الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1157- 10شوال 1436هـ - 27حزيران 2015م
الحياء من الله عز وجل

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

الهدف:
التعرف على فضيلة الحياء من الله عز وجل وكيفية تقويته في نفوسنا.

المحاور:
- الحياء لغة واصطلاحاً
- عدم الحياء يسمى وقاحة
- الحياء من مميزات الإنسان
- الحياء رأس المكارم
- الحياء من الله عز وجل غاية الشرائع السماوية
- لماذا علينا أن نستحي من الله عز وجل؟
- كيف نقوي دافع الحياء من الله في نفوسنا؟
 
تصدير:
قال الإمام الكاظم (ع): (استحيوا من الله في سرائركم كما تستحيون من الناس في علانيتكم)[1].
 
الحياء لغة واصطلاحاً:
قال أهل اللغة: إن الحياء هو الانقباض والإنزواء عن القبيح مخافة الذم[2]. وهو غريزة في الإنسان[3]، وهذه الغريزة المغروسة في الإنسان تنشأ وتنمو معه، وهي قابلة للقوة والضعف بحسب تعامله معها وبحسب التربية التي يتلقاها خلال حياته.
 
أما عند علماء الأخلاق: فهو خلق ينبعث من الطبع الكريم، وهو انحصار النفس وانفعالها من ارتكاب المحرمات الشرعية والعقلية والعادية حذرا من الذنب واللوم، وهو أعم من التقوى، إذ التقوى اجتناب المعاصي الشرعية، والحياء يعم ذلك واجتناب ما يقبحه العقل والعرف أيضا[4].

وقال بعض آخر: (الحياء من أوائل مدارج أهل الخصوص، يتولَّد من تعظيم منوط بودّ. وهو على ثلاث درجات: الدرجة الأولى حياء يتولَّد من علم العبد بنظر الحقّ إليه، فيجذبه إلى تحمّل المجاهدة، ويحمله على استقباح الجناية، ويسكته عن الشكوى...)[5].
 
عدم الحياء يسمى وقاحة:
الوقاحة تترتب من ضعف أو انعدام خلق الحياء في نفس الإنسان، فالوقاحة هي عدم مبالاة النفس، وعدم انفعالها من ارتكاب المحرمات الشرعية والعقلية أو العرفية، ومن صدر عنه فسق ولم يبال بظهوره للناس، فقد جمع إلى الفسق الهتك وعدم الحياء - أعني الوقاحة - فهي أسوأ حالا ممن يفسق ويستحي فيستره[6].
 
الحياء من مميزات الإنسان:
توجد صفات مشتركة بين الإنسان والحيوان فيما يتعلق ببعض القوى والغرائز، ولكن الحياء صفة تختص بالإنسان ولا يشاركه الحيوان بها. قال الإمام الصادق (ع): (أنظر الآن يا مفضل إلى ما خص به الإنسان دون جميع الحيوان من هذا الخلق الجليل قدره، العظيم غناؤه، أعني الحياء)[7].

وإذا تأملنا في هذه الصفة التي غرس الله عز وجل جذورها في نفس الإنسان سنجد لها فوائد عظيمة بحيث لولاها لعم الخراب وانتشرت الفوضى في المجتمع الإنساني. فالإنسان عنده قوى وشهوات وميول بحيث تجنح به نحو الاستحواذ والسيطرة والظلم والقهر والخطيئة. ولكن رحمة الله وحكمته اقتضت أن يجعل فيه بعض القوى الأخرى التي تساعده على حفظ التوازن على الصعيد الفردي والاجتماعي، من قبيل العقل وبعض الصفات الأخلاقية وعلى رأسها الحياء. فالحياء له دور عظيم في ضبط الميول غير المشروعة للكائن الإنساني. وهو الضامن الأول في عدم تجاوز الإنسان للقوانين والتشريعات وللنظام العام في أي مجتمع من المجتمعات، والعقوبات تأتي في الدرجة الثانية.
 
الحياء رأس المكارم:
وبسبب هذا الموقع العظيم للحياء في دفع الإنسان نحو التكامل والفضيلة جاء مدحه والحث عليه في كلمات النبي (ص) والعترة الطاهرة الذين لا ينطقون إلا بما يريده الخالق تعالى من خير للإنسان. وهذه بعض كلماتهم فيه:

- قال رسول الله (ص): (الحياء خير كله)[8].

- قال أمير المؤمنين (ع): (الحياء سبب إلى كل جميل)[9].

- وقال (ع) أيضاً: (الحياء مفتاح كل الخير)[10].

- وقال (ع) أيضاً: (أعقل الناس أحياهم)[11].

- قال أبو عبد الله (ع) لداود بن سرحان: (إن خصال المكارم بعضها مقيد ببعض يقسمها الله، حيث تكون في الرجل، ولا تكون في ابنه، وتكون في العبد ولا تكون في سيده، صدق الحديث وصدق البأس وإعطاء السائل، والمكافأة على الصنائع، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، والتودد إلى الجار والصاحب، وقرى الضيف، ورأسهن الحياء)[12].
 
الحياء من الله عز وجل غاية الشرائع السماوية:
إن الحياء من الله عز وجل هو السبيل لوصول الإنسان إلى قمة الفضائل والكمالات، وهو الكفيل للوصول بالمجتمع الإنساني لأن يكون مجتمعاً فاضلاً. فرغم أن الحياء كنزعة اخلاقية موجود عند الجميع، ووجوده بحدٍّ ما هو الذي يحفظ المجتمع الإنساني من الإنهيار، ولكن الله عز وجل أراد للإنسان أن يستفيد من هذه الصفة الاخلاقية بأعلى مستوياتها. والإستفادة من الحياء بأعلى مستوى لا يكون إلا في ظل وضع هذه الصفة على مسارها الصحيح والأكمل وهو مسار الحياء من الله عز وجل. فالذي يستحي من خالقه تصلح كل أموره. والمجتمع الذي يستحي من خالقه هو مجتمع أقدر على أن يكون مجتمعاً صالحاً وفاضلاً ومحترماً للقوانين والتشريعات وللنظام العام. فليس هناك شئ أنجح للإنسان والمجتمع من حالة الرقابة الذاتية التي يوفرها الحياء من الله عز وجل بحيث لا يعود استخدم أنظمة الرقابة الخارجية ونظام العقوبات هو الأساس لحفظ القوانين والأنظمة.

ومن هنا نفهم لماذا اعتبر الحياء هو خلق الإسلام: قال رسول الله (ص): (إن لكل دين خلقا، وإن خلق الإسلام الحياء)[13].

واعتبر في رواية أخرى هو الدين كله: عن رسول الله (ص) (الحياء هو الدين كله)[14]

وفي رواية ثالثة أن ذهابه يعني ذهاب الإيمان، عن الإمام الباقر (ع): (الحياء والإيمان مقرونان في قرن، فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه)[15].
 
لماذا علينا أن نستحي من الله عز وجل؟
لأن الحياء يرجع إلى خوف الإنسان من التعرض للعتب واللوم والعقاب، ولأن اللوم والعقاب لا يتحققان إلا إذا كان هناك معرفة واطلاع من اللائم والمعاتب على ما يفعله الطرف الذي يقع عليه اللوم والعقاب، فهذا يعني ان سبب الحياء هو توقع الإنسان لاطلاع مطلعٍ على ما يمكن أن يقع فيه من تقصير أو من ارتكاب خطيئة أو جناية.

والإنسان يستحي من إنسان آخر أو من المجتمع الذي يعيش فيه فقط لظنه أن ما يمكن أن يفعله سيكون مورداً لأن يُكشف فيفتضح أمره أمام الملأ.. فكيف إذن هو حالنا مع علام الغيوب الذي لا تخفى عليه خافية، والمطلع على السرائر، والذي هو أقرب إلينا من حبل الوريد!!

فإذن، فإن الله عز وجل هو الأحق أن يستحي منه الإنسان، فهو الموجود الوحيد الذي نتيقن أنه مطلع على كل تقصير أو خطيئة قد نقع بهما. ولذلك قال الإمام زين العابدين (ع): (خف الله تعالى لقدرته عليك، واستحي منه لقربه منك)[16].
 
كيف نقوي دافع الحياء من الله في نفوسنا؟
ولكون سبب الحياء هو معرفة أن علام الغيوب مطلع على تقصيرنا وسوء أعمالنا، فيمكن تقوية هذه الصفة بمعرفة عيوب النفس وآفاتها، وقلة إخلاصها وخبث باطنها، وميلها إلى الحظ العاجل في جميع أفعالها، مع العلم بجميع ما يقتضيه جلال الله وعظمته، وتكريس حالة الرقابة على النفس من خلال تربيتها على الخوف من الله عز وجل لكونه يرى كل ما نفعل ويطلع على السرائر وخطرات القلب، وإن دقت وخفيت. فهذه المعارف والملكات إذا تحققت، انبعثت منها حالة تسمى بالحياء[17].

ثم إن أهل البيت (ع) علمونا  ما هو أكمل حد من الحياء يمكن أن يصل إليه الإنسان وأعطونا علامات ذلك:

قال: رسول الله (ص): (استحيوا من الله حق الحياء، فقيل: يا رسول الله ومن يستحيي من الله حق الحياء؟ فقال: من استحيى من الله حق الحياء فليكتب أجله بين عينيه، وليزهد في الدنيا وزينتها، ويحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، ولا ينسى المقابر والبلى)[18].

وعن الإمام الكاظم (ع): (رحم الله من استحيى من الله حق الحياء، فحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وذكر الموت والبلى، وعلم أن الجنة محفوفة بالمكاره والنار محفوفة بالشهوات)[19].


[1] - تحف العقول: 394.
[2] - مجمع البحرين، الشيخ فخر الدين الطريحي، ج 1، ص 116
[3] - النهاية في غريب الحديث والأثر، مجد الدين ابن الأثير، ج 1، ص 470
[4] - جامع السعادات، ملا محمد مهدي النراقي، ج 3، ص 36
[5] - منازل السائرين، عبد الله الأنصاري، ص 73
[6] - راجع: جامع السعادات، ج 2، ص 297 و ج 3، ص 35.
[7] - ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج 1، ص 716
[8] - م. ن.
[9] - م. ن.
[10] - م. ن.
[11] - م. ن.
[12] - وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 11، ص 434.
[13] - ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج 1، ص 717.
[14] - ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج 1، ص 717.
[15] - البحار، المجلسي، ج 78 / 309 / 1.
[16] - ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج 1، ص 719
[17] - راجع: جامع السعادات، النراقي، ج 3، ص 267.
[18] - البحار، المجلسي، 77، 83، 3
[19] - م. ن.
 

31-07-2015 | 17-31 د | 2562 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net