الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1656 19 شعبان 1446 هـ - الموافق 18 شباط 2025م

لا تهجروا المساجد

الوصية بالصبرمراقباتالشهادةُ عِزٌّ أبديٌّالوحدة تعني التأكيد على المشتركاتوَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَمراقبات

العدد 1636 28 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 02 تشرين الأول 2024 م

والْجِهَادَ عِزّاً لِلإِسْلَامِ

البصيرةمراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1655 12 شعبان 1446 هـ - الموافق 11 شباط 2025م

أبشِروا بالمهديّ

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

إلى مولانا وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وشهيد الأمّة الأسمى سماحة السيّد حسن نصر الله (رضوان الله عليه)، ومراجعنا وقادتنا العِظام، والأمّة الإسلاميّة جمعاء، نرفع أسمى آيات التهنئة والتبريك، بذكرى الولادة المباركة والميمونة لصاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء) في الخامس عشر من شهر شعبان، سنة 255 للهجرة، سائلين المولى أن يعجّل فرجه الشريف، وأن يجعلنا من أنصاره وأعوانه، وأن يكرمنا بالشهادة بين يديه.

كما نرفع أسمى آيات العزاء بذكرى شهادة شيخ شهداء المقاومة الإسلاميّة الشيخ راغب حرب، وسيّد شهدائها السيّد عبّاس الموسويّ (رضوان الله عليهما)، في السادس عشر من شباط.

جاء في دعاء العهد المرويّ عن الإمام الصادق (عليه السلام)، ليكون بيعةً متجدّدةً في صبيحة كلّ يوم: «اللّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبيحةِ يَوْمِي هذا، وَما عِشْتُ مِنْ أيّامِي، عَهْدًا وَعَقْدًا وَبَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي، لا أَحُولُ عَنْها وَلا أَزُولُ أَبَدًا»[1].

إنّ الحديث عن صاحب الزمان (عليه السلام)، هو حديث عن الأمل الموعود، هو كلامٌ على المخلِّص الذي طال انتظاره، وعلى الراعي الذي سيعيد للأمّة هيبتها، ويحقّق العدالة في الأرض.

إنَّ فكرة المهدويّة والاعتقاد بالإمام المهديّ (عليه السلام)، جزء أساس من العقيدة الشيعيّة الإماميّة الاثني عشريّة، والتي تنبع من إيمان عميق بالولاية الإلهيّة المتمثّلة في الأئمّة الاثني عشر من أهل بيت النبيّ (صلّى الله عليه وآله).

وقد ورد أنّ الله تعالى أوحى إلى رسوله الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ليلة أُسري به: «يا محمّد، أتحبّ أن تراهم -ويقصد بذلك الأئمّة من بعده (صلّى الله عليه وآله)-؟ قلتُ: نعم، قال: تقدَّم أمامك، فتقدّمت أمامي، وإذا عليُّ بن أبي طالب والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وعليّ بن محمّد والحسن بن عليّ والحجّة القائم كأنّه كوكب دريّ في وسطهم، فقلت: يا ربِّ مَن هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الأئمّة، وهذا القائم، يُحِلُّ حلالِي ويُحرِّم حرامي، وينتقم من أعدائي. يا محمّد، أحببه، فإنّي أحبُّه وأُحبُّ مَن يحبّه»[2].

مفهوم البيعة
وليست البيعة للإمام المهديّ (عليه السلام) مجرّد عقد طاعة، بل هي عهد بين المؤمنين وإمامهم المنتظَر، وذلك من خلال الإيمان بوجوده في الغيبة الكبرى، وانتظار ظهوره الشريف.

وعندما نتكلّم على البيعة لصاحب الزمان، فإنّنا نعني بذلك الإقرار بالولاية والسلطة الشرعيّة للإمام المهديّ (عليه السلام) على الأمّة الإسلاميّة. وهذا الإقرار ليس مجرّد فكرة نظريّة، بل هو التزام عمليّ، يظهر في استعدادنا الكامل للانقياد لطريق الحقّ، وطاعة الإمام المهديّ (عجلّ الله تعالى فرجه). البيعة له (عليه السلام) تعني أنّنا نؤمن بأنّه القائد الذي يملأ الأرض قسطًا وعدلًا، بعد أن مُلئت ظلمًا وجورًا، وأنّ انتظار ظهوره الشريف هو عمليّة تربويّة ودعوة صريحة لنا جميعًا لكي نتطلّع إلى يوم العدل والإصلاح الذي سيأتي على يده المباركة؛ إذ إنّه (عليه السلام) المخلِّص الذي وعدنا به رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وهو الأمل الذي يعيد للأمّة عزّتها وكرامتها.

يتكلّم الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) على مفهوم البيعة للإمام المهديّ (عليه السلام) وارتباطها بالأمل الموعود، فيبيّن أنّها لا تقتصر على مجرّد انتظار الظهور، بل هي عمليّة مستمرّة من الالتزام بالقيم التي يمثّلها الإمام المهديّ (عليه السلام)، كالعدالة والمساواة، والعمل من أجل إرساء هذه المبادئ في الواقع، يقول (دام ظلّه): «الاعتقاد بإمام الزمان ليس بمعنى القعود والانزواء. واليوم، إذا كنّا نرى انتشار الظلم والجور والتمييز والنفاق والتزوير وانعدام الصدق والعدالة في بقاعٍ من هذا العالم؛ فإنّ هذه هي الأمور التي سيأتي صاحب العصر والزمان لمواجهتها ومحاربتها. فإذا كنّا نعدّ أنفسنا جنودًا لإمام الزمان (عجّل الله تعالى فرجه)، فيجب علينا أن نعدّ أنفسنا لمواجهة كلّ ذلك»[3].

الأمل الموعود
منذ فجر التاريخ البشريّ، ثمّة خطّان؛ خطّ الهداية والخير، وخطّ الضلالة والشرّ. أمّا الخطّ الأوّل، فهو الذي تجسّد بحركة الأنبياء والأولياء والمرسلين، الذين بذلوا قصارى جهدهم ليأخذوا البشريّة إلى ما فيه صلاح دينها ودنياها وآخرتها؛ أمّا الخطّ الثاني، فهو خطّ أعوان الشيطان، من المستبدّين والمستكبرين والطغاة، الذي طغَوا وتجبّروا على الناس، فجعلوهم عبيدًا لهم طوال أزمنة طويلة، إلى أن جاء الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ليختم حركة الأنبياء والرسل برسالة خاتمة أرادها الله تعالى أن تكون الصراط الذي ينبغي للبشريّة السير عليها.

ولأنّ الله لا يرضى بالظلم، فقد وعد المستضعفين بالنصر، والمؤمنين به بالتمكين في الأرض، فلا يصيبهم بهذا الوعد اليأس والإحباط، ولا التخاذل والخنوع أمام المتجبّرين، وأنّ لهم قائدًا سيخرج بإذنه تعالى ليملأ الأرض قسطًا وعدلًا، كما مُلئت ظلمًا وجورًا، فقال سبحانه: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾[4]، وقال أيضًا: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾[5].

من هنا، فإنّ عقيدة المهدويّة تزرع الأمل في قلوب المستضعفين، بأنّ لهم مَن سيأتي، ليرفع يد الظالمين والمستبدّين عنهم، ويحلّ العدل والأمن والسلام في العالم كلّه.

إنّ الإمام المهديّ (عليه السلام) هو رمز هذا الأمل، للمسلمين عامّة، وللشيعة خاصّة. وفي كلّ مرحلة من مراحل التاريخ، كانت تمرّ الأمّة الإسلاميّة فيها بظروف صعبة، ويشتدّ الظلم والقهر، وتزيد فيها الفتن، ولكنّ الأمل يبقى ثابتًا في قلوب المؤمنين، الأمل بظهور المهديّ الذي سيُنهي هذا الظلم ويقيم دولة العدل والحقّ.

إنّ انتظار الإمام المهدي (عليه السلام) هو انتظار لحظة تغيّر حقيقيّ في مسار الأمّة، عن رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله): «أبشِروا بالمهديّ، فإنّه يأتي في آخر الزمان على شدّة وزلازل، يَسَعُ الله له الأرض عدلًا وقسطًا»[6].

والاعتقاد بالإمام المهديّ وغيبته وظهوره، إنّما يرتبط بالاعتقاد الراسخ بوجود العلاقة والارتباط بين السماء والأرض، بين الله تعالى وعباده، وأنّه سبحانه لا يترك الأرض من دون حجّة له فيها، وهذا ما أشارت إليه الروايات، كما عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «اللَّهُمَّ بَلَى، لَا تَخْلُو الأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّه بِحُجَّةٍ؛ إِمَّا ظَاهِرًا مَشْهُورًا، وإِمَّا خَائِفًا مَغْمُورًا؛ لِئَلَّا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّه وبَيِّنَاتُه»[7].

العلاقة مع الإمام المهديّ (عليه السلام)
يُمثّل الارتباط بالإمام الحجّة (عجّل الله فرجه) -كما ذكرنا- عنوانَ الأمل في حياة المسلمين، بصفته خاتم الوصيِّين الّذي ترتبط قضيّتُه ارتباطًا وثيقًا بمستقبل الإنسان وحاضره، ولبناء العلاقة مع الإمام (عجّل الله فرجه) ينبغي الالتفاتُ إلى أمور، أهمّها:

1. المعرفة الحقيقيّة: والمراد بها سلامة الاعتقاد والإيمان به (عليه السلام)، لا مجرّد المعرفة التاريخيّة فحسب، عن الإمام الباقر (عليه السلام): «مَن مات وليس له إمام، فميتتُه ميتةٌ جاهليّة، ومَن مات وهو عارفٌ لإمامه، لم يضرُّه، تقدَّمَ هذا الأمرُ أو تأخَّر، ومَن مات وهو عارفٌ لإمامه، كان كمَن هو مع القائمِ في فسطاطِه»[8].

2. الانتظار الحقيقيّ: الذي يعني الوعيَ واليقظة، يعني التحرّكَ والعمل، بل عُدَّ انتظارُ الفرج في الروايات من أفضل الأعمال، بل أحبّ الأعمال إلى الله تعالى، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): «انتظروا الفرج، ولا تيأسوا من روح الله؛ فإنّ أحبَّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ انتظارُ الفرج، ما دام عليه العبد المؤمن»[9].

3. البيعة للإمام (عليه السلام): وتعني الاعتقادَ بولايته والتسليمَ بها، وأنّها ولايةُ اللهِ ورسولِه، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): «مَن مات وليس في رقَبتِه بيعة لإمام، مات ميتة جاهليّة، ولا يُعذَر الناسُ حتّى يعرفوا إمامَهم»[10].

4. الارتباط الروحيّ والعاطفيّ بالإمام: يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه): «إنّ هذا الإنسانَ الّذي اصطفاه الله، موجودٌ اليوم، ويجب أن نقوّيَ علاقتَنا به من الناحية الشخصيّة والقلبيّة والروحيّة، مضافًا إلى الجانب الاجتماعيّ والسياسيّ... فليجعلْ كلُّ واحدٍ من أبناء مجتمعنا توسّلَه بوليّ العصر وارتباطَه به، ومناجاتَه معه، وسلامَه عليه، وتوجّهَه إليه، تكليفًا وفريضةً، وليدعو له كما لدينا في الروايات، وهو الدعاء المعروف «اللهمّ كُن لوليِّك»[11]، الّذي يُعَدّ من الأدعية الكثيرة الموجودة، وتوجد زياراتٌ في الكتب، هي جميعًا مضافًا إلى وجود البعد الفكريّ والوعي والمعرفة فيها، يوجد فيها أيضًا بعدٌ روحيّ وقلبيّ وعاطفيّ وشعوريّ، وهو ما نحتاج إليه أيضًا. إنّ أطفالَنا وشبابَنا ومجاهدينا في الجبهة يحصلون على الروحيّة والمعنويّات بالتوجّه والتوسّل بإمام الزمان، ويفرحون ويتفاءلون. وببكاء الشوق ودموعِه المنهمرة يُقرّبون قلوبَهم إليه»[12].

أيّها المؤمنون، إنّ البيعة للإمام المهديّ (عليه السلام) هي تجديد العهد مع الله، وهي التزامنا بأن نكون من أنصاره وأعوانه عندما يظهر. وفي انتظارنا له، يجب أن نعيش مع قيم العدل، والمساواة، والإحسان، والرحمة، كما أراد الله ورسوله. في كل يوم، نعيش أملًا متجدّدًا، ونسعى لتحقيق قيم الدين الحنيف في حياتنا اليوميّة، على أمل أن يكون يوم الظهور المبارك يومًا نشهده جميعًا، ونرى فيه النصر الإلهيّ والعدالة تتحقّق في أرجاء العالم.


[1] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج83، ص285.
[2] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج36، ص222.
[3] من كلمةٍ للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 30/07/1381هـ.ش.
[4] سورة القصص، الآية 5.
[5] سورة الأنبياء، الآية 105.
[6] الطبريّ، دلائل الإمامة، ص467.
[7] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص497، الحكمة 147.
[8] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص371.
[9] الشيخ الصدوق، الخصال، ص616.
[10] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج27، ص126.
[11] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج4، ص162.
[12] الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، إنسان بعمر 250 سنة، ص387.

11-02-2025 | 20-51 د | 231 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net