الهدف: توجيه الناس إلى أنّ الرحمة الإلهيّة هي الطمع الأكبر الذي يرجوه كلّ إنسان، وأنّها مفتاح النجاة الذي من دونه تقصر أعمالنا عن بلوغها.
تصدير الموضوع:
"وكيف نستكثر أعمالاً نقابل بها كرمك، بل كيف يضيق على المذنبين ما وسعهم من رحمتك، يا واسع المغفرة يا باسط اليدين بالرحمة".
المدخل
"لست أتكل في النجاة من عقابك على أعمالنا، بل بفضلك علينا"1.
إنّ المتأمّل في مضامين الأدعية المأثورة لا سيّما دعاء أبي حمزة الثمالي يرى أنّها تستدرّ الرحمة الإلهيّة وتطلب من الله أن يعامل الخلق برحمته لا بما يستحقون بأعمالهم.
محاور الموضوع:
الرحمة صفة أهل الجنّة
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" والذي نفسي بيده لا يدخل الجنّة إلّا رحيم، قالوا: كلّنا رحيم، قال: لا، حتى ترحم العامّة"2.
تجلي الرحمة الإلهيّة
1-رحمته في الكائنات: قال تعالى: ﴿فانظر إلى آثار رحمة ربك كيف يحيي الأرض بعد موتها﴾3.
2- رحمته في الخلق: وممّا ورد في الدعاء عن الإمام زين العابدين عليه السلام "يا من هو أبرّ بي من الوالد الشفيق، وأقرب إليّ من الصاحب اللزيق، أنت موضع أنسي في الخلوة إذا أوحشني المكان ولفظتني الأوطان "4.
تجلّي الرحمة في عباده
ولأهميّة هذا الصفة الإلهيّة يريد الله أن يراها متجليّةً في عباده فيرحم بعضهم بعضا وتُنشر الرحمة بين الناس. قال تعالى: ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ5﴾.
وقد تجلّت هذه الرحمة في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ وصفه القرآن الكريم بقوله: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ6﴾.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من لا يرحم من في الأرض لا يرحمه من في السماء"7.
وعن الإمام علي عليه السلام: "عجبت لمن يرجو رحمة من فوقه كيف لا يرحم من دونه"8.
موجبات الرحمة الإلهيّة
تعرّض القرآن الكريم لبعض الموارد التي يستدر الإنسان فيها الرحمة الإلهيّة والتي منها:
1- طاعة الله والرسول: قال تعالى: ﴿وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾9.
2- التقوى: قال تعالى: ﴿هَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾10.
3- القيام بالواجبات: قال تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾11.
4- الإستغفار: قال تعالى: ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون﴾12.
5- نشر الرحمة: قال رجل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أحبّ أن يرحمني ربّي، قال صلى الله عليه وآله وسلم: إرحم نفسك وارحم خلق الله يرحمك الله"13.
6- الصبر عند الشدائد: قال تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾14.
*زاد المبلغ في شهر الله، نشر جمعية المعارف الاسلامي الثقافية، ط1، 2009م-1430هـ، ص81-84.
1- المصباح، الشيخ الكفعمي، ص591.
2- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج2، ص1044.
3- الروم، 50.
4- الصحيفة السجادية، الامام زين العابدين، ص442.
5- الفتح، 29.
6- التوبة 128.
7- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج2، ص1044.
8- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج2، ص1044.
9- آل عمران، 132.
10- الأنعام، 100.
11- النور، 56.
12- النمل، 46.
13- كنز العمال، خ 44154.
14- البقرة، 155-157.