يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صالح بن عصفور البحراني الدّرازي، العالم الكبير، المحدّث الإمامي المتتبّع، صاحب "الحدائق الناضرة" نزيل الحائر الشريف.
ولد في قرية الماحوز (بالبحرين) سنة سبع ومائة وألف، ودرس وهو صبيّ على والده في النحو والصرف. لجأ والده مع عائلته - بعد تغلّب الخوارج على وطنه - إلى القطيف، وخلّف ولده الأكبر (المترجم له) في قرية الشاخورة (بالبحرين).
وبعد سنوات عديدة قام بزيارة والده وبقي هناك إلى ما بعد وفاة والده (سنة 1131 هـ) بنحو سنتين، مشتغلاً بالتحصيل على الحسين بن محمد جعفر الماحوزي البحراني، وعاد إلى البحرين، وتابع فيها دراسته على أحمد بن عبد اللّه بن الحسن، وعبد اللّه بن علي بن أحمد البلاديين البحرانيين، ثمّ سافر إلى القطيف لتدقيق الحديث على أستاذه الماحوزي.
عاد إلى بلاده فاتّفق وقوع اضطرابات فيها بعد مقتل السلطان حسين الصفوي (سنة 1135 هـ)، فبارحها إلى بلاد إيران، وحلّ برهة في كرمان، ثمّ رحل إلى شيراز، فأكرمه حاكمها محمد تقي خان، ومكث فيها مدّة متصدياً للبحث والتصنيف والتدريس، وإقامة الجمعة والجماعة، والإجابة عن شتى المسائل.
أجاز له رفيع الدين محمد بن فرج (فرّخ) الجيلاني المشهدي والسيد عبد اللّه بن علوي البحراني ثمّ البهبهاني الذي أجاز له المترجم أيضاً، ثمّ عصفت في تلك البلاد عواصف الأيام، فخرج منها إلى بعض القرى، واستوطن قصبة (فسا) فلبث فيها مدّة مشتغلاً بالمطالعة والتصنيف، ثمّ نالته محن ألجأته إلى مغادرتها، فانتقل إلى الاصطهبانات، ثمّ ارتحل إلى العراق (قبل سنة 1169 هـ) فجاور في كربلاء - وكانت يومذاك من المراكز العلمية الكبيرة - وأكبّ على التدريس والتصنيف والإفتاء، ودارت بينه وبين المحقّق الأُصولي الوحيد البهبهاني (المتوفّى 1206هـ) مناظرات كثيرة، وقد ذكر أبو علي الحائري في "منتهى المقال" أنّ أستاذه (صاحب الترجمة) كان أوّلاً أخبارياً صرفاً ثمّ رجع إلى الطريقة الوسطى وكان يقول: إنّها طريقة العلاّمة المجلسي.
اشتهر البحراني وصار من أعلام عصره المعروفين بغزارة العلم والتضلع في العلوم والتبحّر في الفقه والحديث، وقد تتلمذ عليه وروى عنه قراءة وسماعاً وإجازة طائفة منهم: السيد أحمد الطالقاني النجفي (المتوفّى 1208 هـ) والسيد عبد الباقي بن محمد حسين الخاتون آبادي، والسيد أحمد العطار البغدادي الشاعر، والحاج معصوم، والسيد شمس الدين المرعشي الحسيني النسّابة (المتوفّى 1200 هـ)، والسيد محمد مهدي بحر العلوم النجفي، ومحمد بن علي التستري الحائري، ومحمد مهدي النراقي، والميرزا محمد مهدي الشهرستاني، والسيد الميرزا محمد مهدي بن هداية اللّه الأصفهاني الخراساني (الشهيد سنة 1218 هـ)، و المحقّق الميرزا أبو القاسم القمي، وموسى بن علي البحراني، و سليمان بن معتوق العاملي، ومحمد مهدي الفتوني، وأبو علي محمد بن إسماعيل الحائري، وابنا أخويه خلف بن عبد علي بن أحمد والحسين بن محمد بن أحمد، والسيد عبد العزيز بن أحمد الصافي النجفي، ومحمد علي المعروف بابن سلطان، وزين العابدين بن محمد كاظم.
صنّف البحراني كتباً كثيرة، منها: الحدائق الناضرة إلى أحكام العترة الطاهرة (مطبوع في 25 جزءاً) في الفقه، الدرر النجفية من الملتقطات اليوسفية (مطبوع) في الفقه، الرسالة المحمدية في أحكام الميراث الأبدية، رسالة مناسك الحجّ، عقد الجواهر النورانية في أجوبة المسائل البحرانية، رسالة اللآلي الزواهر في تتمة عقد الجواهر، حاشية على "مدارك الأحكام" للسيد محمد بن علي العاملي سمّاها تدارك المدارك فيما هو غافل عنه وتارك لم تتم، رسالة قاطعة القال والقيل في نجاسة الماء القليل، رسالة الكنوز المودعة في إتمام الصلاة في الحرم الأربعة، الرسالة الصلواتية متناً وشرحاً، الرسالة الصلواتية المنتخبة منها، معراج النبيه في شرح "من لا يحضره الفقيه" للصدوق، لؤلؤة البحرين (مطبوع) في الإجازات وتراجم رجال الحديث، أنيس المسافر وجليس الحاضر(مطبوع) ويقال له الكشكول، أجوبة المسائل البهبهانية، أجوبة المسائل الشيرازية، أجوبة المسائل الكازرونية، أجوبة أحمد الدمستاني، أجوبة المسائل الشاخورية، أجوبة المسائل النعيمية، الأربعون حديثاً، إعلام القاصدين إلى أُصول الدين، وكتاب الخطب للجمع والأعياد.
توفّي بكربلاء في رابع ربيع الأوّل سنة ست وثمانين ومائة وألف، وصلّى عليه الوحيد البهبهاني، وشيّعه جمع غفير، ودفن في الرواق عند رجلي سيد الشهداء الحسين عليه السَّلام.