الهدف: التنبيه على خطر المخدرات وآثارها، والإضاءة على دور الأسرة في
التصدي لها.
المحاور:
- مقدمة
- الآثار المدمرة للمخدرات
- الأسرة نواة الوقاية
- دور الأسرة في التصدي لخطر المخدرات
- خاتمة
تصدير: أفاد التقرير العالمي للمخدرات لعام 2015، الصادر في فيينا، أن 246
مليون شخص في العالم يستخدمون المخدرات غير المشروعة، وفق تقديرات العام الماضي.
ولفت التقرير إلى أن عدد الرجال الذين يستخدمون الحشيش، والكوكايين، والأمفيتامينات
أكثر من النساء بثلاثة أضعاف، في حين أن النساء أكثر من عدد الرجال الذين يستخدمون
المواد الأفيونية، والمهدئات.
وأشار إلى أن حوالي 1.65 مليون شخص من الذين يتعاطون المخدرات في عام 2013، يعيشون
مع فيروس نقص المناعة.
مقدمة:
عرفت البشرية المخدرات منذ القدم. وتشير الدراسات إلى تعاطي هذه المادة في بعض
مجتمعات ما قبل الميلاد. فقد كانت موجودة عند المصريين في العهد الفرعوني، وفي
الصين القديمة، وفي إفريقيا والقارة الأمريكية. وقد عرفتها بلدان المشرق الإسلامي
بعد ذلك، وتعامل معها الأوروبيون وغيرهم.
وتجدر الإشارة إلى أن المخدرات ليست صنفاً واحداً. فمنها ما هو عشبي من نوع معين من
الأعشاب، ومنها ما هو مزيج. ومنها ما هو مركب تركيباً كيميائياً. وكذا مسألة طريقة
تعاطيها، حيث منها ما يؤخذ من خلال الفم ومنها بالشم، أو الحقن.
ثم إن مسألة المخدرات في القدم لم تكن كما هي عليه اليوم. فرغم أضرارها التي كانت
معروفة في مجتمعات ما قبل الميلاد، ولكن هذه الأضرار كانت محدودة بحدود الأشخاص
الذين يتعاطونها والمجتمع المحيط بهم فقط. ثم إن أنواعها في ذلك الوقت ليس بحدة ما
نعرفه في أيامنا هذه.
لقد تحولت المخدرات في عصرنا الحالي إلى تهديد حقيقي للفرد والمجتمع، بل وللدول
والأوطان أيضاً. فلم تعد تقتصر أضرار المواد المخدرة على ما يمكن أن يترتب على بعض
الأفراد الذين يتعاطونها في مجتمع من المجتمعات، بل أضحت وسيلة للحرب والقهر والغزو،
بحيث تستخدمها الدول الاستعمارية للإطاحة بالبلدان النامية والناهضة، لإبقائها
عاجزة تلهث وراء هذا النوع من العلاجات والاصلاحات التي تستنزفها، فتمنعها من تطوير
قدراتها العلمية والتقنية، والنهوض بوضعها الاقتصادي والاجتماعي.
الآثار المدمرة للمخدرات:
المخدرات آفة تدمر بنية الإنسان وطاقته، وتهدم حياته الإجتماعية، وتؤثر على قواه
العقلية وتوازنه النفسي. فالمدمن إنسان مشلول القدرة، يتحول شيئاً فشيئأ إلى عالة
على أسرته، ويشكل لهم مشكلة كبيرة. كما أن المدمن شخص غير مرغوب فيه في أي موضع في
المجتمع الذي يعيش فيه.
ومن أبرز آثار تعاطي المخدرات:
أ_ الآثار الصحية:
1- الاضطراب في دقات القلب وضغط الدم.
2- القلق والتوتر وسرعة الانفعال بعد زوال مفعول المخدر.
3- الغثيان والاستفراغ.
4- الوهن العضلي والحركي.
5- الآلام في الصدر.
6- تتابع النوبات المرضية، وتدهور الجهاز المناعي.
7- النعاس، والخلل في الانتباه والذاكرة والتلعثم في الكلام.
ب_ الآثار السلوكية والنفسية:
1- إهمال المظهر الخارجي.
2- طلب المال بكثرة وإلحاح، والاستدانة بكثرة، والسرقة.
3- عدم الانتظام في أي أمر في حياته.
4- تقلب المزاج، وانخفاض التركيز.
5- الانطوائية والعزلة.
6- التأخر الدراسي لمن هم في المدراس أو الجامعات.
7- ضعف الانتاج في العمل، وغالباً ما يصبح عاطلاً عن العمل.
8- عدم تحمل المسؤولية.
ج_ الآثار الاجتماعية:
1- كثرة الخلافات العائلية.
2- التفكك الأسري والطلاق، وتشرد الأولاد.
3- الاعتداءات الجسدية بسبب الخلل النفسي والعقلي.
4- تدني المستوى المعيشي للأسرة.
5- ضياع المال والممتلكات بسبب انكباب المدمن على شراء المخدر مهما ارتفع ثمنه.
6- تدهور العلاقة مع الوالدين والأرحام والأصدقاء والمحيط الاجتماعي.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الآثار المذكورة تنفع لأن تكون مؤشراً على احتمال وجود
هذه المشكلة عند فرد من الأفراد، فمن أراد تشخيص وجود هذه الآفة فليبحث عن اجتماع
بعض هذه المؤشرات في الحالة التي هي موضع المتابعة.
ثم إن لانتشار تعاطي المخدرات آثار مدمرة على الوطن ككل. فالبلد الذي تجتاحه آفة
الاتجار وتعاطي المخدرات هو بلد يعاني في بنيته الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
فانتشار المخدرات يؤدي إلى الأمور الآتية:
1- إنعدام الأمن وانتشار السرقات والنهب.
2- انتشار العمليات الاجرامية والقتل.
3- تغلغل العصابات وانتشار المساحات والبؤر التي تكون خارجة عن القانون.
4- تركيز الدولة على معالجة هذا النوع من المشاكل بدل التركيز على الأمور الحيوية
للبلد والمواطن.
5- ترهل الاقتصاد بسبب الاستنزاف الحاصل في الأمن والصحة والبرامج الاجتماعية وخرق
القوانين وغير ذلك.
6- انتشار البطالة.
الأسرة نواة الوقاية:
إن التعاطي مع مشكلة المخدرات يجب أن يعتمد في الأساس على مبدأ الوقاية. فالوقاية
هي أهم ما يمكن أن نحصن به أولادنا وشبابنا وبناتنا ومجتمعنا على وجه العموم. فعلاج
مشكلة المخدرات بعد الادمان عليها شاق ومكلف جداً. ومن هنا وجب على الأسرة أن تتحمل
مسؤولية هذه الوقاية بالدرجة الاولى لأنها اكثر من يدفع الثمن بحال وقع أحد أفرادها
في شراك هذه الآفة الخطيرة. فالأسرة هي نواة الوقاية وخط الدفاع الأساسي قبل أن تصل
النوبة إلى المجتمع والدولة اللذين يتحملان أيضاً المسؤولية، كل بحسب دوره وموقعه.
دور الأسرة في التصدي لخطر المخدرات:
نستطيع أن نبرز دور الأسرة في التصدي لخطر المخدرات والوقاية منها في الأمور
الآتية:
1- تربية الأبناء على الخلق السوي: وتنشئتهم على قيم الإسلام الحنيف. وينبغي أن
يكون الوالدان هما القدوة العملية للأبناء في المواظبة على الواجبات وفي التحلي
بالخلق الكريم.
2- تعويد الأبناء على الذهاب إلى المسجد: فالآباء الذين يزرعون في أبنائهم عادة
ارتياد المسجد إنما يقدمون لهم إحدى أهم أسوار الأمان والوقاية، لما للمسجد من دور
فعال في ذلك.
3- فتح قنوات الحوار والتواصل مع الأبناء: بحيث يكون من وظائف الأهل الثابتة
والمستمرة معرفة ما يدور في خلد أبنائهم، والتعرف إلى طريقة تفكيرهم، ومواكبة
توجهاتهم وأهدافهم ورغباتهم وأحلامهم وعلاقاتهم.. إلخ.
4- ممارسة الرقابة الإيجابية: فمن الخطأ التصرف مع الأبناء وكأنهم مكتملو الرشد
وغير قابلين للوقوع في مزالق خطيرة. فينبغي الاطلاع على طبيعة صداقاتهم، والاماكن
التي يرتادونها، وأحوالهم في المدارس والجامعات..
5- الانتباه والحذر من مواقع التواصل الاجتماعي: فصار يمكن لتجار المخدرات
والفاسدين الوصول إلى غرف أبنائنا، بل إلى هواتفهم وأجهزتهم الذكية المصاحبة لهم
دائماً.
6- ممارسة عملية التوعية والتنبيه من وقت لآخر: من كل الأمور التي تشكل خطراً على
دينهم وحياتهم وصحتهم ومستقبلهم.
7- مراقبة الإعلام والتنبه للغزو الثقافي الذي يتسلل إلى عقول أبنائنا بطريقة ناعمة
وخفية من خلال بعض القنوات التلفزيونية والالعاب الالكترونية، والتنبه للشعارات
والمقولات الثقافية المنحرفة المطبوعة على الملابس وفي الطرقات وغيرها.. وتوعية
الأبناء حولها.
8- إرشاد الأبناء وإعطاؤهم الأفكار والاقتراحات المناسبة حول ملئ أوقات فراغهم،
وخلق البيئة المناسبة لذلك. كتحفيزهم على ممارسة بعض انواع الرياضة، أو تنمية مهارة
فنية او حرفية، أو تعلم لغة.. إلخ.
9- ينبغي التنبه إلى سلبيات أن يعمل كلا الوالدين خارج المنزل بحيث توكل مهمة تربية
الأبناء ومواكبتهم إلى من هو غير مؤهل لذلك.
خاتمة:
لقد أنعم الله عز وجل على الإنسان بنعمة العقل وميزه به على سائر المخلوقات، ومنحه
نفساً تواقة للتكامل ووهبه جسماً وقوى ليعمر بها الأرض ويتكامل من خلالها. فوجب على
الإنسان شكر هذه النعم الإلهية. وشرب المسكرات وتعاطي المخدرات من أبرز عناوين جحود
هذه النعم.
إن ظاهرة تعاطي المخدرات وإدمانها تشكل تحدياً حقيقياً لكافة الدول والمجتمعات،
وخصوصاً المجتمعات والدول الناهضة والنامية. وإذا لم تتكاثف الجهود وتتحد في سبيل
الوقاية منها والقضاء عليها، فإن مصيراً سيئاً ينتظر المجتمع الذي تتفشى فيه هذه
الظاهرة.
يجب الاستفادة من كل المقومات والعناصر المتوفرة في سبيل ذلك. وينبغي إيجاد سبل
للتعاون والتنسيق بين العناصر الثلاثة: الأسرة، والمجتمع، والدولة. وينبغي أن تكون
آليات الوقاية والمكافحة قائمة على دراسات علمية وميدانية، وعلى إحصائات دقيقة
وواضحة. ومن ثم تقوم الهيئات المختصة بوضع اهداف وخطط تستمر لسنوات تراعي جميع
متطلبات معالجة هذه المشكلة والوقاية منها.