الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.
نبارك للإمام صاحب العصر والزمان، المهديّ المنتظر (عجّل الله فرجه)، والإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، والأمّة الإسلاميّة جمعاء، ذكرى ولادة الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام).
قال الله -تعالى-: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾[1].
أيّها الأحبّة،
ما زلنا نعيش ذكرى ولادة الإمام الحادي عشر من الأئمّة الأطهار، الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام)، الذي وُلِد في المدينة المنوّرة -كما عليه أكثر المؤرّخين- في الثامن من شهر ربيع الآخِر سنة 232 هجريّة.
عُرِف الإمام العسكريّ بشدّة ورعه وتقواه وتهجّده بين يديّ الله -سبحانه-، حتّى في أحلك الظروف وأقساها، فإنّه لم يكن يغفل طرفةَ عينٍ عن ذكر الله والتوجّه إليه، فكان يقضي لياليه بالصلاة بين يديه -سبحانه-، ولطالما أرشد إلى عظمة ذلك وفضله.
ترك لنا (عليه السلام) إرثاً كبيراً من الإرشادات والوصايا التي تأخذ بنا إلى طريق الحقّ والصراط المستقيم.
منها ما وصل إلينا عن لسانه الشريف، في ما يتعلّق بالأخوّة بين المؤمنين، كيف ينبغي أن تكون؟ وما هي الحقوق المتبادلة بينهم؟ وما هي الالتزامات المعنويّة والاجتماعيّة التي لا بدّ لكلّ مؤمن من الالتزام بها تجاه أخيه المؤمن؟
ذلك كلّه، كان بغية إرساء المحبّة والألفة بين النّاس، ليكونوا يداً واحدةً متراصّي الصفوف، وهم يهدمون في ذلك حواجز الحقد والكراهية والبغض كلّها.
حقوق الأخوّة
ورد عنه (عليه السلام) في ذلك: «للمؤمن على المؤمن سبعة حقوق واجبة من الله - عزّ وجلّ- عليه: الإجلال له في عينه، والودّ له في صدره، والمواساة له في ماله، وأن يحرّم غيبته، وأن يعوده في مرضه، وأن يشيّع جنازته، وأن لا يقول فيه بعد موته إلّا خيراً»[2].
هكذا يرى الإمام الأخوّة، فهي متشعّبة الاتّجاهات، تنبع من الشعور بالآخر، ورجاء الخير له في مفاصل حياته كلّها. وقد عدّ (عليه السلام) الالتزام بذلك من موجبات علوّ شأن الإنسان عند الله، إذ قال: «أعرفُ النّاسِ بحقوقِ إخوانِهِ وأشدُّهم قضاءً لها، أعظمُهم عندَ الله شأناً»[3].
نفع الأخوان
ومن عظيم ما ينبغي أن يكون بين الأخوّة خصلة النفع، في شتّى ميادين الحياة، فعنه (عليه السلام): «خَصْلَتَانِ لَيْسَ فَوْقَهُمَا شَيْءٌ: الْإِيمَانُ بِاللهِ، وَنَفْعُ الْإِخْوَانِ»[4].
نصيحة الأخوان بالسرّ
وقد حذَّر الإمام (عليه السلام) من كلّ ما يفسد هذه العلاقة، إذ نهى عن انتقاد المؤمن علناً أمام الناس، وإذا ما أراد نصحه فلا بدّ من أن يكون ذلك سرّاً لا علانيةً: «من وعظ أخاه سرّاً فقد زانَه، ومن وعظه علانية فقد شانَه»[5].
والحمد لله ربّ العالمين
[1] سورة الأنبياء، الآية 73.
[2] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص84.
[3] الشيخ الطبرسيّ، الاحتجاج، ج2، ص267.
[4] ابن شعبة الحرانيّ، تحف العقول، ص489.
[5] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج71، ص166.