عن الإمام عليّ عليه السلام عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم:
" وَإِذا قَضُوا مَناسِكَهُمْ قْيلَ لَهُمْ: بَنَيْتُمْ بِناءً فلا تَهْدِموهُ، وَكُفّيتُمْ ما مَضَى فَأَحْسنُوا فيما تَسْتَقْبِلونَ".
الهدف:
ضرورة التنبيه على أنّ أداء فريضة الحجّ، ينبغي أن يشكّل منعطفاً يستلزم الإستقامة الدائمة.
تصدير الموضوع:
قال تعالى: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ ﴾ 1.
محاور الموضوع:
أصناف الحُجاجِّ بعد الفراغ من المناسك
فإكرامُ الحجّاج وفدُ الله أمرٌ طبيعيّ، إلّا إنّ هذا الإكرام، لا يكون واحداً لكافّة الحجيج، وإنّما يختلف من واحدٍ إلى آخر، كلٌّ وفْقَ عمله، وإخلاصه، وصفاء قلبه، في ما أدّى من أعمال. فعن الإمام الصادق عليه السلام: "الحجَّاجُ يصدرونَ عَلَى ثَلاثَةِ أَصْنافٍ: صِنْفٌ يُعْتَقُ مِنَ النّارِ، وَصِنْفٌ يَخْرُجُ مِنْ ذُنوبِهِ كَهَيْئَةِ يومَ وَلَدَتْهُ أُمّهُ، وَصِنْفٌ يَحْفَظُهُ اللهُ في أَهْلِهِ وَمالِهِ، فَذاكَ أَدنى ما يَرْجِعُ بِهِ الحاجُّ" 2.
معنى الإستقامة: أن يحافظ الحاجّ على المكاسب التي نالها من أداء فريضة الحجّ، من كونه مغفور الذنب مقبول العمل، ويكون ذلك بالحفاظ على حالة الرقي الروحيّ، والإلتزام الدينيّ.
ثمرات الإستقامة
1- وفرة الخيرات: قال تعالى:﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا﴾ 3.
2- عدم الخوف والحزن: قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ 4.
3- تنْزٌُلُّ الملائكة: قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالجنّة الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾ 5.
4- الفلاح: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنْ تَسْتَقيمُوا تُفْلِحُوا" 6.
5- السلامة: عن الإمام عليّ عليه السلام: "مَنْ لَزِمَ الإسْتقِامَةَ لَزِمَتْهُ السّلامَةُ" 7.
6- الكرامة وعدم المَلامَة: وعنه عليه السلام: "عَلَيْكَ بِمَنْهَجِ الإِسْتِقامة فَإِنَّهُ يُكْسِبُكَ الْكَرامَةَ وَيَكْفيكَ المَلامَةَ" 8.
7- الفوزُ بالجنّة: عن الإمام عليّ عليه السلام: "مَنِ اسْتَقامَ فَإِلى الجنّة، وَمَنْ زَلَّ فَإِلَى النّارِ" 9.
8- السعادة: عن الإمام عليّ عليه السلام: "أَفْضَلُ السَّعادَةِ اسِتِقامَةُ الدَّينِ "10.
الإستقامة بعد أداء الفريضة يقتضي التنبّه لعدّة أمور
ممّا لا شك فيه، أنّ أداء فريضة الحجّ، من الطاعات الّتي ينبغي أن تشكّل منعطفاً في حياة الإنسان، تختلف ما قبلها عمّا بعدها، فلا بدّ لك أيّها الحاجّ أن تلتفت إلى الملاحظات التالية:
1- استئناف العمل الصالح: روي أنّ منادياً ينادي بالحاجّ إذا قضوا مناسكهم: "قَدْ غُفِرَ لَكُمْ ما مَضَى، فاسْتَأْنِفوا الْعَمَلَ" 11.
2- إيّاكم وهدم ما بنيتم: وروى الإمام عليّ عليه السلام عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: " وَإِذا قَضُوا مَناسِكَهُمْ قْيلَ لَهُمْ: بَنَيْتُمْ بِناءً فلا تَهْدِموهُ، وَكُفيتُمْ ما مَضَى فَأَحْسنُوا فيما تَسْتَقْبِلونَ"12.
3- إيّاكم والذنوب: عن الإمام الصادق عليه السلام: "الحاجُّ لا يزالُ عَلَيْهِ نوَرُ اللهِ ما لَمْ يَلِمّ بِذَنْب" 13.
4- إيّاكم والتلوّن: عن الإمام عليّ عليه السلام: "إِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعالَى يُبْغِضُ مِنْ عِبادِهِ المُتَلَوِّنَ، فَلا تَزولُوا عَنِ الحَقِّ، وَوِلايَةِ أَهْلِ الحَقِّ فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَبْدَلَ بِنا هَلَكَ" 14.
وعنه عليه السلام: "فَاسْتَقيمُوا عَلى كِتابِهِ، وَعَلى مِنْهاجِ أَمْرِهِ، وَعَلى الطَّريقَةِ الصّالِحَةِ مِنْ عِبادَتِهِ، ثُمَّ لاَ تَمْرُقُوا مِنْها، وَلاَ تَبْتَدِعُوا فيها، وَلا تُخَالِفُوا عَنْها" 15.
*زاد المبلغ الى بيت الله الحرام، المركز الاسلامي للتبليغ، نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية، ط1، ت1، 2009م-1430هـ، ص67-70.
1-هود: 112.
2-تحرير الأحكام، العلّامة الحلّي، ج1، ص534.
3-الجن: 16.
4-الأحقاف: 13.
5-فصّلت: 30.
6-كنز العمّال، خ5479.
7-ميزان الحكمة، ج3، ص2634.
8-عيون الحكم والمواعظ، ص333.
9-نهج البلاغة، ج1، ص233.
10-عيون الحكم والمواعظ، ص117.
11-مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج8، ص10
12-الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، ص148.
13-الوسائل، ج8، ص68.
14-مصباح البلاغة، الميرجهاني، ج3، ص307.
15-نهج البلاغة، ج2، ص93.