الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1644 23 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 26 تشرين الثاني 2024 م

ضياع القِيم في عصر الغَيبة

وللمظلوم عوناًالكلّ يحتاج إلى الصبر مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1190- 07 جمادى الثانية 1437هـ - 17 آذار 2016م
الأم عنوان التضحية والوفاء

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

الهدف:
 التعرّف على فضل الأم ومنزلتها في الإسلام.
 
المحاور:
- حق الأم.
- الأم في القرآن الكريم.
- قداسة رابطة الأمومة.
- ولا بزفرة واحدة.
- الأمهات الصالحات قدوة وأسوة.
 
التصدير:
 روي عن الإمام زين العابدين(عليه السلام) في رسالة الحقوق قال:
فَحَقُّ أُمِّكَ، فَـــــــــأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهَا حَمَلَتكَ حَيْثُ لا يَحْمِلُ أَحَدٌ أَحَدًا وَأَطْعَمَتكَ مِنْ ثَمَرَةِ قَلْبها مَا لا يُطْعِمُ أَحَدٌ أَحَدًا، وَأَنَّهَا وَقَتكَ بسَمْعِهَـــــــا وبَصَرِهَــــــا ويَدِهَــــا وَرِجْلهـــــا وَشَعْرِهَا وبَشَرِهَا وَجَمِيعِ جَوَارِحِهَـــــا مُسْتَبشِرَةً بذَلِكَ... فَرَضِيَتْ أَنْ تَشْبَــــــعَ وتجــــــــــــُوعُ هِيَ، وَتَكْسُوكَ وَتعْرَى، وَتُرْوِيكَ وَتَظْمَـــــــــأُ، وَتُظِلُّكَ وتَضْحَى...
 
حق الأم:
 بهذه العبارات المضيئة والتعابير الدقيقة، يستثير الإمام زين العابدين(عليه السلام) الضمير والرحمة في قلب الإنسان تجاه من (حملته كرهاً ووضعته كرهاً)، وتذكره بالمشاق العظيمة التي تحملتها الأم في سبيل فلذة كبدها، لذلك قال الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم): (حق الوالد أن تطيعه ما عاش، وأما حق الوالدة فهيهات هيهات.. لو أنه عدد رمل عالج وقطر المطر أيام الدنيا قام بين يديها ما عدل ذلك يوم حملته في بطنها)، لأن الأم بطبيعة الحال، تتحمل النصيب الأوفر من العناية والرعاية لولدها لما تجود به من حنان وعطف بلا حدود، فنتيجة لتلك التضحيات اللامتناهية كان للأم حقها العظيم على الأبناء. لتأثيرها البالغ في جنينها، فتجعل منه إنساناً سوياً ومستقيماً، وحتى أثناء الرضاع تسري أخلاق الأم إليه. قال تبارك وتعالى: (وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً).
 
الأم في القرآن الكريم:
لقد أوصى القرآن الكريم بالأم، وكرر تلك الوصية لفضل الأم ومكانتها فقال سبحانه: (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (لقمان:14)، (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) (الاحقاف: من الآية15).

فكلا الآيتين بعد الايصاء، تذكر الأم مقدمةً مع ذكر وظيفتها تجاه الأبناء وهي الوظيفة المثلى والتي بها تتحمل الأم مشاق الحمل والوضع لتخرج إلى هذه الدنيا إنسانا يهنو بالعيش في ما سخر الباري جل وعلا له من المعطيات والخيرات، وأنّ المعاناة التي تلاقيها المرأة أيّام الحمل والوضع بمثابة مطهر لها من الذنوب ولو ماتت في هذا السبيل ماتت شهيدة، روى أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (والنفساء في سبيل اللّه شهيد)[1].
 
قداسة رابطة الأمومة:
قدّس الإسلام رابطة الأمومة، فجعلها ثابتة لا تتعرض للتبدلات والتغيرات، فحرم الزواج من الأمهات قال سبحانه: (حُرمت عليكم أمهاتكم) النساء:23. كما بيّن أن رباط الزوجية لا يمكن أن يتحول إلى رباط أمومة أبداً،  وشتان بينهما قال سبحانه: (وما جعل أزواجكم اللائي تُظاهرون منهن أمهاتكم) (الأحزاب: 4). (الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هُنَّ أمهاتهم. إنْ أمهاتهم إلا اللائي ولَدْنهم ).(المجادلة:2)

إلا أن هذه الرابطة تتأثر بهول يوم القيامة فقط، فيستقل الولد عن أمه، والأم عن ولدها قال سبحانه: (يوم يفر المرء من أخيه. وأمه وأبيه. وصاحبته وبنيه. لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه) (عبس:34-36).

هذا وإن رباط الأمومة يبيح للولد أن يأكل من بيت أمه: (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم) النور:61 .

بسبب ما تقدم من حقوق وواجبات جعل الله سبحانه الأم مسؤولة عن تربية ولدها، فهي راعية ومسؤولة عن رعيتها، وأشار سبحانه إل هذه المسؤولية الأخلاقية في قوله: (ما كان أبوك امرأ سَوء وما كانت أمك بغياً) مريم: 28. وذلك على لسان قوم مريم (عليه السلام)، فالملحوظ أن قوم مريم أدركوا هذه المسؤولية، فوجهوا إليها هذا الخطاب في تقرير المسؤولية الأخلاقية للوالدين، رغم ما في خطابهم من غمزٍ وتعريض لا تخفى دلالاته.

وجعل الله سبحانه زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمهات للمؤمنين من حيث واجبُ البر وحرمةُ الزواج والحقوق الواجبة لهن من الاحترام والتقدير، قال سبحانه: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) الأحزاب:6.
 
ولا بزفرة واحدة:
مهما قدّم الأبناء فإنهم لا يوفون حق الوالدين وخصوصا الأم التي قد تصل بها النوبة إلى الموت في لحظات الولادة لحظات الطلق المؤلمة بكل معاني ومشاعر الألم الحقيقي، والإسلام لم يهمل هذا بل كانت نظرته مؤكدة على جانب الأم بما فيه ذكر هذا الموقف الذي به يخرج الانسان إلى محط الوجود الخارجي ومحط الحياة حيث يروى: أن رجلاً كان بالطواف حاملا أمه يطوف بها، فسأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (هل أديتُ حقها؟  قال(صلى الله عليه وآله وسلم): (لا، ولا بزفرة واحدة).. أي من زفرات الطلق والوضع ونحوها.
 
الأمهات الصالحات قدوة وأسوة:
من الأمثلة الفذة التي ضربها الله سبحانه في القرآن للأمهات المثاليات أسوة للمؤمنات مريم وأم موسى (عليه السلام).

وأم سيدة نساء زمانها مريم (عليها السلام) التي نذرت ما في بطنها كما ورد في كتابه العزيز أنها قالت: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (آل عمران:35)  نذراً خالصا لله من كل شرك أو عبودية لغيره(جل وعلا)، داعية الله أن يتقبل منها نذرها: فتقبله (جل وعلا) منها، فهو السميع العليم، فلما كان المولود أنثى.. على غير ما كانت تتوقع.. لم يمنعها ذلك من الوفاء بنذرها، سائلة الله أن يحفظها، وداعية للمولودة المباركة بما ذكره القرآن المجيد: (وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ ) (آل عمران: من الآية36).

ومريم ابنة عمران أم المسيح نبي الله عيسى (عليه السلام)، جعلها القرآن آية في الطهر والقنوت لله، والتصديق بكلماته: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) (التحريم:12).
وأما أم موسى فاحتفل بها القرآن، وحكى قصتها مع ولدها زمن فرعون وكيف أن الله تعالى أوحى إليها فقال: (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليمّ ولا تخافي ولا تحزني إنّا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين… وأصبح فؤاد أُم موسى فارغاً إنْ كادت لتُبدي به لولا أن رَبطنا على قلبها لتكون من المؤمنين) (القصص: 7-10).

وكيف استجابت إلى وحي الله وإلهامه، وألقت ولدها وفلذة كبدها في اليم ( البحر)، مطمئنة إلى وعد ربها كما قال جلت قدرته في كتابه الكريم: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (القصص:7).

فلما كان حالها كذلك رعى الله سبحانه تلك العاطفة - عاطفة الأمومة - حق رعاية وامتنّ بذلك على موسى لعظيم تلك المنة وأهميتها، فقال سبحانه: (فرددناه إلى أمه كيف تقرّ عينها ولا تحزن) (القصص: 23).

ونجد من الأمهات اللواتي كنّ يحملن رمز المثالية ونبراس حياة الأمومة الكثير في التاريخ، فهذه فاطمة بنت أسد كيف جسدت معاني الأمومة مع غير أباءها وهو النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) كيف هي مع أبناءها، ويروى أنه أقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) ذات يوم إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) باكيا وهو يقول: (إنا لله وإنا إليه راجعون،  فقال له رسول الله: مه يا علي، فقال علي (عليه السلام): يارسول الله ماتت أمي فاطمة بنت أسد).

قال: فبكى النبي ثم قال: رحم الله أمك يا علي، أما أنها [إن كانت لك أماً فقد] كانت لي أما، خذ عمامتي هذه وخذ ثوبي هذين وكفنها فيهما، ومر النساء فليحسنّ غسلها ولا تخرجها حتى أجئ  فإليّ أمرها، قال: وأقبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ساعة وأخرجت فاطمة أم علي (عليه السلام) فصلى عليها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صلاة لم يصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة...


[1] - سنن النسائي : 6 / 37 .

17-03-2016 | 10-03 د | 2761 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net