الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
البصيرةمراقباتوَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ

العدد 1635 21 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 25 أيلول 2024 م

أثر التوحيد في مواجهة البلاء - السيدة زينب (عليها السلام) نموذجاً-

العدد 1634 14 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 18 أيلول 2024 م

طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّه

المصلحة الإلزاميّة للأمّة هي في الوحدة الإسلاميّة مراقباتاِلزَم أربعةَ مُنجِياتسفرُ الوصولِ الى اللهمراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1634 14 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 18 أيلول 2024 م

طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّه

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وأعزّ المرسلين، سيّدنا محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

إلى مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، وإلى نائبه وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وإلى مراجعنا وقادتنا العظام، نرفع أسمى آيات التهنئة والتبريك، بذكرى الولادة المبارك للرسول الأعظم محمّد (صلّى الله عليه وآله)، وحفيده الإمام جعفر الصادق (عليه السلام).

 
عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، يصف رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، يقول: «طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّه، قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَه، وأَحْمَى مَوَاسِمَه، يَضَعُ ذَلِكَ حَيْثُ الْحَاجَةُ إِلَيْه، مِنْ قُلُوبٍ عُمْيٍ وآذَانٍ صُمٍّ وأَلْسِنَةٍ بُكْمٍ، مُتَتَبِّعٌ بِدَوَائِه مَوَاضِعَ الْغَفْلَةِ ومَوَاطِنَ الْحَيْرَةِ»[1].

هكذا كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، طبيباً لا كالأطبّاء، طبيباً للعقول والقلوب والأرواح، طبيباً لا ينتظر مرضاه ليأتوا إليه، بل يبحث عنهم ويذهب إليهم. ومرضاه مرضى الجهل ورذائل الأخلاق، أولو القلوب العمي والآذان الصمّ والألسنة البكم، وقد وقف نفسه لعلاجهم بعلومه وحكمه ومواعظه ومكارم الأخلاق؛ إذ يفتح أبصارهم لترى أنوار الهداية، ويُعِدّ أسماعهم لتقبل المواعظ والنصائح، ويُصلِح ألسنتهم لتتكلّم بالحقّ وتنطق بالصدق.

إنّ في ولادة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ولادة الإنسانيّة، وولادة الأمّة التي أرسى فيها نظاماً رائداً على مختلف المستويات، نظاماً غايته الله ومحوره الإنسان. وفي مدّة وجيزة من عمر الزمن، استطاع (صلّى الله عليه وآله) أن يؤسّس لبناء الإنسان والإنسانيّة، بناء الروح والعقل، أن يرسي نظاماً على رفات الفوضى، نظاماً يبدأ ببناء المسجد والمؤاخاة وصحيفة المدينة.

أمّا بناء المسجد، فيعني بناء العقيدة الصحيحة، يعني العلاقة بالله وحده، قال تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾[2].

 وأمّا المؤاخاة فتعني تلبية حاجة الإنسان إلى الأمن الاجتماعيّ، تعني إلغاء الفوارق الطبقيّة بين الناس.

 وأمّا صحيفة المدينة، فوثيقة دستوريّة تعني القانون الذي يرسم الحقوق والواجبات، وينظّم العلاقات.

 وحدة الأمّة
 نعم، لقد أرسى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) نظاماً راسخاً، وبنى الأمّة، وعمل على تحصينها، بل عدّها جسداً واحداً، فقال: «مَثَل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد، إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى والسهر»[3].

وإنّ من التعاليم القرآنيّة الأساسيّة السعي إلى الوحدة، والحذر من الفرقة، قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾[4]، وقد ذمّ الفرقة، وخاطب النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾[5].

بين الوحدة والعصبيّة
وإنّ فوائد الوحدة والاتّحاد، ومضارّ التفرّق والتمزّق، أشبه بالبديهيّات، وقد تكلّم القرآن الكريم على هذين المبدأين في العديد من الآيات الكريمة، قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾[6]، وقال أيضاً: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾[7].

وفي المقابل، ذمّ التعصّب والعصبيّة العمياء، وحذّر من الأضرار والخسائر الكثيرة المترتّبة عليها، فقد واجه الأنبياء والرسل بسببها مشاكل كثيرة في طريق الهداية، وسُفِكت بسببها الكثير من الدماء، عن الإمام الصادق (عليه السلام): «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): مَن كان في قلبه حبّة من خردلٍ من عصبيّة، بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهليّة»[8].

الوحدة الإسلاميّة مسؤوليّتنا جميعاً
وعليه، ينبغي للمسلمين العمل على خدمة هذا الهدف، وإيجاد روح الأخوّة، والحذر من الوقوع في الأعمال الموجبة للتفرقة والاختلاف.

يقول الإمام الخمينيّ (قُدِّس سرّه)، الذي جعل ما بين الثاني عشر من ربيع الأوّل والسابع عشر منه، أسبوعاً للوحدة بين المسلمين: «إنّنا اليوم مكلَّفون -أيّاً كان الزيّ الذي نرتديه أو العمل الذي نمارسه- بتجنّب اختلاف الكلمة، والحرص على الوحدة الإسلاميّة التي يُوصي بها الكتاب والسنّة على الدوام، وأن نجعل كلمة الحقّ هي العليا وكلمة الباطل هي السفلى.

ففي هذا الظرف الحسّاس، حيث يتهدّد بلدنا وإسلامنا العزيز خطرٌ عظيم، تقع على عاتق جميع الفئات والأفراد مسؤوليّة خطيرة وجسيمة. وإنّ أيّ ضعف أو تراخٍ في الوقت الحاضر، وأيّ اختلاف وتشتّت في الصفوف، هو بمثابة انتحار وإهدار لدماء أبناء الإسلام»[9].

وقد أكّدت الإسلام هذا التكليف وهذه المسؤوليّة، فجعل كلّ مسلم مسؤولاً في بيئته الاجتماعيّة، يمارس دوره الاجتماعّي من موقعه، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «كلّكم راعٍ، وكلّكم مسؤول عن رعيّته»[10]، كما دعا (صلّى الله عليه وآله) إلى الاهتمام بأمور المسلمين ومشاركتهم في آمالهم وآلامهم، عن الإمام الصادق (عليه السلام): «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): مَن أصبح لا يهتم بأُمور المسلمين، فليس بمسلم»[11].

واجبات المجتمع الوحدويّ
لقد أكدّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) ضرورة التآزر والتعاون والتواصل، ليكون الود والوئام والسلام حاكماً في العلاقات الاجتماعيّة، ويبرز ذلك في العديد من الروايات، منها:
1. المداراة والرفق: عن الإمام الصادق (عليه السلام): «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): مداراة الناس نصف الإيمان، والرفق بهم نصف العيش»[12].
2. إدخال السرور على المؤمنين: عن الإمام الصادق، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين (صلوات الله عليهم)، قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): إنّ أحبّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ إدخال السرور على المؤمنين»[13].
3. صدق الحديث وأداء الأمانة: قال (صلّى الله عليه وآله): «أقربكم منّي غداً في الموقف أصدقكم للحديث، وآداكم للأمانة، وأوفاكم بالعهد، وأحسنكم خلقاً، وأقربكم من الناس»[14].
4. عدم إشاعة الفاحشة: قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾[15].
5. النهي عن الغيبة والنميمة: عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «إيّاكم والغيبة! فإنّ الغيبة أشدّ من الزنا؛ إنّ الرجل قد يزني فيتوب، فيتوب الله عليه، وإنّ صاحب الغيبة لا يُغفَر له حتّى يغفر له صاحبها»[16]. وعنه (صلّى الله عليه وآله): «لا يدخل الجنّة نمّام»[17].
6. عدم الخضوع للشيطان: إذ إنّ الشيطان يريد إيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء﴾[18]، وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «لا يزالُ إبليس فرحاً ما اهتجر المُسلمانِ، فإذا التقيا اصطكّت رُكبتاهُ، وتَخلّعت أوصاله، ونادى يا ويله ما لقي من الثُّبور»[19].
7. إصلاح ذات البين: قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[20]، وقد أولت الروايات إصلاحَ ذات البين أهمّيّة بالغة، ونهَت عن التهاجر أكثر من ثلاثة أيام، عن الإمام الصادق (عليه السلام): «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): لا هجرة فوق ثلاث»[21].

التناصر أعظم الواجبات
وإنّ من أعظم الواجبات في حياة الأمّة التناصر؛ إذ بدونه يصبح المجتمع الإسلاميّ مكشوفاً أمام أعدائه، مُعَرَّضاً للهزيمة. وتكون النصرة بتقديم العون للمسلم متى احتاج إليه، ودفع الظلم عنه، تحقيقاً لقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الذي كان يشحذ همم المسلمين، ويحثّهم على نصرة المظلوم، مبيّناً أنّ الجزاءَ سيكون من جنس العمل: «ما مِن أحدٍ يخذل مسلماً في موطنٍ يُنتقَص فيه من عرضه، ويُنتهَك فيه من حُرمته، إلّا خذله الله في موطنٍ يحبّ فيه نصرته، وما من امرئٍ ينصر مسلماً في موطنٍ يُنتقَص فيه من عرضه، ويُنتهَك فيه من حرمته، إلّا نصره الله في موطنٍ يحبّ فيه نصرته»[22].


 [1]السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص156، الخطبة 108.
[2] سورة الجنّ، الآية 18.
[3] الفيض الكاشانيّ، المحجّة البيضاء، ج3، ص357.
[4] سورة آل عمران، الآية 103.
[5] سورة الأنعام، الآية 159.
[6] سورة آل عمران، الآية 103.
[7] سورة الأنفال، الآية 46.
[8] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص308.
[9] صحيفة الإمام (قُدِّس سرُّه)، ج‏4، ص214.
[10] الأحسائيّ، عوالي اللئالي، ج1، ص129.
[11] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص163.
[12] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص117.
[13] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص189.
[14] ابن شعبة الحرّانيّ، تحف العقول عن آل الرسول (صلّى الله عليه وآله)، ص32.
[15] سورة النور، الآية 19.
[16] الأحسائيّ، عوالي اللئالي، ج1، ص275.
[17] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج72، ص268.
[18] سورة المائدة، الآية 91.
[19] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص346.
[20] سورة الحجرات، الآية 10.
[21] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص344.
[22] البيهقيّ، السنن الكبرى، ج8، ص167.

19-09-2024 | 12-25 د | 275 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net