الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1603 05 شعبان 1445 هـ - الموافق 15 شباط 2024 م

صلُّوا عليه وسلِّموا تسليما

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله، وأعزّ المرسلين، سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

إلى مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، وإلى نائبه وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وإلى مراجعنا وقادتنا العظام، وإلى الأمّة الإسلاميّة جمعاء، نرفع أسمى آيات التهنئة والتبريك بولادة الأقمار الهاشميّة؛ الإمام الحسين والعبّاس والإمام زين العابدين (عليهم السلام)، في الثالث والرابع والخامس من شهر شعبان المبارك.


جاء في كتابه العزيز: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيم﴾[1].

لقد أجزل اللهُ تعالى في هذا الشهر الكريم، شهرِ شعبان، رحمتَه وبركاتِه لعباده، وجعل أيّامَه ولياليَه مليئةً بكرمه وجوده.

هو شهرُ رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، إذ يصفه قائلاً: «شهرٌ شريف، وهو شهري»[2]. وهو شهرُ الإكثار من الصلاة عليه، كما عن الإمام الصادق (عليه السلام)، إذ يقول: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): وأكثِروا في شعبانَ الصلاةَ على نبيِّكم وأهلِه»[3]، بل «وسمّي شهرُ شعبان شهرَ الشفاعة؛ لأنّ رسولَكم يشفع لكلِّ مَن يصلّي عليه فيه»[4]، وثمّة صلوات خاصّة في شهر شعبان، مرويّةٌ عن الإمام زين العابدين (عليه السلام)، تُستحبُّ قراءتُها عند كلِّ زوالٍ من أيّام شعبان: «اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ وَمَوْضِعِ الرِّسالَةِ وَمُخْتَلَفِ المَلائِكَةِ وَمَعْدِنِ العِلْمِ وَأَهْلِ بَيْتِ الوَحْيِ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الفُلْكِ الجارِيَةِ فِي اللُّجَجِ الغامِرَةِ...»[5].

وإنّ مقامَ الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ومنزلتَه من العظمة والرفعة بمكان، بحيث إنّ بارئَ هذا الوجود وجميعَ ملائكته يصلّون عليه؛ فيا أيّها الذين آمنوا، صلّوا عليه وسلّموا تسليماً.

فما معنى هذه الصلاة؟
لا شكّ في أنّ معنى الصلاة يختلف باختلاف مَن أُسنِدَت إليه، فصلاة الله تعالى تختلف عن صلاة الملائكةِ والذين آمنوا؛ إذ إنّها من الله تعني الرحمةَ والرضا والثناءَ على نبيّه الأعظم (صلّى الله عليه وآله) بكلِّ خير، وهي من الملائكة الاستغفار والتزكية، ومن المؤمنين الدعاء بعلوِّ المنزلة والدرجة، وهذا ما ورد عن الإمام الكاظم (عليه السلام)، حين سُئل عن معنى الصلاة، فقال: «صلاة الله رحمةٌ من الله، وصلاة ملائكته تزكيةٌ منهم له، وصلاة المؤمنين دعاءٌ منهم له»[6]، وكذا عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال في معناها: «أثنوا عليه وسلِّموا له»[7].

لقد جاء في الآية ما يدلّ على تأكيد الطلب الإلهيّ للصلاة على النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ومحبوبيّتها له، مستعملاً أداة التأكيد «إنَّ»، مضافاً إلى صيغة الأمر «صلّوا»، مُمهِّداً بإخبار الناس ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾، زيادةً في الترغيب.
وبالتالي، فإنّ هذا يدلّ على محبّة الله والملائكة للنبيّ (صلّى الله عليه وآله) وتعظيمهم له؛ لذا كان من معاني الآية إجمالاً الثناءُ على النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ومقامِه المعنويّ، فمنزلة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من العظمة بمكان، أنّ خالقَ الوجود، وكلَّ الملائكة، الموكَّلين بتدبير أمر هذا العالم بأمر الله سبحانه، ومع تسبيحهم وتمجيدهم، هم يصلّون على النبيّ وآله (صلوات عليه وعليهم)، وبالتالي فقافلة الوجود كلّها، من مُنشِئها إلى مدبّريها، يلتفتون إلى جوهرة الإنسانيّة النفيسة، بل جوهرة الوجود من المخلوقات، فيثنون عليه بالصلاة. فكذلك عليكم أيّها المؤمنون أن تنضمّوا إلى هذه القافلة، وتضمّوا أصواتكم إلى هذا الذكر الساري في عالم الوجود، وهو الصلاة على النبيّ وآله[8].

الصلاة دائمة
وإنّ هذه الصلاةَ صلاةٌ دائمةٌ مستمرّة، إذ إنّ الآيةَ الكريمة عبّرت بفعلٍ مضارع «يصلّون»، وفي هذه الصيغة -لغةً- دلالةٌ على الاستمرار؛ أي إنّ اللهَ وملائكته يصلّون عليه دائماً وباستمرار صلاةً دائمةً خالدة. وفي ذلك لفتة إلى أنّ تماهي المؤمنين مع الله وملائكته في ذلك، يعني أن يداوموا الصلاةَ عليه.

معنى التسليم
هذا في معنى الصلاة ودلالتها؛ أمّا في كلمة «سلِّموا»، فإنّه تعني -بما هو أوفق لظاهر الآية القرآنيّة- التسليمَ لأوامره (صلّى الله عليه وآله)، كما جاء في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيم﴾، وقد ورد عن أبي بصير أنّه قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية، فقلتُ: كيف صلاة الله على رسوله؟ فقال (عليه السلام): «يا أبا محمّد، تزكيته له في السماوات العلى»، فقلتُ: قد عرفتُ صلاتَنا عليه، فكيف التسليم؟ فقال (عليه السلام): «هو التسليم له في الأمور»[9]؛ وعلى هذا يكون معنى قوله: ﴿وَسَلِّمُوا تَسْلِيم﴾، انقادوا لأوامره، وابذلوا الجهدَ في طاعته وجميع ما يأمركم به. أو أن يكون بمعنى التسليم عليه (صلّى الله عليه وآله) بالدعاء؛ أي قولوا: السلام عليك يا رسول الله.

آثار الصلاة وفوائدها
إنّ كلّ ما أمر به الله تعالى فيه تمام الحكمة والمصلحة لعباده، والصلاة على النبيّ (صلّى الله عليه وآله) -كما تقدّم- هي أمر إلهيّ، وله آثار عظيمة، خصوصاً أنّه تعالى قد تولّاها بنفسه، ونصَّب نفسه قدوة لتحفيز المؤمنين على التزام هذا العمل، وقد أظهرت لنا روايات أهل العصمة (عليهم السلام) بعضَ هذه البركات والآثار، نذكر منها:

1ـ استجابة الدعاء: عن الإمام الصادق (عليه السلام): «كلُّ دعاءٍ محجوبٌ عن السماء، حتّى يصلّي على محمّد وآل محمّد»[10].

2. تُذهِب بالنفاق: عن الإمام الصادق (عليه السلام): «قال (صلّى الله عليه وآله): ارفعوا أصواتَكم بالصلاة عليّ، فإنّها تُذهِب بِالنفاق»[11].

3ـ تكفير الذنوب وهدمها: عن الإمام الرضا (عليه السلام): «مَن لم يقدر على ما يكفِّر به ذنوبَه، فليُكثِر من الصلاة على محمّد وآله، فإنّها تهدم الذنوبَ هدماً»[12].

4 ـ نور متواصل: عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «أكثِروا الصلاةَ عليّ، فإنّ الصلاةَ عليّ نورٌ في القبر، ونورٌ على الصراط، ونورٌ في الجنّة»[13].

5ـ الصلة الوثيقة به (صلّى الله عليه وآله): قال (صلّى الله عليه وآله): «أولى الناس بي يوم القيامة، أكثرُهم عليّ صلاةً في دار الدنيا»[14].

6ـ نماء العمل وثقل الميزان: عن الإمام الصادق (عليه السلام): «قال (صلّى الله عليه وآله): صلاتكم عليّ إجابةٌ لدعائكم، وزكاةٌ لأعمالكم»[15].

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أيضاً، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام): «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): أنا عند الميزان يوم القيامة، فمَن ثَقُلَت سيّئاتُه على حسناته، جئتُ بالصلاة عليّ حتّى أُثقِلَ بها حسناتِه»[16].

7ـ أفضل الذكر: عن عبد السلام بن نعيم، قال: قلتُ لأبي عبد الله (عليه السلام): إنّي دخلتُ البيت، ولم يحضرني شيءٌ من الدعاء إلّا الصلاة على محمّد وآل محمّد، فقال: «أما إنّه لم يخرج أحدٌ بأفضل ممّا خرجتَ به»[17].

الصلاة ليلة الجمعةِ ويومها
لا شكّ ممّا سبق في أنّ الصلاةَ على النبيّ (صلّى الله عليه وآله) تُستحَبّ في كلّ زمان، وأنّ العددَ المطلوب الإتيان به منها محلُّ اجتهادِ العاملين، إلّا أنّ الروايات جعلت لبعض الأيّام ميزةً وفضلاً على غيرها في تضاعف الأجر والثواب، ومنها هذه الأيّام الشعبانيّة المباركة كما ذكرنا، وأيضاً ليلة الجمعة ويومها.

عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّ لله تعالى كرائمَ في عباده، خصّهم بها كلّ ليلة جمعة ويوم جمعة، فأكثِروا فيها من التهليل والتسبيح والثناء على الله عزّ وجلّ والصلاة على النبيّ (صلّى الله عليه وآله)»[18].

وعنه (عليه السلام) أيضاً: «الصدقة ليلة الجمعة ويومها بألف، والصلاة على محمّد وآله ليلة الجمعة بألف من الحسنات، ويحطّ الله فيها ألفاً من السيّئات، ويرفع فيها ألفاً من الدرجات، وإنّ المصلّي على النبيّ وآله في ليلة الجمعة يزهر نورُه في السماوات إلى يوم الساعة، وإنّ ملائكةَ الله عزّ وجلّ في السماوات ليستغفرون له، ويستغفر له الملك الموكَل بقبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى أن تقومَ الساعة»[19].

وعنه (عليه السلام) أيضاً: «إذا كانت عشيّة الخميس، وليلة الجمعة، نزلت ملائكةٌ من السماء، معها أقلامُ الذهب، وصحفُ الفضّة، لا يكتبون إلّا الصلاةَ على النبيّ وآله، إلى أن تغيبَ الشمسُ من يوم الجمعة»[20].


[1] سورة الأحزاب، الآية 56.
[2] الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال، ص63.
[3] الأشعريّ القمّيّ، النوادر، ص17.
[4] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج94، ص78.
[5] الشيخ عبّاس القمّيّ، مفاتيح الجنان، ص260.
[6] الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال، ص156.
[7] البرقيّ، المحاسن، ج2، 328.
[8] راجع: الشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ، الأمثل في تفسير كتاب الله المُنزَل، ج13، ص341.
[9] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج17، ص19.
[10] الشيخ الصدوق، المقنع، ص297.
[11] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص493.
[12] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص131.
[13] الراونديّ، الدعوات (سلوة الحزين)، ص216.
[14] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج91، ص63.
[15] الشيخ الطوسيّ، الأمالي، ص215.
[16] الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال، 155.
[17] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص494.
[18] الشيخ المفيد، المقنعة، ص155.
[19] المصدر نفسه، ص156.
[20] المصدر نفسه.

15-02-2024 | 13-45 د | 1900 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net