محمّد بن علي بن الحسين بن محمّد أبي الحسن الموسوي، السيد شمس الدين العاملي الجبعي، صاحب "مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام"، أحد أعلام الإماميّة.
كان فقيهاً، محدثاً، محققاً، جامعاً للفنون والعلوم، زاهداً، جليل القدر، وكان شريك خاله الحسن بن الشهيد الثاني في الدرس والأساتذة والمسلك في الأصول ورفيق الهجرة إلى تحصيل العلم.
ولد سنة ست وأربعين وتسعمائة، وتتلمذ على الفقيهين الكبيرين: والده السيد نور الدين علي، والسيد علي بن الحسين الصائغ الحسيني الجزيني، وقرأ عليهما في الفقه والأصول والعربية والمنطق وغيرها.
ارتحل إلى النجف الأشرف للأخذ عن فقيه عصره المحقّق أحمد الأردبيلي، ولجودة ذهن المترجم واتساع مداركه، قرأ على المحقّق المذكور من متون الكتب ما له ارتباط وثيق بالاجتهاد، ويحتاج إلى البحث والتقرير. قرأ أيضاً على عبد اللّه بن الحسين اليزدي في المعقول، وقرأ هو عليه في الفقه والحديث، وعاد إلى بلاده - بعد نحو سنتين أو أكثر بقليل، وحاز على مرتبة الاجتهاد.
تصدر للتدريس والإفادة، وصنّف في حياة أستاذه المحقّق، اشتهر وصار من الفقهاء المبرّزين، المشهورين بالتحقيق وقوّة الاستدلال، ومناقشة الآراء في الفقه والأصول.
أخذ عنه وتخرّج عليه كثيرون منهم: السيد إسماعيل بن علي الكفرحوني، والحسن بن علي الحانيني، وعبد السلام بن محمد المشغري جدّ مؤلف "أمل الآمل" لأمّه، وعبد اللطيف بن علي بن أحمد بن أبي جامع العاملي، وعلي بن أحمد بن موسى النباطي النجفي، وأخوه السيد علي بن علي بن أبي الحسن، ومحمد أمين الاسترآبادي، وعلي بن محمد الحرّ المشغري جدّ مؤلف "أمل الآمل"، ونجيب الدين علي بن محمد بن مكي الجبيلي الجبعي، ومحمد بن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني، وعبد النبي بن سعد الجزائري، ومحمد بن محمد بن الحسين الحرّ العاملي المشغري، وبهاء الدين علي بن يونس الحسيني التفريشي النجفي، وغيرهم من كبار الفقهاء والعلماء.
صنّف كتباً عديدة منها: مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام (مطبوع في ثمانية أجزاء) وهو من الكتب المعتمدة عند الفقهاء، ويمتاز بمتانة الاستدلال، نهاية المرام في شرح مختصر شرائع الإسلام (مطبوع في جزأين)، حاشية على الرسالة "الألفية" في فقه الصلاة للشهيد الأوّل، حاشية على "الاستبصار" للطوسي، حاشية على "تهذيب الأحكام" للطوسي، حاشية على "الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية" في الفقه للشهيد الثاني.
له جوابات محمد بن الحسن بن شدقم المدني ثم الهندي، ومقالة في عدّ الموثقين بتصريح الطوسي في رجاله.
توفي في شهر ربيع الأوّل سنة تسع وألف، ورثاه تلميذه محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني بقصيدة طويلة، منها قوله:
صحبتُ الشجى ما دمتُ في العمر باقيا وطلّقت أيام الهنا واللياليا
1- نقد الرجال 321 برقم 561، أمل الآمل 1|167 برقم 170، رياض العلماء 5|132، روضات الجنات 7|45 برقم 598، هدية العارفين 2|264، تنقيح المقال 3|152 برقم 1080، تكملة أمل الآمل 353 برقم 344، الكنى والاَلقاب 2|386، الفوائد الرضوية 559، أعيان الشيعة 10|6، الذريعة 20|239 برقم 2756، مصفى المقال 413، طبقات أعلام الشيعة 5|525، معجم الموَلفين 10|320.