محاور الموضوع الرئيسة:
- قبس من حياة سيد الشهداء عليه السلام.
- قبس من حياة الإمام السجّاد عليه السلام.
- قبس من حياة أبي الفضل العباس عليه السلام.
الهدف:
التعرف على شذرات من حياة الإمام الحسين عليه السلام، والإمام السجاد عليه السلام، وأبي الفضل العباس عليه السلام.
تصدير الموضوع:
قال النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم: "الحسن والحسين إبناي من أحبّهما أحبّني، ومن أحبّني أحبّه الله، ومن أحبّه الله أدخله الجنّة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار"1.
أولاً: قبس من سيرة الإمام الحسين عليه السلام
1- الولادة والتسمية المباركة:
هو أبو عبد الله الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ثالث أئمّة أهل البيت الطاهرين، وثاني سبطَي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وسيّد شباب أهل الجنة، وريحانة المصطفى، وأحد الخمسة أصحاب العبا وسيّد الشهداء، وأمه فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وأكّد أغلب المؤرّخين أنّه عليه السلام ولد بالمدينة في الثالث من شعبان في السنة الرابعة من الهجرة2 , وضعت سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام وليدها العظيم، وزفّت البشرى إلى الرسول صلى الله عليه واله وسلم، فأسرع إلى دار عليّ والزهراء ، فقال لأسماء بنت عميس: "يا أسماء هاتي ابني"، فحملته إليه وقد لُفّ في خرقة بيضاء، فاستبشر النبي صلى الله عليه واله وسلم وضمّه إليه، وأذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى، ثمّ وضعه في حجره وبكى، فقالت أسماء: فداك أبي وأمي، ممّ بكاؤك؟ قال صلى الله عليه واله وسلم: "من ابني هذا". قالت: إنّه ولد الساعة، قال صلى الله عليه واله وسلم: "يا أسماء! تقتله الفئة الباغية من بعدي، لا أنالهم الله شفاعتي..." 3. ثمّ إنّ الرسول صلى الله عليه واله وسلم قال لعليّ عليه السلام: أيّ شيء سمّيت ابني؟ فأجابه عليّ عليه السلام: "ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول الله". وهنا نزل الوحي على حبيب الله محمّد صلى الله عليه واله وسلم حاملاً اسم الوليد من الله تعالى، وبعد أن تلقّى الرسول أمر الله بتسمية وليده الميمون، التفت إلى علي ّعليه السلام قائلاً: "سمّه حسيناً".
2- من أهم مبادئ ثورة الإمام الحسين عليه السلام:
أ- مبدأ الإصلاح: يعتبر إصلاح المجتمعات والأمم من الضرورات الاجتماعية والدينية، التي أكّدت عليها الشرائع السماوية كافة، ولا سيما الدين الإسلامي، و الإصلاح الذي أعلنه الإمام الحسين عليه السلام واعتبره شعاراً وهدفاً لثورته هو استمرار لهذا المبدأ، وقد أشار اليها عليه السلام في سياق وصيّته لأخيه محمد بن الحنفية: ".. وإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي، اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي وأبي عليّ بن أبي طالب، فمن قبلني بقَبول الحقّ فالله أولى بالحقّ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين"4.
ب - رفض بيعة الظالمين ومواجهتهم: قال المؤرّخون: إنّ يزيد كتب فور موت أبيه إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ـ وكان والياً على المدينة من قِبَل معاوية ـ أن يأخذ على الحسين عليه السلام بالبيعة له ولا يرخّص له في التأخّر عن ذلك. وذكرت مصادر تاريخية أخرى أنّه جاء في الرسالة:" إذا أتاك كتابي هذا فأحضر الحسين بن عليّ وعبد الله بن الزبير فخذهما بالبيعة، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما وابعث إليّ برأسيهما وخذ الناس بالبيعة، فمن امتنع فأنفذ فيه الحكم"5.
فأجابه الإمام الحسين عليه السلام بصراحة قائلاً: "إنّا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحل الرحمة، بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة والبيعة".
ثانياً: قبس من سيرة الإمام السجّاد عليه السلام
1- الولادة المباركة: هو الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام رابع أئمة أهل البيت عليه السلام، جدّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وجدّته فاطمة الزهراء عليها السلام، وأبوه الإمام الحسين عليه السلام، وقد ولد عليه السلام في سنة ثمان وثلاثين للهجرة، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين، وعاش سبعة وخمسين سنة تقريباً، قضى ما يقارب سنتين أو أربع منها في كنف جدّه الإمام علي عليه السلام، ثمّ ترعرع في مدرسة عمّه الحسن وأبيه الحسين عليه السلام.
فروي عنه عليه السلام أنه إذا توضّأ اصفرَّ لونُه، فيقال له: ما هذا الذي يَعتَادُك عند الوضوء ؟ فيقول عليه السلام: "أتَدْرُونَ بَين يَدَيْ مَن أُريدُ أنْ أقِفَ"؟. وقال طاووس: رأيت عليَّ بن الحسين عليه السلام ساجداً في الحجر، فقلت: رجل صالح من أهل بيت طيِّب، لأسمعنَّ ما يقول. فأصغيتُ إليه فسمعته عليه السلام يقول: "عُبَيدُك بِفِنائك، مِسكينُك بِفِنائك، سَائِلُك بِفِنائك، فَقيرُك بِفِنائك".قال طاووس: فوالله ما دعوتُ بِهِنَّ في كرب إلا كُشِف عَنِّي.
وروي أنه لمَّا حجَّ هشام بن عبد الملك قبل أن يلي الخلافة، اجتهد أن يستلم الحَجَر الأسود فلم يقدر على ذلك من شِدَّة الزحام، فَنُصِب له منبر فجلس عليه، وأطاف به أهل الشام.
فبينما هو كذلك إذ أقبل عليُّ بن الحسين عليه السلام وعليه إزار ورداء، مِن أحسن الناس وجهاً، وأطيَبِهم رائحةً، بين عينيه ثَـفْنة السجود، فجعل يطوف، فلمَّا بلغ موضع الحجر مَال عنه الناس، وتنحَّوا حتى يستلمه هيبة له. فقال شاميٌّ: من هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا أعرفه - لئلاَّ يرغب فيه أهل الشام، فقال الفَرَزدق ، وكان حاضراً : لكنِّي أنا أعرفه. فقال الشاميُّ: من هو يا أبا فراس ؟
فأنشد قصيدته المشهورة التي منها:
هَذا الذي تَعرفُ البطحاءُ وطأتُه والبيتُ يَعرفُه والحِلُّ والحَرَمُ
هذا ابنُ خَيرِ عبادِ الله كُلِّهم هَذا التَّقيُّ النَّقي الطاهرُ العَلَمُ...
فغضب هشام، ومنع جائزته، وقال: ألا قلت فِينَا مثلها ؟ قال: هاتَ جَدّاً كَجَدِّه صلى الله عليه واله وسلم، وأباً كأبيه عليه السلام، وأُمّاً كأمِّه عليه السلام، حتى أقول فيكم مثلها.فثَـقُل ذلك على هشام، فأمر بِحبْسِه، فَحبَسَوه.
فبلغ ذلك الإمام السجاد عليه السلام، فبعث إليه باثني عشر ألف درهم، وقال: "اعذرنا يَا أبا فِراس، فلو كان عندنا أكثر من هذا لَوَصلناك به".
ثالثاً: قبس من حياة العباس بن الإمام علي عليه السلام.
أ- اسمه ونسبه وألقابه: أبو الفضل، العباس بن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ولد في الرابع من شعبان 26 هـ. أُمّه السيّدة فاطمة بنت حزام العامرية الكلابية، المعروفة بأمِّ البنين عليها السلام.
وأما ألقابه: نذكر منها ما يلي:" السقَّاء، قمر بني هاشم، باب الحوائج، سَبع القنطرة، كافل زينب، بطل الشريعة "6.
ب- زواج الإمام علي عليه السلام لأجله: روي أنّ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال لأخيه عقيل ـ وكان نسّابة عالماً بأخبار العرب وأنسابهم ـ: "أبغي امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب ؛ لأتزوّجها فتلد لي غلاماً فارساً"، فقال له: "أين أنت عن فاطمة بنت حزام الكلابية العامرية، فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس، فتزوّجها أمير المؤمنين عليه السلام"7. فولدت له وأنجبت، وأوّل ما ولدت العباس عليه السلام، وبعده عبد الله، وبعده جعفراً، وبعده عثمان.
ج - من صفاته: "كان العباس رجلاً وسيماً جسيماً، يركب الفرس المطهَّم، ورجلاه تخطَّان في الأرض"8. وقال الإمام الصادق عليه السلام: "كان عمُّنا العباس بن علي نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبد الله عليه السلام، وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً"9. وقد كان صاحب لواء الحسين عليه السلام، واللِّواء هو العلم الأكبر، ولا يحمله إلاَّ الشجاع الشريف في المعسكر".
د- من مواقفه: لمَّا أخذ عبد الله بن حزام ابن خال العباس عليه السلام أماناً من ابن زياد للعباس وأخوته من أُمِّه، قال العباس وأخوته: " لا حاجة لنا في الأمان، أمانُ الله خير من أمان ابن سمية".
ولمَّا نادى شمر: أين بنو أختنا ؟ أين العباس وأخوته ؟ فلم يجبه أحد، فقال الحسين عليه السلام: "أجيبوه وإن كان فاسقاً، فإنَّه بعض أخوالكم"10 . فأجابه العباس عليه السلام: " ماذا تريد"؟ فقال: أنتم يا بني أُختي آمنون، فقال له العباس عليه السلام: "لعنك الله، ولعن أمانك، أتُؤَمِّننا وابن رسول الله لا أمان له"؟! وتكلَّم أخوته بنحو كلامه، ثمَّ رجعوا.
1- مستدرك الحاكم : 3 / 166، وتأريخ ابن عساكر : ترجمة الإمام الحسين عليه السلام.
2- تأريخ ابن عساكر: 14 / 313، ومجمع الزوائد: 9 / 194
3- إعلام الورى بأعلام الهدى: 1 / 427.
4-مقتل الحسين للمقرّم: 156.
5- تأريخ اليعقوبي: 2 / 215.
6- أُنظر: أعيان الشيعة 7 / 429.
7-عمدة الطالب: 357.
8-مقاتل الطالبيين: 56.
9-عمدة الطالب: 356.
10- عمدة الطالب: 35