أهداف الورشة
1-التعرف على مفهوم التفاعل الاجتماعي وأشكاله.
2-إدراك أهمية دراسة الحياة اليومية لتحقيق أكبر قدر من التفاعل.
3-الاستفادة من سبل التواصل لتحقيق مقدار أفضل من التفاعل.
4-تحديد سبل ومعايير تحقيق تفاعل اجتماعي إيجابي، والكشف عن عوائق تحققه.
5-اختبار مستوى المهارات في إبراز عنصر التفاعل مع المحيط.
6-اختبار فئة محددة ودراسة سبل تحقيق تفاعل اجتماعي إيجابي معها.
الفصل الأول: التفاعل الاجتماعي والتواصل في الحياة اليومية
يعيش الإنسان بطبعه حياة مشتركة يلتقي فيها بالكثير من الأفراد والجماعات من حوله ويتواصل معهم بسبل شتى؛ وعندما تتسع دائرة تواصله تشكل فرصة أكبر للتلاقي مع شعوب وثقافات متعددة، وهذا كله يحقق مقدار من التفاعل الاجتماعي. وبقدر ما يكون الفرد مطلعاً وعارفاً بحقيقة الأفراد والجماعات والشعوب والثقافات، يساعد ذلك في تحقيق مستوى أكبر من التفاعل الاجتماعي، وبقدر ما يحوز على مهارات أكبر في مجال التواصل وعلى قدرات ابتكارية خلاقة على مستوى الفعل ينجح في التأثير وبناء علاقات فيها الكثير من هذا التفاعل.
ولتقدير مستوى التفاعل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، لا بد من تناوله في إطار العناصر المؤثرة في عموم الحياة العامة بلحاظ ارتباطها مع هذه العملية.
تعريف التفاعل الاجتماعي
هو عملية يقوم بها الفرد وتظهر بشكل فعل أو رد فعل تجاه حدث ما من حوله، ويكون مقدار الفعل أو رد الفعل هذا بحسب مستوى تأثره بالحدث، فعندما يتلقى الإنسان خبراً ما محزناً يحزن ويتأثر سلباً، وعندما يتلقى خبراً مفرحاً يفرح ويتأثر إيجاباً. والمسألة هنا لا تقتصر على هذا القدر (التلقي فقط)، فالنظرة والإشارة والبسمة والعبوس والعلاقة المباشرة مع مختلف الأمور من حوله وغيرها من الرسائل الموجهة تحقق قدراً متفاوناً من التفاعل الاجتماعي. وتختلف هنا مستويات التفاعل باختلاف خلفيات كل فرد ومستوى معرفته بالأحداث والمجريات الدائرة.
أشكال التفاعل الاجتماعي
يبرز في هذا الصدد نوعان من التفاعل الاجتماعي
1-التفاعل الوجاهي: ويتحقق عبر المواجهة المباشرة بين الفرد ومن حوله من أفراد أو أحداث، فعندما يلتقي الفرد مباشرة بأشخاص أو يرى مشاهدات وأحداث أمامه يتفاعل بشكل مباشر معها، وتنشأ العلاقة هنا ضمن إطار علم الاجتماع المصغّر (المايكروسوسيولوجي).
2-التفاعل الكـلــي: ويتحقق عبر العلاقة غير المباشرة للفرد مع المحيط من حوله فالسماع والمعرفة والقراءة وإيجاد علاقات عامة مع مجمل المؤسسات والأنساق والنظم السائدة (سياسية واقتصادية وإعلامية و... ) يولد مقدار من التفاعل غير المباشر لكل فرد معها، وهنا العلاقة تكون ضمن إطار علم الاجتماع الكلّي (الماكروسوسيولوجي).
ولا شك هنا أن الفرد يعيش مقدار من التداخل في تفاعله الاجتماعي بين ما هو وجاهي وبين ما هو كلي، فعندما يبدر منه فعل أو رد فعل تجاه أمر ما ينطلق من تفاعله الاجتماعي المشترك بين علاقاته الوجاهية المباشرة وعلاقاته الكلية غير المباشرة.
أهمية فهم الحياة اليومية في تحقيق التفاعل الاجتماعي
إن فهم طبيعة مجريات الحياة اليومية التي يعيشها كل فرد تسهم بشكل كبير في تحقيق مقدار كبير من التفاعل الاجتماعي، كون ذلك يُسهم في
1-إدراك تمايز خصوصيات المجتمع الخاص بالمقارنة مع المجتمعات الأخرى.
2-إبراز القدرة في الفعل الابتكاري الخلاق، والذي يتيح لإيجاد فرص من التكيف مع المحيط.
3-تسليط الضوء على الإطار الأوسع في الحياة الاجتماعية وما تحويه من مؤثرات سياسية واقتصادية وإعلامية ومؤسساتية و... .
4-وعي محوري المواجهة المباشرة والخطوط الخلفية، فلكل فعل اجتماعي خلفية انبنى عليها قبل أن يظهر في الصورة الخارجية العامة التي يتواجه بها الناس.
هذه العناوين بالعموم تساعد في تحقيق قدر فعّال من التفاعل الاجتماعي انطلاقاً من فهم طبيعة الحياة اليومية وأحداثها ومجرياتها.
أهمية التواصل في تحقيق التفاعل الاجتماعي
يشكل التواصل مرتكزاً أساسياً في علاقات الأفراد مع بعضهم البعض وفي تحقيق قدر من التفاعل الاجتماعي، ولا يمكن دراسة أي مجتمع ورصد حركة التفاعل فيه دون فهم آليات التواصل التي تؤسس لها وتعكس مستوى العلاقات القائمة، فكلما كان التواصل واضحاً ومحدداً وهادفاً كلما ساعد في إنجاح حالات التفاعل الاجتماعي وبناء علاقات مميزة.
وللوقوف على أهمية التواصل هنا لا بد من استعراض جملة من العناوين المرتبطة به، والتي تساعد في مقاربة عملية التفاعل الاجتماعي من هذا الجانب.
تعريف التواصل
هو عملية تخاطب بين جهتين أو طرفين عبر رسالة موجهة من طرف إلى آخر، باتفاق ضمني على مضمون هذه الرسالة لتكون مفهومة بينهما وتحقق أهدافها.
مميزات التواصل
تمتاز عملية التواصل على صعيد التفاعل الاجتماعي بما يلي
1-إنها عملية تخاطب عامة وأساسية يلجأ إليها كل الأفراد في كل المجتمعات بأساليب شتى.
2-إنها عملية متنوعة في الشكل والمضمون وليست محصورة بأنماط محددة.
3-إنها عملية مختلفة باختلاف المجتمعات ولديها قابلية التكيف مع طبيعة كل مجتمع وطبيعة سبل التواصل فيه.
4-إنها عملية تختلف ضمن المجتمع الواحد باختلاف الفئة المتلقية على مستوى العمر والجنس والوعي والإدراك.
5-إنها عملية قابلة للتحليل ورصد الأبعاد الخلفية في الصورة الظاهرة لها.
أنواع التواصل
بحسب معيار التصنيف يبرز أكثر من نوع للتواصل، فمن حيث العدد يمكننا ملاحظة
1-التواصل الشخصي: هو التخاطب المباشر بين شخصين على مسافة قريبة أو عبر وسيلة ما (هاتف، انترنت، ... ) ويكون المضمون خاصاً.
2-التواصل الجماهيري: هو التخاطب بين فرد ومجموعة، إذ تُوجَّه الرسالة إلى عدد كبير من الأشخاص، ويكون المضمون عاماً وفي مورد الاهتمام.
أما من حيث الشكل، فبالإمكان ملاحظة نوعين أيضاً من التواصل، هما
1-التواصل الشفوي: هو التخاطب عبر الكلام المباشر والموجه من طرف إلى آخر ضمن اهتمامات وتقاطعات مشتركة بينهما.
2-التواصل غير الشفوي: هو التخاطب عبر مجموعة من تعبيرات ملامح الوجه أو الإيماءات وحركات الجسد، وفي أحيان كثيرة يكون لهذا التواصل وقع على المتلقي أشد من التواصل الشفوي .
هذه الأنواع على اختلافها، يؤدي كل منها دوره على صعيد التفاعل الاجتماعي بحسب مقدار الاستفادة منها من قبل المصدر الموجِّه للرسالة.
الدائرة الاتصالية
تتألف الدائرة الاتصالية من العناصر الأربعة التالية
1-المصدر: وهو المرسل الذي يقدم الرسالة، فقد يكون شخصاً أو جهة أو هيئة رسمية أو اجتماعية أو صاحب سلطة، أو أي فرد لديه مضمون يريد إيصاله إلى الآخر.
2-المتلقي: وهو الجهة المخولة باستلام الرسالة، ويكون على نوعين تبعاً لنوع الرسالة
-متلقي عـام: حيث تكون الرسالة عامة وموجهة إلى مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية (خطبة سياسية).
-متلقي خاص: إذ تكون الرسالة خاصة وموجهة ضمن مضمون محدد لفئة محددة (درس جامعي في اختصاص محدد).
3-الرسالة: وهي الموضوع المراد إيصاله من المصدر إلى المتلقي، وتحتاج إلى
-لغــة مشــتركة: وليس المقصود هنا اللغة المحكية (العربية أو الأجنبية) ولكن مختلف وسائل التفاهم بين المصدر والمتلقي (كلام، إشارة، نظرة، رمز، ... )
-وسيلة المخاطبة: أي الطريقة التي تنتقل معها الرسالة (الكلام، الكتابة، المشاهدة، العرض، ... ).
-المضمون: وهو مادة الرسالة المراد إيصالها، إذ يجب أن تراعي هوية المتلقي والحاجات المعنوية والمادية والقضايا العليا التي تهمه.
4-التغذية الراجعة: وهي القياس لمدى تحقيق التواصل للهدف المرجو منه، فبعد إيصال الرسالة إلى المتلقي، لا بد من التحقق من بلوغ الهدف وذلك عبر ملاحظة رد الفعل الناتج عن المتلقي (قبول، تأقلم، معارضة، رفض، ... ).
هذه العناصر أساسية وهامة على صعيد التفاعل، وحُسن الاستفادة منها لا شك بأنه يساعد في تحقيق تفاعل اجتماعي ناجح.
في الخلاصة، إن عملية التواصل لها دور هام وفعال في سبيل تحقيق التفاعل الاجتماعي، فكلما كان التواصل هادفاً وضمن معايير واضحة ومدروسة كلما ساعد على تحقيق مقدار أفضل من التفاعل والعكس صحيح.
الفصل الثاني: التفاعل الاجتماعي الإيجابي في العلاقات بين أفراد المجتمع وكيفية تحققه في التعامل مع فئة محددة
بعد أن تم تناول موضوع التفاعل الاجتماعي وأهميته في الحياة العامة وكيفية تحققه عبر سبل من التواصل السليم، لا بد من التوقف عند عناصر إنجاح هذا التفاعل وتحقيق قدر من الإيجابية في العلاقات ما بين أفراد المجتمع.
عناصر التفاعل الاجتماعي الإيجابي
لتحقيق تفاعل اجتماعي إيجابي، لا بد من الحرص على وجود تواصل ناجح ومعرفة شاملة، وهذا يعود إلى التالي
1-الفهم المتبادل بين أطراف عملية التفاعل: حيث إدراك كل طرف للآخر يحقق مقدار إيجابي من التفاعل.
2-التوجه إلى العواطف: كون الأثر أقوى من مخاطبة العقل فقط.
3-المودة والألفة: عندما ترتكز العلاقة بين الأطراف على مقدار من القرب والقبول فذلك أفضل لمستوى التفاعل.
4-اقتران القول بالفعل: في التعاطي مع المحيط لا بد من الحرص على أن يوافق العمل القول، لازدياد مقدار الثقة وتحقيق تفاعلاً ناجحاً.
5-قصر خط التواصل: حيث أنه في التواصل المباشر والقريب تنجح عملية التأثر والتأثير فيتحقق التفاعل الإيجابي.
6-اعتماد اللباقة والتهذيب: فالإنسان بطبعه يألف السلوك الحسن والجميل وهذا يساعد في تحقيق مقدار من التفاعل الإيجابي والمقبول.
معوقات التفاعل الاجتماعي الإيجابي
في العلاقات مع المحيط تبرز جملة من العوائق المعرقلة لعملية التفاعل الاجتماعي والإيجابي بين مختلف الأطراف، وأبرز هذه المعوقات هي
1-معوقات لغوية: وليس المقصود هنا فقط اللغة المحكية (العربية أو الأجنبية) ولكن أيضاً التعابير والمفاهيم والمصطلحات المستخدمة، فعندما لا تتناسب بين أفراد مختلف الأطراف يضعف التفاعل بينهم.
2-معوقات إدراكية: حيث عدم الإلمام أو المعرفة بثقافة وأفكار وخبرات وتجارب فئة ما يعيق من إمكانية التفاعل وإنجاح العلاقة معها.
3-عدم استخدام وسيلة التواصل المناسبة: في كثير من الأحيان ما يعيق عملية التفاعل هو سوء الاستفادة من سبل التواصل الملائمة مع مختلف الأطراف في المجتمع، فكل فئة أو مجموعة تحتاج إلى أسلوب مناسب.
4-طبيعة أطراف التفاعل: حيث قد يصطدم المرء بنماذج اجتماعية سلبية لا تقدر أهمية التفاعل ولا تعير اهتماماً لتحقيق علاقات إيجابية، وهذا يعيق تحقق تفاعل اجتماعي إيجابي.
من المهارات التي تساعد في تحقيق تفاعل اجتماعي إيجابي
هناك مجموعة من المهارات التي يمكنها أن تحقق قدر من التفاعل الاجتماعي الإيجابي بين مختلف الأفراد في المجتمع، فمتى ما تمتع بها المرء ساعده ذلك في تحقيقه. من هذه المهارات
1-مهارة الحديث: والتي يجب أن تشمل
-الوضوح.
-الدقة.
-الاختصار.
-البساطة في اللغة.
2-مهارة الانصات (الاستماع): والتي يجب أن تشمل
-الاهتمام.
-الهدوء.
-الصبر.
-مراعاة الجانب النفسي للآخر.
3-مهارة الكتابة: والتي يجب أن تشمل
-الوضوح.
-الدقة.
-الاختصار.
-التعبير المناسب.
4-مهارة القراءة: والتي يجب أن تشمل
-التدبر.
-التركيز.
-الحاجة الفعلية.
-مناسبة الظروف الزمانية والمكانية.
هذه بالإجمال جملة من المهارات يحتاج اكتسابها إلى مراس من قبل الفرد، وغالباً ما ينجح الفرد بها عندما تنسجم مع طباعه وسلوكه العام، وإلا مهما حاول البعض في اكتساب بعض المهارات فإنه لا يقدر دائماً على تحقيق المقدار المميز فيها نتيجة طبع ما يعاكس ذلك.
نموذج يكشف عن إمكانية تحقيق تفاعل اجتماعي إيجابي مع فئة محددة
من النماذج البارزة على هذا الصعيد والتي يمكن تناولها كعينة لاختبار مدى قدرة الفرد على النجاح في تحقيق قدر من التفاعل الاجتماعي الإيجابي هي فئة المراهقين؛ فعالم المراهقة بما ينتابه من متغيرات ويخضع لمؤثرات يجعل من تلك المرحلة محطة هامة وحساسة من عمر الفرد، والتعامل معها يحتاج إلى مقدار كبير من الدقة والحذر والوعي، فبقدر ما يمتلك المرء من قدرات تواصلية وإدراكية ومهارات متعددة ينجح في التفاعل معها والتأثير على الأفراد، خاصة وأن هذه المرحلة تتكون فيها الشخصية المستقبلية.
فما الذي يجب معرفته بالإضافة إلى المهارات التواصلية هنا؟
ما هي مرحلة المراهقة؟
يُعرِّف علماء النفس والتربية والاجتماع مرحلة المراهقة بأنها المرحلة العمرية التي ينتقل فيها الفرد من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج والرشد، مع ما ترافقها من متغيرات فيزيولوجية ونفسية واجتماعية.
العناصر الأساسية المؤثرة في تكون الشخصية
تتأثر هذه المرحلة بجملة عوامل أبرزها
1-مرحلة النمو الجنسي: حيث تشهد هذه المرحلة جملة من المتغيرات الحاصلة على مستوى الجسد، والتي قد ترافقها بعض المشاكل إذا لم يتم التعاطي معها بشكل سليم، فيعيش بعض المراهقين نتيجة سوء التعاطي حالات من الكبت والتوتر فتسوء العلاقة مع المحيط مما يعيق تفاعلهم الاجتماعي الإيجابي معه، في حين أن حسن التعاطي مع المتغيرات يوفر حال من الاستقرار المساعد على التفاعل بشكل أفضل.
2.العلاقة مع الأهل: يبرز على هذا الصعيد نمطان
-الأول: الموافق والمنسجم مع التوجيهات والخيارات التي ينتهجها الأهل.
-الثاني: المتصادم والرافض لخيارات الأهل والباحث دوماً عن البدائل.
وكلا النمطان لهما تأثير مختلف، فالأول يساعد على التفاعل في حين الثاني يعيق هذه العملية.
3-الوعي واليقظة لدى المراهق: حيث أن المراهق تتولد لديه الرغبة في التعرف على مواضيع جديدة، وكلما كان منسوب اليقظة لديه أكبر كلما ساعد على التفاعل أكثر، في حين انخفاض مستوى اليقظة يحد من قابلية التفاعل، وهذا يعود إلى مستوى رعاية المحيط له وطبيعة العلاقات السائدة.
الانعكاسات الاجتماعية لمرحلة المراهقة
تبرز انعكاسات عدة على مستوى السلوك الاجتماعي للمراهق جراء هذه المرحلة
1-ملامح الرفض والتمـرد: تظهر ملامح رفض النظام ورفض العاطفة الزائدة من قبل الآخرين، كما والتمرد الدائم على الأنظمة والقوانين.
2-السعي نحو الاستقلالية: يسعى المراهق إلى تحقيق مستوى من الاستقلالية الذاتية والحرية في اتخاذ القرارات ليتمايز عن أهله ويتطابق مع أصدقائه.
3-الرغبة في الانتماء إلى الجماعات: حيث يعمد إلى التقرب من فئات يلتقي معها في الخيارات والتوجهات ويحقق من خلال ذلك حضوره الاجتماعي.
الانعكاسات النفسية لمرحلة المراهقة
نتيجة للمتغيرات المستجدة في حياة الفرد، تبرز لدى البعض مجموعة من المتغيرات على المستوى النفسي، منها
1-انقلاب الشعور: حيث يشعر الفرد بتبدل الشعور تجاه محيطه، نتيجة التغير في تعاطي المحيط معه (عدم الإعجاب به، التعاطي معه كمسؤول، ... ).
2-العدوانية: إذ يعقب انقلاب الشعور حال من الانفعال الجسدي أو الكلامي أو حتى العدوان على النفس من خلال العزلة والأنزواء.
3-البحــث عن نمــاذج جديـدة: نتيجة للتبدلات التي تطرأ، يسعى المراهق لبناء علاقات جديدة مع من يتناغم معه في الأفكار والهواجس، وقد يكون من الجنس الآخر.
4-الإعجاب النرجسي بالذات: يعيش المراهق حالة من إعلاء شأن نفسه وإثبات قدراته والاعتماد على الذات نظراً للاعتقاد بأن الآخرين يحرمونه الحب والمودة.
الانعكاسات الثقافية لمرحلة المراهقة
على المستوى الثقافي تبرز مجموعة من الانعكاسات في شخصية المراهق، منها
1-الرغبة بالبحث والتعرف على مواضيع مختلفة (سياسية، اجتماعية، رياضية، دينية، ... ): وذلك لإشباع الحاجة المعرفية والعلمية وتحقيق مكانة بين الآخرين.
2-اعتماد لغة خاصة: حيث يلجأ المراهقون إلى لغة خاصة في التواصل بين بعضهم البعض، وهذه اللغة لها مفرداتها ورموزها، دون أن يدركها الآخرون.
3-الاهتمامات المعرفية الخاصة: إذ يبرز لدى المراهق دافع باتجاه تكوين قدر من المعارف الخاصة به وباهتمامات مرحلته العمرية ويعمد إلى تقديمها والدفاع عنها أمام الآخرين.
4-اختلاف النظرة إلى الذات وإلى المجتمع: يعيش المراهق حالة من الفهم الخاص لنفسه مقابل فهم آخر للمجتمع وغالباً ما تتعارض أنماط الفهم بين الاثنين.
الأنماط المرصودة من حالات المراهقة
إن اختلاف المؤثرات على حياة المراهقين، مع ما تختزنه شخصياتهم، تُولِّد أنماطاً مختلفة في التعاطي على مستوى السلوك، وكل منها يحتاج إلى مقدار من الإدراك والوعي لإنجاح عملية التفاعل الإيجابي معه. ومن بين هذه الأنماط:
1-النمط التقليدي الشكلي: وهو الذي يساير المحيط من حوله ويسلِّم للأعراف والتقاليد وخيارات الأهل.
2-النمط المتمرد الثوري: وهو النمط الساخط على الواقع والمؤمن بضرورة التغيير نحو الأفضل برأيه.
3-النمط الباحث عن اللذة: إذ يسعى لإشباع رغباته دون التقدير لعاقبة الأمر، فيبدو سعيداً ولكن سرعان ما يكتشف سوء خياراته نتيجة إهماله لجوانب أخرى في بناء شخصيته.
4-النمط الجانح: حيث سيطرت عليه مشاعر العدوانية وإلحاق الأذى بالذات وبالآخرين لتحقيق مكتسب ذاتي.
5-النمط العقـلاني المتفـهـم: وهو المدرك لحقيقة المرحلة فيحسن الأداء انطلاقاً من فهمه لذاته وحاجته للاستقرار بعيداً عن التجاذبات السلبية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأنماط قد تتداخل مع بعضها البعض، لتنتج شخصية مراهقة تجمع ما بين أكثر من نمط، كما وأنها تستمر على مستوى سلوك الفرد لسنوات عمرية لاحقة، تتجاوز فيها مرحلة المراهقة.
في الخلاصة، إن الإطلالة السريعة والعامة على مرحلة عمرية هامة وحساسة بهذا الشكل يساعد في تكوين صورة أولية تسهم في تحقيق قدر من التفاعل الاجتماعي الإيجابي؛ ويبقى في المقابل مهارة الفرد في الاستفادة من مجموعة من القدرات وتوظيفها في إطار تحقيق هذا التفاعل.