الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1648 22 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 24 كانون الأول 2024 م

اغتنموا أيّام الله

بابُ المعروفِكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من النساء من أرجاء البلادكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع مدّاحي أهل البيت (عليهم السلام) وشعرائهم، في ذكرى ولادة السيّدة فاطمة الزّهراء (سلام الله عليها)الصبر في العمل مراقبات

العدد 1647 15 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 17 كانون الأول 2024 م

السيّدة الزهراء (عليها السلام) نصيرة الحقّ

وَهِيَ الْحَوْرَاءُ الْإِنْسِيَّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع مختلف فئات الشعب بشأن التطوّرات في المنطقةانتظار الفرج
من نحن

 
 

 

التصنيفات
ورشة اللغة إلاعلامية المبادئ والمعايير
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تحميل

 دليـل الورشـة

سيتم عرض هذه الورشة وفق التالي
• أهداف الورشة.
• مدخل حول الإعلام والعملية الإعلامية.
• اللغة الإعلامية.
• تعريف اللغة الإعلامية.
• مبادئ عامة.
• أهم المعايير في اللغة الإعلامية.
• قواعد عامة أخرى للغة الإعلامية.
• نماذج تطبيقية.

أهـداف الورشـة

يتوقع في نهاية هذه الورشة
• أن يتعرف المشارك على أهم معايير اللغة الإعلامية (التلفزيونية ، المقروءة والمسموعة).

مدخل إلى الإعلام والعملية الإعلامية

فيما يلي نضع بين أيديكم أهم العناوين التي تُبحث في إطار الحديث عن الإعلام كمادة لها سياق أكاديمي محدد الأهداف يوصل إلى المطلوب من خلال حسن الاستفادة من مختلف الوسائل الإعلامية (المرئية، المكتوبة والمسموعة)
وهذه العناوين هي :
• اللغة الإعلامية .
• أساليب الإقناع.
• الدعاية والحرب النفسية.
• نظريات إعلامية.
• العلاقات العامة.
• الإعلام الشعبي ووسائله.
• إعداد برنامج ديني حواري.

اللغـة الإعلاميـة
• اللغة الإعلامية هي لغة جماهيرية فلا بد من تحديد واختيار الرموز والإشارات التي تطابق تلك التي يختزنها المتلقي في الإطار الدلالي (المخزون المعرضي) ، وهذا يقتضي البعد عن المفردات والكلمات الوحشية أو الأعجمية كي يتمكن المتلقي من تفكيك الرموز المودعة في الرسالة.

عند الحديث عن اللغة الإعلامية يتم التعرض للعناوين التالية:
- مبادئ ومعايير اللغة الإعلامية.
- اللغة السيميائية والأداء الإعلامي (اللوك).
- المصطلحات والرموز والقوالب النمطية.
هذه اللغة الجديدة التي ولدت ونمت في رحم وسائل الاتصال الجماهيري أنتجت خطباً ولغة خاصة لا تنفصل عن الزمان والمكان والاجتماع الإنساني. هذه اللغة الإعلامية باتت أيضاً خاضعة لسلطة الزمن وحبيسة أحداثه ووقائعه المتعاقبة فتجد على سبيل المثال أن مفردات ومصطلحات ورموز تولد وتموت في خضم الحدث سواء أكان حدثاً تاريخياً... أو حدثاً إعلامياً.

هذه المفردات التي تم تداولها بقيت رهينة الاستخدام الاجتماعي الإعلامي، ومن لغة الحرب اللبنانية التي استمرت أكثر من سبعة عشر عاماً نستقي بعض المفردات التي كانت وليدة هذا الاستخدام الإعلامي والاجتماعي لها ( بمعزل عن المدلول الحقيقي واللغوي ): المحاور المشتعلة، المعابر، الطرق السالكة، خطوط التماس، الشرقية، الغربية.

هذه اللغة تتسم بالتحديد أو العزل للمعنى وتتسم بإمكان نقل فوري للرسالة بمعزل عن كل تأويل يمكن أن يفقد الرموز والإشـارات معانيهـا الحقيقيـة.

( والاستخدام اللغوي والإعلامي لما هو شائع يجعل هذه الرموز والإشارات أو يجعل لغة الرسالة لغة محددة في دلالاتها التي كانت أو لا تزال سائدة في الاجتماع الإنساني ويسلب منها المعاني الحقيقية).
وباتت اللغة الإعلامية متميزة عن غيرها من اللغات من حيث استخدام عدد من المفردات والرموز والإشارات التي أصبحت ذات ترداد وتكرار هام في وسائل الاتصال الجماهيري. لقد أصبحت هذه المفردات الأسماء والأفعال والمفاعيل والبنى الخبرية تشكل لغة ذات قاموس واحد موحد تشير بقوة لهوية وشخصية ولجوهر واحد يدل عليها. وبالرغم من الاختلاف القائم في الاتجاهات والسياسات والأنظمة فإن مختلف الرسائل ذات الطابع الوكالاتي الخبري تجسد لغة واحدة.

هذا الاستخدام التكراري لمفردات اللغة الإعلامية بات أيضا يتجلى حتى في الصورة أو اللغة التصويرية ويتميز هذا الوصف بالبساطة وبتجسد الصورة الكلية في الكتابة المرئية ولكنها (تفصيلية) في اللغة المكتوية.

كذلك فإن ما يسمى بالشكل بات ويقطع الرسالة الإعلامية في وحدات خبرية وعناوين ومقدمات في أعمدة معدودة وصفحات قليلة أو مرقومة. هذا الإخراج للرسالة بات واحداً يحكي لغة واحدة تحاول تقديم وإبراز الحدث من خلال المساحة والمكان والعنوان والألوان.. أما في المرئي فإن المساحة الزمنية والشريط المصور وتقديم الحدث في الزمان الإخباري هو العامل الهام الذي يضفي القيم الخبرية والأهمية على الأحداث وينزعها عن غيرها من الوقائع.

هذه اللغة في المطبوع تختلف بعض الشيء عن غيرها في المرئي والمسموع.. إن الصورة الكلية هي التي تطهر في الكتابة المطبوعة وهذا يفترض اهتماما خاصاً بالكل أي بالرسالة كجمع من الأخبار تظهر بقوة في الصفحة الأولى للعين، وهذا ما لا يمكن حدوثه في المرئي والمسموع إلا من خلال عناوين تقدم الصورة الكلية لجملة الأحداث التي تتضمنها النشرة.

هذه الصورة الكلية للأحداث تقتضي تقطيعاً لها في وحدات وأعمدة وكادرات وأطر تجعلها جمعاً واحداً في الصفحة تجول عليها العين ولذا فإنها أي هذه الرسالة تحاول أن تخاطب العين وتأسرها إن من حيث جعل العناوين الكبرى المانشيت في المكان الأعلى مرفقة بالصورة أحيانا أو من حيث رفع الأخبار أو الأحداث الهامة إلى مركز أو دائرة الاهتمام التي يثبت عليها البصر في الرسالة المطبوعة.
 

 

اللغة الإعلامية مبادئ عامة ومعايير


مبادئ عامة

المبدأ الأول: جوهر العملية الاتصالية. (ترجمة المشاعر والميول والانطباعات والتصوّرات الذهنية).
الرسالة تترجم مشاعر وأفكار المرسل وتنقل أحاسيسه وميوله وغرائزه وعصبيته، من خلال لغة إعلامية لها رموزها ومصلحاتها تمكّن الإعلامي من إيصال الرسالة.

وبالطبع يمكن ترجمة المواقف والمشاعر الإنسانية من خلال المشهد والصور، لكن الكلمة تبقى الأشد قوة في تحديد المفاهيم والمجردات والكليّات... .
بل هي أدق في توصيف المطلق وكل التصوّرات العقلية والوجدانية والنفسية... .

كذلك أكّد الإسلام على الكلمة1 ودورها في العملية الاتصالية وأولادها شأناً عظيماً حتى كانت هي النص المقدس والخطاب الإلهي للبشر.

المبدأ الثاني: أن تحمل الرسالة جديداً.
يقول علماء الاتصال انه يجب أنتظهر الرسالة الإعلامية في وسط قطبين أساسيين، القطب الأول هو الجِدّة، والثاني هو الابتذال (أي ما هو تكراري وراسخ في ذاكرة الرأي العام).
الجِدّة والابتكار الشديدين يمكن أن يجعل الرسالة عقيمة غير مفهومة ولا يمكن تفكيك رموزها من الجهود (بالرغم من الصناعة الإبداعية)..
أما الابتذال فهذا يعني أن تحمل الرسالة
رسالة سبق أن اختزنها الجمهور فتصبح
بلا قيمة أو أهمية (على الرغم من أهميتها
بما تحمله من القيم التربوية أو الفكرية أو الدينية).

المبدأ الثالث: الجدّة والإبداع في اللغة والشكل والقوالب والأفكار والمعتقدات.
سمتان تظهران في لغة القرآن وخطابه ولذا يمكن اعتمادهما في الخطاب واللغة والقصة والموضوعات.. (الجدة والابتكار في الشكل والقوالب الفنية والأسلوب والمنهج واختيار العناوين والموضوعات ومتغيراتها في الواقع وعلاقتها بالتشريع الإسلامي).

أما الأسلوب المتعلق بالابتعاد عن المبتذل والتكراري فهذا من حيث المبدأ يتناقض مع طرحنا المعرفي والفكري والرسالي. إذ إن هذا الطرح قائم على ترسيخ المعارف والأفكار والمعتقدات الدينية والتربوية من خلال التكرار والثبات عليه في المناسك والشعائر والتلاوة والذكر والتوجيه والإشراف والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...

لكن ما هو الجديد وكيف يمكن الخروج من عناوين ثابتة ودائمة وقيم لا تتبدّل وشريعة مقدّسة لا يمكن تبديلها.

هنا لا بد من أشكال وقوالب فنية جديدة في العرض ولا بد من ملامستها للواقع الاجتماعي الثقافي الديني مع متغيراته وما يحمله من طروحات وتحدّيات للشريعة والحياة.

حتى انه من خلال التبدّلات والمتغيرات في الطروحات في الأنظمة الليبرالية الرأسمالية.. وتداعي هذه الليبرالية بعد تداعي المجتمعات الاشتراكية وطرحها الشمولي.. يمكن أن يشكل أو تشكل كل المتغيرات على الساحة في مختلف التجمعات والحضارات مرتكزات جديدة لطرح البدائل أو للكشف عن هشاشة هذه النظريات الشمولية أو الليبرالية أو ما شابه.

المبدأ الرابع: تداعيات خرق السنن والأعراف والعادات والتقاليد الخارقة لل... والمتصلة بالحدث الانقلابي2.
ولذا فالإعلام الذي يترجم ميول وتطلعات ورغبات... الجمهور يميل إلى متابعة الجديد والمبتكر والإبداعي وما يخرق العرف والعادات والسنن الاجتماعية وحتى السنن الأخرى ولذا فإن الثبات والاستقرار الاجتماعي أو الاقتصادي وحتى السياسي، لا يشكل مادة إعلامية بالرغم من أهمية معدّلات الاستقرار ذات الدلالات على مؤشرات ثبات النظام الاقتصادي واستقرار الوضع الاجتماعي بعيداً عن أي انقلابات أو تغييرات.

الإعلام يركز على الانقلابي التغييري وما يخرق كل هذه الثوابت في الظواهر والسنن والأعراف و... وهذا ما يميل إليه البشر والناس.

إن موضوعات الجريمة وعملية الاغتيال أو النصب وحوادث السير و...، كلها تطفو في الإعلام كأخبار سلبية وتطغى على تلك الإيجابية. إن الصراع والتحديات والحروب والمشاحنات السياسية والحزبية و...، كلها تطغى في الإعلام على ما عداها، والناس أو العقل الجسمي يرسخ فيه كل ما هو سلبي بائس أكثر ما يرسخ فيه المنجزات العلمية الفكرية والأدبية وحتى ا لفنية والاجتماعية، لذلك تتصرم أواصر الصلة بين التاريخ والحاضر في الإعلام3 ويطغى الآني على ما عداه.

المبدأ الخامس: الارتباط بالحاضر والراهن (العامل الزماني)
يصبح الإعلام أسير اللحظة والبرهة والنقل المباشر والفوري وهذا كله يضخم الوقائع والأفكار والمعتقدات والمشاحنات والنزاعات ويمسرحها ويمكن أن نعطي مثالاً واضحاً على هذا الخضوع اللاوعي لرصيد النقل الفوري اللحظوي والتي شكلت أكبر عملية تحريض وإثارة إعلامية مباشرة في التاريخ المعاصر وكان (باستثناء الحروب وتفصيلها في أواخر القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة) لها دور كبير في تضليل الرأي العام الغربي والأميركي، وتشريع الحرب على "الإرهاب الإسلامي.

أهمية هذا الاختراق الذي يلجأ إليه الإعلام الغربي الأميركي والإسرائيلي بالتحديد يدل على استعداد الرأي العام العربي والإسلامي (والرأي العام الآخر) للتأثر بهذا النوع من الإعلام وتقنياته وأساليبه؛ ولذا يمكن استخدام هذه الأساليب وتلك المتعلقة بملاحقة وتغطية ومواكبة الأحداث السياسية والاجتماعية والثقافية في مستجداتها ومتغيراتها كي لا تطرح عناوين من محاضرات أو حوارات يمكن أن تُطرح حتى من قَبْل سنوات عشر أو عشرين... إذ ما يميز عصرنا والأجيال الجديدة التي سنخاطبها... ألم نخلق لزمان غير زماننا!.

قراءة نقدية لقداسة "الحاضر" والواقع في الإعلام

إن "الإبادة العرقية"، أو "الهولوكست"، الذي استُخدم إعلامياً وسياسياً لاستمالة الرأي العام المعادي لليهودية أو للضغط على الحكومة والأنظمة الغربية يسمى إستراتيجية التوسيل الأداتي "للإبادة العرقية". وحين ظهرت إسرائيل، من بعد، في صورة "بلد صغير جداً على الخارطة، وهو محصور بين البحر وأعدائه. عاد شبح الإبادة الجماعية (المزعوم) إلى الظهور كاشفاً عن جدواه الفاعلة".

وهكذا تم استخدام التاريخ "المصطنع" للإبادة، وبان أثره إبان وقبل وبعد قيام الدولة العبرية الصهيونية، وحين اتصل هذا التاريخ المؤدلج بالأساطير التوراتية "لأرض الميعاد" و "شعب الله المختار"، الذي غرق في الشتات، بات ينتج تاريخاً دينياً أسطورياً ومؤدلجاً، يُستخدم في الضغط على الرأي العام وفي تدعيم جمع الشتات اليهودي في الكيان العبري.

وفي حين يحيي اليهود "الكوارث" التاريخية، التي تساهم كما يقول د. "قسطنطين زريق" في خلق الوعي بالتاريخ (التاريخ الأسطوري الزائف عند اليهود)، نجد أنّ العرب، كما يقول "عبد الله العروي"، ينظرون نظرة تقليدية للتاريخ وينسلخون عنه.. ويؤكد أن حروب الهزيمة وتاريخ الهزيمة الذي ولد بعد الـ67 قد نسف الإيمان بالوعد الإلهي والتاريخي، وحلّ مكانه وبسرعة وبدون سابق إنذار كما يقول "يأس شامل"، ويصفه بأنه إنفعال "يوازي ما لاحظناه عند المؤرخين القدامى عندما يهوون من تاريخ نوراني يشعّ في دروبه الأمر الرباني إلى تاريخ حالك، مهلهل وممقوت".

وبعد إشارته "للحق التاريخي" لليهود، الذي يظهر في دعايتهم لدى قراءة التوراة والإنجيل، يؤكد أن العرب لم ينعشوا الحق بالعمل المستمر حتى كادت معالمه تختفي: "إن الساسة الإسرائيليين قد اعتمدوا دائماً- في مخططاتهم- نظرة العرب التقليدية للتاريخ. وينتظرون منهم أن يتركوا الزمان يمرّ دون اتخاذ قرارات حاسمة، فتتركز بذلك الأمور الواقعية التي ينجزها الإسرائيليون".

لكن المقاومة، وفي العقدين الأخيرين من القرن الماضي، أحيت التاريخ المنسي وأحيت خطاب المقدّسات والرموز في الوعي والثقافة والاجتماع العربي والإسلامي. وتأتي مرحلة التحرير لتؤكد الإنجاز التاريخي والغيبي في موازين القوى والإستراتيجيات العسكرية.

لقد لعبت من جديد قوةُ الأيديولوجيات الإلهية أو الدينية الدورَ الهامَ في إحياء ذلك التاريخ الإسلامي النوراني، الذي كان فيه الأمر الإلهي حاضراً.

ولكن خطاب المقاومة، وإن بعث أخيراً هذا التاريخ وأحيا تلك الروح والثقة بالذات وبالهوية عند الإنسان العربي والمسلم بعد اليأس والإحباط، فإنه (أي الخطاب) لم يكن قط لينقطع عن ذاك التاريخ وذاك الخطاب الإلهي، الذي يَعِد بالمدد وبالنصر وبتحرير المقدسات.. ولم ينفصل هذا الخطاب العقيدي والديني عن الخطاب التاريخي (وعن تاريخ الصراع والعداء، الذي تأصّل وترسّخ في الثقافة العربية والإسلامية). الذي لم يكن أسطورياً أو تقليدياً، بل كان يرتكز على المفهوم التغييري للواقع (الذي يدعو إليه "العروي") كي يصبح هذا الفهم والوعي التاريخي دافعاً للثورة والتقدم.

ولإدراك هذا الوعي لا بد من سبر غور هذا الخطاب التاريخي المؤدلج، لاكتشاف عناصر القوة في الخطاب الإعلامي للمقاومة الإسلامية. وهنا سنحاول القيام بأمرين. أولاً ،استحضار الخطاب العقيدي الإمامي أو الخطاب "الحسيني الكربلائي"، ومن ثم سنسعى وبإيجاز لتحديد معالم الخطاب الإسلامي في المرحلة الثانية، وهي مرحلة خروج الخطاب إلى العالم العربي والإسلامي. (راجع الملحق)

المبدأ السادس: الارتباط بالمكان:(أي المجتمعات والحضارات التي تتوجه لها الرسالة )
كلما كانت الأحداث والوقائع والرسائل من التحديات، والحروب، و...، على قرب منا كلما كان التأثر شديداً وكلما نأت عنا كلما كان وقعها أقل وطأة حتى تكاد تختفي من ذاكرتنا واهتمامنا إذا كانت في أصقاع نائية (لكن الرابط الوطني القومي أو العقيدي والإنساني يلغي المسافات).

المبدأ السابع: الخطاب الملحمي والأسطوري 4: (صناعة الأساطير والوهم5 وكي الوعي 6).

إن لدور السلطة ودور القيادات والزعامات والقديسين ودور العادات والتقاليد والمواريث (حتى في المعتقدات والقيم و...) ودور العقائد الموروثة والتاريخية أثر عظيم في الهيمنة على العقول ووعي الناس. والإعلام يشكل وسيلة جماهيرية جبارة في ترجمة السلطة وقوة نفوذها وبأسها بالإضافة إلى قدرة الإعلام في تعظيم القداسة والتمجيد والتأليه للقادة والزعامات وحتى للمعتقدات والأفكار والموروثات والتاريخ... كذلك فإن للتربية والثقافة... دور آخر.

أهم المعـايير في الكتابـة

1- التغطية الآنية للوقائع وتداعياتها (حين تتعذر التغطية المباشرة).
2- الأهمية والقيمة الخبرية للحدث أو القصة.


وتنحدر من خلال المعايير الجزئية التالية7:
1- الحدث ومتغيراته وتداعياته.
2- ما هو الأثر الذي يتركه الحدث أو القصة في المجتمع (مع لحظ آنية الحدث والآثار المباشرة والحالية).
3- هل متغيرات الحدث أو القصة ستترك آثارها في الزمن القريب أو المستقبل البعيد (البعد الإستراتيجي للحدث).
4- هل المتغيرات هي مؤقتة أم دائمة وإذا كانت كذلك فإلى أي ظاهرة إجتماعية- سياسية ... تشير هذه المتغيرات.
5- الأمكنة والأزمنة وأهميتها أو قدسيتها والتي وقع فيها الحدث.
6- الشخصيات والقيادات في الحدث.
7- درجة خطورة الحدث أو القصة أو التهديدات... (هل تهديدات في زمان ومكان أم هو تهديد بحرب أو تهديد وجودي وإبادة).
8- الضحايا أو الجرحى أو الدمار... أو التحدي الأمني والعسكري (درجة التحدي).
9- (التوقيت): إطلاق صواريخ على شمال فلسطين المحتلة إبان حرب غزة وتزامنها مع تهديدات السيد حسن لإسرائيل.
10- الأهمية والقيمة الخبرية (سواء أكانت تمس معتقدات أو عادات وتقاليد ومشاعر هذا الشعب أو ذاك... لذا فالأهمية هنا هي نسبية.

3- تفسير الوقائع والأحداث والشخصيات فقط أو الإخبار عنها
الوقائع تشير إلى هذا التفسير وهنا تختفي ذات الكاتب ولا يظهر كوسيط وطرف في نقل الوقائع.

4- تقديم النموذج القدوة في اللغة والصورة:
أ‌- إن نماذج القادة والقدوة و الشخصيات تصنع الأحداث ولها دور كبير في التأثير في الرأي العام، حتى أن المشاهير وأصحاب الأسماء اللامعة لهم دور أيضاً في اجتذاب الجماهير.
كما أن الأحداث تعصف بالإنسان أو تشكل قصة درامية في حياته تترجم واقع كل فرد أو معظم الأفراد في المجتمع الإنساني أو تمس هؤلاء في إنسانيتهم.
ب‌- كما أن نقل جزء من مسيرة هؤلاء وعاداتهم .. واقتباسات من تصريحاتهم وكلماتهم تضفي المصداقية والدقة على المادة، وبعض كلمات الزعماء والقادة وحتى السياسيين التقليديين تذهب مثلاً وتصبح دالة على اتجاه سياسي أو تفان أو تضحية…:
(الإمام الخميني "كل ما لدينا من عاشوراء").
(السيد حسن نصر الله " يا أشرف الناس يا أكرم الناس ").
وهي كلمات غنية من تداعياتها بل أصبحت مقترنة بخط سياسي مقاوم أو معارض.

5- البساطة والوضوح
وهما سمتان أهم بكثير من المضمون والمادة المعرفية البحثية، وأهم بكثير من الإيجاز الذي يعتبر من الأسس الرئيسية في الكتابة وإلى مزيد من استخدام الكلمات المناسبة وإلى كون النص مفهوماً.

والمقدمة الواضحة تؤدي إلى قصة إخبارية واضحة ولذا الحاجة ماسة لمقدمات واضحة. وتؤكد إحدى الدراسات التي أخرجت حول مقدمات "نيويورك تايمز " خلا شهر كانون الثاني و على مدى 45 عاماً أن متوسط عدد الكلمات انخفض من 38.8 إلى 38 كلمة خلال الخمس والأربعون عاماً. (استقرار في معدل طول المقدمات).

ونتيجة هذه الدراسة بدأت تركز الصحيفة على أمر آخر وهو الوضوح في المقدمة ولذا راجت في أروقة الصحيفة مقولة أحد أركانها: "ليس المهم هو الطول, بل هو الوضوح"
وهذا لا يعني الاستطراد والإطالة بل إن صاحب هذه المقولة هو الذي كان دائماً وراء جملة "فكرة واحدة, جملة واحدة ".
بالإضافة إلى ما تقدم فإن هنالك عوامل عدّة تساهم في الوضوح و غياب التعقيد من النص وهي:
أ‌- الإيجاز: وهو يساهم كثيراً في خفض نسبة الغموض في الكتابة الإعلامية وخاصة التلفزيونية كما أنه يساهم في اختزال الزمن والتوصيل السريع للمعلومة إلى المشاهد.
ب‌- التسلسل أو التتابع: التسلسل أو التتابع يخفض من درجة التعقيد والغموض. قد نضطر أحياناً إلى استخدام أكثر من عنصر أو عنصرين .. في العناوين أو المقدمات. وهنا لا بد أن يلجأ الكاتب إلى ما يسمى بالتسلسل لترسيخ القصة الإخبارية. و قد يكون التسلسل درامياً وزمنياً وهذا ما يظهر في التغطية الإخبارية للكوارث الطبيعية وغير الطبيعية وفي رصد معاناة الناس والمستضعفين … (وقد يكون التسلسل منطقياً أو وضعياً).
ج- تركيب المفردات في سياق "contexte " إن للمفردات و تركيبها في سياق "contexte " دور في توصيل الرسالة الواضحة للقارئ أو المشاهدين، ولذلك فإن قدرة الكاتب على اختيار المفردات المناسبة و الملائمة وسبكها في جملة مفيدة بسيطة التركيب يساهم في توصيل الرسالة.

و هذا يتطلب قدرة على التعبير و السبك اللغوي، ومعجاً من المفردات والمصطلحات الإعلامية التي تتناسب وموضوع الحدث. إذ لكل حقل مفرداته ولغته التعبيرية لذا سرعان ما يتم اكتشاف أو تمييز الكتابة الإعلامية عن غيرها من أنواع الكتابة وتمييز الكتابة الإعلامية عن غيرها من أنواع الكتابة التلفزيونية بأنها أكثر بساطة ووضوحاً وإيجازاً ودقة في التعبير.
و إذا أضفنا الصورة إلى هذا النوع من الكتابة فإن الكثير من الغموض يمكن إن ينجلي، حتى وإن طغت لغة الصورة على الكلمة في المشاهد التلفزيونية فإن للكلمات دور هام في انتزاع الأفكار والتعميمات والمفاهيم.

لا بل إن للكلمات دور كبير حتى في تشويه الصور ودلالاتها (ومثالنا على ذلك محاولة إسرائيل تشويه مشاهد استشهاد محمد الدرة ...).

6- دقّة الملاحظة واللغة الدرامية
على الإعلامي أن يتميز بدقة الملاحظة خاصة حين تكون جزيئيات الحدث أو الوقائع ذات دلالات إنسانية أو سياسية أو اجتماعيه، تهم الرأي العام أو ذات أهمية وقيمة خبرية.

وللّغة والمشهد الدرامي اثر أيضاً: فاقتلاع أشجار الزيتون في غزة من قبل الجرافات الضخمة للإسرائيليين بات جزء من المشهد اليومي الذي اعتاده المشاهد العربي.. لكن مشهد تلك العجوز بمنديلها الأبيض وهي مفجوعة تحتضن بقوة واسى زيتونة معمرة وقد اقتلعتها أسنان جرافة إسرائيلية له دلالات كثيرة ... وهذه الصورة من أهم الصور التي تدل على وحشية العدو في مقابل العديد من الصور والمشاهد التي تبين المواجهات بين الجنود الإسرائيليين وجرافاتهم وبين الأهالي الذين يحاولون صدهم .

وفي اللغة الدرامية ووصف الأجزاء والتفاصيل حكاية ذات دلالات وكلما أوغلنا في التخصيص كلما شعرنا بأهمية التغطية فبدل الحديث عن رئيس الولايات المتحدة نتحدث عن سلالته من أفريقيا ونحدد الدولة التي جاء منها واسم أبيه حسين وأسرته المسلمة وعائلته وبدل الحديث عن مصرع ثلاثة أشخاص في قصف إسرائيلي لإحدى القرى الجنوبية نشير إلى شهادة الحاجة أم حسين الشابة وولديها... زينب ذات السبع سنوات وابنها احمد الرضيع ذي الأشهر الأربعة وتدمير منزلها ذي الغرف الثلاث الصغيرة والذي بناه الأب من جنى عمره في قريته (كفركلا) الحدودية .

7- الدرامية ((Dramatistion:
يمكن إضفاء المزيد من الدرامية والإنسانية على الوقائع والأحداث من خلال توكيد وتكرار (متنوّع) للعناصر الدرامية في الحدث سواء أكان ذلك من خلال امتداد زمن المشاهد الدرامية وللمقتبسات والتصريحات والاستغاثات... الإنسانية أو من خلال بعض المؤثرات الأخرى (صراخ وندب النساء وعويلهم... ونداءات وهتافات المتظاهرين أو إبراز الأطفال المفجوعين والمنكوبين والأشلاء منهم.. كما في حرب غزة الأخيرة 2009).

- يمكن أيضاً في اختيار المقابلات والأشخاص والزمان والمكان إضفاء المزيد من الدرامية في التغطية.
- المؤثرات الموسيقية أيضاً لها دور كبير.

8- تغطية بعض الوقائع والأحداث ذات الدلالة والمرتبطة بالعناصر الخبرية واستخدام الإيحاء:
بعض التفاصيل في التغطية تكون ذات أهمية كبرى أو تشكل جزءاً لا يتجزأ من عناصر الخبر كالأسماء والتواريخ وحتى الكتب والمؤلفات ومضامينها وبعض الرموز والأشياء أو المقتنيات والآثار والانفعالات.
في أحداث 11 أيلول وجّهت اتهامات سريعة في الإعلام لـ " الإرهابيين " الذين تركوا سياراتهم في المطارات وبعضها يحتوي على مصحف وكتب إسلامية وأخرى لتعليم قيادات الطائرات ووصايا للأهل .
هذا التفصيل في الوصف التجزيئي لمقتنيات " إرهابيين " مفترضين إنما كان إيحاء ومحاولة للإشارة إلى أصوليين إسلاميين.
أما في التظاهرات والمسيرات والإضرابات والاعتصامات و..... فتتحول اليافطات والشعارات والنداءات والوقائع الصغيرة من قطع للطرق واعتداء على الممتلكات العامة ومشاركه مختلف القطاعات والناس ... إلى تفصيل جوهري غير ثانوي في نقل الحديث.

9- توثيق أكاديمي علمي أو توثيق الوقائع والحقائق:
1- التوثيق العلمي الأكاديمي.
2- التوثيق المباشر / المعاينة.
3- التوثيق المستند للدراسات والأبحاث.
4- توثيق مِنْ شاهد عيان.

قواعد عامة أخرى للغة الإعلامية

في التغطية الاعلامية لا بد من البحث عن القصة الإخبارية أو عن عدد محدد من الوقائع الإخبارية التي هي عبارة عن أمثلة نموذجية تجسد حالات.

1.عدم تكرار النماذج
القاعدة العامة في الكتابة هي أن لا تتكرر النماذج التي يتم استعراضها بل أن هذه النماذج يجب أن تحكي كل منها اتجاها أو جانباً من جوانب المشكلة، أما التعارض والاختلاف في النماذج فانه يعكس صراعاً ويعرض واقعاً.

2.التنوّع في العينات والانتماءات
إن التعددية يجب أن تعكس الواقع كذلك التنوع في المشاريع وألوان الطيف الثقافي والاجتماعي والسياسي .. شرط أن لا يكون هذا التعدد مضخِماً لجماعات وأقليات وتيارات لا وزن لها ولا دور يُعتد به كما لا بد أن يكون اختيار الحالات التي تترجم الواقع أميناً دون عرض أو تطرق إلى ما هو شاذ وخارج عن العرف والتقليد الاجتماعي أو السياسي.

3.الإنسانية والتعميم للحالة أو للقضية
القاعدة الثالثة هي التي تجعل من الحالة الإنسانية (أو غيرها) والتي تدل على حالة تخرج من إطار الفرد ومن الإطار الخاص إلى الإطار العام وتصبح هذه الحالة نموذجاً يمكن تعميمه (ولذا لا بد من أن تتوفر في هذه الأمثلة أو الحالات الإنسانية شروطاً يمكن أن تجعلها نموذجاً لظاهرة اجتماعية أو سياسية أو حزبية ...).

4.وجود عنصر أساسي ومركزي
لا بد في الكتابة من وجود عنصر أساسي مركزي تدور حوله الوقائع والكتابة.

5.الاتصال بالمهتمين

لا بد بعد الحصول على أمثلة ونماذج من البحث الاتصال ببعض المختصين أو الاكادميين المهتمين بالموضوع، كما يمكن الاتصال بمؤسسات ومنظمات وجمعيات يمكن أن تفي الجانب المعرفي الحقوقي أو الإنساني.

6. الملاحظة والمعاينة المباشرة:
وفي المرحلة النهائية تكون الملاحظة والمعاينة المباشرة التي يقوم بها الكاتب والتي يمكن أن تضاف الى المصادر البشرية والمعرفية التي جمعها.

7. وجود هدف محدد:
لا بد أن يكون في الكتابة هدف محدد له علاقة بسياستنا وأهدافنا الإعلامية القريبة أو البعيدة.

8. تميّز موضوع الكتابة:
لا بد أن يتميز موضوع الكتابة عن العناوين الروتينية والوقائع والأحداث التقليدية اليومية وهذا ما يلحظه الكاتب المخبر دون غيره إذا كان شديد الملاحظة والإدراك وصاحب تجربة مهنية إعلامية.

9. تحديد المشاهد (عناصر القضية الحدث) الأساسية: وهي غالباً الإنسان أو الشخصية أو الكائن الاجتماعي8 ويأتي من بعده كل ما يتعلق بالمادّة.

10. تحديد العناصر الدرامية في الحدث أو القصة.

11. إضفاء العناصر الدرامية من خلال "إعادة إنتاج الوقائع".
راوية درامية لعملية القتل والإبادة (خلال الإجتياح الإسرائيلي لبيت لاهيا خلال حرب غزة 2009).

12. لا بد من الإلمام بالمصطلحات والمفردات الخاصة بموضوعات التغطية: السياسية الإقتصادية والعلمية أو الأكاديمية أو لغتية.

ملحق

الخطاب التاريخي والغيبي للمظلومية الحسينية


"المثال الأعلى" للشهادة وتجلياته في السياسة العامة للخطاب الإعلامي:
استخدمت المقاومة الإسلامية في خطابها الدعائي قبل التحرير خطاب الإبادة والمظلومية. لكن هذا الاستخدام، كان يتصل بتاريخ مقدّس عند المسلمين، ولم يكن تاريخاً معاصراً يخلو من القدسيّة. كما أنه يتميز بإستمراريته وديمومته واتصاله بالإلهي.. وهو يحمل بين دفتيه إرثاً ثقافياً عظيماً، لم تتبدّل معالمه (منذ 14 قرناً)، وكان يُبعث شامخاً عند كل الثورات التاريخية.

وفي العقد الأخير، من القرن الماضي، ظهر هذا الخطاب وهذا الاستخدام الأيديولوجي للتاريخ ولأوّل مرة في خطاب إعلامي دعائي. فتحوّل الخطاب الديني العاشورائي إلى خطاب إعلامي أيديولوجي تحريضي. وتحوّل خطاب الرمز والقائد، وخاصة في السنوات الأخيرة في محرّم، إلى هذا النوع من الخطاب، الذي لا يفصل الديني عن الزمني ولا يفصل تاريخ الإجتياحات والمجازر الصهيونية عن تاريخ المظلومة الحسينية والكربلائية (راجع خطب الأمين العام لحزب الله خلال السنوات الثلاث الأخيرة في محرم وبعد اغتيال الأمين العام السابق واستشهاد ثلة من المجاهدين في عين كوكب...).

وهنا يؤكد "بلقريز" على فرادة الحزب في خطابه "التاريخي"، ونهجه التعبوي العقيدي، والمقاتل. ويشير إلى تمايزه عن غيره من الحركات والأحزاب اليسارية، التي كان لها الشأن في عقدي السبعينات والثمانينات. ويؤكد أيضاً على تفرّده في هذا اللون من الثقافة والإعداد عن غيره من الحركات الإسلامية. إذ ان هذه الثقافة تشبعت بتاريخ ديني فقهي وسياسي. ولذا فإن المقاوم وهو "يخوض القتال، يتمثل صوراً ونماذج أو مثلاً من ذلك التاريخ وقد يتماهى معها- في الغالب- تماهياً كاملاً. ولذلك فهو يمثل حالة- قد تكون نادرة في التاريخ المعاصر- للمقاتل العقائدي، الذي تنضوي فرديته ومحيطه الأسري ونظام القرابة عنده في إطار اعتقادي أعلى".

وثقافة التعبئة الجهادية الاستشهادية هذه تتصل بالأصل العقيدي والمذهبي. ولهذا فهي وإن وجدت في ثقافة الحركات الإسلامية، إلا أنها لا ترقى إلى هذا المستوى العقيدي. كما أنها ليست متجذرة في الثقافة أو في المؤسسات الاجتماعية.

هذا الإطار المرجعي والعقيدي لهذه الثقافة كائن في التاريخ الكربلائي وفي "المثال الحسيني المتعالي عن كل مضاهاة أو مضارعة". وهو مثال يذهب بعيداً في استرخاص النفس إلى الحد الذي جعل فعل الشهادة فعلاً شرعياً مقدساً! إن كل مقاتل في الحزب يجد نفسه ضعيفاً أمام مآثر سيد الشهداء (الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام ) وإيثار الشهادة على الصمت عن طلب الحق المغتصب وقد كان ذلك- في حساب السياسة والحرب- رقماً روحياً سحرياً غير متوقع أو محسوب في المعادلة المادية لتوازن القوى، وإن كانت آثاره بالغة الفعالية في مشهد التوازن ذاك وفي تحوّله لمصلحة قوى المقاومة".

وهكذا فإن التدريب على القتال، كما يبدو، لم يكن أفضل من هذه الثقافة "كما لم تكن طلقة البندقية والكاتيوشا أقوى من نداء الحسين العميق العميق ".

أما كيف أصبح هذا النداء الحسيني أعظم مثال في التحريض على القتال والاستشهاد فيعود إلى كون خطاب المظلومية التاريخية متحولاً إلى خطاب للإستبشار والقوة والفرح في الخطاب السياسي للقائد، وحتى في "الكليبات" و "الفلاشات" التحريضية والتعبوية وفي سلسلة البرامج، وهذا ما طغى على لغة المظلومية في الخطاب. والسيد الصدر في كتابه "ثورة الحسين عليه السلام "، يشير إلى هذين النهجين في الخطاب الكربلائي، نهج الإستبشار والرحمة بهذا التوفيق الإلهي العظيم لهذه المقامات الجليلة لسيد الشهداء ونهج الحزن والألم لما أصابه وأهل بيته وعترته وهو كمصاب، من أعظم المصائب التاريخية.

في النهج الأول يتحول الإستبشار إلى دافع وقوة عظيمة للفوز بالشهادة، والعروج نحو الأعلى جهة المعشوق الإلهي. وهذا ما دأب عليه ورسّخه الخطاب الإعلامي، الذي أكد على مقامات الشهداء ورفعتهم ونسج هالة من القداسة حولهم حتى تحوّل هذا الخطاب الإعلامي للمقاومة إلى خطاب للشهادة. وكان لقيام الثورة الإسلامية في إيران- "ثورة عاشوراء" (كما يشير إليها الإمام الراحل الإمام الخميني (قده))، التي تميزت بهذه الخصوصية الإعتقادية- الدور الهام في تعزيز هذا الخطاب، وفي تقديم نموذج للشهادة يحتذى به إبتداءً من الشعار الذي أطلقه الإمام الراحل(قده) (كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء)، وانتهاءً بالعمليات الإستشهادية الأولى من نوعها التي أرساها "الولي الفقيه" أو القائد في بداية الثمانينات.

هذا الإحياء "المقدّس" للمثال الأعلى "للشهادة" في الثقافة والإعلام، إنما كان أيضاً نتيجة التهديد الذي تعرّض له الوطن وأحاط بالأمة بعد حروب الهزيمة والإحتياجات الصهيونية منذ أكثر من نصف قرن. وإحياء هذه الثقافة يُعتبر خير ملجأ لـ"الأنا" و "النحن" وحين تعتز الأمة بذاته "ولا تتنازل عن هويتها فلا بد لها أن تحتمي بعاشوراء" وتعبُر بشعائرها لحماية ذاتها وتقويتها والمحافظة على إستمراريتها". هذا الإحياء اقترن في لبنان بتاريخ مسطّر بالعدوان والإحتلال خلال أكثر من عقدين من الزمن، وتراكمت خلال هذه السنوات صفحات دموية، فكانت عاشوراء ملجأً وحصناً، وأصبح "العزاء الحسيني" "ثقافة أساسية لا يمكن التقليل من شأنها ونتائجها، لأنها تعمل على إرتقاء التلاؤم مع المبادئ والقيم التي تعززها، والتي من الممكن أن تتخطى الواقع وتخترق النظم المسيطرة وتتخذ مواقف مقاومة".

هذا النهج المقاوم تجلّى في السياسات العامة، التي وضعها الحزب لوسائله الإعلامية وفي باقة من برامجه ومنوعاته وأدبياته وموشحاته وأناشيده ("شهداؤنا"، "دمي والبندقية"، "زغردة الجراح") وفي خطابه وثقافته، التي كانت تترجم في الواقع ثقافة عاشورائية؛ ثقافة إستشهادية؛ ثقافة الشهادة والإستبشار التي عمّت أرجاء المجتمع هذا وميّزته عن غيره من المجتمعات. (ولا ينفصل هذا النهج عن سياسة الخطاب القرآني الواعد، ويرتبط تماماً "بالأمل" والوعد الإلهي الذي يجسده إمام الزمان الإمام المهدي "عج"، الذي سيخرج في سآخر الزمان ويصلي في القدس الشريف).

1- مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها- إبراهيم (24)-.
2- راجع تعريفات الأشغال الفنية الإعلامية الوثائقية والدرامية و... (نماذج... الفراشة الفيلم. الورد- المتجمد- السمكة).
3- مثال حرب غزة الأخيرة وحرب لبنان سنة 2006.
4- الإعلام يستطيع أن يصنع واقعاً وعالماً وهمياً من خلال الأساطير (راجع شيللر وأساطير الفردوس والليبرالية الغربية والأميركية بالتحديد). كما ان للإعلام دور هام في صناعة المقدّسات.
5- الدراما وإعادة التمثيل في الأفلام الوثائقية والأخبار... والأخبار الزائفة والدعاية السوداء تساهم في صناعة واقع وهمي أو مبالغ فيه.
6- راجع ما كتب عنه.
7- هذه بعض المعايير التي تحدد الأهمية والقمية الخبرية.
8- الكائن الإجتماعي أي الإنسان في مجتمع من المجتمعات وبما يمثله من ثقافة وعادات وتقاليد وقيم خاصة بهذا المجتمع. ويمكن أن تكون الحالة (الواقعة) تتصل بكائن فرد وهي حالة خاصة لكنها تعكس الجانب الإنساني.

12-05-2010 | 15-19 د | 8947 قراءة

الإسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
لوحة المفاتيح العربية
رمز التأكيد


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net