الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1644 23 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 26 تشرين الثاني 2024 م

ضياع القِيم في عصر الغَيبة

وللمظلوم عوناًالكلّ يحتاج إلى الصبر مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1192- 21 جمادى الثانية 1437هـ - 31 آذار2016م
المعصية ظلم للنفس وللآخر

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

الهدف:
 التعرف على آثار المعاصي على النفس والمجتمع.
 
تصدير:
ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): إذا "أذنب الرجل خرج من قلبه نكتة1 سوداء، فإن تاب انمحت، وإن زاد زادت. حتَّى تغلب على قلبه، فلا يفلح بعدها أبداً"2. وروي عن الإمام علي(عليه السلام): "ما جفّت الدموع إلا لقسوة القلوب، وما قسّت القلوب إلا لكثرة الذّنوب"3.
 
معنى الذنب:

الذنب هو مخالفةُ الأوامر الإلهيَّة الواردة في الشَّريعة الإسلاميَّة، من خلال ترك الواجبات أو ارتكاب المحرَّمات التي يعاقب الله تعالى عليها.

فكلُّ مخالفة لتلك الأوامر والنواهي تعدُّ ذنباً، حتَّى لو كان هذا الذنب في نفسه هيّناً وبسيطاً، فهو عظيم لمخالفته الأوامر والنواهي الربّانية، والخروج عن رَسْمِ الطَّاعة والعبوديَّة.
 
الذُّنوب كلُّها شديدة:

روي عن الإمام الباقر (عليه السلام): "الذّنوب كلّها شديدة، وأشدُّها ما ينبت عليه الّلحم والدَّم؛ لأنَّه إمَّا مرحومٌ وإمَّا معذَّبٌ، والجنَّة لا يدخلها إلا طيّب"4.

فالذّنوب كلّها شديدةٌ؛ أي بحسب ذواتها، لأنَّها مخالفةٌ للأوامر الإلهية، وهذا هو وجه شدّتها، وإن كان بعضها أشدّ من بعضها الآخر، وأشدّها - حسب الرواية - ما ينبتُ عليه اللحم والدم الذي قد يشمل أكل الحرام والإصرار على المعصية من دون تكفيرها بالتوبة.

محقّرات الذنوب:

روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "لا تنظروا إلى صغر الذنب، ولكن انظروا إلى من اجترأتم"5.

روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): "اتّقوا المحقّرات من الذنوب، فإنّها لا تغفر، قلت (أي الراوي): وما المحقّرات؟ قال: الرجل يذنب الذنب فيقول: طوبى لي لم يكن لي غير ذلك"6. وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام): "اتّقوا المحقّرات من الذنوب، فإنّ لها طالباً"7.

فالمحقّرات من الذُّنوب هي الذُّنوب التي يحتقرها الإنسان ويستصغرها، ويستهين بها، ويقول حسب ما ورد في بعض الروايات "أُذنِب وأَستغفر"، والله تعالى يقول: وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ8.
 
من آثار الذّنوب:

1- قساوة القلب:
قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً...9. إنّ قسوة القلب وذهاب اللين والرحمة والخشوع مرض خطيرٌ جداً، قد ذمّ الله عليه بعض الأمم السابقة كبني إسرائيل، وإنّ صاحب القلب القاسي أبعد ما يكون عن الله تعالى، وصاحبه لا يميِّز بين الحقّ والباطل، ولا ينتفع بموعظة ولا يقبل نصيحة.

رُوي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله؛ فإنّ كثرة الكلام بغير ذكر الله يقسّي القلب، وإنّ أبعد النَّاس من الله القاسي القلب"10.

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "يا علي، ثلاث يقسّين القلب: استماع اللهو، وطلب الصيد، وإتيان باب السلطان"11.

إنّ تراكم المعاصي وظلمتها على قلب الإنسان يصيّره طبعاً له؛ لأنّ الذّنوب لها ظلمات إنْ تراكمت صارت ريناً، كما قال تعالى: كَلاَ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ12.
 
2- نقصان العمر:
لقد تحدّثت بعض الرّوايات عمّا يوجب زيادة العمر والرِّزق ونقصانهما وعدم البركة فيهما، كبرِّ الوالدين وعقوقهما، وصلة الرحم وقطيعتها، روي عن الإمام الصّادق (عليه السلام): "من يموت بالذّنوب أكثر ممّن يموت بالآجال، ومن يعيش بالإحسان أكثر ممّن يعيش بالأعمار"13.
 
 3- موت الفجأة:
من آثار الذّنوب أيضاً "موت الفجأة"، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إذا ظهر الزنا من بعدي كثر موت الفجأة..."14، وعنه (صلّى الله عليه وآله): "إنّ موت الفجأة تخفيفٌ عن المؤمن، وأخذة أسف15 عن الكافر"16. إنّ الذّنوب بشكلٍ عام ممحقةٌ لبركة العمر، وبركة الرِّزق، وبركة العمل، فلا تجد أقل بركة في عمره ودينه ودنياه ممّن عصى الله، وما مُحقت البركة من الأرض إلا بمعاصي الخلق، وترك المعاصي والذّنوب سببٌ من أسباب نزول البركات.
  
4- عدم التَّوفيق للعبادة:
ينبغي أن تكون حياة الإنسان في طاعة الله؛ لأنّ الله تعالى خلقنا وجعل طاعته طريقاً أساسياً لمعرفته، يقول تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ17، فهناك تبادلٌ بين ارتكاب المعصية وحرمان الطَّاعة، فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): "استماع الغناء واللهو ينبت النفاق في القلب، كما ينبت الماء الزرع"18.
وروي عن الإمام الصَّادق (عليه السلام): "إنّ الرجل ليذنب فيحرم صلاة الليل، وإنّ العمل السيّئ أسرع في صاحبه من السكّين في اللحم"19، فشبّه الإمام (عليه السلام) السيّئة في الرواية بالسكين؛ لسرعة النّفوذ وقوّة التأثير.

5- سكرات الموت وشدة النزع:  
قال تعالى: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ20.
إن ملك الموت عزرائيل لا يأتي بصورةٍ واحدةٍ لكلِّ النَّاس، فالصورة إمّا قبيحةٌ وإمّا جميلةٌ، بل إنّ شدّة قُبح صورته، أو شدّة جمالها مرتبطةٌ بأعمال الإنسان في الدنيا، فإذا كانت أعماله صالحةً أتاه الملك بصورةٍ جميلة، وإذا كان مبتلىً بالرذائل والمعاصي أتاه الملك بصورةٍ قبيحةٍ.

روي عن أمير المؤمنين أنّه قال: "ما من الشِّيعة عبدٌ يقارف أمراً نهيناه عنه فيموت حتَّى يُبتلى ببليّة تُمحَّصُ بها ذنوبه، إمّا في مالٍ، وإمّا في ولدٍ، وإمّا في نفسه، حتَّى يلقى الله عزّ وجلّ وما له ذنبٌ، وإنّه ليبقى عليه الشيء من ذنوبه فيُشدَّدُ به عليه عند موته"21.
 
6- وحشة القبر وغربته:
 كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) لمحمّد بن أبي بكر: "يا عباد الله، ما بعد الموت لمن لا يُغفر له أشدّ من الموت، القبر فاحذروا ضيقه وضنكه وظلمته وغربته"22.

 وحشة القبر هي أول المنازل التي يمرّ بها الإنسان، وإنّ لهذا المنزل أهوال عظيمة ومنازل ضيّقة ومهولة، يصعب تصوّرها على العقل البشري؛ ولذا شرحها لنا أئمّة أهل البيت (عليه السلام). تبدأ المنازل بوحشة القبر، فضغطة القبر، ثم المسألة في القبر وهكذا. ونحن نذكر هذه الأمور باختصارٍ شديدٍ للفت النَّظر إلى علاقتها بطبيعة الأعمال في عالم الدُّنيا، فالذّنوب والمعاصي تظهر آثارها في ذلك العالم.

وما يؤيّد هذا الأمر (أهوال القبر) ما ورد في الروايات من استحباب التمهُّل في إنزال الميِّت إلى قبره، حيث روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): "وإذا حُمل الميت إلى قبره فلا يفاجأ به القبر؛ لأن للقبر أهوالاً عظيمة، ويتعوّذ حامله بالله من هول المطّلع، ويضعه قرب شفير القبر، ويصبر عليه هنيهةً، ثم يقدِّمه قليلاً ويصبر عليه هنيهة؛ ليأخذ أهبّته، ثم يقدّمه إلى شفير القبر"23.
 
7- ضغطة القبر:
عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) "قلت: جعلت فداك، فأين ضغطة القبر؟ فقال: هيهات ما على المؤمنين منها شيء. والله، إنّ هذه الأرض لتفتخر على هذه، فتقول: وطأ ظهري مؤمن، ولم يطأ على ظهرك مؤمن، وتقول له الأرض: والله، كنت أحبّك وأنت تمشي على ظهري، فأمّا إذا وليتك فستعلم ماذا أصنع بك، فتفسح له مدّ بصره"24.

وينبغي الإشارة إلى أن ّضغطة القبر على المؤمن - لو حصلت - فهي من باب تطهيره من الذّنوب المتبقية في عالم الدُّنيا، فيخرج نقياً إلى عالم القيامة، وروي عن الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه واله: ضغطة القبر للمؤمن كفّارة لما كان منه من تضييع النِّعم"25.

 وفي الرّوايات أنّ الميّت يتعرّض لضغطة القبر أو ضمّة الأرض، وأنّ هناك أعمالاً تؤدّي إلى ضغطة القبر أو إلى شدّتها، نذكر منها ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "عذاب القبر يكون من النميمة، والبول، وعزب26 الرجل عن أهله"27.

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - عندما وصف سعد - قال: "إنّما كان من زعارة28 في خلقه على أهله"29.

وعنه (عليه السلام) أيضاً أنّه قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاثٌ من الذّنوب تعجّل عقوبتها ولا تؤخّر إلى الآخرة: عقوق الوالدين، والبغي على النَّاس، وكفر الإحسان"30.


1 النكتة، النقطة، وكلّ نقطة في شيء بخلاف لونه فهي نكتة.
2 أصول الكافي، ج2، ص271.
3 وسائل الشيعة، ج16، ص45.
4 أصول الكافي، ج2، ص27.
5 بحار الأنوار، ج 74، ص168.
6 أصول الكافي، ج2، ص287.
7 أصول الكافي، ج2، ص270.
8 سورة يس، الآية 12.
9 سورة البقرة، الآية 74.
10 بحار الأنوار، ج90، ص164.
11 مستدرك سفينة البحار، ج8، ص527.
12 سورة المطففين، الآية 14.
13 الكافي، ج5، ص140.
14 أصول الكافي، ج1، ص374.
15 أخذة أسف، أي أخذة غضب.
16 أصول الكافي، ج2، ص112.
17 سورة الذاريات، الآية 56.
18 الكافي، ج6، ح20، ص434.
19 أصول الكافي، ج2، ص272.
20- ق، 19.
21- بحار الأنوار، ج6، ص157.
22- بحار الأنوار، ج6، ص218.
23- من لا يحضره الفقيه، ج1، ص170.
24- الكافي، ج3، ص130.
25- بحار الأنوار، ج6، ص221.
26- عزب الرجل عن أهله معناه ابتعاده عن فراشه وطعامه، مع ظلمه لزوجته.
27- علل الشرائع، ج1، ص309.
28- الزعارة:-بتشديد الراء وتخفيفها-شراسة الخلق، والرجل شرس أي سيء الخلق.
29- بحار الأنوار، ج6، ص261.
30- وسائل الشيعة،ج16، ص312.

31-03-2016 | 15-38 د | 2531 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net