الهدف: التعرّف على الشخصيّة العلميّة للسّيدة
الزهراء (عليها السلام)
المحاور:
- عِلم السيّدة الزهراء (عليها السلام)
- تتلمُذ فاطمة عند رسول الله(صلى الله عليه وآله)
- فاطمة (عليها السلام) العالِمة، مركزًا للمُراجعات
- خُطَب السيّدة فاطمة (عليها السلام) من تجلّيات عِلمِها
- قبسات نورانيّة من الخِطبة الفدكيّة
تمهيد
أَولى الإسلام العزيز قضيّة العِلم أهمّية كبيرة ورفَع من شأنه كثيرًا، حتّى أمسى
العِلم والتعلّم من الخصائص الّتي ينبغي أن تشكّل شخصيّة المؤمن، فبات طلب العلم
فريضة على كلّ مسلم[1] كما جاء في الحديث، وصارَ الخطاب للجميع "اطلبوا العلم من
المهد إلى الّلحد"[2]..
عِلم السيّدة الزهراء (عليها السلام)
1- علِمها عطيّة إلهيّة: جاء في
الرّواية أنّ الله عزّ وجلّ أعطى عشرة أمور لعشْر من النّساء، أعطى التّوبة لحوّاء
زوجة آدم والجمال لسارة زوجة إبراهيم والحفاظ لرحيمة زوجة أيّوب... والرّضا لخديجة
زوجة المصطفى والعِلم لفاطمة زوجة المرتضى.[3] فعِلم السيّدة فاطمة (عليها السلام)
هو عطيّة إلهيّة وهديّة ربّانيّة.
2- فُطمت بالعلم: جاء في رواية عن الإمام
الصّادق (عليه السلام) أنّه لَمَّا وُلِدَتْ فَاطِمَةُ (عليها السلام) أَوْحَى
اللَّهُ إِلَى مَلَكٍ فَأَنْطَقَ بِهِ لِسَانَ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله)
فَسَمَّاهَا فَاطِمَةَ ثُمَّ قَالَ إِنِّي فَطَمْتُكِ بِالْعِلْمِ وَفَطَمْتُكِ
مِنَ الطَّمْث[4].
3- سِعة عِلمها (عليه السلام): ورد في خبر عن
عمّار أنّه كان ذات مرّة مع الإمام عليّ (عليه السلام) وقد ولج على فاطمة (عليها
السلام)؛ فلمّا بصرت به نادت: "أُدنُ لأُحدّثك بما كان وما هو كائن وبما لم يكن
إلى يوم القيامة حين تقوم السّاعة"، قال عمّار: فرأيت أمير المؤمنين (عليه السلام)
يرجع القهقرى فرجعت برجوعه، إذْ دخل على النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال له: "أُدنُ
يا أبا الحسن"، فدنا فلمّا اطمأنّ به المجلس قال له: "تحدّثني أمّ أحدّثك؟" فقال: "الحديث
منك أحسن يا رسول اللّه"، فقال: "كأنّي بك وقد دخلت على فاطمة وقالت لك كيت وكيت
فرجعت، فقال علي (عليه السلام): "نور فاطمة من نورنا"، فقال (صلى الله عليه وآله):
"أولا تعلم"، فسجد عليّ شكراً للّه تعالى قال عمّار: "فخرج أمير المؤمنين وخرجت
بخروجه فولج على فاطمة (عليها السلام) وولجت معه"، فقالت: "كأنّك رجعت إلى أبي (صلى
الله عليه وآله) فأخبرته بما قلته لك؟" قال: "كان كذلك يا فاطمة"، فقالت: "اِعلمْ
يا أبا الحسن أنّ اللّه تعالى خلق نوري، وكان يسبّح اللّه جلّ جلاله ثمّ أودعه شجرة
من شجر الجنّة فأضاءت، فلمّا دخل أبي (صلى الله عليه وآله) الجنّة أوحى اللّه تعالى
إليه إلهامًا أن اقتطف الثّمرة من تلك الشجرة وأدرها في لهواتك ففعل، فأودعني اللّه
تعالى صُلب أبي (صلى الله عليه وآله) ثمّ أودعني خديجة بنت خويلد (عليها السلام)
فوضعتني وأنا من ذلك النّور، أعلم ما كان وما يكون وما لم يكن يا أبا الحسن، المؤمن
ينظر بنور اللّه تعالى"[5]. وفي ذلك دلالة واضحة على ارتباطها الحقيقيّ بالعلم
الإلهيّ ونطقها عنه، فعلمُها من عِلم الله عزّ وجلّ.
تتلمُذ فاطمة عند رسول الله(صلى الله عليه وآله)
كانت(عليها السلام) دائمًا ما تتعلّم من الرّسول (صلى الله عليه وآله)
وتحرص على نقل أحاديثه والرّواية عنه، ففي رواية أنّها جاءت تشكو له بعض أمرها
فأعطاها النبيّ (صلى الله عليه وآله) كريسة وقال لها:" تعلّمي ما فيها، فَإِذَا
فِيهَا مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ
وَمَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ
كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَسْكُتْ"[6]،
فالرّسول (صلى الله عليه وآله) كان معلّمها المباشر ومن تأخذ عنه علومها.
كما أنّه في سياق نقلها الأحاديث عنه (صلى الله عليه وآله) يروى أنّها قالت (عليها
السلام): "سَمِعْتُ أَبِي (صلى الله عليه وآله) يَقُولُ: "إِنَّ عُلَمَاءَ
شِيعَتِنَا يُحْشَرُونَ فَيُخْلَعُ عَلَيْهِمْ مِنْ خِلَعِ الْكَرَامَاتِ عَلَى
قَدْرِ كَثْرَةِ عُلُومِهِمْ وَجِدِّهِمْ فِي إِرْشَادِ عِبَادِ اللَّهِ حَتَّى
يُخْلَعُ عَلَى الْوَاحِدِ مِنْهُمْ أَلْفُ أَلْفِ حُلَّةٍ مِنْ نُورٍ"[7].
فاطمة (عليها السلام) العالِمة، مركزًا للمُراجعات
إنّ من أهمّ موارد إنفاق العلم هو التّعليم، فزكاة العِلم نشره[8]، وقد
أمسَت سيّدة نساء العالمين مركزًا للمُراجعات والأسئلة الدينيّة للنّساء. ويقول
الإمام الخامنئي: "كانت حياة فاطمة الزّهراء (عليها السّلام) في جميع الأبعاد، حياةً
مليئة بالعمل والسّعي والتّكامل والسموّ الرّوحيّ للإنسان. وكان زوجها الشابّ في
الجبهة وميادين الحرب دائمًا، وكانت مشاكل المحيط والحياة قد جعلت فاطمة الزّهراء (عليها
السّلام) كمركزٍ لمراجعات النّاس والمسلمين. إنّها ابنة النبيّ (صلّى الله عليه
وآله وسلّم) المفرّجة للهموم، وقد صارت في حياتها في تلك الظّروف بمنتهى العزّة
والسموّ"[9]. حيث كانت مبيّنةً لمعالم الدّين بالنّسبة للنّساء والشّخص الذي يلجأْنَ
إليه في قضاياهنّ، ففي رواية أنّها جاءت إلى السّيدة فاطمة امرأة لتسألها عن صلاة
والدتها الضّعيفة، فقالت لها: "إِنَّ لِي وَالِدَةً ضَعِيفَةً وَقَدْ لُبِسَ
عَلَيْهَا فِي أَمْرِ صَلَاتِهَا شَيْءٌ وَقَدْ بَعَثَتْنِي إِلَيْكِ أَسْأَلُكِ
فَأَجَابَتْهَا فَاطِمَةُ (عليها السلام) عَنْ ذَلِكَ فَثَنَّتْ فَأَجَابَتْ ثُمَّ
ثَلَّثَتْ إِلَى أَنْ عَشَّرَتْ فَأَجَابَتْ ثُمَّ خَجِلَتْ مِنَ الْكَثْرَةِ
فَقَالَتْ لَا أَشُقُّ عَلَيْكِ يَا ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَتْ فَاطِمَةُ: "هَاتِي
وَسَلِي عَمَّا بَدَا لَكِ أَرَأَيْتِ مَنِ اكْتُرِيَ يَوْماً يَصْعَدُ إِلَى سَطْحٍ
بِحِمْلٍ ثَقِيلٍ وكِرَاهُ مِئَةُ أَلْفِ دِينَارٍ يَثْقُلُ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ:
لَا، فَقَالَتْ: اكْتُرِيتُ أَنَا لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ بِأَكْثَرَ مِنْ مِلْءِ مَا
بَيْنَ الثَّرَى إِلَى الْعَرْشِ لُؤْلُؤاً فَأَحْرَى أَنْ لَا يَثْقُلَ عَلَيَّ.."[10].
حتّى إنّها كانت محلًّا لحلّ الخصومات، فقد جاء في رواية أن اخْتَصَمَ إِلَيْهَا
امْرَأَتَانِ فَتَنَازَعَتَا فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ إِحْدَاهُمَا
مُعَانِدَةٌ وَالْأُخْرَى مُؤْمِنَةٌ فَفَتَحَتْ عَلَى الْمُؤْمِنَةِ حُجَّتَهَا
فَاسْتَظْهَرَتْ عَلَى الْمُعَانِدَةِ فَفَرِحَتْ فَرَحاً شَدِيداً فَقَالَتْ
فَاطِمَةُ: إِنَّ فَرَحَ الْمَلَائِكَةِ بِاسْتِظْهَارِكِ عَلَيْهَا أَشَدُّ مِنْ
فَرَحِكِ وإِنَّ حُزْنَ الشَّيْطَانِ وَمَرَدَتِهِ بِحُزْنِهَا عَنْكِ أَشَدُّ مِنْ
حُزْنِهَا وَإِنَّ اللَّهَ عزّ وجلّ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ أَوْجِبُوا لِفَاطِمَةَ
بِمَا فَتَحَتْ عَلَى هَذِهِ الْمِسْكِينَةِ الْأَسِيرَةِ مِنَ الْجِنَانِ أَلْفَ
أَلْفِ ضِعْفٍ مِمَّا كُنْتُ أَعْدَدْتُ لَهَا وَاجْعَلُوا هَذِهِ سُنَّةً فِي كُلِّ
مَنْ يَفْتَحُ عَلَى أَسِيرٍ مِسْكِينٍ فَيَغْلِبُ مُعَانِداً مِثْلَ أَلْفِ أَلْفِ
مَا كَانَ لَهُ مُعَدّاً مِنَ الْجِنَانِ"[11].
خُطَب السّيدة فاطمة (عليها السلام) من تجلّيات علمها
يقول الإمام الخامنئي (حفظه الله): "وفي أجواء العلم، كانت فاطمة
الزّهراء (عليها السلام) عالمةً عظيمة، فتلك الخطبة الّتي ألقتها في مسجد المدينة
بعد رحيل النبيّ، هي خطبة، بحسب كلام العلّامة المجلسيّ، يحتاج فطاحل الفُصحاء
والبُلغاء والعُلماء إلى أن يجلسوا ليفسّروا معاني كلماتها وعباراتها، لقد كانت
بمثل هذا العمق، وبِلِحاظ جماليّة الفنّ فهي مثل أجمل كلمات نهج البلاغة وأرقاها.
مَحاوِر خطبة السّيدة فاطمة (عليها السلام):
تطرّقت السّيدة فاطمة (عليها السلام) في خطبتها إلى العديد من المواضيع
الحسّاسة وذات الأهميّة، وفيما يلي نعرض المواضيع الّتي تحدّثت فيها:
أولًا: بدأت بالحمد والشّكر لعظمة الله تعالى،
والاعتراف بتوحيد الله سبحانه، والثّناء عليه وذكر صفاته ونعمِه ومِنَنه جلّ وعلا.
ثانيًا: عرّجت على مقام النبوّة، وعظيم صفات
الرّسول (صلى الله عليه وآله) ومنزلته في عالم الآخرة، وركّزت في نسبتها إليه (صلى
الله عليه وآله).
ثالثًا: بيّنت جهاد النبيّ (صلى الله عليه
وآله) وما عاناه وما وصل المسلمون من فضلٍ بسبب أبيها النبيّ (صلى الله عليه وآله)،
وبيّنت كيف كانت حال العرب قبل بعْث الرّسول (صلى الله عليه وآله) إليهم.
رابعًا: بيّنت عظمة القرآن ودوره في الهداية
لما استهدى به.
خامسًا: بيّنت الحكمة من بعض العبادات
والواجبات الشرعيّة.
سادسًا: بيّنت بعض فضائل أمير المؤمنين عليّ (عليه
السلام) وأنّه الخليفة الشرعيّ للرّسول (صلى الله عليه وآله).
سابعًا: فضحت المـُنافقين المتربّصين بأهل
البيت (عليهم السلام) السّوء، الّذين أضمروا العداوة للرّسول (صلى الله عليه وآله)
في وانتهزوا الفرصة بعد وفاته.
ثامنًا: بيّنت مسألة فدك أمام الجميع وعرضت
أدلّتها وبيّنت حقّها في فدك، وفي صحّة وراثتها النبيّ (صلى الله عليه وآله)
والاحتجاج عليهم بكلام الله عزّ وجلّ.
تاسعًا: استنهضت المسلمين لنُصرتها، وقرّعتهم
على سكوتهم وخذلانهم وخصوصًا الأنصار.
قبسات نورانيّة من الخِطبة الفدكيّة
1- شُكر الله على نعمِهِ السّابغة:
افْتَتَحَتِ السيّدة فاطمة (عليها السلام) الْكَلامَ بِحَمدِ اللهِ
وَالثناءِ عليه والصلاةِ على رسولِ الله (صلى الله عليه وآله)، فبكى القوم، فَلَما
أمْسَكُوا عادَتْ فِي كلامِها، فَقَالَتْ (عليها السلام):
"الْحَمْدُ للهِ عَلى ما أنْعَمَ، وَلَهُ الشُّكْرُ على ما أَلْهَمَ، وَالثَّناءُ
بِما قَدَّمَ، مِنْ عُمومِ نِعَمٍ ابْتَدَأها، وَسُبُوغ آلاءٍ أسْداها، وَتَمامِ
مِنَنٍ والاها، جَلّ عَنِ الاحْصاءِ عدَدُها، وَنأى عَنِ الْجَزاءِ أَمَدُها،
وَتَفاوَتَ عَنِ الادْراكِ أَبَدُها، وَنَدَبَهُمْ لاسْتِزادَتِها بالشُّكْرِ
لاتِّصالِها، وَاسْتَحْمَدَ إلَى الْخَلايِقِ بِإجْزالِها، وَثَنّى بِالنَّدْبِ إلى
أمْثالِها"[12].
2- الملازمة بين التّوحيد والإخلاص
ثم قالت: "وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ،
كَلِمَةٌ جَعَلَ الإخْلاصَ تَأْويلَها، وَضَمَّنَ الْقُلُوبَ مَوْصُولَها، وَأَنارَ
في الْفِكَرِ مَعْقُولَها"[13].
3- ليس كمثله تعالى شيء:
"الْمُمْتَنِعُ مِنَ الابْصارِ رُؤْيِتُهُ، وَمِنَ اْلالْسُنِ صِفَتُهُ،
وَمِنَ الاوْهامِ كَيْفِيَّتُهُ. اِبْتَدَعَ الاشَياءَ لا مِنْ شَيْءٍ كانَ
قَبْلَها، وَأَنْشَأَها بِلا احْتِذاءِ أَمْثِلَةٍ امْتَثَلَها، كَوَّنَها
بِقُدْرَتِهِ، وَذَرَأَها بِمَشِيَّتِهِ، مِنْ غَيْرِ حاجَةٍ مِنْهُ إلى تَكْوينِها،
وَلا فائِدَةٍ لَهُ في تَصْويرِها إلا تَثْبيتاً لِحِكْمَتِهِ، وَتَنْبيهاً عَلى
طاعَتِهِ، وَإظْهاراً لِقُدْرَتِهِ، وَتَعَبُّداً لِبَرِيَّتِهِ، وإِعزازاً
لِدَعْوَتِهِ"[14].
4- حكمة بعض التّشريعات وأسرارها
ثمّ قالت: "فَجَعَلَ اللهُ الإيمانَ تَطْهيراً لَكُمْ مِنَ الشِّرْكِ،
وَالصَّلاةَ تَنْزِيهاً لَكُمْ عَنِ الكِبْرِ، والزَّكاةَ تَزْكِيَةً لِلنَّفْسِ
وَنَماءً في الرِّزْق، والصِّيامَ تَثْبيتاً للاخْلاصِ، والحَجَّ تَشْييداً لِلدّينِ،
وَالعَدْلَ تَنْسيقاً لِلْقُلوبِ"[15].
5- مقام الإمامة والجهاد ومنزلتهما في الأمّة:
إلى أن قالت (عليها السلام): "وَطاعَتَنا نِظاماً لِلْمِلَّةِ،
وَإمامَتَنا أماناً مِنَ الْفُرْقَةِ، وَالْجِهادَ عِزاً لِلإسْلامِ، وَالصَّبْرَ
مَعُونَةً عَلَى اسْتِيجابِ الأجْرِ، وَالامْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً
لِلْعامَّة"[16].
ثمّ تحدّثت عن الجهاد، وأنّه عزٌّ للإسلام، فالجهاد هو من الواجبات الّتي اعتمد
عليها الدّين الإسلاميّ للدّفاع عن وجوده ووجود رجالاته؛ الّذين وجد الإسلام
بوجودهم، وهو قوّة ومنعة يدفع به اعتداء المعتدين وكيد الظالمين وفيه تُحفَظ
العِزّة والكرامة لكلّ أفراد الأمّة، فلولا الجهاد لما حصل الإسلام على عِزّته.
6- برّ الوالدين حصانة:
"وَبِرَّ الْوالِدَيْنِ وِقايَةً مِنَ السَّخَطِ، وَصِلَةَ الارْحامِ
مَنْماةً لِلْعَدَدِ، وَالْقِصاصَ حِصْناً لِلدِّماءِ"[17].
7- صلة الأرحام:
ولمناسبة الحديث عن العلاقات العائليّة بيّنت السيدة فاطمة (عليها
السلام) أنّ: "صلة الأرحام مُنماة للعدد"، فإنّه لا يخفى ما لصلة الأرحام من
تداعيات إيجابيّة على الصعيد الاجتماعيّ، فإنّها الباب الأساس للتعاضد والتّكافل
العائليّ وشدّ الأواصر، ومدعاة للتزاوج فيكثر بذلك العدد وينمو، وهي أيضًا تطيل عمر
المسلمين؛ كما ورد ذلك في روايات عديدة وبإطالة العمر ينمو عدد المسلمين أيضًا.
8- "والقصاص حصنًا للدّماء":
إنّ الإسلام هو نظام الله في الأرض وهذا النّظام يجب أن يحافظ على أبنائه ومجتمعه
من الانحراف ومن طبع الإنسان الانحراف عن الجادّة التي رسمها الله سبحانه له، "إنّ
النفس لأمّارة بالسوء إلّا ما رحم ربّي"[18]، فسنّ سبحانه القصاص لحماية هذا
المجتمع والنظام. فعندما يُقاصص ويعاقب كلّ معتدٍ ويضرب على يد كلّ مجرم لا يعتدي
الإنسان على أخيه الإنسان ولا يظلم أحدٌ أحدًا؛ وهكذا تصلح حياة المجتمع والأفراد،
لذا قالت السيّدة فاطمة (عليها السلام): "والقصاص حِصنًا للدّماء"، فعندما يُطبَّق
القصاص ويحصل فعلاً الاقتصاص من الجناة، فإنّ ذلك سيشكّل رادعًا لغيرهم وفي الوقت
عينه فلن يلجأ كلّ فرد إلى الاقتصاص بنفسه ممّن اعتدى عليه، لذا تُحقن وتحصّن
الدّماء.
[1] الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص 30.
[2] القميّ، تفسير القميّ، ج2، ص 401.
[3] ابن شهرآشوب المازندراني، مناقب آل أبي طالب عليهم السلام، ج3، ص 321.
[4] الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص 460.
[5] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج43، ص 8.
[6] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 667.
[7] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج2، ص 3.
[8] الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، ص 276.
[9] الإمام الخامنئيّ، إنسان بعمر 250 سنة، ص152.
[10] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج2، ص 3.
[11] الشيخ الطبرسيّ، الإحتجاج على أهل اللجاج، ج1، ص 19.
[12] الشيخ الطبرسيّ، الإحتجاج على أهل اللجاج، ج1، ص 98.
[13] المصدر نفسه.
[14] الشيخ الطبرسيّ، الإحتجاج على أهل اللجاج، ج1، ص 98.
[15] المصدر نفسه، ج1، ص 99.
[16] المصدر نفسه.
[17] المصدر نفسه.
[18] سورة يوسف، الآية 53.