محاور الموضوع الرئيسة:
- تحصين المجتمع من الآفات المضرة تكليف عام.
- تحريم الخمر في الاسلام.
- تعاطي الخمر والمخدرات مرض العصر المستعصي.
- الاضرار الفردية والاجتماعية لتعاطي المخدرات.
الهدف:
التعرّف على بعض أضرار انتشار تعاطي المخدرات والخمور وترويجها.
تصدير الموضوع:
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "... من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته و من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة و من سرّ مسلما ستره الله يوم القيامة"1.
مدخل:
الإسلام ليس منهج اعتقاد وإيمان في القلب فحسب، بل هو منهج حياة إنسانية واجتماعية واقعية، يتجسّد فيها الاعتقاد والإيمان ممارسة عملية في جميع جوانب الحياة ومتطلّباتها الفردية والاجتماعية، وذلك على مبدأ التناصح والإحسان والتضحية والإيثار، قال الله تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى"2، من أهم هذه الواجبات السعي الدائم إلى تحصين المجتمع من كل الآفات، وحمايته من كل المفاسد والمضار بقلع الأسباب والتربية الصالحة لأفراده.
1- تحصين المجتمع تكليف عام: لقد وضع الإسلام منهجاً متكاملاً في العلاقات بين البشر، يقوم على أساس مراعاة حقوق أفراد المجتمع وبث روح التعاون والخدمة المتبادلة بينهم، قال الله تعالى: ﴿إنّ اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاء ذي القُربى ويَنهى عَنِ الفَحشَاءِ والمُنكَرِ والبَغي يَعِظُكم لَعلَّكُم تَذَكَّرونَ﴾3. فالتقيد بهذا الأمر الإلهي يعصم الإنسان عن التقصير في واجباته وفي مراعاة حقوق المجتمع وعلى رأسها تحصينه من الآفات مثل الخمر والمخدّرات وكل ما يؤدي إلى الإسكار وذهاب العقل، وقد حثّ النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم كل مسلم ليكون مسؤولاً في بيئته الاجتماعية، من خلال الاهتمام بأمور المسلمين ومشاركتهم في آمالهم وآلامهم، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: " من أصبح لا يهتم بأُمور المسلمين فليس بمسلم"4.
2- تحريم الخمر في الإسلام: كان الخمر سلعة رئيسة في المجتمع العربي قبل الإسلام، ومورداً اقتصادياً هاماً، ولهذا كان تداول الناس به على مستوى الصناعة، التجارة، والشرب وغيرها من الأمور الطبيعية وشبه اليومية عند شرائح كثيرة من الناس.
ونظراً للمفاسد والأضرار الكبيرة الناشئة عنه حرص المشرّع الإسلامي في القضاء على هذه الآفة ضمن سلسلة من المحرّمات التي تضمن سلامة المجتمع وتحصينه. وهو ما جاء في القرآن الكريم في عدة آيات، قال الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا...﴾5.
وفي آية أخرى قال سبحانه:﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾6.
وفي مورد أخرى قال الله سبحانه: ﴿...إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنْصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾7.
وجاء في العديد من الروايات الواردة في باب تحريم كل مسكر غير الخمر، ومنها صحيحة فضيل حيث ذكر فيها وحرّم الله الخمرة بعينها، وحرّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسكر من كل شراب فأجاز الله له ذلك إذن فتحريم الخمر صادر عن الله تعالى، وتحريم بقية المسكرات صدر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهناك بعض الروايات تصرّح كلها بأن تحريم غير الخمر كان من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
3- تعاطي المخدّرات "مرض العصر المستعصي": ما هو الإدمان: مشكلة المخدرات من اخطر المشاكل الصحية والاجتماعية والنفسية التي تواجه العالم أجمع وطبقا لتقديرات المؤسسات الصحية العالمية يوجد ما يزيد عن 800 مليون من البشر يتعاطون المخدرات أو يدمنونها.
و الإدمان على مخدر ما، يعني تكوّن رغبة قوية وملحة تدفع المدمن إلى الحصول على المخدر وزيادة جرعته بأي وسيلة، مع صعوبة أو استحالة الإقلاع عنه سواء للاعتماد (الإدمان) النفسي أو لتعوّد أنسجة الجسم عضوياً وعادة ما يعاني المدمن من قوة دافعة قهرية داخلية للتعاطي بسبب ذلك الاعتماد النفسي أو العضوي.و لقد تضافرت العديد من العوامل السياسية، الاقتصادية والاجتماعية لتجعل من المخدرات خطراً يهدّد العالم أو كما جاء في بيان لجنة الخبراء بالأمم المتحدة "إن وضع المخدرات بأنواعها في العالم قد تفاقم بشكل مزعج وأن المروّجين قد تحالفوا مع جماعات إرهابية دولية لترويج المخدرات".
4- أضرار المخدرات ومفاسدها: المخدرات في مجملها تؤثّر على المخ وهذا سر تأثيرها والكثير منها يتسبب في ضمور (موت) بعض خلايا الجزء الأمامي لقشرة الدماغ وهناك مخدرات تسبّب اعتمادا نفسيا دون تعود عضوي لأنسجة الجسم أهمها: القنب (الحشيش)، التبغ، القات، وعند توفر الإرادة لدى المتعاطي فإن الإقلاع لا يترك أي أعراض للانقطاع.
وبالمقابل هناك مخدرات تسبب اعتمادا نفسيا وعضويا أهمها: الأفيون، المورفين، الهيروين، الكوكايين، الكراك وكذلك الخمور وبعض المنومات والمهدئات والإقلاع عن تعاطي تلك المخدرات يتسبب في أعراض انقطاع قاسية للغاية تدفع المتعاطي للاستمرار بل وزيادة تعاطيه.
وهنالك أضرار اجتماعية عديدة منها:
أ- انهيار المجتمع وضياعه بسبب ضياع اللبنة الأولى للمجتمع وهي ضياع الأسرة.
ب- تسلب من يتعاطاها القيمة الإنسانية الرفيعة، وتهبط به في وديان البهيمية، حيث تؤدي بالإنسان إلى تحقير النفس فيصبح دنيئا مهانا لا يغار على محارمه ولا على عرضه، وتفسد مزاجه ويسوء خلقه.
ج- سوء المعاملة للأسرة والأقارب فيسود التوتر والشقاق، وتنتشر الخلافات بين أفرادها.
د- امتداد هذا التأثير إلى خارج نطاق الأسرة، حيث الجيران والأصدقاء.
هـ- تفشي الجرائم الأخلاقية والعادات السلبية، فمدمن المخدرات لا يأبه بالانحراف إلى بؤرة الرذيلة والزنا، ومن صفاته الرئيسية الكذب والكسل والغش والإهمال.
و- عدم احترام القانون، والمخدرات قد تؤدي بمتعاطيها إلى خرق مختلف القوانين المنظمة لحياة المجتمع في سبيل تحقيق رغباتهم الشيطانية.
5- الحكم الشرعي للمخدرات: أجمع علماء المسلمين من جميع المذاهب على تحريم المخدرات حيث تؤدّي إلى الأضرار في دين المرء وعقله وطبعه، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾8.
وحرّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسكر من كل شراب كما جاء في العديد من الروايات، وقد نهى الدين الإسلامي عن كل ما يؤدي إلى الإضرار بالنفس، أو بالآخرين.
1- رسائل الشهيد الثاني، ص324
2- المائدة،2.
3- النحل، 90
4- الكافي 2 : 163.
5- البقرة 219.
6- المائدة، 91.
7- المائدة 90.
8- المائدة 90.