ذلك التمشيط عند كل صلاة. وعن الإمام الصادق عليه السلام: "من أخلاق الأنبياء السواك".

وكان النبي، كلما أراد الخروج إلى المسجد أو إلى لقاء أصحابه ينظر في المرآة ويرتِّب شعره ويتعطَّر وكان يقول: "إن الله يحبُّ من عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيَّأ لهم ويتجمَّل".
وحول السواك ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "من أخلاق الأنبياء السواك"9.

2- النظم في العلاقات الاجتماعيّة
أ- المسؤولية الاجتماعية: المسلم مسؤول عن إصلاح وتحصين نفسه وأفراد مجتمعه: قال تعالى ﴿  إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُم .
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من وظائف الإصلاح. حفظ النظام العام من وظائف الإصلاح. المساهمة والحضور الاجتماعي من وظائف الإصلاح.

ب- المسؤولية العائلية: تجاه الأبناء من النواحي الجسدية، النفسية، الإيمانية، العقلية. الأب والأم تجاه بعضهما البعض.
تجاه الأرحام والأصدقاء والجيران.قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما زال جبرائيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".
- مسؤولية الأبناء تجاه آبائهم: قال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَ تَعْبُدُوا إِلاَ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً11.

ج- تنظيم الوقت: إن الاستفادة الصحيحة من الوقت هي من أهمِّ الأمور التي توجب نجاح الإنسان في أموره الاجتماعية ونجاح علاقاته مع الآخرين، ويتمّ ذلك عبر قيام الإنسان بتنظيم برنامج شخصي له للعمل، وللثقافة وللزيارات، إن عدم وجود نظم يسير عليه الإنسان يوجب ضياع الفرص، وأما الانضباط والعمل ضمن برنامج معيَّن فهو موجب للاستفادة من طاقة الإنسان واستثمار نتائج عمله. ويأمر الإمام الكاظم الإنسان بتقسيم أوقاته إلى أربعة أقسام، فقد ورد عنه عليه السلام: اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات:
- ساعة لمناجاة الله.
- ساعة لأمر المعاش.
-ساعة لمعاشرة الإخوان والثقات الذين يعرفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن.
- ساعة تختلون فيها للذاتكم في غير محرم12

3- مراعاة العهود والوعود
من الموارد الأخرى التي لا بدَّ فيها من الانضباط، الالتزام بالعهود والدقّة في الوعود، فمثلاً في مسألة الدين - أخذاً وعطاءً- وسائر المعاملات لا بدَّ من كتابة وثيقة دفعاً لأي مشكلة قد تقع فتوجب وقوع الاختلاف والنزاع، وهذا هو ما أمر به القرآن الكريم بقوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ13. ويقول أيضاً: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ14.وفي آية أخرى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً15.

وقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الوفاء بالعهد من لوازم الإيمان بيوم القيامة. فقال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليفِ إذا وعد"16

إن الاتفاق المسبق عند كل عقد يمنع من وقوع الكثير من النزاعات ورعاية ما اتفق عليه موجب المحبة والثقة، ففي الرواية عن أحد أصحاب الإمام الرضا عليه السلام: "كنت مع الرضا في بعض الحاجة فأردت أن انصرف إلى منزلي فقال لي: انصرف معي، فبت عندي الليلة، فانطلقت معه فدخل داره مع المغيب فنظر إلى غلمانه يعملون بالطين أواري الدواب أو غير ذلك، وإذا معهم أسود ليس منهم، فقال: ما هذا الرجل معكم؟، قالوا: يعاوننا ونعطيه شيئاً، قال : قاطعتموه على أجرته؟، فقالوا: لا، هو يرضى بما نعطيه، فغضب الإمام وقال لصاحبه: إني قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرة، أن يعمل معهم أحد حتى يقاطعوه أجرته، إعلم أنه ما من أحد يعمل لك شيئاً بغير مقاطعة، ثم زدته لذا الشيء ثلاثة أضعاف أجرته إلا ظنَّ أنك قد نقصته أجرته، وإذا قاطعته ثم أعطيته أجرته حمدك على الوفاء فإن زدته حبة عرف ذلك ورأى أنك زدته"17.

4- النظم في العبادة
في العبادة أيضاً لا بدَّ من مراعاة النظم والإنضباط، وذلك بأداء كل عبادة في أوَّل وقتها، الصلاة جماعة، صيام شهر رمضان، وقضاء ما فاته من الصوم في نفس السنة التي فات فيها، أداء الخمس والزكاة في وقتهما، والحذر من الإفراط أو التفريط في العبادة.

إن رعاية الاعتدال والوسطيّة في العبادات له أثره في استمراريّة العمل وعدم الانقطاع عن. إن الإفراط في العبادة والعمل والمستحبّات قد يوجب قسوة القلب، بل لعلّه يصبح عائقاً أمام قيام الإنسان بواجباته الاجتماعية بل قد يجرُّ الإنسان إلى ارتكاب الذنوب، كأن يقوم بقراءة الدعاء أو العزاء أو سائر المستحبّات في وقت متأخّرٍ من الليل بما يوجب أذيّة الآخرين، والعبادة إنما تكون بنّاءة ومفيدة متى صدرت عن رغبة وشوق ومحبَّة. إن قصّة ذلك الرجل الذي دعا جاره إلى الإسلام معروفة حيث أخرجه من الدين كما أدخله، فإنه عندما أسلم جاره اليهودي أخذه إلى المسجد في الصباح الباكر، وأبقاه هناك إلى الغروب في حالة الدعاء والذكر وقراءة القرآن ولما جاءه في اليوم التالي ليأخذه إلى المسجد امتنع صاحبه من ذلك، وقال له: إني رجل ذو عيال ولا بدَّ لي من تأمين معيشتي ومعيشة عيالي، وإني لا أريد ديناً كدينك فاذهب وابحث عن رجلٍ غيري.

5- الانضباط في المصروف
لا بدّ للمسلم من رعاية الوسطيّة في اللباس والطعام وسائر مستلزمات الحياة وفي الاستفادة من بيت المال والأموال العامة فلا يقع في الإفراط ولا في التفريط بما يوجب الشحّ والبخل.

إن الانضباط في المصروف يعني وجود حساب دقيق وبرنامج عملي فيما يحصّله الإنسان من مال الواردات وفيما يحتاجه من مصروف. وزيادة المصروف عن المدخول هو الإسراف. إن عدم وجود ضابطة لدى الإنسان فيما يعرفه أمر سييىء ويجرُّ الإنسان إلى الفقر. وقد ذمّ القرآن الكريم الإسراف والتبذير، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً18

إن رعاية الوسطيّة في المصروف أمر لازم سواء في الحياة الشخصيّة للإنسان، أو في الأمور العامّة وبيت المال. وقد وضع الإمام الصادق عليه السلام مجموعة من القواعد في باب الاقتصاد، ومن هذه الكلمات قوله:
" لا تكسل في معيشتك فتكون كلاً على غيرك"19.
و"ضمنت لمن أقتصد أن لا يفتقر"20.
"أنظر من هو دونك في المقدرة، ولا تنظر إلى من هو فوقك"21.
"السرف أمر يبغضه الله حتى طرحك النواة فإنها تصلح لشيء"22.

وقد كتب أمير المؤمنين عليه السلام إلى أصحابه حول مورد مصرف بيت المال فقال: أدقّوا أقلامكم، وقاربوا بين سطوركم، واحذفوا عني فضولكم، واقصدوا قصد المعاني، إياكم والإكثار فإن أموال المسلمين لا تحتمل الإضرار


1- نهج البلاغة، الكتاب 49
2- مكارم الأخلاق: ص35
3- ميزان الحكمة ج10 ص 92
4- م.ن. ص93
5- م.ن. ص94.
6- م.ن، ص92
7- فروع الكافي: ج6، ص489
8- وسائل الشيعة: ج3، ص348
9- فروع الكافي: ج6، ص462
10- لقمان، 14
11- الإسراء: الآية 23
12- تحف العقول: ص481.
13- البقرة: 282
14- البقرة: 283
15- الإسراء: 36
16- الكافي: ج2، ص364.
17- بحار الأنوار: ج49، ص106.
18- الإسراء: 27
19- الكافي الحديث 9 باب كراهية الكسل من كتاب المعيشة
20- جامع السعادات ص361
21- جامع السعادات ص361
22- تحف العقول ص89

17-03-2010 | 23-59 د | 3768 قراءة

الإسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
لوحة المفاتيح العربية
رمز التأكيد


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net