الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1644 23 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 26 تشرين الثاني 2024 م

ضياع القِيم في عصر الغَيبة

وللمظلوم عوناًالكلّ يحتاج إلى الصبر مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1391- 27جمادى الأولى 1441هـ - الموافق 23كانون الثاني 2020م
الثبات في الشدائد

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

الثبات في الشدائد

محاور الخطبة
- الحياة الدنيا عرضة للمتاعب
- البلاء امتحان
- تعدّد أنواع البلاءات
- ما الرابط بين البلاءات الفكريّة والشدائد؟
- ما هو دور الإنسان حيال الشدائد؟
- دور القيم الروحيّة والإيمانيّة في مواجهة الشدائد
- من موجبات الاطمئنان
- الثبات في الشدائد
 
مطلع الخطبة
﴿
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾[1].
 
الحياة الدنيا عرضة للمتاعب
أيّها الأحبّة،

إنّ هذه الحياة الدنيا ليست حياة راحةٍ ودِعة، وليست حياة رغدٍ ورفاهية؛ فقد حُفَّت بالمكاره، وخُلِق فيها الإنسان في كبد، وقد أشار الله -تعالى- إلى ذلك، فقال: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾[2]؛ أي في تعبٍ ومشقّة، وهذا كناية عن أنّ حياةَ الإنسان مليئةٌ بالمشقّات والمتاعب.

يقول العلّامة الطباطبائيّ (رضوان الله عليه) في تفسير الميزان: "فاشتمالُ الكبَدِ على خلقِ الإنسان، وإحاطةُ الكدِّ والتعبِ به في جميعِ شؤونِ حياتِه، ممّا لا يخفى على ذي لبّ؛ فليسَ يقصدُ نعمةً من نِعَمِ الدنيا إلّا خالصةً في طيبِها، محضةً في هنائها، ولا ينالُ شيئاً منها إلّا مشوبةً بما ينغّصُ العيشَ، مقرونةً بمقاساةٍ ومكابدة، مضافاً إلى ما يصيبه من نوائبِ الدهر، ويفاجئُه من طوارقِ الحَدَثَان"[3].

هذا، وإنّ الحياة الهانئة والسعيدة بشكل تامّ ونهائيّ، هي الحياة الآخرة؛ ولذلك قال -سبحانه وتعالى-عنها: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾[4].

 البلاء امتحان
إنّ البلاءات والشدائد التي تصيب الإنسان في هذه الحياة الدنيا إنّما هي في أساسها اختبارٌ وامتحانٌ للإنسان، وقد ذُكر في ذلك العديد من الآيات والأحاديث.

وإنّ هذا الامتحان يشمل جميع الناس بجميع أطيافهم، خاصّةً المؤمنين منهم، كما سيتبيّن من خلال أحاديث المعصومين (عليهم السلام).

من القرآن الكريم قوله -تعالى-: ﴿ما كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾[5].

وقوله -عزّ وجلّ-: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾[6].

ومن الأحاديث ما ورد في أنّ النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله) قد سُئل عن أشدّ الناس بلاءً في الدنيا، من هم؟ فقال: "النبيّون، ثمّ الأمثل فالأمثل، ويُبتلى المؤمن بعد على قدر إيمانه وحسن أعماله، فمن صحّ إيمانه وحسُن عمله اشتدّ بلاؤه، ومن سخف إيمانه وضعف عمله قلّ بلاؤه"[7].

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "إنّ أشدّ الناس بلاءاً الأنبياء، ثمّ الذين يلونهم، ثمّ الأمثل فالأمثل"[8].
 
تعدّد أنواع البلاءات
تتعدّد أشكال البلاءات والشدائد في هذه الحياة الدنيا؛ فثمّة بلاءات معنويّة، وأخرى مادّيّة، وثمّة بلاءات فكريّة أيضاً.

أمّا البلاءات المادّيّة، كالمرض والفقر والعوز وما شاكل ذلك، فيُمتحن فيها صبرُ الإنسان وحُسنُ ظنّه بالله -تعالى-.

أمّا البلاءات المعنويّة، كالشعور بالضيق والضجر والوحشة والوحدة والمظلوميّة، وما يتعلّق بالحياة الشخصيّة العائليّة والاجتماعيّة وما فيهما... فهي أيضاً امتحانٌ للإنسان في قدر ثباته على الحقّ، وعدم تعدّيه على حدود الله -سبحانه-.

أمّا الابتلاءات الفكريّة؛ أي الابتلاءات التي ترتبط بعقيدة الإنسان ومواقفه السياسيّة، وهي أيضاً من البلاءات الخطيرة التي يتعرّض لها، بل قد تكون أخطرها؛ ذلك أنّها تكون عرضةً للانزلاق في مهاوي الانحرافات العقديّة والإيمانيّة.
 
ما الرابط بين البلاءات الفكريّة والشدائد؟
قد يسأل بعض الناس، ما هو الرابط بين البلاءات الفكريّة والإيمانيّة بالشدائد، فنقول: "إنّ هناك رابطةً وثيقةً وقويّةً بين كثير من المفاهيم الإيمانيّة والفكريّة وبعض الشدائد التي تحلّ بالإنسان، فمثلاً، قد يصل بعض الناس إلى مرحلة سوء الظنّ بالله، نتيجة تتابع المصائب عليه، ولأنّه لا يكون لديه الصبر الكافي وقدرة التحمّل الكافية، فإنّه يفقد حينئذٍ الثقة به -عزّ وجلّ-، فيقع حينها في دائرة سوء الظنّ بالله -عزّ وجلّ-".
 
ما هو دور الإنسان حيال الشدائد؟
ولأنّ الشدائدَ أمرٌ لا مفرّ منه، فلا بدّ إزاء ذلك أن يتصرّف حيالها بما يحفظ دينه وإيمانه وخطّه الفكريّ الذي يؤمن به.

فقد يزلّ بعض الناس لمجرّد مرض هنا، أو فقر هناك، فتظهر منه بعض المواقف التي تدّل على عدم ثبات إيمانه ويقينه بالله، بل قد يتجرّأ بعضهم على الله، بأن يسخط عليه! وبدل من أن يشكو إلى الله ويتضرّع إليه، فإنّه يعمد إلى الشكوى من الله، واضعاً إيّاه كخصم له -معاذ الله-.

إنّ هذا كلّه ينتج عن عدم ثبات إيمان الإنسان، وعدم حسن ظنّه بالله -سبحانه-، ما يجعله في حالة من الاضطراب والتوتّر حيال ما يواجهه من مصاعب وبلاءات إذا اشتدّت.
 
دور القيم الروحيّة والإيمانيّة في مواجهة الشدائد
 من هنا يأتي دور القيم الروحيّة والفكرية التي ينبغي للإنسان أن يتحلّى بها، ومن خلالها يستطيع مواجهة ما يتعرّض له، ليبقى ثابتاً على الصراط المستقيم، فلا تزلّ قدمه ولا يخضع لوساوس الشيطان، الذي يتأبّط به شرّاً عند كلّ مفرق، بغية إيقاعه بالشكّ تجاه الله -سبحانه وتعالى-، وهو الذي قال كما حكى لنا القرآن الكريم: ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾[9].

ولنا أن نذكر بعض الصفات التي ينبغي للمؤمن التحلّي بها:

1- السكون
قال -سبحانه-: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ﴾[10].
وهو قيمة عظيمة في مواجهة الشدائد، ونسمع في ذلك ما قاله الإمام الحسين (عليه السلام) للحوراء زينب ليلة عاشوراء: "تعزّي بعزاء الله، واعلمي أنّ أهل الأرض يموتون، وأهل السماء لا يبقَون"[11].

2- الاطمئنان
إنّ من أعظم الأسلحة المعنويّة التي يستطيع المرء استخدامها في مواجهة الشدائد هو الاطمئنان، وهو من أشدّ الحالات الروحيّة ضرورةً وعظمةً في نفس كلّ مؤمن.
وإنّ الاطمئنان عبارة أخرى عن الثقة بالله -عزّ وجلّ-، وهذا ممّا يُوصف به المؤمن بالله، حيث إنّه يثق بحكمه وما يقدّره ويقضيه، معتبراً أنّ فيه مصلحةً وخيراً، قال -سبحانه-: ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَ﴾[12].
 
من موجبات الاطمئنان:
1- ذكر الله

قال -سبحانه-: ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾[13].

2- التوكّل
قال -تعالى-: ﴿الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾[14].

الثبات في الشدائد
ما هو المقصود من الثبات؟

قال الله -تعالى- في محكم كتابه: ﴿يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾[15].

إنّ القول الثابت في هذه الآية المباركة، هو الثبات على الإيمان، وعدم اهتزازه في مثل المواقف الشديدة والفتن الخطيرة.

وإنّ الذين آمنوا بالغيب وآمنوا بحكم الله وقسمته، يعلمون أنّه لا لغو ولا عبث في كلّ ما يصدر عنه -عزّ وجلّ-.

وأمثال هؤلاء، قد وعدهم الله -تعالى-، بأنّه لا يصيبهم الحزن والاضطراب، قال -سبحانه-: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾[16].

ذلك كلّه لأنّهم ثابتون بالقول الثابت.
 
الثبات والجزع، بين الإيمان وعدمه
أيّها الأحبّة،

لا شكّ ولا ريب، في أنّ الإيمان هو أساس الثبات أمام المصائب والشدائد على اختلاف أنواعها، قال -سبحانه-: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[17].

وقد أثبتت التجربة في الواقع المُعاش، بأنّ غير المؤمنين أسرع انهياراً أمام الشدائد والمِحَن، وقد وصف القرآن الكريم هذا النموذج من الناس، فقال: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ﴾[18]، وقال -سبحانه-: ﴿وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ﴾[19].

ومن جميل ما ضربه الله مثلاً في مثل هؤلاء، قوله -تعالى-: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾[20].

وإنّنا نجد كيف أنّ الانتحار ينتشر في البيئات الأكثر بعداً عن القيم الإيمانيّة والدينيّة، مع أنّهم يعيشون حالةً من الرخاء المادّيّ والدنيويّ، وهذا بنفسه دليل على أنّ التطوّر المادّيّ والتكنولوجيّ، ليس هو الغاية الأسمى للإنسان في وصوله إلى الطمأنينة والراحة النفسيّة والمعنويّة.

إضافةً إلى ذلك، ارتفاع نسب الكآبة والأمراض النفسيّة التي تصيب أمثال هؤلاء، وهذا ما يحتّم على المرء دوماً أن يبقى على اتّصال دائم بالله، من خلال ذكره والصلاة بين يديه، والتفكّر به -سبحانه-.
 
[1]  سورة البقرة، الآيات 155-157.
[2]  سورة البلد، الآية 4.
[3]  العلّامة الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، ج20، ص291.
[4]  سورة العنكبوت، الآية 64.
[5]  سورة آل عمران، الآية 179.
[6]  سورة البقرة، الآية 214.
[7]  الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص252.
[8]  الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص252.
[9]  سورة الأعراف، الآية 16.
[10]  سورة الفتح، الآية 4.
[11] الطبريّ، تاريخ الطبريّ، ج4، ص319.
[12] سورة التوبة، الآية 51.
[13]  سورة الرعد، الآية  28.
[14]  سورة النحل، الآية 42.
[15] سورة إبراهيم، الآية 27.
[16]  سورة يونس، الآية 62.
[17]  سورة آل عمران، الآية 139.
[18]  سورة هود، الآية 9.
[19]  سورة فصّلت، الآية 49.
[20]  سورة الحجّ، الآية 11.

23-01-2020 | 10-05 د | 1603 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net