الهدف:
- التعرّف على أهمية الصّدقة في الإسلام، وفلسفتها، وآثارها الدنيويّة والأُخرويّة.
- التعرّف على عظمة أهل البيت(عليه السلام) من خلال قصّة المباهلة.
المحاور:
- الصّدقة سُنّة لا تُترك.
- فلسفة الصّدقة في الإسلام.
- جزاء الصّدقة وآثارها.
- قصّة التصدّق بالخاتم أثناء الصّلاة.
- ما هي الصّدقة الجارية؟
- صدقة السرّ والعلانية وآثارهما.
- قصّة المباهلة وأبعادها.
تصدير
رُوي عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في حديث قال: "إنَّ اللهَ لَمْ
يَخْلُقْ شَيْئًا إلاّ وَلَهُ خَازِنٌ يَخْزُنُهُ إلاَّ الصّدقة فَإِنَّ الرَّبَّ
يَلِيهَا بِنَفْسِهِ؛ وَكَانَ أَبِي إِذَا تصدّق بشيء، وضعه في يد السّائل، ثمّ
ارتدّه منه فقبّله وشمّه ثمّ ردّه في يد السّائل"[1].
الصّدقة سُنّة لا تُترك.
الصّدقة في اللّغة والعُرف والشّرع، عطيّة يُخرجها الإنسان من ماله على نحو
التبرّع، بقصد مساعدة الآخرين، وسدّ بعض حاجاتهم، تقرّبًا إلى الله تعالى. وقد حرص
نبيّ الإسلام محمّد(صلّى الله عليه وآله)، والأئمّة(عليهم السلام)، على قيمتها
وبيان فوائدها الدنيويّة، وآثارها الأُخرويّة على الفرد والمجتمع، وقد رُوي عن رسول
الله(صلّى الله عليه وآله) "الصّدقة جُنّة من النّار"[2].
ويذكر لنا التّاريخ الحرص الشّخصي للنّبي(صلّى الله عليه وآله)، وآله الأطهار(عليهم
السلام)، على أداء الصّدقات للفقراء والأيتام بشكل شخصي وفي مختلف المناسبات، ولهذا
كانت الصّدقة من السّنن القوليّة والعمليّة التي سنّها رسول الله (صلّى الله عليه
وآله)، وهي من المستحبّات التي قلّ أن يبلغ مثوبتَها في الأجر والثواب عمل آخر، إلى
ما يقرُب من حدّ الإسراف كما رُوي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في وصيّة رسول
الله(صلّى الله عليه وآله) لعلي(عليه السلام): (أَمَّا الصّدقة فَجُهدُكَ حَتَّى
تَقُولَ قَدْ أَسْرَفْتُ وَلَمْ تُسْرِف)[3].
فلسفة الصّدقة في الإسلام
للصّدقة، بنوعَيها الواجب والمستحب، فلسفة أخلاقيّة واجتماعيّة خاصّة،
فهي تطهّرهم من الرّذائل الأخلاقيّة، ومن حبّ الدّنيا وعبادتها، ومن البخل وغيره من
مساوئ الأخلاق، وتزرع مكانها خِلال الحبّ والسّخاء ورعاية حقوق الآخرين في نفوسهم،
وهذا ما يُساهم في تقدّم المجتمع وتكامله، ويُطهّره من التّفاوت الطّبقي الحادّ بين
الأغنياء والفقراء، ويعالج الكثير من المفاسد والشّرور التي تنتج عن بطر الأغنياء،
وشدّة فقر الفقراء، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ
وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}[4].
وعلى هذا الأساس ،كان الحثّ على الإنفاق والتصدّق ممّا يحبّه الإنسان ويرغب به، قال
الله تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)[5]،
وفي الحديث عن الحسين بن علي والصّادق (صلوات الله عليهما) أَنَّهُمَا كَانَا
يَتَصَدَّقَانِ بِالسُكَّرِ وَيَقُولانِ إِنَّهُ أَحبُّ الأَشْيَاءِ إِلَيْنَا،
وَقَدْ قَالَ الله تَعَالَى: (لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا
تُحِبُّونَ) [6]، وفي الحديث عن أبي الطّفيل قالَ: إشـْتـَرى عـَلـِيٌّ (عَلَيْهِ
السّلام) ثَوْباً فَأَعْجَبَهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ وَقَالَ: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
(صلّى الله عليه وآله) يَقُولُ: مَنْ آثَرَ عَلَى نَفْسِهِ آثَرَهُ الله يَوْمَ
القِيَامَةِ بِالجَنَّةِ، وَمَنْ أَحَبَّ شَيْئاً فَجَعَلَهُ لِلَّهِ قَالَ الله
تَعَالَى يَوْمَ القِيَامَةِ قَدْ كَانَ العِبَادُ يُكَافِئُونَ فِيمَا بَيْنَهُم
بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنَا أُكَافِيكَ الْيَومَ بِالْجَنَّةِ) [7]. ورُوي أنّ أبا
طلحة، وهو من الأصحاب، قسّم حائطًا بستانًا له في أقاربه عند نزول هذه الآية، وكان
أحبّ أمواله إليه فقال له رسول (صلّى الله عليه وآله): (بـَخٍ بَخٍ ذلِكَ مَالٌ
رَابحٌ لَكَ)[8].
وكنتيجة طبيعيّة لهذا الفعل التطوّعي المخلص في التصدّق ومساعدة الآخرين، يكافئ
الله المتصدّقين على عباده أعظم مكافأة فيرفع غضبه عنه، ويتلقّى الصّدقة –سبحانه
وتعالى- بيده، وفي هذا أجزل الجزاء من المولى بعبده، من هنا، رُوي عن رسول
الله(صلّى الله عليه وآله) قوله: "إنّ الصّدقة لتُطفئ غضب الربّ"[9]. وفي رواية عن
الإمام الصّادق(عليه السلام): "إنّ الله تبارك وتعالى يقول: ما من شيء إلاّ وقد
وكّلتُ من يقبضه غيري، إلا الصّدقة؛ فإنّي أتلقّفها بيدي تلقّفًا"[10].
جزاء الصّدقة وآثارها
للصّدقة آثار دنيويّة وأخرى أُخرويّة، ويُقصد بالآثار الدنيويّة ما
يتحقّق وينعكس خيرًا وبركة على المتصَدِّق في الحياة الدّنيا، كدفع البلاء وميتة
السّوء عنه، والزّيادة في الرّزق ودفع الفقر، فقد رُوي عن رسول الله(صلّى الله عليه
وآله) "الصّدقة تدفع البلاء، وهي أنجح دواء، وتدفع القضاء وقد أُبرم إبرامًا، ولا
يذهب بالأدواء إلاّ الدّعاء والصّدقة"[11]، وتُصرّح طائفة من الرّوايات، بأنّ
الصّدقة تُطيل العمر وتدفع الفقر، وتزيد في الرّزق، وقد قال الإمام الباقر(عليه
السلام): "البرّ والصّدقة ينفيان الفقر، ويزيدان في العمر، ويدفعان عن صاحبهما
سبعين ميتة سوء"[12]، وعن الإمام علي(عليه السلام): "إستنزلوا الرّزق
بالصّدقة"[13].
ويُقصد بالآثار الأُخرويّة تلك التي وَعَدَ الله بإيفائها للمتصدّقين في الآخرة،
يوم لا ينفع النّاسَ إلا أعمالُهم الصّالحة، كالتظلّل بظلّ الصّدقة من النّار، كما
جاء عن الإمام علي (عليه السلام): "أرض القيامة نار، ما خلا ظلّ المؤمن فإنّ صدقته
تظلّله"[14]، وأنّها تُطفئ حرّ القبور: قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله): "إنّ
الصّدقة لتُطفئ عن أهلها حرّ القبور، وإنّما يستظلّ المؤمن يوم القيامة في ظلّ
صدقته"[15].
قصة تصدّق الإمام علي(عليه السّلام) بالخاتم
قال الله تعالى: (إِنّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ
آمَنُواْ الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ
رَاكِعُونَ)[16].
قصّة التصدّق: عن الإمام الباقر(عليه السلام): «إنّ رهطًا من اليهود أسلموا، منهم:
عبد الله بن سلام، وأسد، وثعلبة، وابن يامين، وابن صوريا، فأتوا النّبي(صلّى الله
عليه وآله) فقالوا: يا نبيّ الله، إنّ موسى أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيُّك يا
رسول الله؟ ومن وليّنا بعدك؟ فنزلت هذه الآية.
ثمّ قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله): "قوموا"، فقاموا فأتَوا المسجد، فإذا
سائلٌ خارج، فقال: "يا سائل، أما أعطاكَ أحد شيئًا؟" قال: نعم، هذا الخاتم.
قال(صلّى الله عليه وآله): "مَن أعطَاك"؟ قال: أعطانيه ذلك الرّجل الذي يصلِّي،
قال: "على أيِّ حالٍ أعطاك"؟ قال: كان راكعًا، فكبّر النبيُّ(صلّى الله عليه وآله)،
وكبّر أهل المسجد. فقال(صلّى الله عليه وآله): "عليٌّ وليُّكم بعدي"، قالوا: رضينا
بالله ربًّا، وبمحمّدٍ نبيًّا، وبعليّ بن أبي طالب وليًّا، فأنزل الله عزّ وجلّ:
وَمَن يَتَوَلّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالّذِينَ آمَنُواْ فَإِنّ حِزْبَ الله هُمُ
الْغَالِبُونَ[17]»[18].
اتّفاق المسلمين على التصدّق: إتّفقت روايات العلماء على أنّ الإمام علي(عليه
السلام)، قد تصدّق بخاتمه وهو راكع، ، فشكَر الله ذلك له وأنزل الآية فيه، وليس بين
الأُمّة الإسلاميّة خلاف في ذلك، ولذا يلزم الأُمّة الإقرار بها؛ وذلك لموافقة هذه
الأخبار لكتاب الله، وحينئذٍ كان الاقتداء بها فرضًا، لا يتعدّاه إلّا أهل العناد
والفساد.
ما هي الصّدقة الجارية؟
ذهب الكثير من الفقهاء إلى أنّ المراد من الصّدقة الجارية التي ورد
الحثّ عليها، وأنّها من التي لا ينقطع عمل ابن آدم منها بعد موته، هو الوقف، على
أساس أنّ التّأبيد في الاستفادة من نتائجها وآثارها، هو من مقتضيات الوقف
ومقوّماته[19]. ويمكن تعميم عنوان الصّدقة الجارية إلى مُطلَق فعل الخير ونحوه من
أعمال البرّ، التي تستمرّ وتبقى ليُستفادَ منها بعد الموت، كعمارة الأبنية من
المساجد والمدارس ونحوه من دور العلم والعبادة، والمستشفيات ودور الصّحة...، والكتب
التي ألّفها، وسائر مساهماته الكليّة والجزئيّة في ما يستفيد منه المجتمع والنّاس
وتعود بالنّفع عليهم، ويمكن أن تشمل أيضًا السّنن التي سنّها، وعليه فإنّ كلّ ما
خلّفه خالصًا لله تعالى، فسينال حسناته في الآخرة، بل سيرى الإنسان أعماله مُحضَرة
في ذلك اليوم الذي تُزال فيه الحجب، وتكون كالفضل الدّائم عليه بكلّ منافعها.
وهذا ما يُفهم من الرّواية المرويّة عن النّبي ( صلّى الله عليه وآله ): «إذا مات
المؤمن انقطع عمله إلا من ثلاثة: ولد صالح يدعو له، وعلم يُنتفَع به بعد موته،
وصدقة جارية»[20]. وفي خبر هشام بن سالم: «ليس يتبع الرّجلَ بعد موته من الأجر إلّا
ثلاثُ خصال: صدقة أجراها في حياته وهي تجري بعد موته، وسُنّة هدىً سنّها فهي يُعمل
بها بعد موته، وولد صالح يدعو له»[21]، وفي خبرٍ آخر «ستّة يلحق المؤمن بعد وفاته:
ولد يستغفر له، ومصحف يخلُفُه، وغَرس يغرسه، وقُليب يحفره، وصدقة يُجريها، وسُنّة
يُؤخذ بها من بعده»[22].
فالواضح من هذه الأخبار أنّ بعض أعمال الإنسان تنقطع وتذهب آثارها بموته، وبعضها
الآخر يستمرّ بعد الموت، والاستمرار هنا ليس أمرًا ذاتيًا بل يرتبط بما تركه
الإنسان، ويمكن الاستفادة منه بشكل دائم.
وقد أفتى الكثير من الفقهاء بأنّ بذل المال في بناء المسجد، أو المشاركة في بنائه
مع جماعة من الصّدقة الجارية لمن بذلها أو نواها عنه إذا حسُنت النيّة وكان هذا
المال من كَسبٍ طيّب[23].
صدقة السرّ والعلانية وآثارهما:
لقد حثّت الأخبار على صدقة السرّ واللّيل، ولكن لم يرِد النّهي الصّريح
عن صدقة العلن والنّهار، بل ورد الحثُّ عليها أيضًا، ولعلّ ذلك فيه إشارة إلى كون
الصّدقة ذات أبعاد اجتماعيّة وتربويّة.
قال الإمام الصّادق(عليه السلام): "إنّ صدقة اللّيل تُطفئ غضب الربّ، وتمحو الذّنب
العظيم، وتُهوّن الحساب، وصدقة النّهار تُثمِر المال، وتزيد في العمر"[24].
وقال (عليه السلام): "إنّ صدقة النّهار تميث الخطيئة كما يُميث الماء الملح، وإنّ
صدقة اللّيل تُطفئ غضب الربّ جلّ جلاله"[25].
وقال (عليه السلام) أيضًا: "لا تتصدّق على أعين النّاس ليزكّوك؛ فإنّك إن فعلتَ ذلك
فقد استوفيتَ أجرك، ولكن إذا أعطيتَ بيمينك فلا تطّلع عليها شمالك؛ فإنّ الذي
تتصدّق له سرًّا يُجزيك علانية"[26].
قصّة المباهلة وأبعادها
المباهلة: من البهل، والبهل في اللّغة بمعنى تخلية الشّيء وتركه من غير
راعٍ، واللّعن في اللّغة بمعنى الطّرد بسخط، والحرمان من الرّحمة، فعندما تلعن
شخصًا، أي تطلب من الله سبحانه وتعالى أن لا يرحمه.
وفي تفصيل قصّة المباهلة قال الله تعالى: {مَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا
جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ
وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل
لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}[27]. لقد كتب الرّسول إلى أهل نجران،
وأكثرهم نصارى، يدعوهم إلى الإسلام، فاجتمع زعماء نصارى نجران وحكماؤهم يتدارسون
أمر كتاب النّبي (صلّى الله عليه وآله) الذي يدعوهم فيه إلى الإسلام. ولم يتوصّلوا
إلى رأي قاطع، إذ كانت في أيديهم تعاليم تؤكّد وجود نبيّ بعد عيسى (عليه السلام)،
وما ظهر من محمّد فهو يشير إلى نبوّته؛ من هنا قرّروا أن يرسلوا وفدًا يقابل
النّبي(صلّى الله عليه وآله) ويحاوره.
واستقبل النّبي (صلّى الله عليه وآله) الوفد الكبير، وقد ظهر عليه عدم الرّضا
لمظهرهم، الذي كان يحمل طابَع الوثنيّة، فقد كانوا يرتدون الدّيباج والحرير،
ويلبسون الذّهب، ويحملون الصّلبان في أعناقهم. ثمّ غدَوا عليه ثانية، وقد بدّلوا
مظهرهم، فرحّب بهم، واحترمهم، وفسح لهم المجال ليمارسوا طقوسهم[28].
ثمّ عرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم آيات من القرآن، فامتنعوا وكثُر الحِجاج معهم،
فخلُصوا إلى أن يباهلهم النّبي(صلّى الله عليه وآله)، وكان ذلك بأمرٍ من الله عزّ
وجلّ، واتّفقوا على اليوم اللّاحق موعدًا. ووقعت المباهلة في اليوم الرّابع
والعشرين من ذي الحجّة على الأشهَر، وفي رواية أنّه لَمّا نزلت الآية الكريمة: (فمن
حاجّك فيه...، فإنّ كلمة (بأنفسنا) عبّرت عن علي (عليه السّلام)، و(نساءنا) عن
فاطمة(عليه السلام)، و(أبناءنا) عن الحسن والحسين (عليه السلام)، وهذه كانت حجّة
دامغة. فخرج (صلّى الله عليه وآله) وعليه مرط من شعر أسود، وكان احتضن الحسين (عليه
السلام) وأخذ بيد الحسن (عليه السلام)، وفاطمة (عليها السلام) تمشي خلفه، وعلي
(عليه السلام) يمشي خلفها، وهو يقول: إذا دعوتُ فأمّنوا، فقال أسقف نجران: يا أبا
القاسم، رأينا ألّا نباهلك، وأن نُقرّك على دينك.
ولم يصحب الرّسول سواهم
أحدًا من المسلمين، ليُثبت للجميع صدق نبوّته ورسالته، وهُنا قال أسقف نجران: يا
معشر النّصارى إنّي لَأرى وجوهًا لو ألوا الله أن يُزيل جبلًا من مكانه لأزاله، فلا
تُباهِلوا فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني.
وحين أبَوا أن يُباهلوا النّبي وأهل بيته(عليه السلام) قال لهم الرّسول: أمّا إذا
أبَيتُم المباهلة فأسلِموا يكنْ لكم ما للمسلمين، وعليكم ما على المسلمين، فأبَوا،
فقال: إنّي أُناجِزُكُم القتال. فقالوا: ما لنا بحرب العرب طاقة، ولكن نُصالحك على
أن لا تغزوَنا ولا ترُدّنا عن ديننا، على أن نؤدّيَ إليك في كلّ عامٍ ألفَي حلّة،
ألفًا في صفر، وألفًا في رجب، وثلاثين درعًا عاديّة من حديد، فصالحَهُم على ذلك،
وقال: والذي نفسي بيده، إنّ الهلاك قد تدلّى على أهل نجران، ولو لاعنوا لَمُسِخوا
قردة وخنازير، ولاضطَرم عليهم الوادي نارًا، ولاستُأصِل نجران وأهله حتى الطّير على
رؤوس الشّجر، ولَمَا حال الحَول على النّصارى كلّهم حتى يهلكوا. فرجعوا إلى بلادهم
دون أن يُسلِموا[29]. ورُوي أنّ السيّد والعاقب من زعمائهم، لم يلبثا إلّا يسيرًا
حتى عادا إلى النّبي (صلّى الله عليه وآله) ليُعلِنا إسلامهما[30].
[1] الشّيخ الكليني، الكافي، ج 4، ص9
[2] الحرّ العاملي، وسائل الشّيعة، ج6، ص 258.
[3] الشّيخ الكليني، الكافي، ج 8، ص79.
[4] سورة التّوبة، الآية 103.
[5] سورة آل عمران، الآية 92.
[6] سورة آل عمران، الآية 92، الفيض الكاشاني، تفسير الصّافي، ج1، ص 355.
[7] المصدر نفسه.
[8] المصدر نفسه، ج1، ص 329.
[9] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 100.
[10] المصدر نفسه، ج93، ص134.
[11] المصدر نفسه، ج93، ص 137.
[12] الصّدوق، من لا يحضره الفقيه، ج2، ص66.
[13] نهج البلاغة، ص494.
[14] الشّيخ الكليني، الكافي، ج4، ص3.
[15] المتقي الهندي، كنز العمال، ج6، ص 348.
[16] سورة المائدة، الآية 55.
[17] سورة المائدة، الآية 56.
[18] الشّيخ الصّدوق، الأمالي، ص124.
[19] الجواهري، جواهر الكلام، ج22، ص358، ويراجع: الطّباطبائي، رياض المسائل ج9،
ص273، والبحراني، الحدائق النّاضرة، ج22، ص125.
[20] راجع: عوالي اللئالي، ج2، ص 53
[21] الشّيخ الكليني، الكافي، ج7، ص56.
[22] الحرّ العاملي، وسائل الشّيعة، ج13، ص292.
[23] الشّيخ سيّد سابق، فقه السنّة، ج1، ص 429
[24] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج96، ص125.
[25] الصّدوق، الأمالي، ص300.
[26] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج78، ص284.
[27] سورة آل عمران، الآية 61.
[28] الحلبي، السّيرة الحلبيّة، ج3، ص 211.
[29] الفخر الرّازي، التّفسير الكبير، ج8، ص85.
[30] ابن سعد، الطّبقات الكبرى، ج1، ص357.