التاريخ: 11 تشرين الثاني
قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ﴾1
الشهيد والشهادة في اللغة
المصدر والجذر الأساس لكلمة "شهيد" في اللغة هو الحروف التالية:
ش هـ د، وبالرجوع إلى كتب اللغة نجد أن هذه الكلمة تدل على ما يأتي:
يقول في لسان العرب: "الشهيد من أسماء الله الأمين في شهادته، وقيل: الشهيد الذي لا يغيب عن علمه شيء، والشهيد: الحاضر، والشاهد العالم الذي يبين ما علمه، والشهادة خبر قاطع، وشهد فلان على فلان بحق، فهو شاهد وشهيد، وقوم شهود أي حضور".
وفي مفردات الراغب الصفهاني: "شهد: الشهود والشهادة الحضور مع المشاهدة إما بالبصر أو بالبصيرة....، والشهادة قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصيرة أو بصر...".
يستفاد من هذين النصين من كتب اللغة،أن الشهادة في أصل اللغة تدل على معان منها: الحضور، والعلم، وإظهار هذا العلم عند الحاجة، وغيرها من المعاني المتضمنة في هذه المادة اللغوية.
والسؤال الذي نحاول الإجابة عنه هو لماذا سمي المقتول في سبيل الله شهيداً؟ وكيف انتقلت هذه الكلمة الى المعنى الجديد؟ وفي هذا المجال يساعدنا أهل اللغة أيضاً ؛ حيث يقول الراغب الاصفهاني في المفردات:" والشهيد هو المحُتَضَر، فتسميه بذلك لحضور الملائكة إياه إشارة الى قوله تعالى: ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا﴾2، أو لأنهم يشهدون في تلك الحالة ما أعد لهم من النعيم، أو لأنه تشهد أرواحهم عند الله كما قال: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا﴾3، وعلى هذا دل قوله: ﴿وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ﴾4.
ويقول ابن منظور في لسان العرب:" والشهيد المقتول في سبيل الله، والجمع شهداء، والاسم الشهادة، واستشهد: قتل شهيداً...وعن ابن الأنباري سمي الشهيد شهيداً؛ لأن الله وملائكته شهود له بالجنة، وقيل: سموا شهداء لأنهم ممن يستشهد يوم القيامة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الأمم الخالية، قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾5، وقال أبو إسحاق الزجاج جاء في التفسير أن أمم الأنبياء تكذب في الآخر من أرسل إليهم فيجحدون أنبياءهم....فتشهد أمة محمد صلى الله عليه وآله بصدق الأنبياء وتشهد عليهم بتكذيبهم، ويشهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهذه بصدقهم.
منزلة الشهيد
قال تعالى: ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ﴾6.
وقال تعالى: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾7.
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "فوق كل ذي بر بر حتى يقتل المرء في سبيل الله فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه بر"8.
وعنه أيضاً: "ما من قطرة أحب الى الله عزَّ وجلَّ من قطرة دم في سبيل الله"9.
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: قيل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ما بال الشهيد لا يفتن في قبره؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كفى بالبارقة فوق رأسه فتنة"10.
* زاد المناسبات - المركز الإسلامي للتبليغ، ط1: كانون الثاني 2009م - 1430هـ، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ص: 270-273.
2- فصلت: 30
3- آل عمران: 169
4- الحديد: 19
5- البقرة: 143
6- البقرة: 154
7- آل عمران: 169
8- الشيخ الكليني – الكافي – ج 5 – مكتبة أهل البيت عليهم السلام – ص 35
9- الشيخ الكليني – الكافي – ج 5 – مكتبة أهل البيت عليهم السلام – ص 35
10- الشيخ الكليني – الكافي – ج 5 – مكتبة أهل البيت عليهم السلام – ص 35