الهدف: تربية الأمّة على ثقافة الجماعة وبيان أهميّتها وفوائدها، وبالتالي مضارّ الفرقة ومفاسدها على الفرد والمجتمع.
تصدير الموضوع:
"اللهم إنّي اسألك خير ما سألك منه عبادك الصالحون، يا خير من سئل، وأجود من أعطى، أعطني سؤلي في نفسي وأهلي وولدي وأهل حزانتي وأخواني فيك".
المدخل
أكّدت الشريعة السمحاء على ضرورة ملازمة الجماعة لما توفّره من حصانة للفرد من الضياع والإنحراف عن جادّة الهدى.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أيّها الناس، عليكم بالجماعة وإيّاكم والفرقة"1.
وأن قدرة الشيطان على اختراق الجماعة أصعب منها على اصطياد الأفراد، وهذا ما عناه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: "يد الله مع الجماعة فإذا اشتذّ الشاذّ منهم اختطفه الشيطان كما يختطف الذئب الشاة الشاذّة من الغنم"2.
محاور الموضوع:
خطر ترك الجماعة
1- خروجه من الإسلام: لأنّ ترك الجماعة معناه ترك كلّ ما يطلبه الدين ممّا له علاقة بالمجتمع والأمّة والشأن العام، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من فارق جماعة المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه"3.
2- العذاب: ويُراد به عذاب الدنيا والآخرة لأنّه يبقى في الدنيا بلا حماية ورعاية، وفي الآخرة يحاسب حساب من ترك أهمّ الواجبات، ومن هنا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الجماعة رحمة والفرقة عذاب"4.
3- تفكّك المجتمع: فإنّ ترك الجماعة يجعل المجتمع عبارة عن أفراد لا يجمعهم أي رابط أو هدف أو مشروع، فيسهل على الشيطان النيل منهم، فقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"....والشيطان مع من خالف الجماعة يركض"5. أي يعمل بسرعة وراحة.
الجماعة ليست بكثرة العدد
والمراد بالجماعة ملازمة أهل الإيمان والصلاح والهدى ومشاركتهم أعمالهم وهمومهم وتفعيل حركتهم، فعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "سُئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عن جماعة أمّته ؟ فقال جماعة أمّتي أهل الحقّ وإن قلّوا"6.
وفي رواية أخرى سُئل عن جماعة أمّته فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "من كان على الحقّ وإن كانوا عشرة"7.
مظاهر الجماعة
- إقامة صلاة الجماعة في المساجد والمراكز الدينيّة.
- المشاركة في الأدعية وإحياء المناسبات الدينيّة والعامة.
- المشاركة في النشاطات العامّة كالإحتفالات واللقاءات العامّة والمسيرات التي تعني كافّة قضايا الناس.
- مشاورة أهل الإيمان فيما يطرأ على حياة الإنسان من مواقف وشبهات.
ثقافة العمل الجماعيّ
تماماً كما أنّ العمل الفرديّ له طريقته وأسلوبه، كذلك العمل الجماعيّ له خصائصه وممّيزاته التي ينبغي على الفرد المسلم أن يتعلّمها ويتقنها، حتى لا يقع في المحذور سيّما وأن الخطأ في العمل الجماعيّ أشدّ ضرراً، وعليه من المفيد التنبّه الى الملاحظات التالية:
1- أن العمل الجماعيّ ليس ملكاً لشخص وإنّما هو ملك الجميع كما يستوحى من قوله تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ8﴾.
2- أن تضعيف العمل الجماعيّ هو تضعيف لكافّة الأفراد.
3- عدم جواز إفشاء أسرار العمل الجماعيّ، فعن الإمام علي عليه السلام: "أنجح الأمور ما أحاط به الكتمان"9 .
4- ضرورة التكامل والتماسك وعدم السماح بالخلل أو زعزعة الصفّ الجماعيّ، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ10﴾.
وفي الحديث الشريف: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمّى"11.
5- عدم التنازع: قال تعالى: ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾12.
*زاد المبلغ في شهر الله، نشر جمعية المعارف الاسلامي الثقافية، ط1، 2009م-1430هـ، ص58-62.
1- كتز العمال، المتقي الهندي، ج1، ص206.
2- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج1، ص406.
3- دراسات في ولاية الفقيه، الشيخ المنتظري، ج1، ص184.
4- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج1، ص406.
5- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج1، ص406.
6- معاني الاخبار، الشيخ الصدوق، ص154.
7- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج1، ص406.
8- ال عمران 144.
9- عيون الحكم والمواعظ، علي الواسطي، ص123.
10- الصف،
11- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج4، ص2837.
12- الآية الانفال 46.