محاور الموضوع ألرئيسة:
- وظائف الإمام في رواية الإمام الرضا عليه السلام.
- تنصيب الإمام أمر إلهي.
- خلاصة وظائف الإمام المعصوم عليه السلام.
الهدف:
التعرّف على وظائف الأئمة المعصومين ومنزلتهم من خلال رواية الإمام الرضا عليه السلام.
تصدير الموضوع:
عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أحبّ أن يركب سفينة النجاة، ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فليوال علياً بعدي، وليعاد عدوَّه وليأتمَّ بالأئمة الهداة من ولده فإنهم خلفائي وأصيائي، وحجج الله على الخلق بعدي وسادة أمتي وقادة الأتقياء إلى الجنة، حزبهم حزبي وحزبي حزب الله، وحزب أعدائهم حزب الشيطان"1.
1- وظائف الإمام في رواية الإمام الرضا عليه السلام: لقد حدّد الإمام الرضا عليه السلام في سياق حديثه عن الإمامة وظائف الإمام المعصوم وصفاته وخصائصه بأرفع بيان، وهي:
- الإمام يحلّ حلال الله، ويحرّم حرام الله ويقيم حدود الله ويذبّ عن دين الله، ويدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة، والحجة البالغة،- الإمام كالشمس الطالعة المجلّلة بنورها للعالم وهي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار، الإمام البدر المنير، والسراج الزاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي في غياهب الدجى وأجواز البلدان والقفار، ولجج البحار،- الإمام الماء العذب على الظماء، والدالّ على الهدى والمنجي من الردى، الإمام النار على اليفاع، الحارّ لمن اصطلى به والدليل في المهالك من فارقه فهالك،- الإمام السحاب الماطر، والغيث الهاطل، والشمس المضيئة، والسماء الظليلة، والأرض البسيطة، والعين الغزيرة، والغدير والروضة.
- الإمام الأنيس الرفيق، والوالد الشفيق، والأخ الشقيق، والأم البرَّة بالولد الصغير، مفزع العباد في الداهية،
- الإمام أمين الله في خلقه وحجته على عباده وخليفته في بلاده، والداعي إلى الله، والذاب عن حرم الله.
- الإمام المطهّر من الذنوب، والمبرأ من العيوب، المخصوص بالعلم، الموسوم، بالحلم، نظام الدين، وعزّ المسلمين، وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين2.
2- تنصيب الإمام أمر إلهي: لا بدّ من نصب الإمام وتعيينه من قبل الله تعالى، وأن يملك الإمام العلم الموهوب له من الله، والمصون عن الخطأ بالعصمة، بما ينسجم مع تولّي قيادة الأمة ومرجعيّتها، فختم النبوة إنما يكون موافقاً للحكمة الإلهيّة فيما لو اقترن بتعيين الإمام المعصوم الذي يمتلك خصائص نبي الإسلام عدا النبوة والرسالة. ولهذا فيجب على الناس جميعاً إطاعتهم والرجوع إليهم في جميع الأمور والعمل بما يقولون، عملاً بالآية الكريمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾.3
3- خلاصة وظائف الإمام المعصوم عليه السلام: المعروف أن حقَّ الحاكميَّة إنما هو لله عزَّ وجلَّ، لأن وجود الإنسان من الله عزَّ وجلَّ، والإنسان لا بدَّ له من إطاعته والتسليم له، والطاعة لغيره عزَّ وجلَّ مشروطة بكونه منصَّباً من قبل الله عزَّ وجلَّ.
أ- الإمامة هي المرجعية: إن موقع الإمامة ووظيفة الإمام مستمدّان ومرتبطان بموقع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ووظيفة النبوة،: ولهذا فإن المرجعيّة الدينية والعلمية للمسلمين في أمور الشريعة والأحكام الإسلامية وغيرها بعد وفاة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، للأئمة المعصومين عليه السلام، إلى جانب قيادتهم العامة للأمة والمجتمع، ورد عن الإمام علي عليه السلام قوله: عباد الله أبصروا عيب معادن الجور، وعليكم بطاعة من لا تعذرون بجهالته، فإنّ العلم الذي نزل به آدم عليه السلام وجميع ما فُضِّل به النبيّون في محمَّد خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم وفي عترته الطاهرين، فأين يُتاه بكم؟ بل أين تذهبون؟!4. و ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: نحن قوم فرض الله عزّ وجلّ طاعتنا5.
ب- ولاية الأئمة المعصومين عليه السلام: يعتقد الإمامية بأن الحكومة (الولاية) بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي للأئمة المعصومين عليه السلام. وأن هذا المنصب قد جعله الله عزّ وجلّ لهم، واطاعتهم واجبة بأمر من الله ورسوله﴿إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ﴾6.
ففي ابتداء الآية مع أن الحديث عن ولاية الله والنبي وبعض المؤمنين ولكن كلمة "ولي" وردت بصيغة المفرد وهذا يدلنا على أن الولاية في الأساس هي لله تعالى وبالتبع هي للنبي والأئمة عليهم السلام أو أنها تظهر فيهم..
والقسم الثاني من الآية ناظر إلى حادثة تأريخيّة لأن التصدّق أثناء الصلاة لا سيّما أثناء الركوع ليس من مستحبّات الصلاة، فلذا لا يمكن أن تكون الآية ناظرة إلى بيان حكمٍ من الأحكام، وقد ورد في بيان سبب نزول الآية: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأل أصحابه بعد نزول الآية: من منكم تصدّق في ركوعه؟ فأجابه الفقير الذي وصلته الصدقة بأنه أمير المؤمنين عليه السلام، وعليه فهذه الآية تبيّن أن من له الولاية بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المؤمنين إنما هو علي عليه السلام.
والنتيجة هي أن من اختاره الله عزّ وجلّ لتكون له "الولاية التشريعيّة" إنما هم الأنبياء والأئمّة بمعنى أن لهم حقّ إدارة شؤون المجتمع، وان طاعتهم واجبة بأمرٍ من الله، كما أن "الولاية التكوينيّة" أي حقُّ التصرف في الكون وتدبير أمور الخلق بيدهم بإذن الله عزّ وجلّ ثابتة لهم. و الأبعاد التي تشملها الولاية التشريعيّة للنبي والأئمّة هي التالية:
- بيان الأحكام الشرعية بإذن الله تعالى:
وأيضاً قد يصدر من النبي مجموعة من الأوامر لأجل تطبيق وإجراء الأحكام الكليّة الإلهيّة وقد جعل الله عزّ وجلّ أمر اختيارها وتشريعها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وجعل طاعتها والالتزام بها واجباً كسائر الأحكام الإلهيّة.قال الله تعالى: ﴿وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُو﴾7.
والبعد الثاني في الولاية التشريعيّة هي القيادة السياسيّة والاجتماعية للنبي والأئمة الطاهرين عليهم السلام من قبل الله عزّ وجلّ في جميع الشؤون السياسيّة، والاجتماعية والاقتصاديّة،... والمجتمع الإسلامي، وطاعتهم في هذه الأمور واجبة ومعصيتهم محرّمة وهذا الأمر تثبته الروايات والآيات:
قال الله تعالى:﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ﴾8.وقال الله تعالى أيضاً: ﴿النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾9.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الغدير عندما عيَّن عليّاً عليه السلام لمقام الخلافة: "ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى قال: من كنت مولاه فعلي مولاه..."10.
يظهر مما تقدَّم أن "الولاية التشريعيّة" بأبعادها الواسعة من قبيل الولاية في بيان الأحكام والمعارف الدينيّة، والقيادة السياسية الاجتماعية، والولاية في فصل الخصومة مجعولة من الله عزّ وجلّ للنبي وللأئمّة المعصومين عليهم السلام. وقبول ولايتهم واجب ومخالفتها حرام.
1- أمالي الصدوق : 13.
2- من لا يحضره الفقيه: 4/300، والخصال: 527، وعيون أخبار الرضا: 1/212.
3- سورة النساء، 59.
4- الكافي، / 63/ ونهج البلاغة 325، الخطبة رقم 210.
5- تفسير البرهان ج1، ص376.
6- المائدة: 55.
7- الحشر: 7.
8- النساء: 59.
9- الأحزاب: 6.
10- الغدير: ح1، ص14.