نسبه العريق
السيّد حسن بن السيّد هادي بن السيّد محمّد علي بن السيّد صالح بن السيّد محمّد بن السيّد إبراهيم الشهير بشرف الدين العاملي الإصفهاني الكاظمي، ينتهي نسبه إلى إبراهيم الأصغر الملقّب بالمرتضى ابن الإمام موسى الكاظم عليه السّلام.
ولادته ونشأته
ولد في مدينة الكاظميّة يوم الجمعة 29 من شهر رمضان المبارك لسنة 1272هـ، وانحدر من عائلة عريقة في الشرف والعلم والفضل، أصلها من جبل عامل في جنوب لبنان. وكان جدّه الأكبر السيّد صالح قد هاجر إلى العراق، ثمّ إلى إصفهان.
بدأ حياته الدراسيّة في مدينة الكاظميّة، فاقتبس علوم اللغة من أساتذة مهرة اختارهم أبوه الذي استفرغ الوسع في تهذيب ولده وتأديبه وتثقيفه، ولم يدّخر والده وسعاً في إرهاف عزمه وحثّه على الإمعان في الدرس والبحث، فما بلغ الثامنة عشرة من عمره حتّى أتقن علوم الفقه والأصول. ثمّ هاجر إلى النجف الأشرف سنة 1288هـ لينهل من معين علومها وفنونها، فدرس الحكمة العقليّة والكلام والفقه والأصول على أفذاذ علمائها، من أمثال المولى محمد باقر الشكي، والشيخ محمّد تقي الكلبايكاني، حتّى غدا من كواكبها اللامعة ونجومها الثاقبة.
التحاقه بمدرسة المجدّد الشيرازي
حتّى إذا ارتحل مجدّد الشريعة السيّد محمّد حسن الشيرازي الكبير (صاحب الفتوى الشهيرة التي حرّم فيها التنباك، فتابعه الشعب الإيراني في فتواه، ممّا أجبر دولة بريطانيا وحكومة إيران القاجاريّة على إلغاء معاهدة التنباك وتحمّل الأضرار الجسيمة جرّاء ذلك الفسخ) من النجف الأشرف إلى سامرّاء سنة 1291هـ، التحق به كوكبة لامعة من أعلام الحوزة العلميّة في النجف، كان فيهم -سوى المترجَم له - ابن عمّه السيّد إسماعيل الصدر، والسيّد كاظم الطباطبائي اليزدي، والآخوند ملاّ كاظم الخراساني، والشيخ آقا رضا الهمداني، والشيخ الميرزا حسين النوري، والميرزا حسين النائيني وسواهم من العلماء.
وقد أفاد السيّد حسن الصدر من محضر الميرزا، وحضر حلقات درسه التي ارتقت بسببها الحوزة العلميّة في سامرّاء وبان فضلها على سواها من معاهد العلم والدراسة، ثمّ عاد بعد سنتين إلى جامعة النجف الكبرى، وبقي حنينه إلى حوزة المجدّد الشيرازي يلاحقه، وسرعان ما عاد أدراجه إلى سامراء سنة 1297هـ فلازم المجدّد الشيرازي، فتوزعّت أوقاته ما بين حضور على أستاذه الشيرازي الكبير، ومناظرة مع أترابه العلماء، ومحاضرة يُلقيها على تلامذته، وتأليف ينفرد فيه بكتابه، وعبادة ينقطع فيها إلى محرابه، ويخلو خلالها بربّه.
وقد نقل المحدّث القمّي أنّه كان يشاهد الميرزا الشيرازي يبكّر في كلّ يوم إلى بيت السيّد حسن الصدر للمباحثة معه، ثمّ ينصرف إلى درسه العام الذي يُلقيه على تلامذته العلماء.
عودته إلى الكاظميّة
لم يلبث السيّد حسن الصدر في سامرّاء بعد وفاة أستاذه الميرزا الشيرازي إلاّ عامين، قَفَل بعدهما راجعاً إلى مسقط رأسه الكاظميّة سنة 1314هـ، فحطّ الرحال بفناء جدّه باب الحوائج إلى الله تعالى: الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام، واستأنف نشاطه العلمي على عهد والده، فكانت مجالسه مدارس سيّارة تتفيّأ وارف ظلاله في حِلّه وترحاله.
تبحّره في العلوم
كان الصدر (قدّس سرّه) قدوة في العلم والعمل، مرجعاً في أحكام الله تعالى، مُتبحِّراً في الأخبار والتاريخ، رأساً في أصول الفقه وعلم الرجال والدراية، راسخ القدم في التفسير. وقد أوتي بلاغة في البيان، وجزالة في العبارة، وبسطة في المنطق والحكمة، ورسوخاً في الكلام والمحاجّة، أمّا في علم الأخلاق فكان بحراً لا ينزف، وخِضَمّاً لا يُسبر غَوره.
دفاعه عن الحقّ
لم يَجُد الزمان بمثله في مناظراته دفاعاً عن الدين والمذهب، فقد مَنّ الله تعالى عليه بنَفَس في البحث طويل، وبُعد غَورٍ في الحُجّة، وكان يقتضب جوامع الكلم ونوابغ الحِكم، فكان كلامه - في إحقاق الحقّ وإبطال الباطل - فصلَ الخطاب، وكان لا تأخذه في الله تعالى لومة لائم.
مَلَكاته وسجاياه
كان عزيز النفس، أشمّ الأنف، لا يصبر على خَسف أو ضَيم، وكان نائياً عن مقام العُجب، سَلس الطِّباع، ليّن العريكة، دَمث الأخلاق، وكان حادّ الذهن، يقظ الفؤاد، منّ الله تعالى عليه بنفسٍ سَمَت به إلى معالي الأمور، فكان مصداقاً لقول الشاعر:
وإذا كانت النُّفوس كِباراً تَعِبَت في مُرادها الأجسامُ
زاره أحدهم في بيته، وقد سمع بما يصله من الأموال الضخمة التي كان يُنفقها في سُبل البرّ والإحسان وفي تمشيّة أمور الشرع والدين وكان يحسب أنّه سيجده يرفل بالأرجوان، فوجده يفترش حصيراً بسيطا.
مواهبه
لم تقف همّة السيّد حسن الصدر عند حدّ، ولم يكن لها غاية أو أمد، فقد أحال صدرَه موسوعةً علميّة أحاطت بدقائق المسائل من شتّى العلوم، وأضحى قيّماً يمتلك مفاتيحها، يُديرها متى شاء فيُخرج لك من كنوز المعقول والمنقول كلّ لؤلؤة فريدة، وإنّ الدهش لَيأخذُك وأنت تتأمّل مؤلّفاته التي جاوزت المائة، والإكبار يمسك بتلابيبك وأنت تلحظ القمم الرفيعة التي سما إليها في مختلف العلوم.
وكان له براعة في التصوير تأخذ بمجامع القلوب، فإن حدّثك عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) خِلتَ أنّك شهِدت رسالته وحضرت معجزاته، وإن حدّثك عن جبرئيل حسبتَ أنّك سمعت صوته.
ورعه وسيرته
أبى السيّد حسن الصدر على الناس أن يقلّدوه بعد رحيل المجدّد الشيرازي ثمّ رحيل والده السيّد هادي الصدر، وأرجعهم إلى ابن عمّه السيّد إسماعيل الصدر، فلمّا توفيّ السيّد إسماعيل سنة 1338هـ قام بالأمر بعده، فظهرت رسالته العمليّة "رؤوس المسائل المهمّة"، وعلّق على كلٍّ من: "تبصرة العلاّمة" و"نجاة العباد" و"العروة الوثقى" تعاليق جعلتها مراجع لمقلّديه.
وكان أيّام تصدّيه للإفتاء وقبلها مِن أقوَم أولياء آل محمّد (عليهم السّلام) بمهامّهم، وأحوطهم على أحكامهم، وأحناهم على شيعتهم. وقد عكف أطنابه على نصرهم، ووقف حياته على إحياء أمرهم، حتّى لحقهم في دار كرامتهم (عليهم السّلام).
مكتبته العامرة
قال فيها السيّد عبد الحسين شرف الدين: "وَلِع السيّد حسن الصدر منذ حداثته إلى منتهى أيّامه في جمع الكتب، وعني بذلك كلّ العناية، وكان موفّقاً في تحصيل نفائسها من جميع العلوم والفنون: عقليّةً ونقليّة. ولا غرو، فقد كان يُؤثِر تحصيلها على بُلغته ونفقة يومه، وربّما باع في سبيلها الضروريّ من أمتعته، فاجتمع لديه - بسبب ذلك - من الكتب: مطبوعة ومخطوطة ثروة طائلة، ومَن جَدّ وجد.
تضمّنت مكتبته من نوادر الأسفار المخطوطة ما لا يوجد في أكثر المكتبات الحافلة، وبهذا رَنَت في الأقطار، فذكرها المتتبّع جرجي زيدان في طليعة مكتبات العراق، حيث استقصى تلك المكتبات في كتابه: تاريخ آداب اللغة العربيّة.
الظروف العصيبة التي عاصرها
عاصر السيّد حسن الصدر أحداثاً عصيبة ألمّت بالمجتمع الإسلاميّ يومذاك، منها انعقاد المؤتمر الصهيوني الأوّل في مدينة "بال" السويسريّة سنة 1897هـ، حيث جرت المطالبة بفلسطين كوطنٍ قوميّ لليهود، ومنها إبرام معاهدة بين بريطانيا وروسيا لاقتسام إيران إلى منطقتَي نفوذ عام 1907م، سبقها انعقاد معاهدات استعماريّة لاقتسام النفوذ في بعض أقاليم الوطن الإسلامي في 1904م، ثمّ دخول الدولة العثمانيّة الحرب العالميّة الأولى عام 1914م، وما تلا ذلك من تداعيات على كافّة الأصعدة، انتهاءً بتنحية الإسلام عن جميع مناحي الحياة السياسيّة والعسكريّة والاقتصاديّة والتربويّة.
جهاده
لم يبقَ السيّد بمنأى من حركة الجهاد التي خاضها الشعب العراقيّ خلال الحرب العالميّة الأولى وبعدها ضدّ المستعمر البريطانيّ، فقد كانت الحركة الجهاديّة بقيادة المرجعيّة الدينيّة. وكان السيّد حسن الصدر في عداد أبرز المجتهدين في الفترة ما بين 1916 ـ 1920م، مع أقطاب المرجعيّة من أمثال السيّد محمّد كاظم اليزدي، والشيخ شيخ الشريعة الإصفهاني (في النجف)، والشيخ محمّد تقي الشيرازيّ (في سامراء ثمّ في كربلاء) والسيّد حسن الصدر والشيخ مهدي الخالصي (في الكاظميّة)، وقد أوردت التقارير البريطانيّة معلومات حول مواقف بعض المجتهدين ذوي التوجّه السياسيّ.
ونقل المرحوم جعفر الخليلي أنّ المسس بيل (الجاسوسة البريطانيّة) سعت لزيارة السيّد حسن الصدر فلم تفلح، فاستعانت بعبد المجيد بلشة - وهو أستاذ للأدب العربي في إحدى جامعات إنجلترا، كاظميّ الأصل - لكنّ السيّد لم يأذن لها بمقابلته، فاستعانت من جديد بالشيخ كاظم الدجيلي - وكان يحضر مجلس السيّد الصدر في أيّام الجمع - فعرض رغبة المسس بيل على أنّها ترغب في معرفة آراء الشيعة، فتمّت الموافقة.
بُعد نظر السيّد حسن الصدر
وإذا كان السيّد حسن الصدر والشيخ عبد الحسين الأسدي والسيّد إسماعيل الصدر قد ارتأوا - في الاجتماع الذي عُقد في غرفة الكليدار في الصحن الكاظميّ للمداولة في أمر الجهاد وإصدار الحكم فيه - أنّ المسلمين لا يمتلكون الأسلحة الكافية التي يمكنهم بها مقارعة الاستعمار البريطانيّ -وهو موقف مسؤول بلا شكّ - فقد عبّر فيما بعد الشيخ شيخ الشريعة الإصفهانيّ - وهو أحد كبار المجتهدين في النجف ومن قادة ثورة العشرين - عن السبب الرئيس لفشل ثورة النجف عام 1918م بأنّه عدم نضج الظروف تماماً آنذاك، ممّا يعزّز رؤية السيّد حسن الصدر وبُعد نظره.
قصّة تأليف تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام
لتأليف كتاب "تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام" قصّة، فقد كان جرجي زيدان (1861 ـ 1914م) قد ذكر في كتابه تاريخ آداب اللغة العربيّة متحدّثاً عن الشيعة أنّ "الشيعة طائفة صغيرة لم تترك أثراً يُذكر، وليس لها وجود في الوقت الحاضر"، فدفع هذا القولُ الشيخَ آغا بزرگ الطهرانيّ (1293 ـ 1389هـ / 1876 ـ 1970م) ورفيقَيه في العلم: السيّد حسن الصدر والشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء (1294 ـ 1373هـ / 1877 ـ 1954م) أن يتعاهدوا للردّ على هذا الزعم الباطل، فأخذ كلّ واحد منهم على عاتقه بيان جانب من جوانب الثقافة الشيعيّة الغنيّة، والتعريف بالمذهب الإمامي.
وتقرّر أن يبحث العلاّمة السيّد حسن الصدر في الآثار العلميّة لمدرسة أهل البيت (عليهم السّلام) وبيان فضلهم وسهمهم الوافر في تأسيس علوم الإسلام، وظهرت ثمرة هذا البحث في كتابه "تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام" وطُبع بمساعدة الشيخ آغا بزرگ سنة 1370هـ في 445 صفحة.
أمّا الشيخ آغا بزرگ فقد ألّف موسوعته الشهيرة "الذريعة إلى تصانيف الشيعة" في 25 مجلّداً استوعب فيه مصنّفات الشيعة في شتّى أنواع العلوم والفنون.
وأمّا الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء فقد ألّف كتاب أصل الشيعة وأصولها في بيان عقائد الشيعة في أصولهم وفروعهم.
صاحب الذريعة يتحدّث عن كتاب السيّد الصدر
قال الشيخ آغا بزرگ صاحب كتاب "الذريعة إلى تصانيف الشيعة" وهو يتحدث عن كتاب تأسيس الشيعة: لسيّد مشايخنا آية الله السيّد حسن صدر الدين الموسوي العاملي الكاظميّ [كتاب]... ابتكر فيه موضوعاً خصّصه بالتدوين، وأبدع فيه غاية الإبداع، وقرّر فيه بما صحّ من التواريخ والسير فقدّم علماء الشيعة على سائر علماء الإسلام في تأسيس أنواع العلوم الإسلاميّة، من النحو والصرف وعلوم البلاغة والعروض واللغة والكلام والمعقول والفقه والأصول والتفسير والأخلاق وغير ذلك، وأثبت فيه سبقهم في التصنيف والتأليف في تلك الأنواع على مَن عَداهم، وأورد تراجم المؤسّسين وأحوالهم، فذكر بعض القدماء المصنّفين وتصانيفهم، وفرغ منه حدود سنة 1329 هـ.
كتاب تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام
قال مؤلّف كتاب "تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام" في مقدّمة كتابه: "... أمّا بعد، فقد رفع الله سبحانه أقواماً من الشيعة، فجعلهم بالعِلم قادة، وفي تأسيس فنون الإسلام سادة، حيث تقدّموا في تأسيس فنون العلم في الصدر الأوّل... ورتّبت الكتاب على أربعة عشر فصلاً تجمع العلوم التي تقدّمت الشيعة في تأسيسها، وعقدتُ لكلّ فصل ثلاث صحائف: الأولى في واضع ذلك العِلم ومؤسّسه، والثانية في أوّل من صنّف فيه منهم بعد الواضع أو نقّحه تنقيحاً يجري مجرى التأسيس، والثالثة في بعض مشاهير أئمّة ذلك العلم من الشيعة المتقدّمين من أهل المائة الأولى إلى السابعة، دون المتأخّرين، لئلاّ يطول الكتاب...
وفاة السيّد حسن الصدر
رحلت إلى بارئها تلك الروح الكبيرة التي لم تخلد إلى الراحة طيلة سنوات عمرها الطافح بالدأب والسعي والمثابرة، وذلك ليلة الخميس 11 ربيع الأوّل سنة 1354هـ في بغداد - وكان نُقل إليها للمعالجة - فضجّت لصدى وفاته إيران وأفغانستان والهند والعراق وجبل عامل وسائر البلاد الإسلاميّة، وحُمل نعشه إلى الكاظميّة على رؤوس الآلاف من مشيّعيه، فدُفن في حجرة من حجرات الصحن الكاظميّ فيها مقبرة والده السيّد هادي الصدر، وشارك في تشييعه العلماء والأشراف والمسؤولون، وقد أبّنتْه الصحافة العراقيّة، كما أبّنته الصحافة اللبنانيّة وأذاعت في تأبينه الكلمة الفذّة التي أبرزتها لجنة من أعلام العلماء انعقدت في مدينة صور، وأقيمت الفواتح على روحه، أعظمها الفاتحة التي أقامها في النجف الأشرف ثلاثة أيّام المرجع السيّد أبو الحسن الإصفهانيّ.
شهادات وإشادات
• قال عنه الشيخ مرتضى آل ياسين، تلميذه وابن شقيقته: "لقد كنت أسمع عن السيّد المؤلّف ـ زمان كان شابّاً قويّ العضلات ـ أنّه كان لا يكاد ينام الليل في سبيل تحصيله، كما أنّه لا يعرف القيلولة في النهار، ولكنّي بدل أن أسمع ذلك عنه في زمن شبيبته، فقد شاهدتُ ذلك منه بأمّ عيني في زمن شيخوخته. وإنّ مكتبته التي يأوي إليها الليل والنهار ويجلس هناك بيمناه القلم وبيسراه القرطاس، لهي الشاهد الفذّ بأنّ عينَي صاحبها المفتوحتين في الليل لا يطبق أجفانَها الكرى في النهار، وإن جاءها الكرى فإنّما يجيئها حثاثاً لا يكاد يلبث حتّى يزول.
• ووصفه أحد معاصريه، وهو السيّد محسن الأمين بقوله:
كان عالماً فاضلاً، بهيّ الطلعة، متبحّراً، منقّباً، أصوليّاً، فقيهاً، متكلّماً، مواظباً على الدرس والتأليف والتصنيف طول حياته، رأيناه وعاصرناه في العراق.
• ونعته السيّد المرعشي النجفيّ في مقدّمة كتاب "تكملة آمل الآمل" فقال: "العلاّمة في علم الحديث، خِرِّيت علمَي الرجال والتراجم، شيخ الإجازة ومركز الرواية وقطب رَحاها آية الله الأستاذ السيّد أبو محمّد الحسن صدر الدين الموسويّ نزيل مشهد الإمامين الكاظميين... وقد قرأت هذا الكتاب عليه طيلة إقامتي بتلك البلدة المقدّسة للاستفادة من أبحاثه الرجاليّة، فأجاز لي روايته.
• وقال فيه السيّد النقوي في كتابه "نزهة أهل الحرمَين في عمارة المشهدَين": "كان رحمه الله تعالى في رواية الحديث أعظم شيخ تدور عليه طبقات الأحاديث العالية في هذا العصر، ومن يروي عنه من أعلام هذا العصر كثير، وفيهم جملة من حُجج الطائفة وعلمائها وفضلائها المبرّزين، فمنهم الآية العظمى السيّد أبو الحسن الإصفهاني النجفيّ دام ظلّه، والآيات الحجج الأعلام: الحاج شيخ محمد حسين الإصفهاني صاحب الحاشية على الكفاية، والشيخ محمّد كاظم الشيرازي، والشيخ هادي آل كاشف الغطاء، والشيخ محمّد رضا آل ياسين، والحاج الشيخ عليّ القمّي، والحاج السيّد رضا الهندي... والشيخ المحسن المعروف بآقا بزرگ الطهراني صاحب الذريعة...
• وينقل أمين الريحاني انطباعه عن هذه الشخصيّة الفذّة بقوله: "زرتُ السيّد حسن الصدر في بيته بالكاظميّة، فألفيتُه رجلاً عظيم الخَلق والخُلق، ذا جبين رفيع وضّاح، ولحية كثّة بيضاء، وكلمة نبويّة... ما رأيتُ في رحلتي العربيّة كلّها مَن أعاد إليّ ذِكر الأنبياء كما يصوّرهم التاريخ ويصفهم الشعراء والفنّانون مثل هذا الرجل الشيعيّ الكبير، وما أجمل ما يعيش فيه من البساطة والتقشّف! ظننتني ـ وأنا أدخل إلى بيته ـ أعبر بيت أحد خدّامه إليه... ووددتُ لو أنّ في رؤسائنا الدينيّين الذين يرفلون بالأُرجوان ولا يندر في أعمالهم غير الإحسان، بضعة رجال أمثاله.
• وقال السيّد عبد الحسين شرف الدين يصف السيّد حسن الصدر: "لم أفتح عيني على مثله، ثبت الغَدَر في مناظراته دفاعاً عن الدين الإسلاميّ وانتصاراً للمذهب الإماميّ، بعيد المستمرّ في ذلك، شديد العارضة، غَرْب اللسان، طويل النَّفَس في البحث، بعيد غور الحجّة، يقطع المبطل بالحقّ فيرميه بسُكاتِه، ويدفعه بأقحاف رأسه فإذا هو زاهق. ولا سمعت أذني بمثله، يقتضب ـ في إحقاق الحقّ ـ جوامع الكلم، ونوابغ الحكم، فتكون فصل الخطاب، ومفصل الصواب.