الهدف: أهميّة ضبط الإنفاق وبيان فوائده ومفاسد التبذير والهدر على المستوى الفرديّ والعامّ، وتوعية الناس على المراقبة الدائمة لسياسات صرف المال لا سيّما فيما يرتبط بالشأن العامّ.
تصدير الموضوع:
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾1.
المدخل
ترشيد الإنفاق من الأمور التي تحتاج إلى توعية دائمة للفرد والأسرة
والمتصدّين للشأن العام، لما يشكّل من ركيزة مهمّة على مستوى استقرار المجتمع واكتفائة واستغنائنه عن الآخرين من خلال دراسة الأولويّات والحاجات الضروريّة، واعتبرت الشريعة الإسراف صفةً للطغاة والجبابرة كما هو الحال الذي نراه عند الحكّام والأمراء والملوك في العالم. قال تعالى: ﴿وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾2.
محاور الموضوع:
موقف الشريعة من الإسراف وعدم الترشيد
حثّت الشريعة على ضرورة ضبط الإنفاق وترشيده حفظاً لمقدرات الأمّة من الضياع، وصوناً للمجتمع من الفقر والعوز، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إيّاكم في السرف في المال والنفقة، وعليكم بالإقتصاد، فما افتقر قوم قط اقتصدوا"3 .
وعن الإمام العسكري عليه السلام: "عليك بالإقتصاد، وإيّاك والإسراف، فإنّه من فعل الشيطنة"4.
مجالات ترشيد الإستهلاك
1- ترشيد الإنفاق عل المستوى الفرديّ: كصرف المال في الملاهي والأمور العبثيّة وتمضية الوقت بلا طائل، كالسهرات الفارغة والرحلات غير الموجّهة دون التفكير في تدبير المستقبل من قضايا الزواج والأسرة وطلب العلم.
2- ترشيد الإنفاق على مستوى الأسرة: ويتجلّى في الترشيد في الملبس، كما جاء في صفات المتقين عن أمير المؤمنين عليه السلام: "ملبسهم الإقتصاد "5 والمأكل، قال تعالى: ﴿كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين﴾6.
وحاجات الأثاث والمقتنيات الضروريّة للمنزل، فعن الإمام الصادق عليه السلام: للمسرف ثلاث علامات: يشتري ما ليس له، ويلبس ما ليس له، ويأكل ما ليس له 7.
ووضع سياسة تتوازن بين الراتب وموارد الصرف وفي الإنتباه للمسائل الصحيّة والعلميّة، فقد ورد عن الإمام علي عليه السلام: "حسن التدبير مع الكفاف أكفى لك من الكثير مع الإسراف"8.
3- ترشيد الإنفاق على مستوى المجتمع: ويتجلّى في عدم التفريط بالمال العامّ لأمور شخصيّة، وصرف هذا المال في الموارد التي هي حاجة الناس الضروريّة والإبتعاد عن مظاهر الترف عند المسؤولين، كما يتطلّب من الفرد التعاون في ترشيد استهلاك الطاقة والمياه وكافّة مقدّرات البلاد.
عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ القصد أمر يحبّه الله عزّوجلّ، وإنّ السرف يبغضه الله حتى طرحك للنواة فإنّها تصلح لشيء، وحتى صبّك شرابك"9.
*زاد المبلغ في شهر الله، نشر جمعية المعارف الاسلامي الثقافية، ط1، 2009م-1430هـ، ص126-129.
2- يونس، 83.
3- كنز العمال، المتقي الهندي، ج3، ص53.
4- مستدرك سفينة البحار، ج5، ص23.
5- نهج البلاغة، الخطبة 193.
6- الأعراف، 31.
7- وسائل الشيعة (آل البيت)، المؤلف: الحر العاملي، ج.17، ص65.
8- مصباح البلاغة، الميرجهاني، ح4، ص208.
9- عوائد الايام، المحقق النراقي، ص61