ولادته ونشأته:
وُلِد الشيخ الآملي عام (1322 هـ) في مدينة لاريجان، التابعة إلى محافظة مازندران شمال إيران، وكانت نشأته وسط عائلة متدينة، حيث قَضى طفولتَه بين أحضان والدَيه.
دراسته:
تعلَّم القرآن الكريم، وأكمل دراسته الابتدائية، ونتيجة لاستعداداته القوية، وتأثّره بالجو الديني لعائلته، فقد أصبح لديه مَيل شديد لدراسة العلوم الدينية. فذهب إلى مدينة آمُل لإشباع هذا الميل، فأخذ يدرس عند الشيخ أحمد الآملي، والسيد تاج.
وفي عام (1334 هـ) ذهب إلى العاصمة طهران، لمواصلة دراسته في مدرسة (سِبَهْسَالار)، التي كانت تحت إشراف آية الله السيد المدرس، فدرس فيها علوم الفقه، والأصول، والأدب، والفلسفة، وعلم الكلام.بعد أن أنهى مرحلة السطوح العليا في طهران، ذهب إلى مدينة قم المقدسة في سنة (1345 هـ)، لحضور دروس آية الله العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري، وآية الله الكوهكمري، وآية الله الشاه آبادي، وآية الله محمد علي القمي، وبقي فيها ست سنوات، وحازَ على درجة الاجتهاد، وقد أيَّد اجتهاده كلّ من آية الله العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري، وآية الله العظمى السيد محمد حجت.
وفي عام (1351 هـ) سافر إلى مدينة النجف الأشرف، للحضور في دروس آية الله العظمى السيد أبي الحسن الإصفهاني، وآية الله العظمى الشيخ محمد حسين النائيني، وآية الله العظمى الشيخ ضياء الدين العراقي، وغيرهم.
وفي عام (1380 هـ) وبعد أن قضى ثلاثين عاماً في حوزة مدينة النجف الأشرف عاد إلى إيران، في زمن مرجعية آية الله العظمى السيد حسين البروجردي.
أساتذته: نذكر منهم ما يلي:
1- الشيخ عبد الكريم الحائري.
2- الشيخ محمد حسين النائيني.
3- الشيخ ضياء الدين العراقي.
4- السيد أبو الحسن الإصفهاني.
5- السيد محمد حجت الكوهكمري.
6- الشيخ محمد علي الشاه آبادي
7- الشيخ محمد علي الحائري.
تدريسه:
منذ وصوله إلى مدينة قم المقدسة شَرَع بتدريس مرحلة البحث الخارج في الفقه والأصول.وبعد إبعاد الإمام الخميني إلى خارج إيران من قِبَل نظام الشاه، أخذ الشيخ الآملي بتدريس البحث الخارج قريباً من مرقد السيدة المعصومة (عليها السلام)، وذلك في عام (1382 هـ)، وبقي على هذا البرنامج مُدَّة عشر سنوات.
أما عن طريقته في التدريس، فقد كان الشيخ الآملي ماهراً في علم الأصول، ولهذا نجد دروسه الفقهية مشحونة بالتحقيقات الأصولية.وعندما كان يقوم بتوضيح مطلب معيَّن، فإنه يقوم بذكر آراء العلماء الماضين حول هذا المطلب، ثمَّ يوضح آراء المعاصرين، وفي نهاية المَطاف يذكر رأيه الشخصي بذلك المطلب.
صفاته وأخلاقه:
كان الشيخ الآملي في جميع سلوكه وأقواله مقتديا بالرسول الأكرم صلى الله عليه وآله والأئمة المعصومين عليهم السلام. ولهذا نجده لطيفاً في كلامه ولقائه مع الآخرين، مبتعداً عن التكلّف، بسيطاً في حياته، وكل ذلك كان له الأثر البالغ في نفوس مُحبِّيه.
ونذكر منها ما يلي:
تواضعه: كان إنساناً متواضعاً بمعنى الكلمة، فهو متواضع للجميع، وبالأخصِّ لِطُلاَّبه، فنراه يستقبلهم بالوقار والاحترام، ويجلس معهم وكأنه أحدهم، ويُحدِّثهم بدون تكلّف، حتى لو كانوا حديثي عهد بالدراسة. وقد كان بالفعل مُصداقاً لقول الإمام علي عليه السلام: (تَمَام الشَّرَف التواضُع).
دِقَّته والتزامه: قال أمير المؤمنين عليه السلام: (أوصِيكُم بتقوى الله ونَظْمِ أمرِكُم).
نعم كان الشيخ الآملي ملتزماً بهذه الوصية، وقد وضع برنامجاً خاصاً لحياته الدراسية والشخصية، ولفعاليَّاته اليومية.
- احتياطه في إصدار الفتاوى: فقد كان كثير الاحتياط في الفتاوى، ولهذا فهو لا يتسرَّع في الإجابة عن الأسئلة الدقيقة، وقد تستغرق إجابته عِدَّة أسابيع. وبالإضافة إلى احتياطه في الفتاوى، فكان أيضاً مُحتاطاً في صرف الأموال الشرعية إلا في مواردها الخاصة بها.
-عبادته: كان متعبِّداً، جادّاً في العبادة، ومتَّقياً ملتزِماً بأداء العبادات المستحبة، وبشكل خاص زيارة الجامعة وعاشوراء، فقد كان مواظباً عليهما.
-ولاؤه للأئمة الأطهار عليهم السلام: كان مُحبّاً لأهل البيت عليهم السلام إلى درجة العشق، وفي أغلب الأحيان عندما كان يسمع ذكر أحدهم - وبالخصوص ذكر أمير المؤمنين عليه السلام- كانت دموعه تسيل على خَدَّيه، لأنه يتذكر الثلاثين سنة التي قضاها إلى جواره الشريف، أي: سِنِيّ دراستِه.
أما عن اهتمامه بإقامة مجالس عزاء الإمام الحسين عليه السلام، فقد كان يقيم مجلساً للعزاء في كل عام بالمسجد الأعظم، من الليلة الأولى، إلى الليلة العاشرة من شهر محرم الحرام. وكان يشترك بنفسه في هذا المجلس، ويشارك الحاضرين في مراسيم العزاء كافة.
-مواقفه من نظام الشاه: عندما أعلن نظام الشاه عن قانون الانتخابات العامة والمحلِّيَّة في سنة (1379هـ)، هذا القانون الذي كان في الحقيقة خدمة للمصالح الاستعمارية في إيران، استنكرَ علماء الدين هذا القانون الجائر، وكان من ضِمنِهم الشيخ الآملي.
- مشاريعه الخيرية: بالإضافة إلى انشغاله بالدراسة والتدريس، وأمور المرجعية، قام بِعِدَّة مشاريع خيرية. فكان منها بناء مدرسة ولي العصر عليه السلام للعلوم الدينية، في مدينة قم المقدسة.
وكذلك بناء عشرات المساجد في محافظة مازندران، عن طريق المساعدات المالية التي كان يقدِّمها، بحيث أنه أعطى إجازة شرعية لِمُقلِّديه بصرف مبالغ سهم الإمام عليه السلام في مثل هذه المشاريع الخيرية.
مؤلفاته: له مؤلفات كثيرة، نذكر منها ما يلي:
1 - تقريرات درس الفقه للشيخ العراقي.
2- كتاب الطهارة.
3- كتاب الصلاة.
4- كتاب الصوم.
5- كتاب الرهن والإجارة.
6- كتاب البيع.
7- الخيارات.
8- رسالة في النية.
9- تعليقة على
العروة الوثقى.
10- توضيح المسائل.
11- بدائع الأفكار، تقريرات درس الأصول للشيخ العراقي.
12- تقريرات درس الأصول للسيد أبي الحسن الإصفهاني.
أقوال العلماء فيه:
قال فيه آية الله العظمى السيد الكلبايكاني: "كان آية الله الشيخ هاشم الآملي من الفقهاء والعلماء العظام، ومن أساتذة الحوزة العلمية في النجف الأشرف وقم المقدسة، بذل عمره في سبيل نشر علوم آل محمد صلى الله عليه وآله".
وقال فيه آية الله العظمى الشيخ محمد علي الأراكي: "لقد قضى عمره الشريف في التدريس وتربية جيل من العلماء الأفاضل وكان فقدانُه خسارة لا تُعوَّض".
وفاته:
لبَّى قدس سره نداء ربّه في الرابع من شهر رمضان المبارك، في سنة (1413 هـ)، إثر إصابته بنوبة قلبية، بعد أن قضى من عمره الشريف واحداً وتسعين عاماً في خدمة علوم أهل البيت عليهم السلام وعلى أثر رحلته أصدر السيد الخامنئي بياناً، عزَّى فيه الأمة الإسلامية بفقدان هذا العالم الجليل، كما أصدر باقي المراجع العظام بيانات بهذا المصاب الأليم. وقام بتشييعه قدس سره الآلاف من المواطنين في مدينة قم المقدسة، وشاركتهم في ذلك شخصيات من الدولة والحوزة. ودفن قدس سره إلى جوار مرقد السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام.