محاور الموضوع الرئيسة:
- عظمة القرآن الكريم ومنزلته.
- حجاب رؤية النفس مستغنية.
- حجاب الآراء الفاسدة والعقائد الباطلة.
- حجاب الآراء الفاسدة والعقائد الباطلة.
- حجاب حب الدنيا.
الهدف:
معرفة الحجب الظلمانية التي تحول بين الإنسان والاستفادة من كتاب الله، والسعي لرفعها وإزالتها.
تصدير الموضوع:
قال تبارك وتعالى: ﴿قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ 1.
عظمة القرآن الكريم ومنزلته 2
لا شك في كون القرآن الكريم المصدر الأول للشريعة المقدّسة، وهو الحجّة القاطعة بيننا وبين الله تعالى، التي لا شك ولا ريب فيها، كلام الله الذي أنزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه واله وسلم، وكان يراجعه مع أمين الوحي في كل شهر من شهور رمضان للتأكّد من سلامته مبنىً ومعنى 3، وقد بلَّغ نبيُ الإسلام القرآن الكريم تبليغاً كاملاً باتفاق المسلمين، وأمر بحفظه وكتابته وجمعه حال حياته، وأنّ ما بين الدفتين والمتداول بين المسلمين منذ عهد النبي صلى الله عليه واله وسلم لم يزد فيه ولم ينقص منه، والقرآن الكريم هو الحبل الممدود من السماء إلى الأرض وهو الثقل الأكبر الذي تركه سيّدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم أمانة في أعناقنا إلى يوم القيامة، قال النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم :فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه 4. قال النبي صلى الله عليه واله وسلم: "أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن" وقال: "إن القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد فقيل: يا رسول الله وما جلاؤها؟ فقال قراءة القرآن وذكر الموت".
وإذا صارت عظمة كتاب الله معلومة من جميع الجهات، وانفتح على الإنسان طريق الاستفادة الحقيقية منه، عندها ينبغي السعي إلى رفع الموانع والعوائق الأساسية التي تحول دون الاستفادة الكاملة من القرآن الكريم، وهذه الموانع نعبّر عنها بالحجب بين المستفيد والقرآن، الحجب جمع حجاب وهو الساتر أو العائق الذي بين شيئين، وفي موردنا الحجاب، وهو المانع الذي يتوسّط بين الخالق جلا وعلا والعبد، وهذه الحجب كثيرة نشير إلى بعضها:
1- حجاب رؤية النفس مستغنية
من الحجب العظيمة التي تحول بين الإنسان وبين الاستفادة من كتاب الله العزيز؛ حجاب رؤية النفس مستغنية عن كتاب الله، حيث يرى الإنسان نفسه بسبب هذا الحجاب مستغنياً عنه أو غير محتاج للاستفادة منه. وهذا يعتبر من أكبر وأخطر مكائد الشيطان الذي يزيّن للإنسان دائماً الكمالات الموهومة، ويرضيه ويقنعه بما هو عليه من العلم أو الفهم المحدود، وبما في يديه من الكمالات المحدودة الفانية والزائلة، ويسقط من عينه كلّ ما ليس بحوزته.
والإشارة إلى هذا المعنى في القصص القرآنية كثيرة، فموسى كليم الله مع ما له من المقام العظيم في النبوّة لم يقتنع بذلك المقام ولم يتوقف عند مقام علمه الشامخ، بل بمجرد أن التقى بإنسان كامل كالخضر قال له بمنتهى التواضع والخضوع: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ 5 وصار ملازماً لخدمته حتى أخذ منه العلوم التي احتاج إليها.
2 - حجاب الآراء الفاسدة والعقائد الباطلة
ومن الحجب المانعة أيضاً التي تصدّ عن الاستفادة الصحيحة من القرآن الكريم؛ حجاب الآراء الفاسدة والعقائد الباطلة، التي قد يكون سببها سوء استعداد الشخص، والأغلب أن سببها الأساسي هو التبعية والتقليد الأعمى للغير أو الشطحات الفكرية وغيرها من الأسباب... وهذا الحجاب من الحجب الرئيسة التي تحجب الإنسان عن معارف القرآن وحقائقه النورانية، فمثلاً إذا رسخ في قلوبنا أو أ ذهانا اعتقاد فاسد ما، فإن مثل هذه العقيدة قد تكون حاجباً بيننا وبين الفهم الصحيح للآيات، وإن الآيات والروايات الكثيرة الراجعة إلى معرفة الله ولقائه، والكنايات والتصريحات المتنوّعة في أدعية ومناجاة الأئمة عليهم السلام، بمجرّد أن تصطدم بتلك العقيدة، فإمّا أن يؤوّلوا ويوجّهوا تلك الآيات والروايات، والتصريحات، وإمّا ألاّ يدخلوا في هذا الميدان أصلاً، ولا يفتحوا على أنفسهم تلك المعارف التي هي قرّة عين الأنبياء والأولياء.
3- حجاب الذنوب والمعاصي
ومن الحجب المانعة من فهم القرآن الشّريف، ومن الاستفادة من معارف هذا الكتاب السماوي ومواعظه، حجاب المعاصي والذنوب الحاصلة من الطغيان وعصيان رب العالمين؛ التي تحجب القلب عن إدراك الحقائق الإلهية العزيزة.
فلكل عمل من الأعمال الصالحة أو السيئة تأثير في النفس الإنسانية وملكوتها، تحصل بواسطتها أمّا النورانية في النفس فيكون القلب مطهّراَ ومنوّراً وفي هذه الحالة تكون النفس كالمرآة المصقولة صافية، وإما أن يصير باطن النفس بهذه الأعمال ظلمانياً وخبيثاً، وفي هذه الصورة يكون القلب كالمرآة المدنّسة، ويكون إبليس اللعين هو المتصرف في مملكة روحه. ويقع السمع والبصر وسائر القوى أيضا تحت تصرف ذاك الخبيث،كما قال الحق تعالى ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾ 6..
4- حجاب حب الدنيا
ومن الحجب الغليظة التي هي مانع سميك بيننا وبين معارف القرآن ومواعظه؛ حجاب حبّ الدنيا. حيث يصرف القلب تمام همّته في الدنيا فتكون وجهة القلب تماماً إلى الدنيا ويغفل القلب بواسطة هذه المحبة عن ذكر الله ويعرض عنه. وكلما ازداد التعلّق بالدنيا وشهواتها ازداد حجاب القلب والساتر ضخامة. وربما تغلب هذه العلاقة على القلب ويتسلّط سلطان حب الجاه والشرف على القلب فينطفئ نور فطرة الله تماماً، وتغلق أبواب السعادة على الإنسان. ولعل المراد من إقفال القلوب المذكورة في الآية الشّريفة ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ 7هو هذه الأقفال الأغلال والعلائق الدنيوية. فمن أراد أن يستفيد من القرآن ويأخذ نصيبه من المواعظ الإلهية لابدّ وأن يطهّر قلبه من هذه الأرجاس، ويزيل أدران المعاصي القلبية والاشتغال بغير الله من القلب، لأنّ القلوب غير المطهّرة ليست لا يمكنها أن تدرك هذه الأسرار، قال الله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ 8. فكما أن غير المطهّر بالطهارة الظاهرية ممنوع عن ظاهر هذا الكتاب ومسّه في العالم الظاهر تشريعاً وتكليفاً، كذلك من كان ملّوثاَ بأرجاس التعلقات الدنيوية والمحدودة والفانية ممنوع من معارفه ومواعظه وباطنه وسرّه قال تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾ 9...إلى آخره. فغير المتقي وغير المؤمن محروم من أنوار القرآن ومن مواعظه وعقائده الحقة.
1- المائدة: 15-16.
2-استندنا في المضمون على ما ورد من كلمات وكتب الإمام الخميني غالباً.
3- صحيح البخاري، ج6، باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي’.
4- بحار الأنوار، ج89، ص17، ب1.
5- الكهف: 66.
6- الأعراف:179.
7-محمد: 24.
8-الواقعة: 77-79.
9- البقرة: 2.