الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1598 28 جمادى الثانية 1445 هـ - الموافق 11 كانون الثاني 2024 م

رجبُ الرحمة

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وأعزّ المرسلين، سيّدنا محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

إلى مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، وإلى نائبه وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وإلى مراجعنا وقادتنا العظام، وإلى الأمّة الإسلاميّة جمعاء، نرفع أسمى آيات التهنئة والتبريك بقدوم شهر رجب الأصبّ.

رجب وشعبان وشهر رمضان، أشهر عظيمة، ومحطّة إلهيّة كبرى، لتطهير النفس من أدرانها وآثامها. هي أشهر متناهية الشرف، خصّها الله وميّزها بين الشهور؛ فشهر رجب، فضّله الله تعالى، وعظّم حرمتَه ومكانتَه، وأوجب للصائمين فيه كرامتَه؛ وشهر شعبان، هو شهر تشعُّبِ الخيرات، وهو شهر رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، الذي دعانا (صلّى الله عليه وآله) إلى إعانته عليه، بالصوم والاستغفار، حبّاً وتقرّباً إلى الله تعالى، علّنا نكون ممّن ينال شفاعته (صلّى الله عليه وآله) في القيامة؛ أمّا شهر رمضان، وهو أعظمها وأكرمها، إذ إنّه شهر الضيافة الإلهيّة والكرم العظيم، فيه يدعو الله عبادَه إلى مائدته العظمى، ويجود عليهم من فضله ونعمه الكثير، ولو علم العباد ما فيه لتمنَّوا أن يكون السنةَ كلَّها.

هذه الأشهر الثلاثة المباركة، أشهرٌ ينبغي اغتنامُها بالعبادة والطاعة والعمل الصالح، بالصوم والصلاة وتلاوة القرآن وحضور المساجد، بالعلاقات الطيّبة والحسنة مع الناس والأرحام والأسرة.

شهر رجب شهر الله
إنّ أوّل هذه الأشهر الشريفة -كما هو معلوم- شهرُ رجب الأصبّ، وهو شهر الله العظيم، وله حرمة عظيمة وفضل كبير؛ ففيه رضوان الله الأكبر، وهو شهر الاستغفار والرحمة، وكان أهلُ الجاهليّة يعظّمونه، ولمّا جاء الإسلام، لم يزدد إلّا تعظيماً وفضلاً.
وقد استفاضت الروايات في بيان مكانته، وكيف ينبغي للمؤمن أن يستفيد من بركاته وفضائله؛ إذ يضاعف الله في الحسنات، ويمحو السيئات، كما جاء في الأحاديث.

عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «إنّ الله تعالى نصب في السماء السابعة ملَكاً، يُقال له: الداعي، فإذا دخل شهر رجب، ينادي ذلك الملك كلّ ليلة منه إلى الصباح: طوبى للذاكرين، طوبى للطائعين، ويقول الله تعالى: أنا جليس مَن جالسني، ومطيع مَن أطاعني، وغافر مَن استغفرني. الشهر شهري، والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمَن دعاني في هذا الشهر أجبتُه، ومَن سألني أعطيتُه، ومَن استهداني هديتُه، وجعلتُ هذا الشهرَ حبلاً بيني وبين عبادي، فمَن اعتصم به وصل إليّ»[1].

محطّات عبادية مهمّة في رجب
بناءً على ما تقدّم من فضائل هذا الشهر العظيم وخصائصه، نذكر بعضاً ممّا ينبغي للمؤمن اغتنامُه فيه:

1. الدعاء: إذ إنّه سلاحُ المؤمن المُنجي من الأعداء، ومدرُّ الأرزاق، بل إنّه أفضلُ العبادة، ولا يُتقرّب إلى الله عزّ وجلّ بمثله، وثمّة أدعيةٌ عظيمةٌ وخاصّةٌ في شهر رجب، وصلتنا عن أهل العصمة (عليهم السلام)، ومنها ما أوصى به الإمامُ الصادق (عليه السلام) محمّدَ بن ذكوان، المعروف بالسجّاد، حين طلب من الإمام (عليه السلام)، قائلاً: جُعِلتُ فداك، هذا رجب، علّمني فيه دعاءً ينفعني الله به، فقال (عليه السلام) : «... وقل في كلِّ يومٍ من رجب، صباحاً ومساءً، وفي أعقاب صلواتك، في يومك وليلتك: يا مَنْ اَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْر، وَآمَنَ سَخَطَهُ عِنْدَ كُلِّ شَرٍّ...»[2].

2. الاستغفار: فالاستغفار حصنٌ حصين، والأمان الباقي في الأرض من عذاب الله بعد رحيل رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فعن الإمام الباقر (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «كَانَ فِي الأَرْضِ أَمَانَانِ مِنْ عَذَابِ اللَّه، وقَدْ رُفِعَ أَحَدُهُمَا، فَدُونَكُمُ الآخَرَ فَتَمَسَّكُوا بِه؛ أَمَّا الأَمَانُ الَّذِي رُفِعَ فَهُوَ رَسُولُ اللَّه (صلّى الله عليه وآله)، وأَمَّا الأَمَانُ الْبَاقِي فَالِاسْتِغْفَارُ، قَالَ اللَّه تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾[3]»[4].

وشهر رجب هو شهر الاستغفار لأمّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقد أوصى (صلّى الله عليه وآله) بكثرة الاستغفار فيه، كما عن الإمام الصادق (عليه السلام)، وفي روايةٍ: «مَن استغفر اللهَ في رجب سبعين مرّة بالغداة، وسبعين مرّة بالعشيّ، يقول: أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، فإذا بلغ تمام سبعين مرّة، رفع يديه، وقال: اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لي وَتُبْ عَلَيَّ، فإن مات في رجب، مات مرضيّاً عنه، ولا تمسّه النار ببركة رجب»[5].

3. الصيام: ففيه من الثواب العظيم الذي لا يعلم مبلَغه إلّا اللهُ تعالى، يُغلَق به بابٌ من أبواب النيران، ويستوجبُ به الصائمُ رضوانَ الله تعالى، فلا ينبغي للمؤمن أن يفوته اغتنامُ هذا الباب، ولو في بضعة أيّام منه، عن الإمام الرضا (عليه السلام): «مَن صام أوّل يوم من رجب، رغبةً في ثواب الله عزّ وجلّ، وجبَت له الجنّة، ومَن صام يوماً في وسطه شُفِّع في مثل ربيعة ومُضَر، ومَن صام في آخره جعله اللهُ من ملوك الجنّة، وشفّعه في أبيه وأمّه وابنه وابنته وأخيه وعمّه وعمّته وخاله وخالته ومعارفه وجيرانه، وإن كان فيهم مستوجبٌ للنار»[6].

مناسبات الأيّام الأولى من شهر رجب
وفي هذا الشهر الشريف مناسبات عديدة وعظيمة، نُشير إلى الأيّام الأولى منه، ففي اليوم الأوّل ولادة الإمام الباقر (عليه السلام)، الإمام الخامس من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، وفي اليوم الثاني ولادة الإمام العاشر، الإمام عليّ الهادي (عليه السلام)، وفي الثالث شهادته (عليه السلام).

يحدّثنا الإمام الصادق (عليه السلام) عن شدّة عبادة أبيه الإمام الباقر (عليه السلام)، فيقول: «وكان أبي (عليه السلام) كثيرَ الذكر؛ لقد كنتُ أمشي معه، وإنّه ليذكر الله، وآكل معه الطعام، وإنّه ليذكر الله، ولقد كان يحدّث القوم، [و] ما يشغله ذلك عن ذكر الله، وكنت أرى لسانًه لازقاً بحنكه، يقول: لا إله إلا الله، وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتّى تطلع الشمس، ويأمر بالقراءة مَن كان يقرأ منّا، ومَن كان لا يقرأ منّا أمره بالذكر»[7].

فحريّ بنا أن نقتدي في هذا الشهر الشريف بهذا الإمام العظيم، مستحضرين ذكر الله دائماً، من تسبيحٍ، واستغفارٍ، وقراءةٍ للقرآن الكريم...

وثمّة حادثةٌ مع الإمام الهادي (عليه السلام)، نذكرها للعبرة، وقد كان معاصراً لأشدّ طغاة بني العبّاس بغضاً لأهل البيت (عليهم السلام)، وهو المتوكّل العباسيّ، الذي «وجّه إليه ليلاً من الأتراك وغيرهم، مَن هجم عليه في منزله على غفلة ممَّن في داره، فوجده في بيتٍ وحدَه، مغلق عليه، وعليه مدْرَعة من شَعَرٍ، ولا بساط في البيت إلّا الرمل والحصى، وعلى رأسه ملْحَفة من الصوف، متوجِّهاً إلى ربّه، يترنّم بآياٍت من القرآن في الوعد والوعيد، فأُخِذ على ما وُجِد عليه، وحُمِل إلى المتوكّل في جوف الليل، فمثل بين يديه، والمتوكّل يشرب وفي يده كأس، فلمّا رآه أعظمَه، وأجلسه إلى جنبه... فناوله المتوكّلُ الكأسَ الذي في يده، فقال: يا أمير المؤمنين، ما خامر لحمي ودمي قطّ، فأعْفِنِي منه، فعافاه، وقال: أنشدني شعراً أستحسنه، فقال: إنّي لقليل الرواية للأشعار، فقال: لا بدّ أن تنشدني، فأنشده:
باتُوا على قُلَلِ الأَجْبالِ تحرسُهُم               غُلْبُ الرجالِ فما أغنَتْهُمُ القُللُ
واستُنْزِلُوا بعدَ عزٍّ عن معاقِلِهِم                 فأُودِعُوا حُفَراً، يا بئسَ ما نَزَلُوا
ناداهُمُ صارخٌ مِنْ بعدِ ما قُبِرُوا                 أينَ الأسِرَّةُ والتيجانُ والحُلَلُ
أينَ الوجوهُ الّتي كانَتْ مُنعَّمةً                  مِن دونِها تُضرَبُ الأستارُ والكِلَلُ
فأفصَحَ القبرُ عنهُم حينَ ساءَلَهُم               تلكَ الوجوهُ عليها الدودُ يَقْتَتِلُ
قَدْ طالما أَكَلوا دهراً وما شرِبُوا                 فأصبَحُوا بعدَ طولِ الأكلِ قَدْ أُكِلُوا
وطالما عمَّرُوا دوراً لِتحْصِنَهُم                   ففارقُوا الدورَ والأهلينَ وانتقَلُوا
وطالما كنزُوا الأموالَ وادَّخرُوا                   فخلَّفُوها على الأعداءِ وارتحَلُوا
أضحَت مَنازِلُهم قفْراً مُعَطلةً          وساكِنُوها إلى الأجداثِ قَدْ رحَلُوا»
[8].


[1] السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال، ج3، ص174.
[2] السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال، ج3، ص211.
[3] سورة الأنفال، الآية 33.
[4] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص483، الحكمة 88.
[5] السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال، ج3، ص217.
[6] الشيخ الصدوق، فضائل الأشهر الثلاثة، مصدر سابق، ص17.
[7] الشيخ الكينيّ، الكافي، ج2، ص499.
[8] المسعوديّ، مروج الذهب، ج4، ص11.

11-01-2024 | 09-01 د | 2693 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net