الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1644 23 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 26 تشرين الثاني 2024 م

ضياع القِيم في عصر الغَيبة

وللمظلوم عوناًالكلّ يحتاج إلى الصبر مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة
من نحن

 
 

 

التصنيفات

منبر المحراب- السنة العشرون- العدد:974- 30 صفر 1433هـ الموافق24 كانون الثاني 2012م
الهجرة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "بين هجرة الأجساد وهجرة النفوس"

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تحميل


محاور الموضوع ألرئيسة:
1- الهجرة النبوية حركة تغيير عظمى.
2- الهجرة لا تنقطع.
3- الهجرة هجرتان.
4- حذار الهجرة المعاكسة.

الهدف:
التعرّف على عظمة الهجرة النبويّة ومعاني الهجرة، والحثّ على الهجرة المعنوية، بالتوبة وإرادة التغير.

تصدير الموضوع:
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لَمَقامُ أحَدكم في الدنيا، يتكلّم بحقٍّ يَردُّ به باطلاً، أو ينصر به حقّاً، أفضلُ من هجرةٍ معي"1.

مقدمة:
إن المعنى اللغوي لكلمة هجرة لا يكاد يختلف عليه اثنان، فهي مفارقة شيء إلى شيء أو ما بهذا المعنى.

وقد أصبحت بعد الإسلام مستخدَمة في الأعمّ الأغلب، في حادثة خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين من مكة إلى المدينة التي تنوّرت بقدومه إليها مهاجراً بعدما عانى والمسلمين ما عانوه من ظلم واضطهاد.

- الهجرة النبوية حركة تغيير عظمى:
لقد كانت الهجرة النبويّة حركة بالأجساد من مكان إلى مكان، ولكنها أيضاً حركة في الزمان، كان ما قبلها وما بعدها سيكون غيره.

فهي مفارقة لأحوال تلابس المكان والزمان إلى ما يفتح الأمل على تغيّر الأحوال، فهي حركة تنفتح على امكان التغيير نحو الأفضل. ولذا كانت الهجرة لطيِّ مرحلة من الإضطهاد والتنكيل والصدِّ والتآمر، حيث عانى فيها الدين وأهلُه شتّى أنواع الظلم والملاحقة والتعذيب والتنكيل، هذا الطيُّ جاء ليكون مقدمة لبسط مرحلة أخرى يُراد أن تكون مرحلة تأسيسيّة ينتقل فيها المسلمون والإسلام من الحصار، وتضييق الخناق، إلى الحرية والإنعتاق، ويتمزق فيها جدار الجهل والجاهلية، وتحطّم قيود الذلّ إلى العزّ، وينتقل بها من البداوة إلى الحضارة...

فالهجرة خطوة خطتها أقدام هذه المجموعة الصغيرة، ولكنها كانت كأنها رائدة البشرية كل البشرية، نحو عصور جديدة من النور، بعد عصور الظلمات. فلقد كانت بهذا المعنى تخطيطاً إلهياً لصنع الإنسانية الجديدة.

ولإيجاد مأمنٍ للرسول صلى الله عليه وآله وسلم والدين والمتدينين، يمارسون فيه شعائر دينهم وينشرونه عقائد وشريعة ومفاهيم وقيماً، وكانت بذلك المدينة قاعدة جديدة للتحرك والإنطلاق، بعد أن كادت الدعوة تختنق بحصار المكيّين، وكانت كذلك لتكون نواة المجتمع المتديّن الذي يمارس حياته على ضوء دينه دون قيود. وكذلك لتصبح هذه المدينة مناراً يشعّ بالأخلاق الجديدة في أفق الصحراء.

وهذه المجموعة التي كانت تعيش الإضطهاد والتضييق، كان المطلوب منها أن توسّع من آفاقها وطموحاتها وبالتالي أحلامها... فكانت الهجرة توسيعاً لآفاق الثلّة المؤمنة الأولى، فقد وضعت الهجرة هذه الثلّة أمام مخاض استيلاد الإنسانية الجديدة، من رحمِ تلك الظروف، فجاءت لتفجّر طاقاتها الخلاّقة عِبرَ آلآم الجهاد والمواجهة، فأشرقت من أجواء المكابدات الجديدة كواكب مشرقة انعكست في مرآتها الكمالات الأخلاقية الفردية والاجتماعية.

وبعبارة موجزة لقد أشبهت تجربة الهجرة النبوية، تنوّر نوح عليه السلام الذي فاض بدل الماء نوراً أضاء العوالم والأزمنة. فالهجرة شحذت همّة المؤمنين، ليُقوّوا عزائمهم، ويوسِّعوا دوائر اهتماماتهم وآفاق رؤاهم، بما يجاوز الهمّ المعاش واللحظة والمكان.

الهجرة لا تنقطع:
قال تعالى: ﴿وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً2 فالآية تحضُّ المسلمين زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أن يهاجروا إلى مهجر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولو كلفتهم الهجرة الموت في الطريق إلى المقصد، وقد وَعَد الله الخارج مهاجراً إلى الله وإلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أجراً جعله عليه تعظيماً له، وصل المهاجر أم لم يصل. فالمهاجرة كما قال صاحب الميزان إلى الله ورسوله كناية عن المهاجرة أرض الإسلام...

لكنه قدس سره يعود ليقول: "... والآيات تجري بمضامينها على المسلمين في جميع الأوقات والأزمنة، وإن كان سبب نزولها حال المسلمين في جزيرة العرب في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين هجرته إلى المدينة وفتح مكة"3 وعليه فكل هجرة لمسلم يفرّ بها بدينه من الأمكنة التي لا تكون له فيها حرية ممارسة دينه وإقامة شعائره إلى ما له فيها تلك الحرية يصبح مشمولاً بالآية.

فعن الإمام علي عليه السلام: "الهجرة قائمة على حدّها الأول، ما كان لله في أهل الأرض حاجة من مُستسرِّ الأمة ومَعْلنها، لا يقع اسم الهجرة إلا بمعرفة الحجة في الأرض، فمن عرفها وأقرَّ بها فهو مهاجر..."4.

الهجرة هجرتان:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الهجرة هجرتان: إحداهما أن تهجر السيئات، والأخرى أن تهاجر إلى الله تعالى ورسوله، ولا تنقطع الهجرة ما تُقبِّلت التوبة"5 وبناءً على هذه الرواية فإن الهجرة هجرتان واحدة مادية، تكون بهجرة الأجساد لدار الكفر، حيث لا مساحة ولا حرّية للمعتقد، ولأداء السنن، ونشر الدعوة، إلى بلادٍ تُتاح فيها ممارسة الشعائر واقامة السنن وأداء الفرائض والتعلّم والتعليم.

وهناك هجرة معنوية وهي ما عبرت عنه الرواية بهجران السيئات، أي أن يهاجر الإنسان من ما هو عليه من الممارسات والأعمال القبيحة، والعادات السيئة، والأخلاق الذميمة إلى الأعمال الصالحة، والعادات الحسنة، والأخلاق الحميدة، وهذا النوع من الهجرة لا يمكن أن ينتهي.

طالما أن باب التوبة مفتوح وعليه، فالتوبة هي: هجرة إلى الله وتعني التماهي مع النموذج الإلهي للإنسان وهو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

وهناك روايات تدلّ على أنَّ بعض الناس قد يكون مهاجراً بالجسد، وليس مهاجراً حقيقة والعكس صحيح، منها ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: "ويقول الرجل هَاجرت ولم يُهاجر، إنما المهاجرون الذين يَهجرون السيئات ولم يأتوا بها"6 وإليك بعض الروايات المفيدة لهذا المعنى:
- عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أفضل الهجرة أن تهجر ما كره الله".7
- عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "أقمِ الصلاة، وأدِّ الزكاة، وأَهْجُر السوء، واسكُن من الأرض حيث شئتَ تكن مهاجراً".8
- وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "المهاجر من هجر الخطايا والذنوب".9
- وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "الهجرة هجرتان، هجرة الحاضر، وهجرة البادي، فهجرة البادي أن يجيب إذا دُعِي، ويطيع إذا أُمِرْ، وهجرة الحاضر، أعظمها بلية وأفضلها أجراً".10

حذار الهجرة المعاكسة:
لا بدَّ من الإلفات إلى أمر حاصل في هذا الزمن كان قد نبّه عليه الإسلام، وأسماه التعرّب بعد الهجرة، والذي مصداقه في هذا الزمن أن يهاجر الإنسان من وطنه الذي فيه الدين والتديّن والتعلّم الديني، إلى بلدٍ يُخاف عليه فيه من الكفر، أو قلّة الدين، حيث لا تَعلُّم ولا تَديُّن. كما قد يَحتجُّ البعض في هذا الزمن، بالضائقة الماليّة، التي تُوجب عليه السفر، لطلب الرزق وهذا وإن كان في حدِّ ذاتِهِ جائزاً. بل قد يكون مطلوباً، لكنَّ الحَذَر هو من الإنقطاع عن أجواء الدين والتديّن، والتثقّف الديني، مما يجعل الإنسان فريسةً للشُبهات والشهوات.

عن الإمام الرضا عليه السلام: "حرَّم الله التعرّب بعد الهجرة للرجوع عن الدين، وترك الموازرة للأنبياء، والحجج عليهم السلام وما في ذلك من الفساد، وإبطال حقّ كلّ ذي حقٍ لِعلة سكنى البدو، ولذلك لو عَرِف الرجل الدين كاملاً، لم يَجز له مساكنة أهل الجهل، والخوف عليه، لأنه لا يُؤمَن أن يقع منه ترك العلم، والدخول مع أهلِ التمادِي في ذلك".11


1- ميزان الحكمة، الريشهري، ج4، باب الهجرة.
2- سورة النساء، الآية: 100.
3- الميزان، ج5، ص53.
4- ميزان الحكمة، الريشهري، باب الهجرة، ج4.
5- المصدر نفسه.
6- تفسير الأمثل الشيرازي، ج3، ص417.
7- ميزان الحكمة، الريشهري، ج4، باب الهجرة.
8- المصدر نفسه.
9- المصدر نفسه.
10- نفسه.
11- ميزان الحكمة، الريشهري، ج4، باب الهجرة.

27-01-2012 | 04-47 د | 3931 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net