التاريخ: 3 حزيران
ينتمي الإمام الخميني قدس سره إلى عائلة علمائية هاشمية يعود نسبتُها إلى الإمام موسى الكاظم عليه السلام، فأبوه السيد مصطفى وجده السيد أحمد من السادة العلماء، الذي قدم من الهند إلى بلدة "خمين"، في إيران والتي ولد فيها الإمام الخميني قدس سره عام 1320هـ (1902م) وهناك استشهد والده على أيدي قطّاع الطرق المدعومين من حكومة الشاه. درس الإمام الخميني قدس سره في بلدته "خمين" ثم في "أراك" ثم في قم المشرفة، حيث درس فيها الفقه والأصول والفلسفة والهيئة والرياضيات والأخلاق والعرفان.
جهاد الإمام
ومن "قم" المشرفة انطلق الإمام في جهاده السياسي عام 1962م حينما واجه قرارين أصدرتهما الحكومة، الأول يحذف صفة الإسلام كشرط في المرشحين والناخبين في مجالس الأقاليم والمدن، والثاني يستبدل اليمين الدستورية بالكتاب السماوي بدلاً من القرآن الكريم.وعلى أثر ذلك انطلقت المسيرات التي اضطرت السلطة إلى إلغاء القرار وفي عام 1963م، كان الخطاب الشهير للإمام الخميني قدس سره في مدرسة الفيضية في قم المشرفة والذي فضح فيها العلاقات السرية القائمة بين الشاه و"إسرائيل"، بعدها حاصرت القوات الحكومية الخاصة بيت الإمام لتعتقله وترسله إلى طهران.
وعلى أثر ذلك وفي الخامس من حزيران عام 1963م قامت تظاهرات شعبية حاشدة أدت إلى ارتفاع آلالاف الشهداء.وبسبب الضغوطات الشديدة أطلق سراح الإمام بعد عشرة أشهر من الاعتقال.لكن الإمام لم يتوقف عن مسيرته الجهادية فألقى خطاباً حمل فيه بشدة على الرئيس الأميركي وانتقد حكومة الشاه.لذا قام الشاه بنفيه إلى خارج إيران عام 1964م.
الجهاد في المنفى
وفي منفاه في تركيا مُنع الإمام من ممارسة أي نشاط سياسي أو اجتماعي، لكن الحكومة التركية خافت من استمرار بقاء الإمام فيها والذي بدأ بتعلم اللغة التركية.لذا وفي 5/10/1965م نقل الإمام إلى النجف الأشرف في العراق وفيها بدأ بإلقاء محاضرات حول الحكومة الإسلامية التي نظّر فيها لولاية الفقيه.ومن النجف الأشرف أصدر الإمام فتواه المشهورة بوجوب دعم ثورة الشعب الفلسطيني مجيزاً إعطاء الزكاة لها.وفي العام 1977 استشهد ابنه السيد مصطفى الذي كان مجتهداً كبيراً بل كان -على حد تعبير الإمام نفسه- أمل الإسلام.ولم يبكِ الإمام أمام الناس على ولده معبّراً عن سبب ذلك أن الشاه يريد أن يراه باكياً، لذا فهو لن يبكي.
في عام 1978م قررت السلطة العراقية إبعاد الإمام الخميني قدس سره إن لم يلزم الصمت ويلتزم شروط السلطة، لذا أبعد عن العراق، وبعد أن علم الإمام أن الكويت لن تستقبله صرّح قائلاً: والله لو أني بقيت أتنقل مهاجراً من مطار إلى مطار لما تركت أمر مقارعة الشاه".
ووصل الإمام إلى ضاحية "نوفل لو شاتو" في فرنسا ليقضي فيها عدة أشهر يدير فيها الجهاد السياسي ضدّ حكومة الشاه.
العودة المظفرة
وفي شباط عام 1979م، قرر الإمام العودة إلى إيران في ظلّ حكومة الشاه وفي طهران كان الاستقبال المليوني المنقطع النظير للإمام الخميني قدس سره. ورغم وجود حكومة الشاه التي كانت تمارس مهامها أعلن الإمام عن تشكيل حكومة مؤقتة.وفي تلك الأيام أصدر الحاكم العسكري قراراً بمنع التجوال وفي نفس الوقت دعا الإمام قدس سره الشعب إلى النزول إلى الشوارع نزلت الجموع المطيعة لولي أمرها في 11 شباط لتشرق فيه شمس الثورة الإسلامية في إيران محققة حلم النبي وأهل بيته الأطهار عليهم السلام.
العروج
وبعد جهاد طويل وصبر كبير وفي الرابع من حزيران كان الرحيل المحزن للإمام الخميني قدس سره والذي أعقب كلماته: "بقلب هادئ ونفس مطمئنة، وروح فرحة، وضمير يأمل فضل الله استأذن الأخوات والإخوة، وأسافر نحو المقر الأبدي، وأنا بحاجة مبرمة إلى صالح دعائكم".إنه الاطمئنان على مصيره إلى رضوان الله تعالى. وإنه الاطمئنان على مصير الأمة ومستقبلها باستمرار ولاية الفقيه بقيادة تلميذه الوفي الإمام الخامنئي دام ظله.
* زاد المناسبات -المركز الإسلامي للتبليغ، ط1: كانون الثاني 2009م - 1430هـ، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ص: 265-269.