التاريخ: 8 ربيع الثاني سنة 232هـ
ولد الإمام الحسن العسكري عليه السلام في ربوع المدينة المنوّرة مهبط الوحي وموطن الملائكة ومدرسة أهل البيت عليه السلام سنة 232 هـ وسمّي بالعسكري نسبة إلى محلّة العسكر في مدينة سامراء التي كان يسكنها هو ووالده الإمام علي الهادي عليه السلام.
النص على إمامته
وقد أرشد الإمام الهادي عليه السلام إلى إمامة ولده الحسن عليه السلام بنصوص عديدة منها ما كتبه إلى أحد أصحابه "أبو محمّد ابني، أنصح آل محمّد غريزة، وأوثقهم حجّة، وهو الأكبر من ولدي، وهو الخلف، وإليه ينتهي عرى الإمامة وأحكامها، فما كنت سائلي عنه، فاسأله عنه، فعنده ما تحتاج إليه"1.
صفاته
قال أحد المتشرّفين بلقاء الإمام الحسن العسكري : "دخلت سرّ من رأى وأتيت إلى الحسن العسكري عليه السلام فرأيته جالساً على بساط أخضر، ونور جماله يغشى الأبصار، فأمرني بالجلوس فجلست وأنا لا أستطيع النظر إلى وجهه إجلالاً لهيبته".
ويذكر أحد الذين تشرّفوا بخدمته: "إذا نام سيدي أبو محمّد العسكري رأيت النور ساطعاً من رأسه إلى السماء".
عبادته
عبَّر أحد أصحاب الإمام عن عبادته قائلاً: "كان عليه السلام يجلس في المحراب ويسجد، فأنام وأنتبه وأنام وهو ساجد"2.
وروي أنّ العباسيّين أرادوا التضييق على الإمام عليه السلام وهو في السجن فأمروا آمر السجن بذلك فأجابهم: "ما أصنع به، وقد وكلت به رجلين شرَّ من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة والصلاة إلى أمر عظيم"، ثمّ أمر بإحضار الموكلين به فقال لهما: "ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل"؟ فقالا له: "ما نقول في رجل يصوم نهاره، ويقوم ليله كلّه، لا يتكلّم، ولا يتشاغل بغير العبادة، فإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا، وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا"3.
مكانته الاجتماعيّة
رغم العمر القصير الذي عاشه الإمام عليه السلام والذي يقلّ عن ثلاثين عاماً فقد حاز على مكانة اجتماعيّة عظيمة رغم التضييق الأمني الشديد الذي مارسته السلطة عليه والذي يتمثّل بفرض الإقامة شبه الجبريّة عليه وإجباره على الحضور يومين في الأسبوع إلى دار الخلافة وقد وصف أحد المرافقين للإمام عليه السلام في سيره نحو دار الخلافة مشهد الناس الذي يعبِّر عن مكانة الإمام عليه السلام لديهم فكان يصف يوم خروج الإمام بحيث "يغصُّ الشارع بالدواب والبغال والحمير والضجة،فلا يكون لأحد موضع يمشي، ولا يدخل بينهم، وإذا جاء أستاذي (يعني الإمام عليه السلام) سكنت الضجة، وهدأ صهيل الخيل، ونهاق الحمير، وتفرّقت البهائم، حتى يصير الطريق واسعاً...، ثمّ يدخل...وإذا أراد الخروج وصاح البوابون: هاتوا دابة أبي محمد، سكن صياح الناس، وصهيل الخيل، وتفرّقت الدواب حتى يركب ويمضي"4.
واستطاعت مكانة الإمام العسكري عليه السلام أن تخرق جدران أنفس أعدائه الحاقدين فقال عنه أحد الشخصيّات البارزة في الحكم العباسي حينما ذكر أمامه أبناء أمير المؤمنين علي عليه السلام فقال: "ما رأيت منهم مثل الحسن بن محمّد بن الرضا، دخل حاجبه على أبي (وكان وزيراً عند المعتمد العباسي) فقال: أبو محمّد ابن الرضا بالباب، فزجرهم واستقبله، ثمّ أجلسه على مصلاّه، وجعل يكلّمه، ويفديه بنفسه، فلمّا قام شيَّعه، فسألت أبي عنه، فقال: يا بنيّ ذلك إمام الرافضة، ولو زالت الخلافة عن بني العباس ما استحقّها أحد من بني هاشم غيره؛ لفضله وعفافه وصومه وصلاته وصيانته وزهده وجميع أخلاقه...ولقد كنت أسأل عنه دائماً، فكانوا يعظّمونه ويذكرون له كرامات، وقال: ما رأيت أنفع ظرفاً (أي أغزر علماً وأدباً)، ولا أغضَّ طرفاً، ولا أعفَّ لساناً وكفاً من الحسن العسكري".
* زاد المناسبات - المركز الإسلامي للتبليغ، ط1: كانون الثاني 2009م - 1430هـ، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ص: 61-64.
1- الأمين – السيد محسن – اعيان الشيعة – ج 2 – مكتبة اهل البيت عليهم السلام – ص 307
2- العلامة المجلسي – بحار الانوار – ج 50 – مكتبة اهل البيت عليهم السلام – ص 253
3- العلامة المجلسي – بحار الانوار – ج 50 – مكتبة اهل البيت عليهم السلام – ص 308
4- العلامة المجلسي – بحار الانوار – ج 50 – مكتبة اهل البيت عليهم السلام – ص 252