الهدف: بيان تواتُر حديث الغدير وأهمّيّته،
والتعرّف إلى بعضٍ من معانيه، ودلالات تنصيب الإمام عليّ أميراً للمؤمنين في ذلك
اليوم الأغرّ.
محاور الخِطبة
1- مطلع الخطبة.
2- البلاغ المبين يوم الغدير.
4- من كنت مولاه، فعليّ مولاه.
5- حديث الغدير، رواه الجمّ الغفير.
6- عناية أهل البيت (عليهم السلام) بحديث الغدير.
7- عيد الغدير، وشيعة أهل البيت (عليهم السلام).
8- الدالّ على الخير كفاعله.
9- آية المباهلة.
10- تصدُّق أمير المؤمنين (عليه السلام) بخاتمه.
مطلع الخِطبة
الحمد لله ربّ العالمين، وأفضل الصلاة وأزكى السلام على خاتم النبيّين
وأشرف الخلق أجمعين، سيّدنا أبي القاسم محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين، وبعد...
قال الله سبحانه وتعالى مُخاطباً نبيَّه الأعظم (صلّى عليه وآله): ﴿يَاأَيُّهَا
الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا
بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا
يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾[1].
في السنة العاشرة من الهجرة النبويّة المباركة، قرّر رسول الله (صلّى الله عليه
وآله) الذهاب لحجّ بيت الله الحرام - وعُرفت هذه الحجّة عند المسلمين بأنّها حجّة
الوداع - وانتشر الخبر بين الناس في طيبة الغرّاء، وفي القرى والمناطق المجاورة
للمدينة وغيرها، فتوافد الكثيرون إلى المدينة المنوّرة، وانضمّوا إلى موكبه (صلّى
الله عليه وآله)، وخرج معه الألوف من المسلمين، هذا غير الذين لحقوا به في الطريق،
وغير الذين في مكّة المكرّمة، والذين وفدوا إليها، وكان (صلّى الله عليه وآله) قد
علّم النّاس مناسك الحجّ من قبلُ عن طريق الوحي، ولكن في هذه المرّة عَمِل بهذه
المناسك، وفي كلّ موقف وضّح لهم جزئيّاتها، وتكلّم حول تكاليفهم الشّرعية في خِطبة
خطَبها في مكّة، وثانية في منى، وثالثة في عرفات. وبعد أن أنهى النبيّ (صلّى الله
عليه وآله وسلّم) مناسك الحجّ عاد إلى المدينة المنورة، وبينما هو في طريقه، إذ هبط
عليه الأمين جبرائيل (عليه السلام) بقول الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿يَاأَيُّهَا
الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا
بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا
يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾[2]، وأبلغه أنّ الله يأمره بأن يقيم عليّ بن أبي
طالب (عليه السلام) إماماً للمسلمين، ووصّياً وخليفةً له على أمّته، ويبلّغ الناس
ولايته، وفرض طاعته على كلّ مسلم.
البلاغ المبين يوم الغدير
كان ذلك البلاغ المبين يوم الخميس، في الثامن عشر من ذي الحجّة في منطقة
الجُحفة على غدير ماء في وادي الأراك، يُسمّى "غدير خم"، حيث أمر رسول الله (صلّى
الله عليه وآله) بأن يردّوا المتقدّم وينتظروا المتأخّر ممّن صحبه؛ فاجتمعوا جميعاً
عنده، وحان وقت صلاة الظهر، فصلّى بهم (صلّى الله عليه وآله)، وكان ذلك اليوم شديد
الحرارة، وبعد الانتهاء من الصلاة عملوا لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) منبراً
من أحداج الإبل، فقام وخطب فيهم خطبة عظيمة ليبلّغ الشاهد منهم الغائب! وفي مستهلّ
خطابه نعى نفسه المقدّسة إليهم! وبيّن لهم أنّه مسؤول، وأنّهم مسؤولون، ومن ثمّ
أشهدهم على التوحيد والنبوّة والمعاد، فقالوا: بلى، نشهد بذلك، ثم أخذ حينئذٍ على
سبيل الفور بيد عليّ فرفعها إليه حتّى بانَ بياض إبطَيه، فقال: يا أيّها الناس، إنّ
اللّه مولاي، وأنا مولى المؤمنين - وفسّر كلمته (وأنا مولى المؤمنين) بقوله: وأنا
أوْلى بهم من أنفسهم - ثمّ نصّب الكرّار عليّاً (عليه السلام) إماماً وخليفةً من
بعده على أمّته، وخصّه بدعوات لا يليق لها إلاّ أئمّة الحقّ وخلفاء الصدق، ومن ثم
قرن العِترة بالكتاب، وجعلها قدوة لأُولي الألباب إلى يوم الحساب، ونادى بذلك حتى
شاع وذاع، وملأ صيته الأسماع والأصقاع. وكلّ تفصيل ذُكر في هذه الفقرة مرويّ على
لسان أحد الصحابة الذين شهدوا هذه الحادثة، ونقلوا حديث الغدير، فنحن لم نقدّم
عليّاً (عليه السلام) من تلقاء أنفسنا، وإنّما قدّمه الله ورسوله فقدّمناه، وألزمنا
الله سبحانه ونبيّه (صلّى الله عليه وآله) ولاءَهُ، فالتزمناه.
من خِطبة خاتم النبيّين يوم الغدير
زيد بن الحسن الأنماطيّ[3]، قال: حدّثنا معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل، عن حذيفة
بن أسيد الغفاريّ، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، قال: "أيُّها الناس، إنَّه
قد نبَّأني اللطيف الخبير أنَّه لم يعمِّر نبيّ إلّا نصف عمر الذي يليه من قبله،
وإنِّي لأظنُّ أنِّي يوشك أن أُدعى فأجيب، وإنِّي مسؤول وإنَّكم مسؤولون، فماذا
أنتم قائلون؟".
قالوا: نشهد أنَّك قد بلَّغت وجهدت ونصحت، فجزاك الله خيراً! فقال: "أليس تشهدون أنْ
لا إله إلّا الله وأنَّ محمّداً عبده ورسوله، وأنَّ جنَّته حقّ، وأنَّ ناره حقّ،
وأنَّ الموت حقّ، وأنَّ البعث بعد الموت حقّ، وأنَّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنَّ
الله يبعث مَن في القبور؟"، قالوا: بلى، نشهد بذلك، قال: "اللهُمّ، اشهد" ثمّ قال:
"أيَّها الناس، إنَّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمَن
كنت مولاه، فهذا مولاه - يعني عليَّاً – اللهُمّ، والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه"،
ثمّ قال: "أيُّها الناس، إنِّي فرَطكم وإنَّكم واردون على الحوض، حوض أعرض ممَّا
بين بُصرى إلى صنعاء، فيه عدد النجوم قِدحان من فضّة، وإنِّي سائلكم حين تُردّون
عليَّ عن الثقلين؛ فانظروا كيف تخلفوني فيهما؛ الثقل الأكبر كتاب الله - عزَّ وجلَّ
-، سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به، لا تضلّوا ولا تبدِّلوا؛ وعترتي
أهل بيتي، فإنَّه قد نبَّأني اللّطيف الخبير أنَّهما لن ينقضيا حتى يردا عليَّ
الحوض"[4].
من كنت مولاه، فعليٌّ مولاه
إنّ أسانيد حديث الغدير لم ينفرد الشيعة بروايتها، بل رواها جمهور حفّاظ أهل السنّة
ومحدّثيهم، وكمّاً غيرها من أحاديث في السنّة النبويّة تدلّ على ثبوت إمامة أمير
المؤمنين (عليه السلام) بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بلا فاصل، وحديث
الغدير من أشهرها، وأكثرها تواتراً، وما تواتر معناه لا يتطرّق إليه تآويل متأوّل،
ولا إنكار مجادل؛ إذ لا تجد مسألة قطعيّة ولا ظنيّة أصوليّة ولا فروعيّة ورد فيها
من السنّة ما ورد في قوله (صلّى الله عليه وآله): "من كنت مولاه، فعليّ مولاه؛
اللهمّ، والِ من والاه، وعادِ من عاداه"[5]
حديث الغدير رواه الجمّ الغفير
قال الحافظ بن الجزريّ الشافعي: "هذا حديث حَسن صحيح من وجوه كثيرة تواتر عن أمير
المؤمنين، وهو يتواتر أيضاً عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) رواه الجمّ الغفير عن
الجمّ الغفير، ولا عِبرة بمن حاول تضعيفه ممّن لا اطّلاع له في هذا العلم، ثم ساق
أسماء ثلاثين من الصحابة الذين ورد عنهم الحديث مرفوعاً، ثم قال: وصحّ عن جماعة
ممّن يحصل القطع بخبرهم، ويثبت أيضاً أنّ هذا القول كان منه (صلّى الله عليه وآله)
يوم "غدير خم" في خِطبة خطبها النبيّ (صلّى الله عليه وآله) في حقّه ذلك اليوم"[6].
وقال الأمير الصنعانيّ، بعد أن شرح نبذة عن التواتر المعنويّ: "ومن ذلك حديث (من
كنتُ مولاه فعليّ مولاه)، فإنّ له مئة وخمسين طريقاً، قال العلّامة المقبلي بعد سرد
بعض طرق هذا الحديث ما لفظه: "فإن لـم يكـن هـذا معـلوماً، فما في الـدنيا معـلوم"[7].
عناية أهل البيت عليهم السلام بحديث الغدير
"ولسيّد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام، موقف - على عهد معاوية - حَصحَص
فيه الحقّ؛ إذ جمع الناس أيّام الموسم بعرفات، فأشاد بذِكْر جدّه وأبيه وأمّه وأخيه،
فلم يسمع سامع بمثله بليغاً حكيماً يستعبد الأسماع، ويملك الأبصار والأفئدة، جمع في
خطابه فأوعى، وتتبّع فاستقصى، وأدّى يوم الغدير حقّه، ووفّاه حسابه؛ فإنّ لهذا
الموقف العظيم أثره، في اشتهار حديث الغدير وانتشاره، وإنّ للأئمّة من أبنائه
الميامين طُرُقاً في نشر هذا الحديث تُريك الحكمة محسوسة بجميع الحواس. وكانوا
يتّخذون اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة عيداً في كلّ عام، يجلسون فيه للتهنئة
والسرور، بكلّ بهجة وحبور، ويتقرّبون فيه إلى اللّه - عزَّ وجلَّ - بالصوم والصلاة،
والابتهال بالأدعية إلى اللّه، ويبالغون فيه بالبرّ والإحسان، شكراً لما أنعم اللّه
به عليهم في مثل ذلك اليوم من النصّ على أمير المؤمنين بالخلافة والعهد إليه
بالإمامة، وكانوا يصلون فيه أرحامهم، ويوسّعون على عيالهم، ويزورون إخوانهم،
ويحفظون جيرانهم، ويأمرون أولياءهم بهذا كلّه"[8]، وممّا ذكر في هذا الشأن ما رواه
الفيّاض بن محمّد بن عمر الطوسيّ بطوس سنة 259، وقد بلغ التسعين من العمر؛ أنّه شهد
أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا (عليهما السلام) في يوم الغدير، وبحضرته جماعة من
خاصّته، وقد احتبسهم للإفطار، وقد قدّم إلى منازلهم الطعام والبرّ والصلات، والكسوة
حتّى الخواتيم والنعال، وقد غيّر من أحوالهم وأحوال حاشيته، وجدّدت له آلة غير
الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه، وهو يذكر فضل اليوم وقِدمه"[9].
عيد الله الأكبر
روى علي بن الحسين العبدي عن الإمام الصادق (عليه السلام)، أنّه قال: "هو عيد الله
الأكبر، وما بعث الله - عزَّ وجلَّ - نبيّاً قطّ؛ إلا وتعيد في هذا اليوم، وعرف
حرمته، واسمه في السماء يوم العهد المعهود، وفي الأرض يوم الميثاق المأخوذ، والجمع
المشهود"[10].
وروى صفوان بن يحيى، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام) يقول: "الثامن
عشر من ذي الحجة عيد الله الأكبر ما طلعت عليه شمس في يوم أفضل عند الله منه، وهو
الذي أكمل الله فيه دينه لخلقه وأتمّ عليهم نعمه، ورضي لهم الإسلام ديناً، وما بعث
الله نبيّاً إلا أقام وصيّه في مثل هذا اليوم ونصّبه علماً لأمّته، فليتذكّر الله
شيعتنا على ما مَّن عليهم بمعرفة هذا اليوم دون سائر الناس". قال: فقلت: يابن رسول
الله، فما نصنع فيه؟ فقال: "تصومه؛ فإنّ صيامه يعدل ستّين شهراً، وتُحسن فيه إلى
نفسك وعيالك، وما ملكت يمينك بما قدرت عليه"[11].
عيد الغدير وشيعة أهل البيت
"وبذلك كان يوم الثامن عشر من ذي الحجّة في كلّ عام عيداً عند الشيعة في جميع
الأعصار والأمصار، يفزعون فيه إلى مساجدهم للصلاة فريضة ونافلة وتلاوة القرآن
العظيم والدعاء بالمأثور، شكراً للّه تعالى على إكمال الدين وإتمام النعمة، بإمامة
أمير المؤمنين، ثمّ يتزاورون ويتواصلون فرحين مبتهجين متقرّبين إلى اللّه بالبرّ
والإحسان، وإدخال السرور على الأرحام والجيران. ولهم في ذلك اليوم من كلّ سنة زيارة
لمشهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، يأتون من كلّ فجّ عميق ليعبدوا اللّه بما كان
يعبده في مثل ذلك اليوم أئمّتهم الميامين، من الصوم والصلاة والإنابة إلى اللّه،
والتقرّب إليه بالمبرّات والصدقات، ولا ينفضّون حتّى يحدقوا بالضراح الأقدس فيلقوا-
في زيارته- خطاباً مأثوراً عن بعض أئمّتهم، يشتمل على الشهادة لأمير المؤمنين (عليه
السلام) بمواقفه الكريمة، وسوابقه العظيمة، وعنائه في تأسيس قواعد الدين، وخدمة
سيّد النبيّين والمرسلين، إلى ما له من الخصائص والفضائل التي منها عهد النبيّ (صلّى
الله عليه وآله وسلّم) إليه، ونصّه يوم الغدير عليه؛ هذا دأبُ الشيعة في كلّ عام،
وقد استمرّ خطباؤهم على الإشادة في كلّ عصر ومصر بحديث الغدير مسنداً ومرسلاً، وجرت
عادة شعرائهم على نظمه في مدائحهم[12] قديماً وحديثاً، فلا سبيل إلى التشكيك في
تواتره من طريق أهل البيت وشيعتهم، فإنّ دواعيهم لحفظه بعين لفظه، وعنايتهم بضبطه
وحراسته ونشره وإذاعته، بلغت أقصى الغايات، وحسبك ما تراه في مظانّه من الكتب
الأربعة وغيرها من مسانيد الشيعة المشتملة على أسانيده الجمة المرفوعة وطرقه
المعنعنة المتّصلة، ومن ألمّ بها، تجلّى له تواتر هذا الحديث من طُرقهم القيّمة"[13].
الدالّ على الخير كفاعله
حديث الغدير أحد الأدلّة التي يستند إليها الشيعة في إثبات النصّ على الإمام عليّ (عليه
السلام)، وأنّه خليفةُ رسول الله بلا فصل، وإمامُ هذه الأمّة الأوّل، ووليُّ أمر
المسلمين بعد النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وقد ألّف العديد من العلماء كتباً
مستقلّة في هذا الحديث الذي ظهر ظهور الشمس، واشتهر اشتهار الصلوات الخمس، فسارت به
الركبان واعتنى بروايته الأعيان. وإنّ ما قام به بعض الأعلام لكفاية لا سيّما الجهد
الكبير الذي بذله العلّامة الحجّة الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني قدّس سرّه في
كتابه الخالد "الغدير"، فقد أتى في الجزء الأوّل على كافّة مصادر حديث الغدير،
وألّف بين شواردها، وعقد الصفحات "من 214 إلى 229" لذكر آية التبليغ، وبيان نزولها؛
وألّف لاستيعاب رواة الحديث بصورة منهجيّة أحد عشر مجلّداً باسم "الغدير في الكتاب
والسنّة والأدب" ساقَ في طيّاتها أسانيد خبر الغدير من كُتب السنّة، وجاء بنصوص
الأعلام الذين شهدوا أنّ طرق هذا الحديث الشريف فوق حدّ التواتر في الكثرة، وجاوزت
ميزان ما يوجب القطع واليقين.
وفد نجران، وحادثة المباهلة
من حوادث شهر ذي الحجّة المبارك "حادثة المباهلة" التي تُعدّ من قضايا التاريخ
الإسلامي المعروفة المتواترة التي جاء ذكرها في كتب التفسير، والتاريخ والحديث
بصورة مبسوطة ومفصَّلة لمناسبة وأخرى، وتتلخّصُ هذه الحادثة فيما يلي: لقد كتبَ
رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله- يوم راسلَ ملوك العالم وأمراءه يدعوهم إلى
الإسلام- كتب كتاباً إلى أسقف نجران دعا فيه أهل نجران إلى الإسلام، ولما تسلّم
الأسقف كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله شاور أصحابه، فأشاروا عليه بأن
يَبعثوا وفداً يمثلون أهل نجران إلى المدينة، ليتفاوضوا مع رسول اللّه صلّى اللّه
عليه وآله عن كَثب، وفعلاً قدم الوفد المذكور المدينة المنورة في شهر ذي الحجة،
ورحّب بهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، وأذّن لهم بالصلاة في مسجده، وقال
للمسلمين: دعوهم، فاستقبلوا المشرق، فصلّوا صلاتهم، وبعد ذلك عرض النبيّ صلّى الله
عليه وآله وسلّم الإسلام على وفد نجران، وتلا عليهم القرآن، فامتنعوا من قبول
الإسلام، فدار بينهم وبين خاتم النبيّين حوار تمَحوَر حول السيّد المسيح (عليه
السلام)، وكان ممـّا قالوه: المسيح هو اللّه، لأنّه أحيا الموتى، وأخبر عن الغيوب،
وأبرأ من الأدواء كلِّها، وخلَق من الطين طيراً، فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله):
"هو عبد اللّه وكلِمته ألقاها إلى مريم"، فقال أحدُهم: المسيح ابن اللّه، لأنّه لا
أبَ له، فنزل الوحيُ بقوله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ
آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ
رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾[14]، فقال وفد نجران: إنّا لا نزدادُ
منكَ في أمر صاحبنا إلّا تبايُناً، وهذا الأمر الذي لا نقرّه لك، فأنزلَ اللّه - عزَّ
وجلَّ - آية المباهلة على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ
فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ
أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا
وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾[15]،
فدعاهُم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لى المباهلة، فطلبوا منه أن يُمهلهم بعض
الوقت ليتبادلوا الرأي مع شيوخهم، فكان لهم ما أرادوا، وكانت نتيجة مشاوراتهم -
التي تعتمد على ناحية نفسيّة - هي أنّهم أمروا رجالهم بالدخول في المباهلة دون خوف
إذا رأوا محمّداً قد حضر في كثير من الناس ووسط جلبة وضوضاء؛ إذ إنّ هذا يعني أنّه
بهذا يريد بثّ الرعب والخوف في النفوس وليس في أمره حقيقة؛ أمّا إذا رأوه قادماً في
أحبّ الخلق وأقربهم إليه، فليعلموا أنّه نبيّ الله حقّاً، وليتجنّبوا مباهلته.
بعض من مُجريات أحداث المباهلة
روي أنّه (عليه السلام) لمّا أورد الدلائل على نصارى نجران ثم إنّهم أصرّوا على
جهلهم، فقال (عليه السلام): "إنّ الله أمرني إن لم تقبلوا الحجّة أن أباهلكم"،
فقالوا: يا أبا القاسم، بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك، فلما رجعوا قالوا للعاقب
وكان ذا رأيهم: يا عبد المسيح، ما ترى؟ فقال والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أنّ
محمّداً نبيّ مرسل، ولقد جاءكم بالكلام الحقّ في أمر صاحبكم، والله ما باهل قوم
نبيّاً قطّ فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم، ولئن فعلتم لكان الاستئصال؛ فإن أبيْتُم
إلّا الإصرار على دينكم والإقامة على ما أنتم عليه؛ فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى
بلادكم، وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) خرج وعليه مرط من شعر أسود،
وكان قد احتضن الحسين، وأخذ بيد الحسن، وفاطمة تمشي خلفه، وعليّ رضي الله عنه خلفها،
وهو يقول: "إذا دعوت فأمنوا"، فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى، إنّي لأرى وجوهاً
لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا، ولا يبقى
على وجه الأرض نصرانيّ إلى يوم القيامة، ثم قالوا: يا أبا القاسم، رأينا أن لا
نباهلك وأن نقرّك على دينك، فقال (صلوات الله عليه): "فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا؛
يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين"، فأبَوا، فقال: "فإنّي أناجزكم القتال"،
فقالوا ما لنا بحرب العرب طاقة، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تردّنا عن ديننا
على أن نؤدّي إليك في كلّ عام ألفَي حلّة، ألفاً في صفر وألفاً في رجب، وثلاثين
درعاً عاديّة من حديد، فصالحهم على ذلك، وقال: "والذي نفسي بيده، إنّ الهلاك قد
تدلّى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمُسخوا قردة وخنازير، ولاضطرم عليهم الوادي ناراً،
ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر، ولما حال الحول على النصارى
كلّهم حتى يهلكوا"، ورُوي أنّه (عليه السلام) لمـّا خرج في المرط الأسود، فجاء
الحسن (ع) فأدخله، ثم جاء الحسين (ع) فأدخله، ثم فاطمة ثم عليّ (عليهما السلام)، ثم
قال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾[16]، واعلم أنّ هذه الرواية كالمتّفق على صحّتها بين
أهل التفسير والحديث"[17].
ميّز الله الطاهرين مِن خَلْقه
يصرّح المفسرون من الشيعة والسنّة أنّ آية المباهلة قد نزلت بحقّ أهل بيت النبيّ (صلّى
الله عليه وآله)، وأنّ الذين اصطحبهم النبيّ (صلّى الله عليه وآله) معه للمباهلة
بهم: الحسن والحسين وفاطمة وعليّ عليهم السلام، فإنّ "أبناءنا" الواردة في الآية
ينحصر مفهومها في الحسن والحسين (عليهما السلام)، ومفهوم "نساءنا" ينحصر في فاطمة (عليها
السلام)، ومفهوم "أنفسنا" ينحصر في عليّ (عليه السلام)، وهناك أحاديث نبويّة عديدة
وردت في هذا الشأن العظيم، وتطرّق أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) لذكر حادثة
المباهلة، وبيان مكانتها العظيمة، فهذا الإمام علي بن موسى (عليهما السلام) قد
ذكرها في المجلس الذي عقده المأمون في قصره للبحث العلمي، وجاء فيه قول الإمام
الرضا (عليه السلام): "ميّز الله الطاهرين من خلقه، فأمر نبيّه (عليه السلام)
بالمباهلة بهم في آية الابتهال، فقال - عزَّ وجلَّ -: يا محمّد، ﴿فَمَنْ حَآجَّكَ
فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا
وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ
نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾[18]، فأبرز النبيّ (صلّى
الله عليه وآله) عليّاً والحسن والحسين وفاطمة (صلوات الله عليهم)"[19].
تصدُّق أمير المؤمنين (عليه السلام) بخاتمه
قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ
رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ
حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾[20].
يصادف يوم الرابع والعشرين من شهر ذي الحجّة ذكرى تصدُّق أمير المؤمنين (عليه
السلام) بخاتمه أثناء صلاته، وذكرت الروايات أنّ الآيتين السابقتين نزلتا في أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقد روي عنه (عليه السلام) أنّه قال: نزلت
هذه الآية على رسول الله (صلّى الله عليه وآله): ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ
وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ
الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾، فخرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ودخل المسجد
والناس يصلّون بين راكع وقائم، فصلّى، فإذا سائل، قال: "يا سائل، أعطاك أحد شيئًا؟"،
فقال: لا، إلّا هذا الراكع - لعليٍّ- أعطاني خاتماً"[21]، وقام عدد من صحابة النبيّ
(صلّى الله عليه وآله) بنقل قصّة التصدّق هذه، وعلى رأس هؤلاء الصحابيّ الجليل أبو
ذرّ الغفاريّ الذي كان يصرّ على نشر هذه القصّة المباركة إيماناً منه أنّها واحدة
من القِيَم الكبرى والفضائل العظمى التي أرادها الله خالدة خلود القرآن الكريم،
فقال (رضوان الله عليه): "صلّيت مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوماً من
الأيّام صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد، فلم يُعطِه أحد، فرفع السائل يده إلى
السماء، وقال: اللهمّ، اشهد أنّي سألت في مسجد رسول الله، فلم يعطِني أحد شيئاً،
وكان عليٌّ (عليه السلام) راكعاً، فأومأ إليه بخنصره اليمنى، وكان يتختّم فيها،
فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، وذلك بعين النبيّ (صلّى الله عليه وآله)،
فلمّا فرغ النبيّ من صلاته، رفع رأسه إلى السماء، وقال: "اللهمّ، إنّ أخي موسى سألك،
فقال: ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً
مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي *
هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ
نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرً﴾[22]،
فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا
سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ
اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴾[23]، اللهمّ، وإنّ محمّداً نبيّك وصفيُّك، اللهمّ،
واشرح لي صدري، ويسّر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي عليّاً، اشددْ به ظهري"،
قال أبو ذرّ: فما استتمّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الكلمة، حتى نزل جبرائيل
(عليه السلام) من عند الله تعالى إلى الرسول الأكرم (صلوات الله عليه وآله)، وقال:
يا محمّد، اقرأ[24]: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن
يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ
الْغَالِبُونَ﴾[25].
وأنشأ حسّان بن ثابت هذه الأبيات:
أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي .... وكلّ بطيء في الهدى
ومسارعِ
أيذهب مديحك المحبّر ضائعاً .... وما المدح في جنب الإله بِضائعِ
فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعاً .... زكاة فدتك النفس يا خير راكعِ
فأنزل فيك الله خير ولاية .... وأثبتها مثنى كتاب الشرائعِ[26]
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين
الطاهرين.
[1] سورة المائدة، الآية 67.
[2] سورة المائدة، الآية 67.
[3] قال الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي عند تعليقه على رواية
حذيفة بن أسيد لحديث الغدير: رواه الطبرانيّ بإسنادين، وفيهما "زيد بن الحسن
الأنماطي" وثقه ابن حبان، وضعفه أبو حاتم، وبقيّة رجال أحدهما رجال الصحيح، ورجال
الآخر كذلك غير نصر بن عبد الرحمن الوشاء، وهو ثقة، يُراجع مجمع الزوائد ومنبع
الفوائد، ج9، ص164، حديث: 14966، طبعة مكتبة القدسي، القاهرة، وقد تلقّف عدد من
المتمسلفة "اتباع ابن تيمية" تضعيف أبي حاتم لزيد بن الحسن الأنماطي، وبنوا عليه
قولهم بتضعف هذا الطريق من طرق حديث الغدير، وقد خاب سعيهم في ذلك، فالرجل ثقة كما
قال ابن حبّان، وقد جاء في ترجمته: "زيد بن الحسن القرشي أبو الحسن الكوفي، صاحب
الأنماط؛ روى عن: جعفر بن محمد بن علي بن الحسين (ع)، ومعروف بن خربوذ، وعلي بن
المبارك الهنائي، و(روى) عنه: إسحاق بن راهويه، وسعيد بن سليمان الواسطي، وعلي بن
المديني، ونصر بن عبد الرحمن الوشاء، ونصر بن مزاحم، قال أبو حاتم: كوفي قدم بغداد،
منكر الحديث، وذكره ابن حبّان في الثقات؛ روى له الترمذيّ حديثاً واحداً في الحج"،
يُراجع أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج3، ص406،
طبعة: 1، مطبعة دائرة المعارف النظامية، الهند، والحقّ أنّ الرجل ترجم له البخاري
في التاريخ الكبير، وصرّح بسماعه من معروف بن خربوذ دون أن يتعرّض لجرحه، وقول أبي
حاتم «منكر الحديث» هو قول غير مسموع لأنّه جرح غير مفسّر، ولو كان الأنماطي منكر
الحديث لما روى عنه جهابذة كابن راهويه، وابن المديني، وسعيد بن سليمان، والترمذي،
ولما قال عنه الترمذي في جامعه الصحيح: "وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان،
وغير واحد من أهل العلم"، يراجع محمد بن عيسى الترمذي، الجامع الصحيح سنن الترمذي،
ج5، ص662، حديث: 3786، دار إحياء التراث العربي، بيروت، وذيل محقق سنن الترمذي "الألباني"
الحديث المروي من طريق زيد بن الحسن الأنماطي، بالحكم بصحته، ثم إنّ "أبا حاتم"
متعنت في الرجال، ولا يبنى على تجريحه، كما نصّ عليه الذهبي بترجمته إذ قال: "إذا
وثق أبو حاتم رجلاً فتمسّك بقوله، فإنه لا يوثق إلّا رجلاً صحيح الحديث، وإذا لين
رجلاً أو قال فيه: لايحتج به، فلا؛ توقّف حتى ترى ما قال غيره فيه، وإن وثقه أحد،
فلا تبنِ على تجريح أبي حاتم، فإنه متعنت في الرجال، قد قال في طائفةٍ من رجال
الصحاح: ليس بحجة، ليس بقوي، أو نحو ذلك"، يراجع شمس الدين الذهبي، سير أعلام
النبلاء، ج13، ص247، طبعة: 3، مؤسسة الرسالة، بيروت.
[4] سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني، المعجم الكبير، ج3، ص180، حديث
3052، طبعة: 1، مكتبة ابن تيمية، ومن طريق الشيعة روى هذه الخطبة باختلاف ألفاظ
الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسبن بن موسى بن بابويه القمي، الخصال، ج1، ص65-66،
باب: السؤال عن الثقلين يوم القيامة، حديث 98، طبعة: 1، جماعة المدرسين، قم، بسنده
عن ثقات أصحاب أئمّة أهل البيت عليهم السلام عن معروف بن خربوذ عن أبو الطفيل عامر
بن وائلة بن الأسقع عن حذيفة بن أسيد الغفاري عن النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله
وسلّم.
[5] بعض طرق حديث الغدير أخرجها النسائي في السُنن الكبرى، وابن حبّان في صحيحه
والحاكم في المستدرك كما رواية حبيب بن أبي ثابت عن الطفيل عن زيد بن أرقم، وروى
الحديث النسائي أيضاً من رواية شريك: قلت لأبي إسحاق: أسمعت البراء يحدّث عن رسول
الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ قال يوم غدير خم «من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهم
والِ من والاه وعادِ من عاداه» قال: نعم، وأخرجه ابن أبي شيبة وأبو يعلى والبزار في
مسانيدهم من وجه آخر عن شريك عن إدريس بن يزيد الأودي عن أبيه عن أبي هريرة، وتابعه
عِكرمة بن إبراهيم عن إدريس عند الطبرانيّ في مُعجمه الكبير، ورواه الطبريّ أيضاً
من طريق سليمان بن قوم عن أبي إسحاق عن حبشي بن جنادة، وأخرجه النسائيّ أيضاً من
طريق مهاجر بن مسمار عن عائشة بنت سعد عن أبيها أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم «أخذ
بِيَد عليّ يوم غدير خم فقال: من كنت وليّه فهذا وليّه. اللهم والِ من والاه وعادِ
من عاداه»، وأخرجه الحاكم من رواية مسلم الملائي عن حثمة بن عبد الرحمن عن سعد بن
مالك نحوه، وفي الباب عن ابن عمر أخرجه الطبراني من طريق عطية عنه، والبزار من طريق
جميل بن عمارة عن سالم عن أبيه، وعن أنس وغيره، وأخرجه الطبرانيّ في المعجم الصغير
من رواية طلحة بن مصرف عن عميرة بن سعد قال: شهدت عليّاً على المنبر ناشد الصحابة:
من سمعه يقول يوم غدير خم ما قال؟ فقام اثنا عشرة، منهم أبو هريرة وأبو سعيد وأنس»،
وعن جرير بن عبد الله أخرجه الطبرانيّ مطولاً: وعن طلحة أخرجه الحاكم من رواية
رفاعة بن إياس العمي عن أبيه عن جدّه قال «كنّا مع علي يوم الجمل فبعث إلى طلحة
فقال له: نشدتك الله، ألم تسمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول- فذكره،
فقال: نعم. قال: فلم تقاتلني؟ قال: لم أذكره وانصرف طلحة»، وعن جابر أخرجه أبو يعلى،
والطبراني في مسند الشاميين من طريق بكر بن سوادة عن قبيصة بن ذؤيب، وأبي سلمة عن
جابر، وعن حذيفة بن أسيد أخرجه الطبرانيّ، وجمع ابن عقدة طرف حديث غدير خم. فأخرجه
من رواية جماعة آخرين من الصحابة مع هؤلاء: منهم عمّار بن ياسر، والعبّاس وابنه،
والحسن بن علي والحسين بن علي، وعبد الله بن جعفر، وسلمان الفارسي، وسمرة بن جندب،
وسلمة بن الأكوع، وأبو رافع، وزيد بن ثابت الأنصاري، ويعلى بن مرة وآخرون.
[6] شمس الدين محمد بن محمد بن محمد الجزري، أسنى المطالب في مناقب سيّدنا علي بن
أبي طالب، ص3، طبعة: مكّة المكرّمة.
[7] محمّد بن إسماعيل بن صلاح بن محمّد المعروف بالأمير الصنعاني، إجابة السائل شرح
بغية الآمل، ج1، ص98-99، طبعة: 1، مؤسّسة الرسالة، بيروت.
[8] السيّد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي أعلى الله مقامه، المراجعات،
المراجعة 56، 22 محرّم سنة 1330.
[9] شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، مصباح المتهجّد وسلاح المتعبّد،
ج2، ص752، طبعة: 1، فقه الشيعة، بيروت، والسيّد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن
طاووس "المعروف بالسيد ابن طاووس"، إقبال الأعمال، ج1، ص461-462، طبعة: 2، دار
الكتب الإسلامية، طهران.
[10] أبو جعفر محُمد بن الحسن الطوسي، تهذيب الأحكام، ج3، ص143، طبعة: 4، دار الكتب
الإسلامية، طهران، الجمهوريّة الإسلاميّة.
[11] القاضي محيي الدين محمد بن أحمد القرشي العبشمي، ترتيب الأمالي الخميسية
للشجري، ج1، ص191، طبعة: 1، دار الكتب العلمية، بيروت.
[12] شعراء الغدير: ذكرهم العلامة الأميني، وذكر شعرهم في حديث الغدير مع تراجم
اضافية، وابتدأ من القرن الأول بالإمام أمير المؤمنين عليه السلام، وحتى القرن
الرابع عشر، وذلك في كتابه الجليل (الغدير في الكتاب والسنة والأدب)، وقد طبع منه
أحد عشر مجلداً ترجم فيه (105)من شعراء الغدير، وانتهى به المطاف الى القرن الثاني
عشر الهجري، فراجعه ففيه الكفاية.
[13] السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي أعلى الله مقامه، المراجعات، ،
المراجعة 56.
[14] سورة آل عمران، الآيتان 59و60.
[15] سورة آل عمران، الآية 61، وروى عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: "...،
ولمـّا نزلت هذه الآية دعـا رسـول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم "عـلـيّـاً
وفـاطمة وحسنـاً وحُسيـنـاً"، فـقـال: "اللـهـم هـؤلاء أهـلـي"، يراجع صحيح مسلم،
ج7، ص120، حديث: 6373، باب: من فضائل عليّ بن أبي طالب، طبعة دار الجيل + دار
الأفاق الجديدة، بيروت.
[16] سورة الأحزاب، الآية 33.
[17] محمد بن عمر بن الحسين التميمي الرازي الشافعي "المعروف بالفخر الرازي"، تفسير
مفاتيح الغيب = التفسير الكبير، ج8، ص71، طبعة: 1، دار الكتب العلمية، بيروت.
[18] سورة آل عمران، الآية 61.
[19] الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمي، عيون أخبار الرضا (ع)، ج1، ص231،
طبعة: 1، نشر جهان، طهران.
[20] سورة المائدة، الآيتان 55-56.
[21] أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، معرفة علوم الحديث، ج1،
ص156، النوع الخامس والعشرون: معرفة الأفراد من الحديث، طبعة: 2، دار الكتب العلمية،
بيروت.
[22] سورة طه، الآيات 25-35.
[23] سورة القصص، الآية 35.
[24] أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي، الكشف والبيان عن تفسير القرآن، ج4،
ص80-81، طبعة: 1، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
[25] وقال شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الآلوسي: "والآية عند معظم
المحدثين نزلت في عليّ كرم الله تعالى وجهه"، يراجع روح المعاني في تفسير القرآن
العظيم والسبع المثاني، ج3، ص353، طبعة: 1، دار الكتب العلمية، بيروت.
[26] القرشي العبشمي، ترتيب الأمالي الخميسية للشجري، ج1، ص183، وشهاب الدين أحمد
بن محمد بن عمر الخفاجي المصري الحنفي، حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي، ج3، ص256،
طبعة: دار صادر، بيروت، والألوسي، روح المعاني، ج3، ص334.