الهدف: الدعوة لإحياء ليلة القدر، ويوم قدْر
قُدس الأمّة.
محاور الخطبة؛
1 – بركة المسجد الأقصى
2 - إرث المستضعفين الصابرين
3 – عاقبة ترك بيت المقدس
4 - جزاء تتبع سنن بني إسرائيل
5 – من رحمة الله تعالى
6 - يوم انطلاق تحرير الأمّة
7 – إلى متى ؟
8 – إلّا على أيدي المؤمنين الشرفاء
مطلع الخطبة:
الحمد لله ربّ العالمين، وأفضل الصلاة وأزكى السلام على أشرف الخلق وخاتم النبيّين
سيّدنا ومولانا رسول الله أبي القاسم المصطفى محمّد، وعلى آله الطيبين الطاهرين،
وبعد؛
قال الله العظيم في كتابه الكريم: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً
مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا
حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾[1].
لمـّا أراد الله تعالى أن يُري خاتم النبيّين (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المزيد
من آياته الكبرى؛ أسرى به من بيته الحرام إلى أرض أخرى قد حباها بالبركة والقداسة،
وقد قال الله عزّ وجل في بيان هذه البركة والقداسة: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ
عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا}[2] وقال
علـــى لسان موسى (ع): {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي
كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}[3].
بركة المسجد الأقصى:
المـُجمَع عليه؛ أنّ هذه الأرض المباركة المقدّسة المذكورة في آيات
الفرقان هي بيت المقدس، والمتسالم عليه عند أهل الإيمان؛ أنّ مركز البركة في تلك
الأرض المقدسة هو "المسجد الأقصى"[4].
أُولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ورمز عقيدة المسلمين وتاج مدينة القدس،
بناهُ الأنبياء وانتسب إليه كثير من العلماء، وسقط على أرضه كثير من الشهداء، وهو
دار الإسلام في نهاية الزمان، وأهله مرابطون إلى يوم القيامة.
وفي قول الحق سبحانه :"بَارَكْنَا حَوْلَهُ"؛ دليل واضح على المبالغة في البركة،
فإنْ كان الله قد بارك ما حوله، فالبركة فيه "شيء مُسلم"، ومن باب أَوْلى[5].
وقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):"اللهم بارك لنا في شامنا"[6]، وبيت
المقدس هو سُرَّةُ بلاد الشام، ومركز البركة فيها. فما الذي يمنعنا من القول أنّ
هذه البركة تتوسّع حول المسجد الأقصى، وتكبُر لتشمل كلّ أرض بلاد الشام.
ولا نريد الإسهاب في هذا الفصل أكثر، فقد كُتِب في بيان هذه البركة وفي فضائل بيت
المقدس مؤلّفات عديدة، فليرجع إليها من يشاء.
إرث المستضعفين الصابرين:
أيّها المؤمنون الكرام: قال الله عَزَّتْ آلاَؤُهُ :{إِنَّ فِرْعَوْنَ
عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ
يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ
الْمُفْسِدِينَ}[7].
وهذه الآية الكريمة تصوّر الظرف الهائل الذي قضى فيه فرعون على بني إسرائيل أن لا
يعيش منهم مُتنفِّسٌ ولا يبقى منهم نافخ نار، وقد أحاطت بهم قدرته الطاغية، وملأ
أقطار وجودهم رعبه وهو يستضعفهم حتى يقضي عليهم قضاءً تاماً؛ وقد انفجر في حناياه
طوفان من الغضب العارم، فأمر في لوثة حمقاء بقتل كلّ غلام وليد، حتى لا يعانق
الحياة ذلك البازغ المنتظر موسى بن عمران (عليه السلام)، فتعقّب الطاغية نسل بني
إسرائيل من الذكور بالقتل، واستحيا[8] نسائهم إهانةً واحتقاراً لهم. وكان يسومهم
سوء العذاب والنكال، وقد بقي بنو إسرائيل على هذا الحال إلى أن نجّاهم الله تعالى
على يدي نبيّه الكليم موسى (ع)، وانتقم من فرعون وجنوده، وفي ذلك يقول الباري تبارك
وتعالى:{فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ
كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ * وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ
الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي
بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ
بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا
كَانُوا يَعْرِشُونَ}[9].
عاقبة ترك بيت المقدس؛
أنقذ الله بني إسرائيل من فرعون وجنوده، وشقّ لهم البحر {فَكَانَ كُلُّ
فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}[10]، ثمّ حباهم الله بمزيد من النعم العظيمة، وأوحى
لنبيّه المرسل موسى بن عمران (ع) أن يأخذ عليهم الميثاق، وأن يعدِهُم الغلبة على
الجبارين، وكلّفه أن يدخل بهم الأرض المقدّسة "بيت المقدس"، ويقودهم لفتح (مشارق
تلك الأرض ومغاربها)، فقام كليم الله بما كلفه الله به، وقال (ع):{يَاقَوْمِ
ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا
تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ }[11] .
وكان في الميثاق الذي أُخذ عليهم: دخول بيت المقدس سجداً، وتعظيم السبت الذي طلبوا
أن يكون لهم عيداً؛ ولكن ما الذي حصل؟
لقد أقرحوا قلب كليم الله موسى (ع) بكثرة جدالهم، ثم قالوا له:{ فَاذْهَبْ أَنْتَ
وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا
أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ
الْفَاسِقِينَ}[12].
إنّهم بمجرد ذهاب خوفهم من فرعون؛ وغياب القهر عنهم، تملّصوا من الميثاق الغليظ
فنقضوه، وكفروا بآيات الله تعالى، فما كان من الله سبحانه إلّا أن جازاهم فحرّم
عليهم تلك الأرض المباركة المقدسة:{قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ
أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ
الْفَاسِقِينَ}[13].
وكُتب عليهم التيه في الأرض أربعين سنة لا يهتدون لشيء، وليس لهم مخرج من التيه،
وكلّ ذلك بسبب عصيانهم وتركهم القتال؛ ونُصرة الأرض المقدّسة التي كان يحتلّها قومٌ
ظالمون جبارون.
جزاء تتبّع سُنن بني إسرائيل؛
مع مطلع القرن الماضي؛ بدأ حال العرب والمسلمين يُشابه إلى حدّ المطابقة
حال بني إسرائيل في سنين التيه. والحقّ أنّه لا غرابة في ذلك، فإنّ الله تعالى
يقول: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ
وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ
أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}[14].
وقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) :" لتتبعنّ سنن من قبلكم شبراً بشبر
وذراعاً بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه" . قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى
؟ قال "فمن"[15].
وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم):"يكون في هذه الأمّة كلّ ما كان في بني إسرائيل
حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة"[16].
هذا؛ وقد نقضْ أغلب العرب عهد الله تعالى، وقطعُ جُلّ المسلمين ما أمرهم الله أن
يصلوه مع إخوانهم الفلسطينين، ولا يزال معظم العرب والمسلمين مصرّين على معصية
ربهم، والبعد عن دينهم، وترك نُصرة بيت المقدس المبارك، فتاهوا، وما زال أكثرهم
تائهون مشتّتون قد أسلموا قيادهم للفساد والفاسدين، وإذا كانوا قد أمنوا من عذاب
الدنيا، فإنّه لم يغب عنهم أنّ الله تعالى يحشرهم مع اليهود والمنافقين إذا لم
يعودوا لرشدهم، ويتركوا السيّر على سنن ومناهج بني اسرائيل.
من رحمة الله تعالى؛
إنّ الله سبحانه وتعالى كتب على نفسه الرحمة، وقد قال في محكَم
كتابه:{وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا
لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ}[17].
ولسعة رحمة الله، وبعد أن أقام الحُجة علينا في هذا الزمان ، كما في كلّ زمان، قيّض
لنا بفضله رجلاً من فقهاء ومجتهدي ذريّة رسول الله (ص)؛ قد نظر إلى الأرض المقدسة
على أنّها وقْف الله تعالى للموحدين، وألهم الله ذلك السيد تبنّي قضية القدس،
والتكلُّم بلسانها، وقد بدء ذلك باقتراحه ليوم إسلامي عالمي يهبُّ فيه أهل الإسلام
لنصرة القدس بكلّ ما استطاعوا "مادياً وأعلامياً وعسكرياً". والحقّ أنّ هذا اليوم
لم يقترحه السيد روح الله الموسوي الخميني لإنقاذ القدس فحسب، بل ولإنقاذ المسلمين
كافة، من شرّ الشيطان الأكبر والشياطين الصغار.
نعم؛ لقد اقترح مفجر الثورة الإسلامية للقدس يوماً يكون في آخر جمعة من شهر رمضان،
فإنّه شهر الله، وشهر الجهاد، وأفضل الشهور، إضافة إلى أنّه يوحي بالنصر والغلبة
للمسلمينِ. ففيه كانت أول غزوة من غزوات رسول الله (ص) غزوة "بدر الخالدة"، وفيه
كان فتح مكة المكرمة، ويوصي فيه الإمام الخميني، فيقول:
"في يوم القدسِ، الذي هو من أواخر أيام شهر الله الأعظم حريٌّ بمسلمي العالم أن
يتحرّروا من أسر عبودية الشياطين الكبار والقوى العظمى، ويستظلّوا بظلال الإله
الأزلية، بعد قطع أيدي جُناة التاريخ عن بلاد المستضعفين، واستئصال جذور أطماعهم.
يوم القدس يوم انطلاق تحرير الأمّة؛
تحدّث الإمام الخميني تحت هذا العنوان وفي أكثر من مرّة بهذه المناسبة
المقدّسة، قائلاً:
"إنّ يوم القدس يوم الإسلام و يوم إحياء الإسلام، يوم القدس يوم المستضعفين، يوم
القدس يوم الولادة الإسلامية، لابدّ من فضح عملاء الاستعمار في يوم القدسِ احيوا
ذكرى يوم القدس كلّ عام، لابد من إنقاذ جميع المسلمين في هذا اليوم".
فقد كان يرى أنّ الأمة كلّها محتلّة وواقعة في دائرة الخطر ما دامت القدس أسيرة
الاحتلال الصهيوني البغيض الجاثم فوق أرضها الطاهرة المقدسة، لأن القدس بما ترمز
إليه تشكّل عنوان كرامة المسلمين وعزتهم وكرامتهم. إلى ذلك؛ قضية القدس هي القضية
الأبرز من بين كلّ قضايا الأمّة التي يمكن أن تلتف حولها لتتّخذ منها طريقاً
للوحدة، نظراً لما لها من قوّة إثارة وتحريك للمشاعر، واستنهاض للهِمم، وتقريب
لوجهات النظر، وتجميع القدرات والطاقات الموجودة في الأمّة من أجل تحريرها من براثن
ذلك العدو. ولهذا؛ نجد أنّ الإمام الخميني "قدس سره" يعبّر عن مقولته هذه في إعلان
تأسيس يوم القدس، فيقول: "إنّ آخر جمعة من شهر رمضان المبارك يُعد يوماً للقدس،
والعشرة الأخيرة من شهر رمضان تضم ليلة القدر على احتمال قوي، وهي الليلة التي يكون
إحياؤها سنّة إلهيّة، وهي أفضل من ألف شهر من حياة المنافقين، وفيها تُقدَّر مصائر
الناس، ويوم القدس مجاور لليلة القدر، فيجب على المسلمين أن يُحيوه، ويجعلوه مثاراً
لعظمتهم وانتباههم، وبذلك يخرجون من الغفلة التي أُصيبوا بها طوال التاريخ، وخصوصاً
في القرون الأخيرة، ليكون ذلك اليوم الذي يَنتبهون فيه وينهضون، وهكذا يأخذ
المسلمون في كلّ أنحاء العالم بأيديهم زمام مقدراتهم".
يوم مواجهة المستضعفين للمستكبرين؛
"إنّ يوم القدس يوم عالمي، لا يختصّ بالقدس، بل هو يوم مواجهة
المستضعفين للمستكبرين؛ إنّه يوم مواجهة الشعوب، التي رزحت طويلاً تحت نَيْر الظلم
الأميركي وغير الأميركي،
يومٌ يجب أن يستعدّ فيه المستضعفون لمواجهة المستكبرين، ولتمريغ أنوفهم في الوحل.
إنّه يوم الفصل بين المنافقين والملتزمين... الملتزمون يتّخذون هذا اليوم "يوماً
للقدس"، ويحرصون على تكريمه. أمّا المنافقون، الذين يرتبطون بالقوى العظمى من وراء
الستار، ويعقدون أواصر الصداقة مع إسرائيل، سيتجاهلون هذا اليوم، بل وسيصدّون
الشعوب عن الاحتفاء به"[18].
يجب على الشعوب الإسلامية، وبالأخصّ الشعبين اللبناني والفلسطيني، تحذير أولئك
الأشخاص الذين يضيّعون الوقت بالمناورات السياسية وإنذارهم كي لا يستسلموا لهذه
الألاعيب السياسية، التي لا يجني الشعب المظلوم منها، إلّا الضرر والخسران.
إلى متى تبقى أساطير الشرق والغرب الكاذبة تُسحر المسلمين الأقوياء، وتجعلهم يهابون
أبواقهم الدعائية الجوفاء؟ إلى متى يظلّ المسلمون غافلون عن قدرة الإسلام
العظيمة؟"[19].
ــ إلى متى ؟
أيّها الأخوة الكرام؛ يستمرّ الاحتلال في تهويد القدس واستهداف المسجد
الأقصى والأوقاف المسيحية في القدس، وبدا أنّه مشغول في ترتيبات الصورة النهائية
التي يحاول رسمها للقدس، وهي صورة تتّضح معالمها كالآتي؛
قدس بأقلية فلسطينية مضّطهدة، وضعيفة، ومشغولة بشؤون حياتها. وطرد سكان "كفر عقب
ومخيم شعفاط" أولى خطوات الوصول إليها.
قدس تضم أقليّة فلسطينية مشوّهة الوعي والذاكرة والتاريخ يكون وجودها ضروريًّا،
وذلك لتجميل وجه الاحتلال الإجرامي وتضليل الجمهور وإيهامه بأنّ الاحتلال حريص على
التنوّع و"قبول الآخر"، والطريق إلى ذلك يمرّ عبر "أسرلة" المنهاج العربيّ في مدارس
القدس.
قدس بهُوية فارغة المضمون عبر تحويل المسجد الأقصى إلى مرتع للمتطرفين اليهود، وسلب
أملاك الكنائس المسيحية، وتهجير المسيحيين، وبناء المعالم ذات الطابع اليهودي.
قدس خاضعة للسيادة الإسرائيلية الكاملة بعد ضمّ كلّ المستوطنات المحيطة بها إليها،
وشرعنتها مع تلك التي تجثم على أراضيها.
إلّا على أيدي المؤمنين الشرفاء؛
أيّها الأحبّة؛ إذا كان الفلسطينيون قد نذروا أنفسهم للدفاع عن المسجد
الأقصى بالمهج والأرواح؛ فهذا لا يعني أن تتنصّل الأمّة الإسلامية من مسؤوليتها
الدينية بالدّفاع عن القدس بل عن كلّ أرض فلسطين. بل واجب على أمّتنا أن تعمل جاهدة
لتحريرها من قبضة إخوان القردة والخنازير، فقد اشتدّت وطأة الاحتلال، وتمادى
العدوان في غيّه، ولا يوجد أحد تخاذلَ تجاه قضيّته الأولى كما يتخاذل أعراب آل سعود
واتباعهم. فالقوم صاروا مستعدّين لبيع أولى القبلتين، ومسرى سيّد الثقلين، لليهود
الصهاينة بلا ثمن. والذي يظهر أنّ الأقصى الذي يرتبط به مليار ونصف المليار مسلم في
العالم ارتباطاً عقدياً إيمانياً؛ سيبقى يرزح تحت وطأة العدوان الصهيوني الغاشم،
ويستنجد ولا مجيب، إلّا أن يتوحّد الشرفاء من أبناء أمّتنا وعندها تتحقّق مقولة ذلك
السيد المغيب المظلوم: "إنّ شرف القدس يأبى أن تتحرّر إلّا على أيدي المؤمنين
الشرفاء"[20] .
هذا، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين.
[1] سورة الإسراء، الآية 1.
[2] سورة الأنبياء، الآية 81.
[3] سورة المائدة، الآية 21.
[4] في بُعْد المسافة نقول: هذا قصيّ؛ أي بعيد؛ وهذا أقصى أي أبعد، وكأن الله
سبحانه وتعالى يلفت أنظارنا إلى أنّ مع مرور الليالي والأيام سيتواجد بين المسجد
الحرام، والمسجد الأقصى "مسجدٌ آخر قصيّ"، وقد كان؛ فما هي إلّا سنوات قلائل حتى
شُيّد مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فالمسجد الأقصى؛ أي الأبعد، وهو
مسجد بيت المقدس.
[5] ومثال على ذلك عندما نقول: جماعة يعيشون حول فلان في نعمة"، فمعنى ذلك أنّه في
نعمة أعظم.
[6] محمد بن إسماعيل البخاري، صحيح البخاري، ج6، ص2598، حديث (6681)، طبعة 3، دار
ابن كثير، اليمامة، ونص الحديث؛ ذَكَرَ النبيُ (ص): (اللهم بارك لنا في شامنا اللهم
بارك لنا في يمننا). قالوا يا رسول الله وفي نجدنا ؟ قال ( اللهم بارك لنا في شامنا
اللهم بارك لنا في يمننا) . قالوا يا رسول الله وفي نجدنا ؟ فأظنه قال في الثالثة
(هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان).
[7] سورة القصص، الآية 4.
[8] أي يُبقي على حياة الإناث من الأطفال للسخرة، وللاسترقاق والاستخدام، وكانوا
يفردون النساء عن الأزواج، وذلك من أعظم المضار والابتلاء. إذ الهلاك أسهل من هذا.
[9] سورة الأعراف، الآيتان 136و137.
[10] سورة الشعراء، الآية 63.
[11] سورة المائدة، الآية 21.
[12] سورة المائدة، الآيتان 24و25.
[13] سورة المائدة، الآية 26.
[14] سورة الرعد، الآية 25.
[15] محمد بن إسماعيل البخاري، صحيح البخاري، ج3، ص1274، حديث (3269)، والشيخ
المفيد محمد بن محمد بن النعمان العكبري، الإفصاح في الإمامة، ص50، طبعة 1، مؤتمر
الشيخ المفيد، قم.
[16] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج1، ص203، حديث (609)، ط2، جماعة المدرسين،
قم.
[17] سورة الكهف، الآية 58.
[18] من نداء سماحة الإمام الخميني إلى الشيعة، بتاريخ 9/6/ 1979 م.
[19] من نداء سماحة الإمام الخميني بمناسبة أسبوع الحرب، بتاريخ 17 /9 / 1981 م.
[20] رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة السيد موسى الصدر.