الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1693 14 جمادى الأولى 1447هـ - الموافق 05 تشرين الثاني 2025م

الزهراء (عليها السلام) في مرآة الآيات والروايات

فاطمةُ (عليها السلام) نورُ العبادةحفظ دماء الشهداء مراقبات

العدد 1692 07 جمادى الأولى 1447هـ - الموافق 29 تشرين الأول 2025م

علاج القلق ذكر الله

السيّدةُ زينبُ (عليها السلام) عظمةٌ في الصبرِ وريادةٌ في النصرِكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء الأبطال والحائزين الميداليات في مجال الرياضة والأولمبيادات العلميّة العالميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء القائمين على المؤتمر الدولي لإحياء ذكرى الميرزا النائينيالحضور في ميدان المجاهدة مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1693 14 جمادى الأولى 1447هـ - الموافق 05 تشرين الثاني 2025م

الزهراء (عليها السلام) في مرآة الآيات والروايات

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وأعزّ المرسلين، سيّدنا محمّد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

إلى مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، وإلى نائبه وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وإلى شهيدنا الأقدس سماحة السيّد حسن نصر الله (رضوان الله تعالى عليه)، وإلى مراجعنا وقادتنا العظام، وإلى الأمّة الإسلاميّة جمعاء، نرفع أسمى آيات العزاء بذكرى شهادة سيّدة نساء العالمين السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وبدء الأيّام الفاطميّة بين الثالث عشر من جمادى الأولى والثالث من جمادى الآخرة.

إنّ الكلام على سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام)، ليس كلاماً على امرأةٍ عاشت في التاريخ فحسب، بل على آيةٍ عظيمةٍ من آيات الله في خلقه، جسّدت العفّة والطهارة والكمال والعلم والعبوديّة بأسمى صورها؛ إذ إنّها كانت مظهر الإنسان الكامل الذي أراده الله خليفةً في أرضه، فهي ابنة النبوّة، وأمّ الإمامة، وزوج الولاية، ومعدن العصمة.

إنّ كلامنا حول هذه الآية العظيمة في أيّام شهادتها، إنّما هو استحضارٌ لنورٍ يضيء دربنا اليوم كما أضاء طريق الحقّ بالأمس. ومن هنا، نطلّ عليها في هذه الموعظة من خلال مرايا القرآن الكريم والروايات الشريفة، لنرى في كلّ آيةٍ وجهاً من وجوهها المشرقة، وفي كلّ حديثٍ سرّاً من أسرار عظمتها.

طهارتها وعصمتها
قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾[1].

ترسم لنا هذه الآية الإطار الإلهيّ لشخصيّة السيّدة الزهراء (عليها السلام)، فهي تجسيدٌ لهذه الإرادة الإلهيّة الخالدة؛ إذ شاء الله أن تكون الطهارة حقيقةً مجسّدة في وجودها الشريف.

ويُروى عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه كان جالساً ذات يوم، وعنده عليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فقال: «اللهمّ، إنّك تعلم أنّ هؤلاء أهل بيتي، وأكرم الناس عليّ؛ فأحبِب مَن أحبّهم، وأبغِض مَن أبغضهم، ووالِ مَن والاهم، وعادِ مَن عاداهم، وأعِن مَن أعانهم، واجعلهم مُطهَّرين من كلِّ رجس، معصومين من كلِّ ذنب، وأيّدهم بروح القدس»[2].

فطهارتها (عليها السلام) ليست وصفاً بشريّاً، بل هي سرٌّ من أسرار الاصطفاء الإلهيّ، ومنبع النقاء الذي يفيض على العالمين.

كمالها وإيمانها
قال اللهُ تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[3].

إنّ العبوديّة لله عزّ وجلّ هي القمّة التي يتسلّقها السالكون في طريق الكمال، وهي الغاية التي خُلِق الإنسان لأجلها. فمَن عرف نفسه عرف ربّه، ومَن عرف ربّه علم أنّ الكرامة الحقيقيّة ليست في الجاه ولا المال، بل في الانقياد التامّ لله جلّ جلاله.

وفي هذا الأفق المشرق تتجلّى الزهراء (عليها السلام) مثالاً للإنسان الكامل، الذي تماهى مع إرادة الله، فكانت الصدّيقة الكبرى التي وحّدت القول والعمل، والمعتقد والسلوك.

قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «لم يكمل من النساء إلّا أربع: آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد (صلّى الله عليه وآله)»[4].

وفي بيانٍ دقيقٍ لمعناها يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه): «فاطمة الزهراء (عليها السلام) هي في الظاهر بصورة بشر، وامرأة، وامرأة شابّة أيضاً، ولكنّها في المعنى هي حقيقةٌ عظيمة ونورٌ إلهيٌّ ساطع وعبدٌ صالح وإنسانٌ مميّز ومصطفى... هي التي إذا وقفت في محراب العبادة، فإنّ آلاف الملائكة المقرّبين لله يُخاطبونها، ويُسلّمون عليها، ويُهنّئونها، ويقولون لها ما كانوا يقولون في السابق لمريم الطاهرة (عليها السلام): «يا فاطمة، إنّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين»[5]، هذا هو المقام المعنويّ لفاطمة الزهراء (عليها السلام)»[6].

فكمالها إذاً هو انعكاسٌ لعبوديّتها الخالصة، ولبصيرتها التي رأت في رضا الله كلّ الرضا.

علمها ونورها
قال تعالى: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾[7].

لقد آتاها الله الحكمة وأفاض عليها علماً لدنّيّاً لا يبلغه إدراك الخلق، يقول الإمام الباقر (عليه السلام): «والله، لقد فطمها اللهُ بالعلم»[8]، وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّما سُمّيت فاطمة؛ لأنّ الخلق فُطِموا عن معرفتها»[9].

فهي منبع المعرفة الإلهيّة، ومشكاة النور الذي يستمدّ منه أهل البيت (عليهم السلام) فيوضاتهم، وفي هذا المعنى يقول الإمام الخمينيّ (قدّس سرّه): «إنّ مقامَ هؤلاء الأولياء أسمى وأرفع من أن تنالَ آمالُ أهلِ المعرفة أطرافَ كبرياءِ جلالهم وجمالهم، وأن تبلغَ خطواتُ معرفةِ أهلِ القلوبِ ذروةَ كمالهم»[10].

منزلتها عند النبيّ (صلّى الله عليه وآله)
قال الله تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾[11].

ومن رحمته وحرصه على المؤمنين، أنّه أظهر للناس مقام فاطمة (عليها السلام)، لتكون قدوةً للمرأة المؤمنة في كلّ زمان. يُروى أنّه (صلّى الله عليه وآله) كان إذا دخلت عليه فاطمة قام إليها، ورحّب بها، وقبّل يديها، وأجلسها في مجلسه[12]، وإذا قدم من سفرٍ بدأ بها[13].

ويُعلّق الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) على هذا السلوك الشريف قائلاً: «إنّ تقبيلَ يد فاطمة الزهراء (عليها السلام) من قِبل النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، لا ينبغي أن يُؤخَذ أبداً على معنىً عاطفيّ؛ فإنّ هذا أمرٌ خاطئٌ جدّاً، فهل يُمكن لشخصيّةٍ بمثل هذه العظمة، وبمثل تلك العدالة والحكمة... أن ينحني ليُقبّل يد ابنته؟ كلّا، إنّه يحكي عن أنّ هذه الفتاة وهذه المرأة بلغت أوج الملكوت الإنسانيّ وشخصاً استثنائيّاً»[14].

كفؤها في الولاية
قال الله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾[15].

وفي هذا النور الإلهيّ، شاء الله أن يكون كفؤ الزهراء (عليها السلام) في الولاية هو عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): «لولا أنّ الله تبارك وتعالى خلق أمير المؤمنين (عليه السلام) لفاطمة، ما كان لها كفؤٌ على ظهر الأرض، من آدم ومن دونه»[16].

إنّ هذا الاقتران المبارك بين عليٍّ وفاطمة (عليهما السلام) هو التقاء الولاية بالولاية، والنور بالنور، ليكون من نورهما الامتداد الطاهر للإمامة، حفظاً لخطّ الرسالة، وبقاءً لدين الله في الأرض.

الزهراء (عليها السلام) ومقامُ الشهادة
أيّها المؤمنون، ونحن على مقربةٍ من يوم الشهيد، نستحضر السيّدة الزهراء (عليها السلام) بوصفها الأصل الذي تنحدر منه كلّ حركة تضحيةٍ وفداءٍ في الإسلام. فقد عاشت (عليها السلام) روحَ الشهادة منذ لحظة معرفتها بالحقّ، فدافعت عنه بالكلمة والموقف، وقدّمت ذاتها قرباناً في سبيل الله.

إنّ كلّ شهيدٍ في درب الحقّ إنّما يسير على نهجها، فهي أمّ الشهداء، ومعلّمة المجاهدين كيف تكون الكرامةُ أثمنَ من الحياة.

حين نُحيي يوم الشهيد، فإنّما نجدّد العهد مع فاطمة الزهراء (عليها السلام)، أن تبقى رايةُ العزّة مرفوعةً ما دامت هناك نفوس تحبّ الله وتطلب رضاه، وأن يكون شعارنا الدائمُ قوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾[17].

ختاماً
إنّ السيّدة الزهراء (عليها السلام) هي قدوة كلّ من أراد أن يرتقيَ في مدارج الإيمان والعمل، وهي المنارة التي تهدي السائرين في ظلمات الفتن، فكونوا من شيعتها في الصدق والإخلاص والعبادة، تنالوا شفاعتَها يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بنون.

اللهمّ، اجعلنا من المتمسّكين بولايتهم، والمستضيئين بنورهم، ووفّقنا لأن نكون شهداءَ الحقّ في زمننا هذا، واملأ قلوبنا نوراً من حبّ الزهراء (عليها السلام) وذرّيتها الأطهار (عليهم السلام).


[1] سورة الأحزاب، الآية 33.
[2] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص574.
[3] سورة الذاريات، الآية 56.
[4] الشيخ الطبرسيّ، مجمع البيان، ج10، ص66.
[5] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج43، ص24.
[6] الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، إنسان بعمر 250 سنة، ص145.
[7] سورة البقرة، الآية 269.
[8] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص460.
[9] فرات الكوفيّ، تفسير فرات الكوفيّ، ص581.
[10] الإمام الخمينيّ (قُدِّس سرّه)، الأربعون حديثاً، ص597.
[11] سورة التوبة، الآية 128.
[12] الشيخ الطوسيّ، الأمالي، ص400.
[13] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص305.
[14] الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، إنسان بعمر 250 سنة، ص143.
[15] سورة التوبة، الآية 71.
[16] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص461.
[17] سورة آل عمران، الآية 169.

05-11-2025 | 13-15 د | 19 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net